استطاعت الفنانة التشكيلية “خجو عيسى” أن تنقش موهبتها اسماً وإبداعاً في الفن التشكيلي، حيث شاركت في مجموعة من المعارض الجماعية بمدينتها كوباني، وفي مدينة قامشلو أيضاً، ورسخت فيها ثقافة وفلكلور، وحرية المرأة.
تعلمت “خجو” مبادئ الفن التشكيلي من والدتها ومن شقيقاتها، ثم من خلال إرادتها القوية، وإصرارها على تطوير نفسها، إلى جانب موهبتها الفريدة في الفن التشكيلي، أكملت خجو عيسى دراستها بالإضافة إلى انضمامها لدورات تدريبية؛ من أجل التطور في مجال الفن التشكيلي على يد الفنان محمد شاهين.
تبلغ الفنانة التشكيلية “خجو عيسى” ثلاثة وعشرين عاماً، ولدت في إحدى قرى مدينة كوباني “كورك” وتقيم حالياً في مدينة كوباني، على الرغم من خروجها من المدينة لعدة مرات؛ بسبب هجمات دولة الاحتلال التركي ومرتزقة داعش وغيرهم على المدينة، إلا أنها عادت إلى مدينتها رمز المقاومة والصمود.
بينت خجو عيسى، أنها لم تنهِ دراستها التعليمية، ومنذ بداية ثورة روج آفا تعلمت اللغة الكردية في معهد الشهيدة “زوزان” من أجل تعليم الأطفال لغتهم الأم، ضمن مدارس مدينة كوباني، ثم زاولت عملها كمدرسة بالإضافة إلى موهبتها.
بداية مشوارها الفني
وعن بدايات مشوارها الفني، والتجارب التي مرت بها، أوضحت خجو، بأن هناك دافعاً، يجعل الشاعر يرفع قلمه؛ ليعبر عما خالجه من أفكار، وصور ترسخت في ذهنه، وفيما يتعلق بها تقول: “فيما يتعلق بي، إن فن الرسم دافعي للتعبير عن أفكاري، ورؤيتي للحياة، وإظهار واقع وثقافة وحرية، وفلكلور المرأة في مجتمعنا”.
وعن سبب اختيارها لمهنة الرسم، أكدت خجو بأنها نشأت في عائلة تحب الرسم، كما أن والدتها وشقيقاتها تجيدان الرسم، وبأنها لم تدرس المعاهد أو الجامعات، أو فروع مختصة بالرسم، ولكنها أخذت المعلومات من معلمها “محمد شاهين” وكان دوره فعالاً في رفع مستواها، وتطورت بشكل ملحوظ، ثم انضمت إلى المعارض الفنية التشكيلية؛ لعرض وإبراز لوحاتها، كما أنها تعلمت أسلوب الفن وفروقاته، وألوانه، ومدارسه بأنواعها كافة” الفنية والتعبيرية، والتشكيلية، والواقعية”.
اتبعت المدرسة التشكيلية
فنانة موهوبة بحكم تكوينها، ولهذا سلكت منهجاً متعدداً في الرسم، وقدمت أنواعاً متعددة، وألواناً متطورة، اتسمت بالجرأة والإبداع، اتبعت المدرسة التشكيلية، حيث قدمت فناً مبتكراً مختلفاً عن الجميع لمهارتها الفنية، وريشتها الجريئة، متميزة، في تجسيد ما يتعرض له شعبها بلوحات للتاريخ.
وعن الدعم، والتشجيع الذي تلقته الفنانة خجو في مسيرتها الفنية، أشارت إلى أنها تلقت التشجيع في البداية من والديها، وأخواتها ومعلمها محمد شاهين، الذي كان له الفضل في تقدم خجو في الرسم، وأكدت خجو بأن للعائلة دوراً كبيراً في تشجيع الأبناء على المهن، والفنون، وقالت: “تلقيت دعماً كبيراً من عائلتي، وأخوتي من أجل الاستمرار في الرسم، والدي ووالدتي شجعاني كثيراً من أجل الاستمرار في الرسم، ووجود أخوتي في المنزل، ومزاولتنا فن الرسم معاً، هو تشجيع كبير لي”.
“أرسم ثقافة وتاريخ المرأة”
معارض الفن التشكيلي تبحث عن تضاريس الجمال في المجالات الحياتية، وتسلط الضوء على الإبداع الفني الشخصي، وعن اختيار الفنانة خجو تجسيد فلكلور وثقافة وحرية المرأة للمجتمع، فهي تجد بأنها فرصة؛ لتعرض صورة المرأة، وتجسدها في التاريخ، وتعيد لها الحياة من خلال لوحاتها.
لا تتبع خجو جدولاً زمنياً للرسم، فهي ترسم بالوسائل المتاحة لها، وبألوانها الزيتية، بعد انتهائها من الدوام المدرسي، تقوم برسم اللوحات، وفي أيام العطل، وهي تنسق بين وقتها في الرسم، وأعمالها الأخرى، نستطيع القول: بأن الرسم لا يأخذ من وقتها إلا القليل.
وأكدت خجو في حديثها، بأن عدد لوحاتها إلى يومنا هذا بلغت ما يقرب من ثلاثين لوحة، ويستغرق رسم كل لوحة أسبوعاً واحداً، كما أنها تقوم بتعليم الطلاب فن الرسم في المدرسة أيضاً، وأن جوهر ومضمون معظم اللوحات، التي ترسمها تدور حول النساء، بعضها عن الهجرة والمجتمع، وقالت: “أرسم تاريخ المرأة من أجل إحياء دور المرأة، لقد شاركت عدة مرات في معارض في قامشلو، وكوباني، وتعزز المعارض أسلوب وثقافة المجتمع”.
أوضحت خجو، بأن فن الرسم ممتع، وصعب نوعاً ماً فيما يتعلق بها، وبأنها تتلقى صعوبة التنسيق بين عملها الفني، والتعليمي، وأشارت مبينةً ذلك بقولها: “إن فن الرسم صعب وممتع في آن واحد، في بعض الأحيان اتعرض لعقبات في صعوبة التنسيق بين عملي التعليمي والفني، ولكن عندما يكون العمل ناجحاً، ينسى الفرد تلك العقبات، والصعوبات، التي يتعرض لها، أنا أيضاً سعيدة جداً بعملي، وأفرح كثيراً عندما أنتهي من رسم لوحة، وأحصل على نتيجة جيدة”.
“الهدف هو تطوير ثقافة الفن التشكيلي”
ولفتت خجو أن الهدف من الفن التشكيلي، هو تطوير ثقافة التصميم، وتقديم صورة جميلة للمجتمع، وأضافت أن تنمية الموهبة وممارسة الفن التشكيلي، هو خطوة مقدسة، وتتيح للمجتمع تدوين ثقافته.
“التهجير لم يؤثر على فني”
استمرت خجو في الرسم في مقاومة كوباني، وأثناء هجمات الاحتلال التركي على مدينتها، وأضافت في حديثها: “يجب أن يستمر الفنان أو الفنانة في عمله في الظروف والمواقف كلها، للهجرة تأثير على الفن، وتعد فرصة لرسم تاريخ شعبنا، وما تعرض له؛ لذلك قمت خلال مقاومة كوباني برسم صور عن حالة الهجرة، ومعاناة الناس”.
واختتمت الفنانة التشكيلية “خجو عيسى” حديثها: “أتمنى أن يكون لكل امرأة مكان في العالم، وتظهر موهبتها وإبداعها لشعبها وللعالم، وأن يخرجن بطريقتهن الخاصة، ويحاولن أن يصبحن رائدات الأجيال الجديدة في المستقبل، وأن يقدمن عملاً ناجحاً للمجتمع”.[1]