يلعب حراس القرى الذين يعرفون بين الأكراد باسم قروجي، دوراً كبيراً في الحرب الدائرة بين الجيش التركي و#حزب العمال الكردستاني# منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن.
تأسست هذه المليشيا عام 1985 على يد الدولة التركية، وهم مدنيون من أبناء المناطق الكردية في جنوبي شرقي تركيا. وكان الهدف الأساسي لتشكيل هذه المليشيا مساعدة الجيش وقوات الأمن التركية على محاربة حزب العمال الكردستاني الذي بدأ صراعاً مسلحاً ضد الحكومة التركية في ذلك الوقت.
وتقول نورجان بايسل، الصحفية والناشطة الحقوقية الكردية، الحائزة على جائزة فرونتلاين ديفيندرز الدولية أي المدافعين في الخطوط الأمامية: لم تتم محاسبة أي من عناصر هذه المليشيا على أفعالهم وممارساتهم ضد أبناء المنطقة. بل على العكس تماما، فقد أصدرت وزارة الداخلية بطاقات هوية جديدة عالية التأمين ووزعت عليهم أكثر من 1500 هاتف محمول عدا عن الرواتب المغرية، و تأكيد الدولة على حمايتهم من الملاحقة القضائية عن أفعالهم الجنائية، وفي حالة وجود شكوى جنائية ضد أحد أفرادها، يدفع مكتب حاكم الولاية الرسوم القانونية.
ورغم وجود أتراك ضمن هذه المليشيات، إلا أن الغالبية العظمى هم من الأكراد، حيث يتم اختيارهم بدقة بسبب معرفتهم باللغة وجغرافيا المنطقة بشكل جيد.
وتضيف بايسل: إن إطلاق يدهم دون حسيب، دفعهم إلى التمادي أكثر لتصفية حسابات شخصية والاستيلاء على أراضي وممتلكات أبناء المنطقة المعارضين للحكومة والذين فروا إلى المدن خوفاً على حياتهم.
حنث بالوعد
كما لعبت هذه المليشيا دوراً هاماً في فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في الكثير من المدن والمناطق الكردية. حيث كانت تُنقل معظم صناديق الاقتراع إلى أماكن سيطرتها بحسب موقع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في تركيا. ونقلت صحف محلية بعد الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران 2018 عن ضياء زوزان، رئيس حراس القرى قوله: لقد قام حراس القرى والمحاربون القدماء بدور مهم في الفوز الذي حققته الحكومة في المنطقة.
ووعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بحل هذه المليشيا التي تجاوز عددها ال 100 ألف، إلا أن ما حدث هو العكس.
فقد غيرت الحكومة الجديدة اسمها إلى أمنيت جي أي الأمنيون. وخفضت سن التقاعد إلى 45 عاماً، ليبقى الحراس من الجيل الشاب القادر على الحرب في تلك المناطق الوعرة. وخصصت لهم زياً عسكريا، وباتوا أكثر تنظيماً.
امتيازات
وتقول بايسل: لقد أحالت الحكومة 18 ألف مسلح من هؤلاء إلى التقاعد، ووظفت بدلاً عنهم عنها 21 ألفا من الشباب، وبالتالي انخفض متوسط أعمارهم من 44 إلى 32، وتولت القيادة العامة لقوات الدرك، مهمة إمدادهم بالملابس والأسلحة والمعدات .
وأضافت: منح القانون التركي ميزة ارتقاء بعض هؤلاء الحراس إلى رتبة ضابط ، أي أنها باتت وحدة منظمة شبه عسكرية كردية موالية للحكومة وعابرة لحدودها.
ونقلت صحيفة إندبندنت عن نسرين أوجارلر الخبيرة السياسية في جامعة بيلغي باسطنبول: تحتاج الدولة إلى خطة شاملة لإلغاء نظام حراس القرى، لكن الدولة لا تعمل على ذلك بل زادت من عددهم منذ بدء عملية السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة.
وتضيف فريدريكا غيردينك، الكاتبة والخبيرة في الشؤون الكردية: تم حرق قرى كردية بأكملها وتهجير أبناءها في تسعينيات القرن الماضي بسبب رفضهم الانضمام إلى حراس القرى.
ووفقاً لجمعية حقوق الإنسان التركية، غالباً ما منع حراس القرى عودة الأكراد النازحين إلى قراهم. وزاد الوضع سوءاً عندما قتل حراس القرى 54 شخصاً كانوا في حفل زفاف في ماردين بسبب نزاع عائلي وبأسلحة مقدمة من الدولة التركية.
ونقلت صحيفة الغارديان عن نجاتي يلدز، أحد حراس القرى في منطقة هكاري الجبلية منذ عام 1998 قوله: سنكون سعداء بإلقاء أسلحتنا إذا طُلب منا ذلك، لكن نحتاج إلى تلقي الضمان الاجتماعي ودفع رواتبنا كأي موظف دولة.
ويضيف: لن توظف أي شركة في هكاري حارس قرية سابق، إذاً من أين سنأتي بمصدر رزقنا. ويتابع: لقد تم استخدامنا كأدوات للدعاية من قبل الدولة التركية. كان من الجيد لهم أن نحارب نحن الأكراد ضد حزب العمال الكردستاني، وبعد كل هذا، لا يمكن للحكومة أن تتخلى عنا ببساطة، وليعلموا أن الرجل الجائع أكثر خطورة بمئات المرات من أي مقاتل في حزب العمال الكردستاني.
دور فاعل
وترى الحكومة التركية أن حراس القرى لعبوا دورا كبيرا في صد هجمات مقاتلي حزب العمال الكردستاني والحد من عمليات التصفية التي كان يقوم بها الحزب ضد من يشك بأنهم موالون للحكومة التركية.
كما أن لهم دور أمني فاعل من حيث تقديم معلومات استخبارية عن تحركات المقاتلين الأكراد والإبلاغ عن المتعاطفين معهم في المناطق الكردية وبالتالي حرمان الحزب من توطيد وجوده في البيئة الكردية.[1]