قُتِلت الشابة الإيرانية #جينا (مهسا) أميني#، بعمر اثنين وعشرين عاماً، لأنها أرادت أن تكون حرة باختيار لباسها، دون التقيد بالقواعد، التي وضعها الحكومة الإيرانية فيما يخص المظهر العام، والتي فرضت عليها قيوداً أخرى؛ وذلك بعد دخولها في غيبوبة، بعدما اعتقلتها «شرطة الأخلاق» الإيرانية، وقد أكدت بعض المصادر، أنها تعرّضت للتعذيب، أثناء احتجازها لدى الشرطة؛ ما استدعى نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وقائع القصة
أوقفت دورية من «شرطة الأخلاق»، التي تطبق قواعد صارمة على #النساء#، مثل ارتداء الحجاب، مساء الثلاثاء 13/9/2022، جينا أميني وعائلتها، الذين كانوا، قد سافروا من #روجهلات كردستان# لزيارة أقاربهم في العاصمة طهران.
ووفقا لموقع «إيران واير»، قال نشطاء حقوق الإنسان، الذين تحدثوا إلى العائلة: إن الشرطة قبضت عليها، وأجبرتها بركوب سيارة تابعة للشرطة، وحاول شقيقها، كياراش، التدخل، وقيل له: إن أخته ستُنقل إلى مركز الشرطة لمدة ساعة واحدة «لإعادة تثقيفها».
وقال كياراش: “إنه لم ير أخته حية مرة أخرى، فبينما كان ينتظر خروجها من مركز الشرطة، توقفت سيارة إسعاف وأخذت أخته سراً إلى المستشفى.
وأضاف، لوسائل إعلام، وقد قيل له”: إنها أصيبت بنوبة قلبية، أو سكتة دماغية أثناء وجودها في مركز الشرطة، وأنها في غيبوبة”.
وقالت شرطة طهران، يوم الخميس 15/9/2022، إن جينا أصيبت «بنوبة قلبية» عقب اعتقالها يوم الثلاثاء، وأضافت الشرطة: «تم إرسالها إلى مركز شرطة طهران الكبرى للإرشاد والتعليم، عندما أصيبت فجأة بنوبة قلبية في وجود أشخاص آخرين».
روايات كثيرة تم تداولها من أجل إخفاء الحقيقة من قبل المؤسسات الحكومية الإيرانية لكن عائلتها شكت بتلك الروايات وأعقبت على حادثة مقتلها إنها تبلغ من العمر 22 عاماً، وتتمتع بصحة جيدة، ولا تعاني من أمراض القلب.
حيث كانت هناك ساعتان فقط، بين اعتقالها، ونقلها إلى المستشفى حسب ذويها.
وقالت وسائل إعلام رسمية: إن مقطع فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي يُظهر جينا، وهي تدخل مركز «تعليمي» حيث كانت تتلقى «توجيهات بشأن الزي الإسلامي المناسب».
ويُظهر الفيديو، الذي تم تعديله، لقطات كاميرا مراقبة تلفزيونية لامرأة تجلس على مقعد، ثم تقف للتحدث إلى «خبير» يلمس ملابسها، قبل أن تنهار على الأرض.
ويُظهر المقطع خمسة رجال يحملونها على نقالة، ويبدو أنها فاقدة للوعي، ثم يتم عرض سيارة إسعاف في إطار آخر، وهناك تعديل في الفيديو في الثانية التاسعة عشرة، فبعد ذلك شوهدت المرأة واقفة، وتتحدث، وقبل القطع، يبدو أن ضوء النهار في الخارج، ولكن بعد القطع، يبدو قاتماً، وقال مراسل التلفزيون الإيراني الرسمي إن: «السيدة جينا أميني تبدو على ما يرام وسقطت على الأرض».
مصير مجهول في المعتقل
ولم يعرف بعد ما حدث لجينا بعد اعتقالها، وقبل ظهورها في مركز «إعادة التأهيل».
واندلعت تظاهرات غاضبة؛ رداً على مقتل جينا تحت التعذيب في مركز احتجاز؛ ما دفع السلطات لقطع الإنترنت في العاصمة.
ونتيجة الرد الغاضب في الشارع الإيراني أعلن مسؤولون إيرانيون، السبت 17/9/2022، إجراء تشريح لجثة جينا أميني، التي توفيت عن عمر يناهز 22 عاماً هذا الأسبوع خلال احتجازها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية.
وقال مهدي فوروزيش، مدير هيئة الطب الشرعي، بإيران في حديثه للتلفاز الحكومي، إن النتائج ستُعلن بعد إجراء المزيد من الفحوصات من قبل خبراء طبيين، وبهذه الخطوة يسعون لإسكات صورت الإرادة الحرة التي تنادي باسم جينا وغيرها من الأحرار في إيران.
وقبل أيام، نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرًا بعنوان باستخدام تقنية «التعرف على الوجوه»، قالت فيه: إن السلطات الإيرانية تعمل على استخدام تقنية التعرف على الوجوه في وسائل النقل العامة، لتحديد هويات النساء اللواتي يرفضن الالتزام بقانون صارم يلزمهن بارتداء الحجاب قانون إيراني جديد يضع شروطًا لملابس النساء، الذي يحمل في طياته تفاصيل استخدام السلطات الإيرانية لتقنية شديدة الحساسية، من أجل تقفي أثار أي سيدة إيرانية، ومعرفة مدى مطابقة ملابسها للقواعد، التي وضعتها الحكومة الإيرانية لزي النساء هناك.
غضب عالمي عارم
أصبحت قضية مقتل جينا عالمية نتيجة الوحشية، التي تم اتباعها بحقها لتقتل على أيدي قاتلي إرادة المرأة، من هنا قالت منظمة العفو الدولية: “يجب التحقيق جنائياً في الظروف، التي أدت إلى الوفاة المشبوهة للشابة جينا أميني البالغة من العمر 22 عاماً، والتي تشمل مزاعم التعذيب، وغيرها من أشكال سوء المعاملة خلال الاحتجاز”.
وأضافت أن: “ما يُسمّى بشرطة الأخلاق في طهران، اعتقلتها تعسّفاً قبل ثلاثة أيام من وفاتها، أثناء تطبيق قوانين الحجاب الإجباري المسيئة، والمهينة، والتمييزية في البلاد، يجب أن يواجه الأفراد والمسؤولون المتورطون العدالة”.
كما ووصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مقتل جينا أميني بالحادث “القاسي” وقالت: “على السلطات الإيرانية إلغاء قانون “الحجاب الإجباري” وإلغاء أو تعديل القوانين الأخرى، التي تحرم المرأة من استقلالها، ومن حقوقها”.
وقالت الناشطة السياسية الإيرانية فاطمة سبهري: “إن الطريق الوحيد لإنهاء هذا العنف، هو الإطاحة بالنظام الإيراني”، مضيفةً أن الشعب الإيراني، لن يثق بعد الآن في الأصوليين، أو الإصلاحيين، أو في البرلمان.
وأدانت الرابطة الدولية لحماية حقوق الإنسان، مقتل جينا أميني على يد النظام الإيراني وقالت: “إن السجل الأسود لانتهاكات حقوق الإنسان لهذا النظام، أصبحت أكثر سواداً”، مطالبة ب: “محاسبة هذه الحكومة الفاسدة المتعطشة للدماء على هذه الجرائم الوحشية”.
ووصف البيت الأبيض وفاة الشابة الإيرانية، بأنه أمر “لا يُغتفر”، وقال مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن جيك سوليفان على تويتر: “نشعر بقلق عميق حيال وفاة جينا أميني البالغة 22 عاماً، والتي قيل إنها تعرضت للضرب عندما كانت قيد الاحتجاز لدى شرطة الأخلاق الإيرانية، إنّ موتها أمر لا يُغتفَر، سوف نستمر في العمل لمحاسبة المسؤولين الإيرانيين عن مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان”.
جرائم ضد الإنسانية
ووصف رئيس مركز حقوق الإنسان في إيران هادي غائمي وفاتها، بأنها “مأساة كان يمكن تجنّبها”، وقال: “إن الحكومة في إيران مسؤولة، قُبض عليها بموجب قانون الحجاب القسري، والتمييزي للدولة، وتوفيت، وهي قيد الاحتجاز”.
كما اندلعت مظاهرات وسط العاصمة طهران؛ احتجاجاً على مقتل الشابة جينا أميني، إثر تعرضها للتعذيب من قِبل دوريات الإرشاد الإيرانية؛ وهتف المتظاهرون بشعارات “الموت لخامنئي”، و”الموت للديكتاتور”، ورفعوا شعار “أقسم بدم جينا؛ إيران ستتحرر”.
وقوبلت المظاهرات بعنف من قبل الشرطة الإيرانية، وتم اعتقال عدد من المحتجين بعد تعرضهم لمعاملة سيئة.
ونظمت العديد من الحملات النسائية في إيران ضد فرض الحجاب الإجباري، وطريقة اللباس على النساء على مدى السنوات الماضية، إلا أن السلطات كانت في كل مرة، تقمع تلك الحملات المناهضة للقوانين المتشددة في البلاد، وتعتقل عشرات النساء، والناشطات لسنوات.
هذا وإيران من أكثر الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل عام، والمرأة بشكل خاص، فالشعب الإيراني يعيش الخوف كل ثانية، حيث تقمع السلطات كل من يغرد خارج سربهم، ولا ننسى أن حكومة إيران تسكت كل من يرفع صوته في وجهها، فتعتقله وتعذبه، وهي متصدرة جرائم الإعدام بحق النساء خصوصاً، ولا تمثل حالات الإعدام في تهم سياسية، دون أن تتوافر إجراءات قضائية عادلة، أو إمكانية الاستئناف أمام دوائر قضائية أعلى أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، حيث تقضي مثل تلك الانتهاكات على حقها في الحياة.[1]