بافى صلاح (أبو صلاح)
مطربي وموسيقیي عفرين: شخصيتنا لهذا اليوم هو الفنان الشعبي العفريني المحبوب والمعروف بأسم (بافى صلاح أو أبو صلاح) والذي لي معه ذكريات عدة أهمها بقاءنا معاً لمدة تقارب العشرة أيام، نأكل وننام ونعمل معاً على تدوين عدد من الأغاني الشعبية العفرينية التي تغنى بالأعراس والحفلات وتعرف بأسم “هافالوك Hevalok” وقد ضممت تلك الأغاني لكتابي الذي قمت بنشره ككتاب إلكتروني على المواقع الكوردية تحت عنوان “Mihemed HENÎFÎ Û.. gurzeke dîtir ji zargotina EFRÎN ê” والذي تضمن إلى جانب الملحمة الدينية المعروفة “محمد حنيفي” وتلك الأغاني التي دونتها من على لسان الفنان أبو صلاح، أيضاً الكثير من الأمثال واللعنات من التراث والفولكلور العفريني .. ولكن دعونا نتعرف على الفنان والصديق:
أبو صلاح
واسمه الحقيقي (عبدالرحمن عمر)، ولكنه لقب ب بافي صلاح (أبو صلاح) وأشتهر به، ولد عام 1952 في قرية كوردا بمنطقة جندريس في غرب كوردستان، تعلم الغناء منذ نعومة أظافره، حينما كان في السابعة أو الثامنة من عمره وذلك من خلال سماعه لأغاني الفولكلور والتراث الكوردي من والدتها؛ (الراحلة كوله، إبنة الفنان الشعبي المعروف إبرامه تركو) وكذلك من بعض المطربين المحليين في المنطقة؛ مثل (أحمد آغا)، و(سليمان آحو) وآخرين، وذلك خلال غنائهم في الدوواين والمناسبات الإجتماعية، ويعتبر الفنان (أبو صلاح) نفسه أحد تلامذة الفنان والعازف الكوردي الراحل (آديك نجار)، وكذلك لا ينسى فضل الفنان الكبير المرحوم (جميل هورو) عليه وقد كان فناننا (بافى صلاح) يخشى الغناء أمامه ويخجل منه كثيراً؛ كونه يعتبره قامة كبيرة في الغناء الكوردي الأصيل، يتمتع بصوت جميل من الطبقة العالية ويقول عن تلك الذكريات: “أثناء شبابي كان يصل صوتي إلى ثلاث أو اربع كيلومترات“.
ويتحدث الصديق والفنان (أبو صلاح) عن تجربته مع كوما آرمانج فيقول: “نعم تأسست فرقة آرمانج عام 1984، وكنت المسؤول عن القسم الفولكلوري فيها، وقمت بتسجيل الملاحم الكوردية مثل مم وزين و ودرويش عبدي و طاهر بكي ضمنها، والغاية منها حفظ التراث الشعبي والفلكلوري للشعب الكوردي واحياء المناسبات القومية الكوردية، والفرقة كانت مؤلفة من أناس مختصين بالموسيقى والغناء لهذا ذاع صيتها في المنطقة“. وبالإضافة إلى تجربته مع كوما آرمانج فقد أسس وبجهود شخصية مؤسسة فنية ويتحدث عن هذه التجربة فيقول: “..المؤسسة اسمها (بستا جرا) ولدينا قرابة 100 عضو ممثل فيها، ولكننا نعاني من شح الامكانيات وقلة الموارد الاقتصادية، والغاية منها حفظ الغناء والفولكلوري الشفاهي الكوردي وارشفتها خوفاً عليها من الضياع والاندثار، لانني اعلم ان الكثير من الاشياء الفولكلورية القديمة قد ضاعت وماتت من حافظيها ودفنت معهم، اننا نطمح الى ان نحفظ تراثنا من الضياع ولكن ينقصنا الامكانيات، بالرغم من حفظنا الكثير منها ولكن رغم ذلك بقي الكثير يجب حمايته وحفظه، ونعلم اننا لسنا الاوائل في هذا الامر وسبقنا اليه الكثير من الكتاب والمهتمين امثال جليلي جليل والعائلة البدرخانية وجمعية كاوا الثقافية، وقمنا ببعض النشاطات في لبنان وتعرفنا على العديد من الشخصيات الفنية، والاطراف الكوردية تريد جرنا الى طرفها ولكننا مستقلين وحياديين، لاننا نخدم ثقافتنا والثقافة والادب الكوردي هما ملك الشعب“.
ويعتبر الفنان “بافى صلاح” أحد أشهر فناني المنطقة في المرحلة الحالية، بل تجاوزها الى الكثير من المناطق الكوردية، حيث أقام العديد من الحفلات الفنية في سوريا ولبنان والكثير من الدول الاوربية، كما كان له حضور في إقليم كوردستان وأجرت معظم الفضائيات الكوردية لقاءات فنية معه .. وعن هذه التجربة الغنية يتحدث فناننا فيقول: “نعم بعد الثورة التي قامت في سوريا ولا زالت مستمرة، وطرأت بوادر وامكانية التعليم في المدارس، قمت بمبادرة شخصية وطوعية بتعليم طلاب المدارس الابتدائية في قريتنا الموسيقى والغناء حسب النوطة، هذه من ناحية اما الناحية الاخرى من نشاطاتي فقد زرت العديد من دول العالم لاجل الغناء، ومن بين أهم تلك الزيارات قيامي بصحبة فرقة آرمانج بالمشاركة في المهرجان العالمي جانريك، الى جانب العديد من الفرق الفنية العالمية القادمة من فرنسا والمانيا والعديد من دول العالم، كما أقمت حفلة فنية للجالية الكوردية في الأردن، وقمت بزيارة وإقامة الحفلات في جميع الدول الاسكندنافية، وفي الإمارات وروسيا وفي إقليم كوردستان (العراق)” ويضيف “نعم أجرت معي قناة خبات قبل أن تتحول إلى دهوك .. مقابلة معي وكذلك فضائية كوردستان وكوردسات، وتلفزيوم هريم في أربيل، وخاك في السليمانية وفضائية روج في أوربا …الخ، كما شاركت في برنامج على التلفزيون السوري“.
وعن الجواز والشهادات التي نالها خلال مسيرته الفنية؛ “نلت جائزه من اللجنة المشرفة على مهرجان حلب للثقافة الاسلامية إلى جانب فنانيين كبيرين آخرين، وشاركت مع فرقة تيريج عفرين وفي أجزائها الاربعة، ونلت شهادات تقديرية بالإضافة إلى مشاركتي في العديد من المشاريع الفنية في المنطقة“. وعن نشاطه الفني وتسجيل أغاني التراث بصوته يقول: “قمت بتسجيل سبعة كاسيتات مع فرقة آرمانج، وكذلك سجلت عشرات الساعات لاجل الارشيف في التلفزيونات التي قابلت معي، بالاضافة الى تسجيلي واخراجي لسبعة كاسيتات خاصة بي وإحداها خاصة بأغاني الاطفال، كما قمت بجمع الاطفال في فرق وبإمكانياتي الذاتية دربتهم وعلمتهم الغناء، وعلمتهم حب الطبيعة والانسانية والجمال، كما قمت بإعطاء الاغاني للعديد من الفنانين، وقمت بصحبة الكاتب بير رستم بجمع وارشفة وتسجيل الاغاني الكوردية وكتابة نصوصها وإخراجها على شكل كتاب“.
وبخصوص حياته السياسية والإعتقال والسجون يقول الفنان (بافى صلاح)؛ “لقد اعتقلت قرابة 25 مرة من قبل الاجهزة الامنية الأربعة، حيث كانوا يجرون التحقيقات والتحري عني ويخشون مني، وفي إحدى تلك المرات مكثت أربعون يوماً في السجن، وعذبت مع إبني الذي أعتقل معي كثيراً، وبعض الأحيان الأخرى بقيت لأيام، حيث كانوا يتهمونني بتنظيم فرقة آرمانج وتشكيل مجموعات، والإتهامات المفبركة الجاهزة التي لا أساس لها من الصحة“.
وقد أضاف الصديق والفنان (شيرزاد عفريني) نجل الفنان (بافي صلاح) المعلومات التالية: حيث قال “لوالدي حوالي عشر كاسيتات فردية وبعضها مع كوما آرمانج. وأيضاً سجل كاسيت للأطفال وتضمن أغاني أطفال من الفلكلور الكردي وبعضها من كلمات وألحان بافي صلاح .. وهو أسس فرقة بروانه للأطفال في عام 2004 في حلب” وأضاف “بافي صلاح له العديد من الأشعار و الألحان و أعطى بعضها لغيره من الفنانين والفرق موسيقية .. وكذلك درس مؤخراً الموسيقى الشرقية بشكلٍ أكاديمي في حلب وأيضاً أجبر على تعلم آلة العود لكي يدرس منهاج النوطة والتعمق في المقامات وهو أيضاً درس علم الموسيقى الشرقية بشكل فلسفي. والآن يؤلف كتاب عن الموسيقى وما مدى تأثيرها على الأطفال .. كما أنه زار العديد من البلدان العربية والعالمية وقدم الكثير من الحفلات.. منها في (ألمانيا، بلجيكا، روسيا، فنلندا، السويد، الأردن، لبنان، تركيا، كردستان العراق.. وغيرها) وقد سجل أرشيف كبير لصالح تلفزيون كردسات؛ حيث سجل أكثر من عشرين ملحمة غنائية، مدتها لا يقل عن مائة ساعة وهي محفوظ في أرشيف التلفزيون .. وأما عن لقاءات التلفزيونية، فأغلب القنوات الكردية عملوا معه لقاء تلفزيوني وبالإضافة إلى التلفزيون السوري برنامج (ابن البلد) وأيضاً لقاء في تلفزيون لبنان وتركيا“.
ويقول الفنان (شيرزاد) عن والده؛ “باختصار أبو صلاح لديه أرشيف ضخم جداً لم يسجل منه إلا جزء صغير .. أيضاً له ديوان شعر باللغة الكردية غير مطبوع” .. وأخيراً نقول للصديق والفنان (بافى صلاح) دمت فناناً وصديقاً جميلاً تخدم قضيتك الوطنية الكوردستانية بكل إخلاص وتقدم للمكتبة الغنائية العفرينية أجمل الكنوز الفنية .. دمت صديقي بخير وسلامة ولك كل الأماني بالصحة والسلامة؛ كوني سمعت بأنك تعاني من بعض المشاكل الصحية .. مرة أخرى نتمنى للصديق والفنان “بافى صلاح” كل السلامة ونقدم له أجمل باقة محبة وتحية لجهوده الفنية الكبيرة في خدمة الأغنية والموسيقى الكوردية.
مصادر البوست:
_ رسالة خاصة من الصديق والفنان (شيرزاد عفريني) إبن الفنان (أبو صلاح).
_ جريدة التآخي /عدد6629/، حوار أجري مع الفنان من قبل الصديق والإعلامي (هوزان أمين).[1]