شيخ صوفي كردي وجيرانه المسيحيين
ترجمة: محمد شمدين
تأليف كمال سليماني: A Kurdish Sufi Master and His Christian Neighbors، منشورة في مجلة (Zanj: The Journal of Critical Global South Studies): jstor.org/stable/10.13169/zanjglobsoutstud.2.1.0006?seq=1
$الملخص$
تبحث هذه الورقة في الآراء الدينية السياسية للشيخ عبيد الله النهري، زعيم الانتفاضة الكردية عام 1880. تستفيد الورقة من مصادر أولية جديدة، التي تسمح بتقديم صورة أكثر تماسكاً لوجهات نظر الشيخ عبيد الله حول عدد من القضايا الرئيسية، خاصةً حول مواضيع العالمية الدينية والتسامح، والتعليم الكردي، والقومية الكردية. تستعين الورقة بأبحاث أرشيفية ومصادر أساسية تزعم عن وجود آراء معادية للمسيحية لديه، مشابهة لتلك الموجودة بين الأتراك، دفعت إلى انتفاضة الشيخ. مقابل ذلك، تجادل الورقة هذه المزاعم التي تتناقض بشكل حاد مع آرائه، والتي تظهر عالمية دينية على غرار عالمية (الرومي)، التي كانت في الواقع أكثر ترحيباً بالمسيحيين. تركز هذه الورقة بشكل خاص على علاقة الشيخ مع غير المسلمين وتستخدم الورقة بشكل موسع نسخة من محادثة استغرقت ساعتين بين الشيخ ومبشّر أميركي. تكشف هذه المحادثة المطوّلة الكثير عن الدوافع وراء الانتفاضة الكردية عام 1880، وتتطرق إلى شخصية عبيد الله غير المعروفة من قبل، والمثيرة للاهتمام، وإلى أفكاره غير التقليدية حول العالمية الدينية والتسامح الديني.
$المدخل$
كان الشيخ عبيد الله النهري من أبرز شيوخ النقشبندية الكرد في أواخر القرن التاسع عشر. كان جده سيد طه قد تبنّى الصوفية النقشبندية منذ عقود، الطريقة التي نشطت وتمدّدت من طرف الشيخ الصوفي الشهير مولانا خالد الكردي أو البغدادي (1779-1827)1. برز الشيخ عبيد الله في الساحة السياسية الكردية مع انتفاضته الكردية عام 1880، التي ترك من خلالها علامة أبدية في الذاكرة التاريخية الكردية الحديثة2. تُقدّم هذه الانتفاضة مثالاً واضحاً على اندماج الإسلام مع القومية. سوف تنتشر القومية الدينية على نطاق واسع بين المسلمين في القرن التالي. يوضح مشروع عبيد الله شكلاً متناغماً من الإحياء الإسلامي الممزوج بالقومية الكردية، والذي عكس سياقاً اجتماعياً وتاريخياً معيّناً: الوضع الكارثي بعد الحرب الروسية-العثمانية في كردستان، صعود القومية، وتعامل المركز مع الأطراف.
بعد هزيمة الانتفاضة، نفي الشيخ إلى اسطنبول حيث عاش في المنفى لمدة عامين. في عام 1882، على أمل تنظيم انتفاضة أخرى، هرب الشيخ من اسطنبول. ولكن، تم إحباط محاولات هروبه، وعندما قبضت عليه السلطات العثمانية. تم إرساله في البداية إلى الموصل، وثم نُقل إلى مكة، حيث وافته المنية هناك في عام 1883. على الرغم من مكانته البارزة في الذاكرة التاريخية الكردية، إلا أن هناك ندرة في المعلومات حول حياة عبيد الله وأفكاره، بسبب الافتقار إلى المعلومات النصية المتعلقة بحياته، لا يزال هناك الكثير مما يمكن اكتشافه حول سيرة الشيخ وآرائه السياسية والدينية.
ولكن ثمة استثناء واحد، وهي الوثائق التي قدمها المبشّر الأمريكي، هنري أوتيس دوايت، الذي أجرى مقابلة مع الشيخ في عام 1881، في منفاه الأخير في إسطنبول، حيث يصف دوايت الشيخ:
رجل ذو هيئة صغيرة يبلغ من العمر خمسة وأربعين عاماً تقريباً، يرتدي الزي العادي لرجل تركي من الشرق، يعتمر عمامة بيضاء فوق طربوش أبيض، وعندما يكون الطقس بارداً، كان يلف الشماخ العربي المخطط بالأصفر الذي على رأسه حول رقبته وأذنيه3.
كما سنوضحه أدناه، فإن مقابلة دوايت تصور الشيخ من منظور مختلف. توضح هذه المقابلة جوانب من آراء الشيخ الدينية والسياسية التي تجاهلتها الدراسات الحالية إلى حد كبير4. يبدو أن مقابلة دوايت مصدر أساسي نادر يثبت نيات الشيخ، واستعداده للقيام بانتفاضة أخرى بعد هزيمته عام 1880، كما يجب علي التأكيد أن محور هذه الورقة ليس إعادة سرد التسلسل الزمني للأحداث، إذ إن هاجسي الأساسي هنا هو تحليل آراء الشيخ اللاهوتية السياسية. إلى ذلك فإنه مما لا شك فيه، أن (صبري أتش/ Sabri Ateş) قد قدّم ببراعة جوانب أخرى حول مكانة الشيخ في التاريخ الكردي5.
يرى العديد من الباحثين أن الخوف الكردي من ظهور دولة أرمنية هو السبب الوحيد أو الأهم لانتفاضة الشيخ عام 1880. من هؤلاء الباحثين ديفيد ماكدويل، الذي، دون تقديم أي دليل موثوق7، يسمي مشروع الشيخ ب “مخطط تم إعداده في إسطنبول، حيث تُقدّم للشيخ عبيد الله رعاية رسمية غير معلنة لتشكيل حركة موازنة للتهديد الأرميني”8. وبالمثل، يحاول هاكان أوزوغلو تصوير ثورة الشيخ على أنها مجرد رد فعل ديني مرتبط فقط بإسطنبول9. ومع ذلك، فإن الدليل الوحيد الذي يستخدمونه لدعم هذا الادعاء هو التصريحات المزعومة للشيخ، متسائلاً “هل الذي أسمعه، أن الأرمن سيكون لديهم دولة مستقلة في (وان)، وأن النسطوريين سيرفعون العلم البريطاني ويعلنون أنفسهم رعايا بريطانيين “10.
يجب النظر إلى الاقتباس أعلاه بحذر شديد لعدة أسباب. أولاً، كما سأوضح أدناه، فإن المشاعر تتعارض مع آراء الشيخ عبيد الله الدينية وعلاقته المفتوحة مع غير المسلمين. ثانياً، كل من مصدر وسياق هذه العبارات متناقض ومريب: يدعي النقيب (كلايتون/ Clayton)، المسؤول البريطاني الذي أبلغ رئيسه بهذا التصريح في تموز/ يوليو 1880، أنه سمع به من (طوسون باشا/ Toussoun Pasha)، الحاكم العثماني في كردستان. كان لطوسون باشا دور نشط في حملة الدولة ضد الشيخ11. بيد أن (طوسون) أبلغ كلايتون أنه سمع تلك الملاحظات المزعومة من أحد مرؤوسيه. أقنعت هذه التصريحات المزعومة بعض المؤرخين أن احتمال قيام دولة أرمينية كان السبب الرئيسي لانتفاضة الشيخ ضد العثمانيين12، ولكن إذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى قصائد الشيخ، يمكننا تحديد أن الشيخ فقد الأمل في الدولة العثمانية خلال 1877-1878 إبان الحرب الروسية العثمانية13. كما يقدم تمرد عبد القادر (نجل الشيخ) ضد الدولة عام 1879، دليلاً آخر على تأكيد مثل هذا الاستنتاج14. كذلك، تظهر تعليقات طوسون باشا، الواردة في التقرير البريطاني، أن انتفاضة الشيخ كانت صديقة للمسيحيين، حيث، يخبر الباشا نفسه كلايتون، أن الشيخ كان يحاول بناء تحالف مع كل من المجتمعات النسطورية والأرمنية، كما وعد “رئيس الكنائس الأرمنية … أنه سيحمي المسيحيين”15. حتى أن الشيخ حث الجميع على الامتناع عن دفع الضرائب للحكومة العثمانية16. في المقابل أخبر الباشا أيضاً كلايتون أنه “منذ فترة قصيرة” حاول الشيخ إرسال نجله إلى اسطنبول محمّلاً باقتراح يعرض فيه دفع مبلغ كبير “للسلطان … لمنحه حكم شبه مستقل، وسيدفع مبلغاً أكبر إذا اعترف السلطان بسلطة [الشيخ] على كردستان، وحين لا يتم التدخل في حكمه “17.
يبدو أن هذه التصريحات المزعومة ليست أكثر من شائعات وجزء من الحملة العثمانية لتحريض مجتمعات مختلفة ضد بعضها البعض وحرمان انتفاضة الشيخ من أي دعم أوروبي محتمل. يفترض كلايتون ذلك عندما يروي عن أحدهم، يقول “لقد اخبره سميح باشا أنه سمع أن الشيخ لديه خطة لإبادة المسيحيين في ضوء الحديث الذي دار حول تشكيل دولة أرمنية”18. كان المسؤولون العثمانيون على استعداد لبذل جهود كبيرة لنشر مثل هذه الشائعات خاصة بعد هجوم الشيخ على إيران. وفقا للسجلات البريطانية، استأجر العثمانيون مرتزقة روس لإخافة المسيحيين حيث حذروا المسؤولين البريطانيين من “دوافع الشيخ الخفية” وصبغوا انتفاضته على أن دافعها المشاعر المعادية للمسيحية. كما يروي كلايتون:
هناك “قاطع طريق/ loupeur” روسي اسمه (تشينليغروف/ Tchilingiroff)، مغامر لا يهدأ كان يعمل خادماً عند الشيخ وقد قبضت عليه السلطات التركية مؤخراً. لقد أفاد هذا الرجل بأن الأرمن مدينون بحياتهم له، حيث كان الشيخ ينوي ذبحهم، ولكنه أقنعه [هذا الرجل أقنع الشيخ] بأن يعدل عن ذلك ويهاجم الفرس بدلاً من ذلك (تمت إضافة التأكيد)19.
لطالما كانت الكتابات التبشيرية مصدراً مهماً لمعرفتنا بالفكر الديني للشيخ ونظرته للعالم وأنشطته السياسية. لإلقاء مزيد من الضوء على آراء الشيخ وعلاقاته مع غير المسلمين في سياق الانتفاضة الكردية عام 1880، تبحث هذه الورقة مصادر لم يتم اكتشافها من قبل. أولها نسخة من محادثة هنري أوتيس دوايت وعبيد الله التي استغرقت ساعتين عام 188120. تكشف هذه المحادثات عن أفكار الشيخ الدينية غير التقليدية وعن آرائه الإيجابية عن المسيحيين وآراءه السلبية عن الفرس والأتراك العثمانيين. هذه الآراء السلبية حول التدين التركي والفارسي يمكن ملاحظتها أيضاً في أعماله الشعرية المجمّعة، المثنوي، والتي سأناقشها أيضاً21. تقدم هذه المصادر معاً نظرة ثاقبة حول ثلاث قضايا رئيسية تلقي ضوءاً جديداً على دوافع الشيخ وراء الانتفاضة. سوف أتطرّق إلى هذه القضايا بشكل منفصل: أولاً، أفكار الشيخ حول العالمية الدينية ونهجه تجاه المسيحية على وجه الخصوص؛ ثانياً، آراؤه حول التعليم الكردي وحيويته وثالثاً، تصور الشيخ عن الأتراك العثمانيين والفرس.
$عالمية الشيخ الدينية$
ولد الشيخ عبيد الله وعاش حياته في هكاري، وهي منطقة بها مجتمع مسيحي كبير. وفقا للمؤرخ مارتن فان برونسن، “كانت هذه المجتمعات متساوية من نواح كثيرة مع جيرانهم المسلمين، فتلك التي في كردستان الوسطى كان لهم تنظيم قبلي وحتى أوائل القرن التاسع عشر شكلوا قوة مهمة، كانت عاملاً نشطاً في السياسة الكردية “22. لذلك، بدلاً من الاهتمام بالقضية الأكبر وهي تاريخ العلاقات الكردية الأرمنية، سأركز على تصور عبيد الله لجيرانه المسيحيين. سأركز في الغالب على وجهة نظر الشيخ، في ضوء مقابلته مع دوايت.
حصلت المحادثة بين دوايت وعبيد الله بعد انتفاضة الأخير عام 1880. وقد أفاد دوايت، أن الشيخ كان يخطط لانتفاضة جديدة ضد الدولة العثمانية حتى أثناء بقائه في المنفى باسطنبول. ليس للدراسات الحالية الكثير لتقدمه حول أنشطة الشيخ السياسية بعد نفيه، لكن مقابلة دوايت تكشف عن تفاصيل جديدة حول هذه الفترة في حياته23. يبدأ دوايت روايته للمقابلة من خلال وصف الظروف التي أخذ فيها اجتماعه مع الشيخ المنفي، مشيراً إلى:
كان الشيخ، على الرغم من كل المقاصد والأغراض على اعتباره سجيناً، يُعامل باحترام كضيف السلطان؛ والسبب في هذا الاهتمام هو أن الشيخ عبيد الله هو الشيخ الرئيس في ترتيب الدراويش النقشبندية، بالإضافة إلى كونه ينحدر من عائلة نبيلة مع نسب يعود إلى ستمائة سنة. كزعيم ديني يمثل حوالي مليونين من الأتباع المخلصين في كردستان (هكذا/Sic*)، بالإضافة إلى وجود العديد من الباشوات في المدينة [اسطنبول] من تلاميذه. بصفته سليل عائلة نبيلة، يدعي أنه من سلالة الخليفة العباسي في بغداد24.
كان أحد أهم وأبرز أجزاء حوارهما هو الاختلافات الدينية وتصور الشيخ للمبشرين المسيحيين. بناءً على رواية دوايت، لا يبدو أن عبيد الله لديه اهتمام كبير بالشكليات الدينية والاختلافات اللاهوتية المترتبة عليها. يبدو أن هذا يتفق مع الآراء الموجودة في شعر الشيخ25. بالمقابل، يبدو أن الشيخ مهتم جداً بالنتيجة العملية لتفاني الوكيل الديني والطرق التي تنعكس بها المعتقدات القلبية في سلوك المرء بدلاً عن الكلمات. بصفته صوفياً، ينصبُّ تركيز الشيخ على التعابير الداخلية للتدين بدلاً من أشكالها الخارجية. في مناقشته مع دوايت وكذلك في شعره، يناقش الشيخ كيف تأثر كثيراً بالشاعر الصوفي الفارسي من القرن الثالث عشر جلال الدين الرومي ويدعي أن مشروعه الإحيائي بأكمله في كردستان لم يكن سوى إحياءً لمثنويّات الرومي.
يخبرنا الشيخ أنه قام بتأليف (المثنوي) الخاص به لغرض وحيد هو شرح مثنوي الرومي للكرد على هذه الحالة، فوفقا له فإن: “المعاني العميقة في قصائد مولانا (الرومي) لم يتم الكشف عنها لعامة الناس (العوام) “26. في حديثه مع دوايت، يكرر الشيخ نهج الرومي لظواهر التعددية الدينية عندما يتحدث عن الأهداف النهائية للإسلام والمسيحية. يدعي أن الأديان هي في الأساس نفسها، وتظهر الاختلافات الدينية من خلال التعبير عن أتباعها، وبالتالي فهو يؤكد على:
نحن نسعى إلى ما تبحث عنه. كما في القصيدة الدينية العظيمة لمثنوية (هكذا)، هناك قصة أربعة رجال وجدوا بعض المال في الطريق وهم، فارسي، تركي، كردي، وعربي. قال كل واحد منهم بلغته، “دعونا نشتري العنب بها ونأكلها معاً“، ولكن لم يفهم أحدهم الآخر، فوقعوا في قتال بينهم. كانوا قد أنهكوا عندما جاءهم رجل خامس واستفسر منهم عن الأمر. “فصرخ فيهم تريدون نفس الشيء ولكنكم لا تدركون!” هذه هي المسألة مع العديد من خلافاتنا حول الأسئلة الدينية (التأكيد مضاف)27.
كما ذكر أعلاه، من الواضح أن الشيخ كان تحت تأثير أعمال الرومي28. يظهر مثل هذا التأثير في الفكر اللاهوتي للشيخ واعتقاده بأن قيمة التدين للمرء تكمن في العزة والأفعال. بالنسبة للشيخ، حتى جوهر الصراعات الدينية تكمن في عدم قدرة الوكلاء الدينيين على إدراك أن الأديان هي مجرد تعبيرات مختلفة عن واقع أساسي واحد. هنا أيضاً، يردد عبيد الله كلام الرومي الذي اعتقد أن التناقضات الرسمية أظهرت طبيعة المفاهيم الدينية من قبل الوكلاء، بدلاً من إثبات الاختلافات الحقيقية في الأديان. ادعى الرومي أن “الهدف الرئيسي للأنبياء والأديان” هو تنمية معنويات الناس وشفاء أرواحهم … وملء قلوبهم بمحبة الله ومحبة بعضهم بعضاً وتطهيرهم من المرض والكراهية “29. غالباً ما يتم تذكّر الرومي على أنه يمتنع عن المناقشات اللاهوتية والحجج الدينية المثيرة للجدل. بحسب إحدى القصص عنه، عندما سأله يهودي، “أي دين أفضل، دينك أم ديني؟” يرد الرومي ببساطة: “دينك”30. يلخص الرومي فكرته عن وحدة الأديان في قصته عن موسى والراعي، حيث ينتقد الله موسى بسبب الشكليات الدينية الصارمة للأخير:
لكل شخص أعطيته وجهاً فريداً
وطريقة للتعبير والاحتضان….
سيمدح الهنود الله بلغتهم
وأهل السِّند سيرفعون أذرعهم في صلاتهم31.
يبدو أن الشيخ عبيد الله يؤمن بالوحدة الأساسية للأديان ويمكن أن يعزى قبوله غير المسلمين إلى تأثير الرومي عليه. يتجلى هذا الرأي في التشابه التأسيسي للأديان والذي يتجلى في مدح الشيخ غير المحدود للطابع الأخلاقي للمبشرين المسيحيين. لهذا السبب يبدو أن الشيخ صدم محاوره بالقول:
إن مبشّرين في أورمية كانوا من أكثر الشخصيات النبيلة التي عرفها، كما أخبره المفتي التركي في (وان) أنه كان هناك رجال من البروتستانت يتمتعون بنقاء أخلاقي مدهش، أنهم نقيين كمسلمين مثاليين (!)، وكانوا حقاً خدام الله على الرغم من أنهم لم يكن لديهم اسم مسلم (التأكيد مضاف)32.
ليس هناك شك في أن دوايت كشف عن جوانب في فكر الشيخ الديني التي قد تصدم الباحثين في التاريخ الكردي والإسلامي. يتجلى ذلك في قضية الردة من وجهة نظر عبيد الله. منذ حكم الخليفة أبو بكر، أول خليفة للإسلام في عام 632، حكم المسلمون بالموت على المرتد. كان تعريف الردة على أنها جريمة تستحق الموت في البداية مرسوماً سياسياً. وقد اكتسب هذا القانون على قدر من الشرعية خلال حروب الردة في أعقاب وفاة نبي الإسلام33. إلا أنه مع مرور الوقت، أصبح المسلمون ينظرون إلى قواعد الردة على أنها مبادئ إلهية34. تنظر جميع مدارس الشريعة الإسلامية القائمة إلى التحول من الإسلام على أنه فعل يعاقب عليه بالإعدام35. ومن ثم، فإن الشريعة تعامل مع ترك الإسلام جريمة كبرى36. حتى الإصلاحيون المسلمون المعاصرون واجهوا التحدي الدائم المتمثل في التعامل مع الردة: حيث يتعيّن عليهم الدفاع عن عقوبة تغيير المرء دينه، والتي هي بالمعنى الحديث، لها مكانة وتصنّف ضمن حدود الحقوق الفردية. حاول بعض المسلمين الحداثيين مثل محمد عبده ورشيد رضا تقديم إعادة تفسير غير تقليدية، إلى حد ما، للعصر النبوي. لذا، دافعوا عن أن الردة لا يمكن أن يعاقب عليها إلا عندما تشكل خطراً37. أكثر العلماء التقليديين في القرن العشرين مثل أبو العلاء المودودي والمصري محمد الغزالي غامروا بتبرير مختلف وهو: الردة هي فعل تمرّد ضد النظام الاجتماعي السياسي أكثر من كونه تغييراً في المعتقدات الدينية38، وبالتالي فإن تشريع العقوبة لم يكن ضد حرية المعتقد.
على عكس الاعتقادات الإسلامية الشائعة، لم يهتم عبيد الله بالمظاهر الخارجية للأديان أو الانقسامات الطائفية والمذهبية الناتجة عنها. وبالتالي، يبدو أن التحويلات الدينية (الردة) كانت من القضايا الثانوية بالنسبة للشيخ. طالما كان المتحول مخلصاً، فلا يهم كثيراً ما إذا كان قد أصبح مسيحياً أم مسلماً39. من الواضح أن مثل هذا النهج للتحول الديني أثّر بشكل إيجابي على علاقات الشيخ مع جيرانه المسيحيين، بينما وضعه على خلاف مع كل التفسيرات السائدة للإسلام الشيعي والسني. وباعتباره سُنّياً، فلم يكن من المتوقع أن يخبر الشيخ مواطنيه الكرد بمحاكاة هذا التحول باعتباره نموذجاً مثالياً للطاعة. بالإضافة إلى تقواه، فالواقع أن مراعاة الشخص المتحول [دينيا] بشأن التعليم الكردي ورفاهه كانت سبباً في اكتسابه احترام الشيخ، ولعل تفاني المتحول دينياً في تعليم الكرد أكثر من التحول الديني قد حفّز احترام الشيخ له.
$الشيخ والتعليم الكردي$
كان الشيخ عبيد الله يعتقد أن هناك صلة مباشرة بين افتقار الكرد إلى التعليم العام ومآزقهم. فكر الشيخ في الكرد كشخص فريد من نوعه عرقياً له أصول “نبيلة”. إضافة لذلك، يؤكد الشيخ أنه بغض النظر عن مدى قدرة المرء أو إلى أي مدى يكون أصله نبيلاً (أصل نجيب)، فإن التعليم المناسب لا يزال ضرورياً لتحقيق إمكانات الفرد40. يقول الشيخ أنه على الرغم من جوهر الذهب الخام من نفس مادة المجوهرات، مثل الكرد، إلا أنه يحتاج إلى صقل ليأخذ اللمعان والقيمة41. بالنسبة له، كان الكرد استثنائيين في “إتقانهم للفن والرُّقي: فإذا تعلم الكرد كما يجب لا يمكن لأحد أن يضاهيهم”42. ليس فقط على المستوى الفردي، بل يمكن للأكراد أن يتألقوا بشكل جماعي إذا استطاعوا أن يجتمعوا حول هدف سياسي موحّد. لذا قدّر أن شعبه يواجه مشكلتين: عدم الوصول إلى التعليم العام، وافتقارهم إلى الوحدة السياسية، ويبدو أن الأولى قد تسببت في الثانية. ولكن، إذا كان الكرد “متحدين تحت قيادة واحدة، لكانت لهم دولة فريدة”43.
كان من المؤكد أن التعليم يقع في أولويات الشيخ من خلال سعيه لاستقلال الكرد. ووفقاً لدوايت، فإن قريب الشيخ (كافي بك المتحول دينياً)، كان بدوره ” متحمساً لأن تنشر بعض كتاباتنا باللغة الكردية وأن يفعل شيئا ما لإنارة شعبه الغارق”44. شكل تعليم ورفاهية الكرد أرضية مشتركة بين الشيخ وكافي بك. ولدى سؤاله عن أكثر ما يحتاجه شعبه، أشار الشيخ إلى الحالة التعليمية للكرد وعدم رغبة الحكومة العثمانية في دعمهم45. أخبر الشيخ دوايت أن التعليم والكتب والمدارس كانت الاحتياجات الرئيسية للكرد46. لا يبدو أن عبيد الله يفرّق بين التعليم الديني والعلماني من حيث قيمتها. فهو يقدم الكرد إلى دوايت كشعب باحث عن المعرفة47.
من الواضح أنه بالنسبة للشيخ كان التعليم حلاً سحرياً لمحنة الكرد. بالإضافة إلى ذلك، كان يعتقد أن نقص التعليم العام في كردستان هو السبب الرئيسي لاستبعاد الكرد من الحياة السياسية في المجالين العثماني والقاجاري. كتب الشيخ في رسالته إلى إقبال الدولة، حاكم أورمية، “نعترف بوجود كرد سيئين إلى جانب الجيدين ولكن لا يوجد من يفكر في تعليم الكرد [وبالتالي فإنه من المستحيل على السيئ] تصحيح أخطائه دون تعليم “48. واعتبر أن التعليم هو مفتاح الحياة الكريمة والانسانية وطريقة للكرد للهروب من مأزقهم الحالي. في رأي الشيخ، كان التعليم أمراً حيوياً للكرد لأن التعليم يمكن أن يشكل الأساس للوعي الذاتي الجماعي الكردي وبقائهم: فقد كان للتعليم جانب تحرري جماعي وكان عاملاً حاسماً لمصلحة الإنسان الفردية.
من هنا، انطلاقاً من التعليم، تتجلى بوضوح القومية الكردية عند الشيخ عبيد الله. كان يعتقد أن الأمية الكردية تمثل تهديداً وجودياً لأنها أظلمت وعيهم بضخامة سياسات الاستبعاد العثمانية والقاجارية. أظهرت الأمية الكردية علاقة هيمنة معينة ومكنت الدولتان من إدامة تجريم الكرد. من منظور الشيخ، أضفت الأمية الكردية الشرعية على العلاقة السياسية الثقافية القمعية والاستغلالية بين الكرد والدول الحاكمة. كان مصراً على أنه بدون التعليم الكردي لا يوجد مستقبل جماعي للكرد. حتى لو، كما كان يعتقد بالتأكيد، أن الكرد يمتلكون بعض القدرات والقدرات العرقية “لتحقيق التقدم”، واستدرك، “نحن محكوم علينا بالدمار ما لم [نتلقى] المساعدة من بعض المصادر القريبة منا”49.
تظهر الملاحظات أعلاه أيضاً وعي الشيخ ومخاوفه من القوالب النمطية العنصرية القائمة حول الكرد بقدر ما تكشف عن أفكار العصر السائدة حول التقدم البشري والعرق. من المدهش أن نرى أن الشيخ يربط التعليم كظاهرة مرتبطة تاريخياً بتكوين المعرفة والقوة والصراعات السياسية والثقافية في الأمة. لم يستطع عبيد الله أن يتخيل الجانب الديالكتيكي للتعليم والطرق التي تستخدم بها الدول الحديثة التعليم لإدامة القمع والهيمنة50.
بالنسبة له، كان التعليم أداة يجب استخدامها لتحقيق التمكين الذاتي والمجتمعي. لقد كانت بالنسبة له الأساس الوحيد للمصلحة الانسانية. على حد تعبيره، إن التعليم “عزة الإنسان، وإذا حرمته منها، فلن يبق له شيء يستند عليه”51. لذا رأى الشيخ أن التعليم يشكل الأساس لمشروع سياسي قادر على استعادة الذات الكردية الفردية والجماعية. بحسب وصف الشيخ، كان التعليم سيضمن إمكانية حياة إنسانية للكرد، وأبرزها حياة خالية من الهيمنة التركية والفارسية. لقد اعتبر التعليم شرطاً ضرورياً لإنشاء أمة متماسكة ووسيلة وحيدة لمحاربة الهيمنة الأجنبية والفوضى الداخلية. وبسبب هذا، كان يعتقد أن العثمانيين والفرس لن يتوقفوا عند أي شيء لمنع حصول الكرد على التعليم والتقدم:
الأتراك، من جانبهم، عازمون على عدم تطوير المدارس ومنع فتحها، واعتقال أو قتل كل رجل نافذ يحاول تعزيز الطموح بين الناس. من ناحية أخرى، يستخدم الفرس (أراضي الشيخ عبيد الله على جانبي الحدود الغربية لأورمية) القوة لتحويل الناس عن دينهم ويسرقون ويقتلون الكل52.
لم يكن لدى الشيخ أمل في إمكانية محو الأمية العامة الكردية تحت حكم الفرس أو الأتراك العثمانيين. ناهيك عن تعليم الكرد، ادعى الشيخ أن الفرس كانوا ينشطون في إخلاء المناطق الكردية من سكانها ويوطنون فيها سكان من غير الكرد. إذا كان ما قاله يعكس معتقداته، فلا بد أن عبيد الله قد فكر في سياسات الدولة الفارسية في كردستان على أنها إبادة جماعية. لذلك، قدم تبريراً استثنائياً لانتفاضته في عام 1880 حيث وصفها بأنها “هجوم على أورمية قبل عامين [على] مجرد محاولة ضد مرتكبي الاعتداءات التي لا تطاق، حتى أنهم أخذوا أطفالنا وألقوا بهم في قدور من الزيت المغلي “53. لم يجد أن الأتراك العثمانيين أفضل منهم. وكما يشير دوايت، فقد أعرب الشيخ “دون تحفظ عن كرهه للحكم التركي وقناعته بأن لا شيء سوى الدمار ينتظر الإمبراطورية ويثق بقدومه، قال إن الأعداء الكرد يطوقونهم في منطقتهم”54.
$القومية وعالمية الشيخ الدينية$
من الواضح أن التسامح الديني للشيخ لم يمتد إلى أقرانه المسلمين من الفرس والترك أو قادتهم. كذلك يبدو أن الشيخ لا يميز بين الفرس والأتراك العثمانيين وبين السلطات في البلدين. ربما تأثرت وجهات نظره تلك بحقيقة أن تجربة الشيخ، مع تلك المجتمعات، اقتصرت على لقائه مع مسؤولي تلك الدول. كما أنه من الواضح أن آراء عبيد الله تأثرت بصعود القومية والسياسة العرقية السائدة في أواخر القرن التاسع عشر55. في مقابلته مع دوايت، اتهم الشيخ الفرس والأتراك بافتقارهم إلى “التدين الحقيقي والإخلاص”56. كذلك، في مثنويته، يدعي أنه، على عكس الكرد، كان الأتراك العثمانيون متدينين اسمياً فقط ويفتقرون إلى أي شعور ديني57.
في حديثه مع دوايت، يعود الشيخ إلى مسألة التدين ويلمح إلى أن المبشرين لم يكونوا على علم بالتدين الكردي: “أنت تعتقدنا [الكرد] كرجال أشرار لأنك رأيت محمدية[إسلام] الأتراك. بينهم لا يوجد احترام للإسلام. بين الكرد [المتدينين] لا يوجد رجال فاسقون، ولا خيانة، ولا كذب “58. يحاول إقناع دوايت بأن الإسلام الكردي يختلف عن إسلام الآخرين. من المفترض أن يعيش الكرد “إسلاماً حقيقياً”، والذي يتجلى في “حياتهم الفاضلة” و “التفوق الأخلاقي”. قارن الشيخ بين إسلام “الكرد الأتقياء” و “المسيحية الحقيقية” التي كان يعتقد أن المبشرين هم تجسيد لها. وهكذا “قال هذا وأضاء وجهه بابتسامة،” نحن نسعى لما تبحث عنه “59.
في مثنويته أيضاً، يقدم الشيخ وجهة نظر عرقية للتدين، ظاهرة اكتسبت زخماً بين مختلف المجتمعات الإسلامية في أواخر القرن التاسع عشر60. بينما يرسم الشيخ تدين الأتراك العثمانيين على أنه غير موجود وظاهريّ وغير صادق، فإنه يصور التدين الكردي على أنه حقيقي وحيوي ويعكس نقاء القلب في الحياة الكردية61. فقط شجاعة العرب وتقواهم يمكن مقارنته بشجاعة الكرد لأنهم، حسب الشيخ، لديهم أصل مشترك62. وفي هذا السياق، يلاحظ ما يلي:
“الدال/ د” في كرد تعني الدين
“الكاف/ ك” تعني الكمال
“الراء/ ر” تعني الرشد
فقط عند الكرد يمكنك أن تجد63
كل هذه الفضائل مجتمعة6
يدعي الشيخ أن الأتراك العثمانيين منافقين، يفتقرون إلى أي إيمان حقيقي، بينما يدعون أنهم مسلمون. في مثنويته، يروي حديثاً نُسب إلى نبي الإسلام، وأن الإسلام العثماني تجسيداً لهذا الحديث65. وفقا لهذا الحديث، يقول النبي أن هناك ثلاثة معايير يمكن من خلالها معرفة ما إذا كان الشخص منافق؛ {آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان}66.
اصطبغت آراء الشيخ حول الآخرين من خلال عدد من العوامل: الوضع الاستثنائي في المناطق الكردية، وصعود القومية، وعلاج المركز لمشاكل الأطراف. لقد حول وضع ما بعد الحرب كردستان إلى مكان للبؤس المطلق. يذكر كلايتون، في تقرير عن زيارته عام 1880 لمسؤوله البريطاني الأعلى، وصف واقع المنطقة. ورغم طول المدة فإن وصفه يستحق قدراً عظيماً من الاهتمام حيث كتب:
زرت عدد من القرى، وجدت ثلاثة أو أربعة من الأسر الميسورة، فقط، لديها خبز للأكل. كان بقية الأهالي يذبحون أغنامهم ويملحون لحمها ويعيشون على هذا اللحم دون أي نظام غذائي نباتي على الإطلاق، حيث بدأت آثار المرض تظهر نتيجة لذلك. في أماكن أخرى يخرج القرويون إلى الجبال ويجمعون جذوراً معينة يطحنونها ويستخدمونها لصنع الخبز. تكون هذه الجذور كبيرة إلى حد ما، شبه خشبية وشبه عصارية مع طعم مر للغاية. ويقال إن النبات الذي ينتمي إليه يحتوي على أوراق عريضة كبيرة ولكني لم أستطع تكوين وصف يوضح إلى أي نوع تنتمي. أُبلغت عن عدة حالات لأشخاص تجمدوا حتى الموت أثناء البحث عن هذه الجذور، وفي كل قرية تقريباً يموت أطفال بسبب الحاجة إلى التغذية السليمة. أفضل خبز رأيته في بعض القرى، كان مصنوعاً ثلثه من هذه الجذور وثلثين من الشعير (ولكن فقط الميسورين من الناس يمكنهم صنع مثل هذا الخبز)، في حين الناس الأفقر يصنعونه من خليط من الجذر وبذور الكتان أو القنب مع أي دقيق آخر. ويقال إن هذا النوع الأخير من الخبز ينتج تأثيراً مخدراً، وغالباً ما يدخل أولئك الذين يأكلونه في الإغماء أو الغيبوبة67.
عبيد الله أيضا، في مثنويته، يندب بمرارة الوضع المعاصر في أواخر القرن التاسع عشر كردستان.
وهو يشير إلى العقود السابقة من كردستان وقت كانت منارة المعرفة والروحانية ولكن تم استبدالها جميعها بانعدام القانون والجهل68. بالإضافة إلى تلك الفوضى، وبسبب الدمار الذي لحق بالإمارات الكردية في منتصف القرن التاسع عشر، اعتقد الشيخ أن كردستان فقدت حيويتها. هذا الوضع، على حد وصفه، ترك الناس “تتجول في وديان الجهل”69. يجادل الشيخ بأن الأتراك والفرس استخدموا الجهل الكردي وانعدام القانون لصالحهم. واتهمهم باستخدام الوضع القائم لإدامة وإضفاء الشرعية على وجودهم القمعي70. لهذا السبب على الرغم من هزيمته عام 1880، لم يتخل الشيخ عن القيام بانتفاضة أخرى ضد الدولتين.
كما هو موضح أعلاه، إن مقابلة دوايت هي المصدر الأساسي الوحيد المتاح الذي يظهر بوضوح نية الشيخ لانتفاضته الثالثة. الأهم من ذلك، أنه كان ينوي استهداف الدولة العثمانية هذه المرة بدلاً من القاجارية. بمعرفته أن الشيخ كان “يفكر في تمرد عام للكرد”، يخبرنا دوايت: “حاولت ثنيه عن العنف، مؤكداً له أن النتيجة ستكون تدمير كل آماله، لأن [الانتفاضة الكردية] سترضي إنجلترا على اعتبار انها ستوفر دليل على سمعة الكرد بأنهم خارجون عن القانون”71. هنا، لا يعبر دوايت فقط عن مخاوفه من النتائج المحتملة لانتفاضة كردية جديدة، بل يكشف أيضاً عن وجهات نظر بريطانية تجاه الكرد، والتي بدت متطابقة مع وجهة نظر الدولتين القاجارية والعثمانية. ولكن، يثبت تقرير دوايت عدم الدقة المطلقة في ادعاءات بعض المؤرخين في أن الشيخ كان متورطاً مع العثمانيين ضد المسيحيين72. كما ذكرنا سابقاً، يدعي باحثون مثل ماكدويل وأوز أوغلو أن انتفاضة الشيخ عام 1880 كانت معادية للمسيحية بطبيعتها. ويتابع ماكدويل أن انتفاضة الشيخ لم تكن سوى “مخطط تم إعداده في اسطنبول”73. ومع ذلك، لا يقدم الباحثان أعلاه أي دليل يوثق ادعاءاتهم. على النقيض من ذلك، يشهد دوايت على أن “الشيخ [وضع؟]74 دون أن يخفي بغضه تجاه الحكم التركي وقناعته بأن لا شيء سوى الدمار ينتظر الإمبراطورية ومن يثق بها”75. من الجدير بالملاحظة أنه في عام 1882، استمر نجل الشيخ عبد القادر – الذي قاد انتفاضة 1879 وكان أيضاً قائداً في انتفاضة 1880 – في أنشطته المسلحة ضد الدولة العثمانية. تؤكد سجلات الدولة العثمانية أنه في عام 1882، “ان الشيخ عبد القادر، نجل الشيخ عبيد الله، في هجومه على الجيش الإمبراطوري قتل عشرة جنود وجرح اثني عشر آخرين. كما ألقى القبض على ثلاثين جندياً بينهم ضباطهم”76.
يلقي تقرير دوايت على جانب آخر، وهو أن هزيمة عبيد الله ضد الدولة القاجارية جعلته يشعر بخيبة أمل من الدعم الأوروبي المحتمل للكرد. ومع ذلك، فإن خيبة أمله من الدعم الأوروبي المحتمل لم تطفئ النار في روحه المتمردة. بل على العكس، اعتبر أن الأوروبيين يشكلون في الغالب عقبة أمام التطلعات القومية الكردية. لذلك، رداً على محاولات دوايت “لإقناع الشيخ بضرورة الصبر”، قال الشيخ بمرارة “إن موقف أوروبا ليس مساعدتنا ولا السماح لنا بمساعدة أنفسنا”77. ومع ذلك، يبدو أن المبشرين مثل دوايت كانوا مقتنعين بأن بريطانيا كانت معنية برفاهية شعوب المنطقة، وعلى رأسهم الأرمن. وافترض أن الدعم البريطاني للأقلية الأرمنية سيكون له تأثير إيجابي على الوضع الكردي أيضاً. بدا أنه واجه صعوبة في إقناع الشيخ بهذا القول بأنه “كان من الصعب جداً جعله يفهم أن إنجلترا مصممة على إدخال حكومة جيدة إلى أرمينيا، وأن نتيجة ذلك ستكون إعطاء حكومة جيدة لشعبه أيضاً لكن هذا الإجراء يتطلب الوقت”78. لكن الأحداث اللاحقة أثبتت خطأ دوايت. لم تكن إنجلترا “مصممة على إدخال حكومة جيدة إلى أرمينيا” أيضاً.
$الخاتمة$
في هذه الورقة، كان هدفي هو تسليط الضوء على بعض الجوانب غير المعروفة للشيخ النهري من الأفكار الدينية والسياسية. حاولت من خلال قضيته توضيح بعض خصائص الفكر الإسلامي تثبت صعود القومية / القوميات الإسلامية. انتفاضة عبيد الله كانت في الأطراف ومع ذلك لا ينبغي أن ينظر إلى انتفاضته على أنها حدث هامشي. توضح انتفاضة الشيخ وآرائه الحالة المعقدة لعلاقة القومية الكردية بالإسلام، والطبيعة المتنوعة للأمر النقشبندي الكردي، وتدل على دوره في نشر الوعي القومي الكردي. ما هو أكثر أهمية هو حقيقة أن هذا الشيخ النقشبندي، المفترض أنه تقليدي، يحمل وجهات نظر دينية إسلامية غير معتادة. على الرغم من صغر سنه نسبيا، كان للشيخ أتباعاً هائلين، ومع ذلك، لا يوجد الكثير من المعلومات المتاحة حول مدى معرفة معتقداته غير المألوفة أو اكتسابها أي مصداقية بين أتباعه. على الرغم من العرض المطلق لوجهات النظر العرقية والقومية للشيخ الكردي، إلا أن أعماله الشعرية لا تحتوي على آراء دينية غير تقليدية. من المحتمل أيضاً أن وجهات نظر الشيخ أصبحت معروفة للجمهور الأكبر منذ ذلك الحين – وفقاً لسجلات الدولة العثمانية – احتج بعض رجال الدين الكرد على الشيخ واتهموه بالكفر. حدث هذا بشكل خاص عندما نقلته القوات العثمانية إلى الموصل عام 188279. ومع ذلك، من نواح كثيرة، فإن عمله الشعري يؤكد روايته التي قدمها المبشرون الغربيون. يكشف الاثنان معاً [المبشرون وأعماله الشعرية] الكثير عن آراء الشيخ الدينية والسياسية غير المعروفة سابقاً وشخصيته الكاريزمية.
كما هو موضح، فإن تأثير الرومي على الفكر الديني للشيخ لا جدال فيه أيضاً. ومع ذلك، هناك عوامل معينة تميز بين الاثنين بشكل واضح. على الرغم من القواسم المشتركة الهامة، فإن الآراء والأشعار الدينية لكل من هاتين الشخصيتين تحمل السمة المميزة ل “روح” عصرهم. على الرغم من تلميحات الرومي بجمال لغته الأم ومقارنتها بالعربية، على عكس عبيد الله، إلا أنه لا ميز العقيدة الدينية على أساس العرق. بالمقابل، تأثرت آراء عبيد الله العالمية بسياساته القومية. من وجهة نظر عبيد الله، أثرت طبيعة الشخصية العنصرية على محتوى ونقاء التدين. لذلك، يجادل بأن التدين الكردي، تماماً مثل عرقهم، كان مختلفاً عن الأتراك والفرس. وزعم أن الكرد اعتنقوا “الدين الأصح أو الأنقى (باك دين)”. لهذا السبب تحدى المبشر الأمريكي بعدم الحكم على الإسلام بناء على الممارسات الدينية التركية والفارسية. تم تمثيل “الإسلام الحقيقي” من خلال التجارب والممارسات الدينية الكردية لأنهم “شعب مؤمن نقي”.
كما لوحظ أن انتفاضة عبيد الله كانت مهمة في تجسيد اندماج الإسلام مع التطلعات القومية. ظاهرة كانت ستنتشر بين المسلمين في القرن المقبل. كان المشروع الديني-السياسي لعبيد الله مثالاً رائعاً على الكيفية التي يمكن أن تسير بها النهضة الإسلامية جنباً إلى جنب مع القومية. مثل هذه الحقيقة هي نفي مطلق للادعاءات بأن صعود الشيخ كان مجرد مؤامرة عثمانية كردية ضد المسيحيين في المقاطعات الشرقية للإمبراطورية. والواقع أن وجهات نظر الشيخ وأفعاله تظهر في مواجهة مثل هذه الدراسات التي تعتمد على التخمين.
1 لمزيد من المعلومات حول الطريقة النقشبندية، انظر. دينا ليغال. ثقافة التصوف: النقشبندية في العالم العثماني، 1450-1700. (نيويورك: مطبعة جامعة ولاية نيويورك، 2004)؛ شريف ماردين، الدين والتغيير الاجتماعي في تركيا الحديثة: حالة بديع الزمان سعيد نورسي. (نيويورك: مطبعة جامعة ولاية نيويورك، 1989)؛ جينين كاستور تومسون. حديقة الورود: السيرة الذاتية لعصر النقشبندي الصوفي الحديث. (الولايات المتحدة: Xlibris US، 2014). إم جابوريو وآخرون، الطريقة النقشبندية: المسارات والوضع الحالي لنظام صوفي مسلم: أعمال مائدة مستديرة سيفر. (فرنسا: مطبعة إيزيس، 1990).
2 انظر ورقة صبري أتش الدقيقة، أتش، صبري. “باسم الخليفة والأمة: تمرد الشيخ عبيدالله 1880-1881”. الدراسات الإيرانية، المجلد 47 العدد (5) 2014: ص 735-798
3 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300. أنا مدين لصديقي أوين ميلر لتزويده بهذه الوثيقة والعديد من الوثائق الأخرى.
4 انظر، على سبيل المثال، ماكدويل، ديفيد (2004) تاريخ الأكراد الحديث. لندن: I.B. توريس؛ أوزغلو، هاكان “هل لدى القومية الكردية حبل سري؟” في العداوات التكافلية: القوميات المتنافسة في تركيا، تحرير عائشة كاديوغلو وإمين فوات كيمان. سولت ليك سيتي: مطبعة جامعة يوتا، 201: 203
5 صبري. “باسم الخليفة والأمة: تمرد الشيخ عبيدالله 1880-1881”
6 ماكدويل، ديفيد (2004) تاريخ الأكراد الحديث. لندن: I.B. توريس؛ أوزغلو، هاكان “هل لدى القومية الكردية حبل سري؟” في العداوات التكافلية: القوميات المتنافسة في تركيا، تحرير عائشة كاديوغلو وإمين فوات كيمان. سولت ليك سيتي: مطبعة جامعة يوتا، 201: 203؛ أيضا، روبرت دبليو أولسون، ظهور القومية الكردية وتمرد الشيخ سعيد، 1880-1925، الطبعة الأولى. (أوستن: مطبعة جامعة تكساس، 1989).
7 ماكدويل، تاريخ الأكراد الحديث، ص 58.
8 المصدر السابق.
9 هاكان، هل لدى القومية الكردية حبل سري؟ ص203- 215
10 FO 195/1315/No. 23. Clayton to Trotter. Political [Confidential]. Bashkala: July 11, 1880
11 Ibid. Clayton to Trotter. Political (Confidential). Kochhannes: 2nd August 1880.
12 ماكدويل، تاريخ الأكراد الحديث؛ هاكان، هل لدى القومية الكردية حبل سري؟
13 الشيخ عبيد الله النهري، تحفة الأحباب: مثنوي شيخ عبيد الله النهري، راجعه سيد إسلام دواجي. أرومية: الحسيني، 2000.
14 انظر سبير، روبرت إي. الحكيم صاحب، الطبيب الأجنبي: سيرة جوزيف بلومب كوكران، إم، دي، من بلاد فارس. نيويورك: ريفيل، 1911: ص 75.
15 FO 195/1315/No. 23. Clayton to Trotter. Political [Confidential]. Kochhannes: 2nd August 1880.
16 Ibid
17 Ibid
18 Ibid, No. 46; Clayton; Van 27th November 1880.
19 Ibi
20 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
21 انظر، النهري: تحفة الأحباب
22 مارتن فان بروينيسين، “الكرد والإسلام” ورقة عمل رقم. 13، مشروع دراسات المنطقة الإسلامية، طوكيو، اليابان، 1999. تم الوصول إليه، 19 أغسطس / آب 2017. .ozelburoistihbarat.com/Content/images/archieve/kurt-sorunu-dosyasi-the-kurds-and-islam-ingilizce-9dce6c05-2731-4a0e-9126-233dd098e295.pdf.
23 See, ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
*هو مصطلح لاتيني يعني “هكذا”. يتم استخدامه للإشارة إلى أن شيئاً مكتوباً بشكل غير صحيح يتم تركه عن قصد كما كان في الأصل. عادة ما تكون Sic مائلة وتحيط بها أقواس دائماً للإشارة إلى أنها لم تكن جزءاً من الأصل. [المترجم]
24 Ibid.
25 انظر، النهري: تحفة الأحباب: 129
26 انظر، النهري: تحفة الأحباب: 133
27 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. V. 4. C-E, No. 300.
28 أهم أعمال الرومي هي مثنوي معنوي وديوان شمس تبريزي. للاطلاع على الاعمال الفارسية الكاملة لرومي على الانترنيت، انظر موقع Ganjoor. تمت زيارته في 7 آب/ أغسطس 2017: https://ganjoor.net/moulavi/
29 عبد الكريم سروش. “رسالة إسلامية حول التسامح” في كيلي جيمس كلارك. أبناء إبراهيم: الحرية والتسامح في عصر الصراع الديني. الجنة الجديدة: مطبعة جامعة ييل، 2012: 265.
30 شمس الدين أحمد أفلاقي. مناقب العارفين، المجلد. 2 – طهران: دنيا كتاب، 1996: 484.
31 كما نرى، في هذه القصيدة، تعتبر الخبرة الدينية والحالة الداخلية أمراً محورياً للتدين بدلاً من شكل التعبير الديني أو ادعاء المرء للحقيقة، .iranchamber.com/literature/jrumi/masnavi/moses_shepherd.php
32 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
33 انظر، على سبيل المثال، فيرنون أو إيغر: تاريخ العالم الإسلامي منذ عام 1260: صنع مجتمع عالمي. نيو جيرسي: بيرسون برنتيس هول، 2004: 34-6.
34 في التاريخ الحديث، أثارت مثل هذه الآراء أحياناً أزمات دولية. وكانت القضية هي فتوى الخميني عام 1988 (حكم ديني) ضد البريطاني سلمان رشدي الذي اتهمه العديد من المسلمين المحافظين بالردة بعد كتابة روايته الشيطانية. انظر موقع رشدي الرسمي: تم الوصول إليه. 12 أغسطس 2017. .salmanrushdie.com/. وكذلك سلمان رشدي. الآيات الشيطانية (لندن: Viking Penguin، 1988).
35 هيفنينغ، فيلهلم “المرتد” في موسوعة الإسلام 2، المجلد. 7، ص. 633-35؛ زويمر، صموئيل م. قانون الردة في الإسلام. نيويورك، لندن: Marshal Brothers Ltd.، 1924: 31-54.
36 المصدر السابق.
37 انظر محمد عبده ومحمد رضا. تفسير المنار. المجلد. 5- القاهرة: الحياة المصرية للأمة الكتاب، 1973.
38 انظر بيتر، أر وغي دي فريس: الردة في الإسلام، مجلة عالم الإسلام، 17 (1976- 1977): 1-25
39 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
40 النهري: تحفة الأحباب، 122
41 المصدر السابق.
42 المصدر السابق.
43 المصدر السابق.
44 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
45 Ibid.
46 Ibid.
47 Ibid.
48 راجع رسائل الشيخ إلى إقبال الدولة في جليلي، جليل: ورقة مثيرة للاهتمام من التاريخ الشعبي الكردي (ثلاث عشرة صفحة مثيرة للاهتمام من تاريخ الشعب الكردي). اسطنبول: ايفرينسل، 2007: 38-43.
49 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
50 لمعرفة المزيد عن استخدام الدولة للتعليم كوسيلة لاستنساخ أيديولوجية الدولة، انظر مايو، بيتر: الهيمنة والتعليم في ظل رؤى النيوليبرالية من جرامشي. نيويورك: روتليدج، 2015. أيضاً، الثوسير، لويس: لينين والفلسفة ومقالات أخرى. مطبعة نيويورك الشهرية للمراجعة، 2001.
51 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
52 Ibid.
53 Ibid.
54 Ibid.
55 للمزيد عن هذا راجع سليماني، كمال. “الشيخ عبيد الله والإحياء الإسلامي” (مجلة الدراسات الكردية، 4 (1)، (2016): 5-24.
56 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
57 النهري: تحفة الأحباب: 111
58 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
59 Ibid.
60 سليماني، كمال. “الشيخ عبيد الله والإحياء الإسلامي” (مجلة الدراسات الكردية، 4 (1)، (2016): 5-24.
61 النهري: تحفة الأحباب: 120- 121
62 المرجع السابق
63 Ke nadârad hích aqvam-e dígar
64 النهري: تحفة الأحباب: 120- 121
65 النهري: تحفة الأحباب: 109- 127
66 حديث آية المنافق: https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=228&idto=232&bk_no=53&ID=34 [الرابط المترجم أضافه]
67 FO 195 / 1315. No. 2 Political to Trotter from Clayton. Van, 2nd February 1880.
68 النهري: تحفة الأحباب: 129
69 المرجع السابق.
70 Parliamentary Papers. Turkey No. 5. (1881. Inclosure 3. No 5/61).
71 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
72 ماكدويل. تاريخ الكرد الحديث، 58، وأوزوغلو. “هل لدى القومية الكردية حبل سري؟”، 203.
73 المصدر السابق.
74 هذه الكلمة غير مقروءة في الوثيقة الأصلية.
75 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300.
76 انظر الأرشيف العثماني لرئيس الوزراء (BOA: الأرشيف العثماني لمكتب رئيس الوزراء): الملف رقم: 3، القميص رقم: 4، رمز الصندوق: Y. PRK.A؛ التاريخ: 23 / م / 1300 (هجري) / [4.12.1882]. من المثير للاهتمام أنه على الرغم من خلفية عبد القادر، لا يزال أوزوجلو يصوره على أنه مؤيد للخلافة. لذلك، يذكر أن رئيس “فصيل” المؤيدين للخلافة، بعد عام 1912، لم يكن سوى السيد عبد القادر. لا يرى أوزوجلو أي تناقض بين الادعاء أعلاه وملاحظاته السابقة عندما يقول: “من المثير للاهتمام مواجهة اسمه في CUP، ثم منظمة سرية عملت ضد السلطان / الخليفة عبد الحميد الثاني، لأن عبد القادر نفسه كان جزءاً من مؤسسة دينية عثمانية” (90). تصبح هذه التأكيدات أكثر إثارة للاهتمام عندما تتناقض مع سجلات الدولة. تكشف وثائق الدولة أن عبد القادر لم يتورع في محاربة حكم الخلافة وقتل وجرح جنودها عام 1882.
أوزأوغلو، هاكان. الأعيان الكرد والدولة العثمانية: تطور الهويات والولاءات المتنافسة وتغيير الحدود. ألباني: مطبعة جامعة ولاية نيويورك، 2004: 124
77 ABCFM, Western Turkey Mission, ABC 16.9.3, v. 12.,1880-1890. v. 4. C-E, No. 300
78 bid.
79 أرشيف رئيس الوزراء العثماني (BOA): ملف رقم: 486؛ رقم الملف: 64؛ رمز الصندوق: A.} MKT.MHM التاريخ: 29 / Ca / 1298 (Hijri) [28.04.1881][1]