سامر الياس سعيد
لم تخفت السنين القليلة من الق الكتاب الذي صدر عن دار المشرق الثقافية في عام 2011 ليتابع مؤلفه (وصفي حسن الرديني) مئات المصادر من اصدارات تتنوع بين كتب ومجلات ودوريات ليتابع من خلالها ما دونه الكتاب السريان حول الكورد وتاريخهم الحافل ليأتي كتاب (الكورد وكردستان في المصادر السريانية) كوثيقة من الوثائق المهمة التي تعزز الروابط التاريخية التي كانت تجمع السريان بأقرانهم في العديد من المحطات التاريخية التي عاشوها وفكرة الكتاب تقوم بمتابعة كل من كتب كلمة خير عن الكورد ماضيا وحاضرا ومستقبلا كما اهدى الكاتب كتابه في مستهل الكتاب اضافة لإهدائه الى كل مثقف سرياني والى كل مثقف كردي سعى ويسعى لتعزيز العلاقات الكوردية-السريانية كما اهداه الى الشخصيات السريانية الفذة التي لا يمكن ان تمحى من الذاكرة الكوردية ومنهم يوسف مالك وكوركيس عواد وانستاس ماري الكرملي وفرنسو الحريري والخوري بولص البيداري زاخوي عضو مجلس قيادة ثورة ايلول الكوردية بين الاعوام 1963-1970 اضافة للمحامي اللبناني بولص شليطا وجرجيس فتح الله وهرمز نيسان كوماني مسؤول لجنة محلية العمادية للحزب الديمقراطي الكوردستاني بين الاعوام 1959-1961 والاب فرنسيس داود ارادني مذيع القسم السرياني في اذاعة الثورة الكوردية ابان ثورة ايلول في ستينيات القرن المنصرم ومعهم العشرات ممن ذكرهم الكاتب ليمثلوا الشخصيات السريانية التي لا تمحوها الذاكرة الكوردية وقام بإهدائه هذا الكتاب اليهم .. بعدها يكشف الكاتب وصفي حسن الرديني عن مبادرته لتقديم هذا الكتاب رغبة بالتعريف بالكتاب الذين احبوا الشعب الكوردي وتاريخه فقاموا بالكتابة عنه في السنين الماضية وكانت خطوتهم جريئة تنم عن حب اصحاب المقالات والبحوث للشعب الكوردي الذي طالما عانى من التهميش والنسيان والاهمال من قبل المؤرخين والباحثين وفي الفصل الاول يستعرض الكاتب كردستان في كتابات كبار المؤرخين السريان منذ عام 1906 وحتى عام 2011 فيستهل هذا الاستعراض بالأب انستاس ماري الكرملي وما قدمه من كتب حول تاريخ الكورد لاسيما اصداره لهذا المؤلف وتحقيقاته عن الكورد والعشرات من المقالات التي تتمحور حول هذا الامر بالإضافة الى ما اصدره المؤرخ والباحث العراقي الراحل كوركيس عواد من مؤلفات منها ماضي الاكراد وحاضرهم في المصادر العربية القديمة والحديثة والذي اصدره المجمع العلمي العراقي عام 1991 متضمنا 909 مصدرا حول الكورد كما الحق المؤلف بهذا الفصل ملحقا ضم صورا لبعض اغلفة الكتب والمقالات السريانية حول الكورد اما الفصل الثاني من الكتاب فاشتمل على استعراض اقدم ستة نصوص كردية كتبت من قبل ادباء سريان .
وفي مستهل الفصل لم يخف المؤلف الاثار المهمة التي ابرزها التعايش الاخوي بين ابناء الشعب الكوردي والسرياني وما تمخض عن ذلك التعايش من معطيات ابرزتها في الجانب الثقافي العديد من المبادرات ومنها قيام احد الكتاب الكورد بترجمة الانجيل الى اللغة الكوردية عام 1886 وطبع في ارمينيا بالحروف الارمنية كما قام مترجم كردي اخر في عام 1923 بترجمة الانجيل وطبعه في اسطنبول كما قام الكاتب الكوردي المعروف الدكتور كاميران بدرخان بترجمة الانجيل من اللغة الفرنسية الى اللغة الكوردية وتم طبعه في بيروت عام 1953 اما ما قام به الكتاب السريان فاستعرضه المؤلف بشكل موسع مبرزا قيام المطران مار باسيليوس شمعون الطوراني بكتابة قصيدة تحدثت عن الموت والقيامة وقراها في حضرة الامير الكوردي لطور عابدين في عام 1738..
كما قام القس الايطالي كارزوني في عام 1788باعداد قواعد ومعجم اللغة الكوردية ويعد القاموس كاول اثر مسيحي اوربي في اللغة والآداب الكوردية اما القس فانحدر اصله من مدينة تورينو الايطالية ووفد لمدينة الموصل كناظر للارسالية الدومنيكية وانتقل للعيش في ئاميدي بين الاعوام1764-1775 ومنها تعلم واتقن اللغة الكوردية واعد قاموسه الذي ضم 4600 كلمة ومصطلح ..
اضافة الى ما قام به القس داود بن يوحنا بن نيسان بن كور من ال قرداحي البارزاني والذي الف العديد من القصائد بالسورث الكوردي منها قصيدة موت الخاطيء وفي مدح مريم العذراء ومن المخطوطات التي تركها السريان اشار المؤلف الى مخطوطة ارادن الكوردية والتي كتبت سنة 1888 من قبل القس عبد الاحد عوديش خوشابا بقال الالقوشي وتتكون المخطوطة المذكورة من 314 صفحة ويحتوي جزئها الاول على 186 صفحة مخصصة لقواعد اللغة الكوردية وتحليل بعض مسائلها باللغة السريانية بينما يشير الكاتب الى المخطوطة الخامسة وهي مخطوطة عقرة او اكري الكوردية والتي كتبت في عام 1883 من قبل القس يوسف الشماس عقراوي باللغة الكوردية وبالخط السرياني الغربي واحتوت على قصائد ومقالات باللغتين المذكورتين اما المخطوطة الاخيرة فهي منسوبة لشرانش وقد كتبت في عام 1904 من قبل القس فيليبس القس حنا الالقوشي وتحت عنوان مقالات واخبار ..
الكتاب يمثل وثيقة مهمة من الوثائق التي تبادل العرفان لرواد ترجموا كل دلالات التعايش والاخوة بين الكورد والسريان ليجسدوها في مدوناتهم التاريخية التي لم يطمرها غبار الزمن ولم تستقبلها الرفوف لتقنطها تحت رحمة توالي السنوات والاعوام لكنها جسدت بحروفها الممتزجة عناصر اكدت ان ثقافات الشعوب تستمد بقائها وخلودها من كتابات الرواد ورصدهم للأحداث التي تتوالى ليحولوها لصفحاتهم التي تبقى لسان التاريخ ومرآة حال الزمن لتخبر الاجيال اللاحقة بما حدث قبل قرون وقرون.[1]