=KTML_Bold=القضية الكوردية=KTML_End= من مؤتمر الصلح الى معاهدة سيڤر
إثر هزيمة الدولة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى 1914- 1918، قامت الجمعيات الكوردية بالدعوة إلى إستقلال كوردستان، ودعت الحركات والشخصيات والصحف الكوردية إلى تأسيس دولة كوردية، والأمر الذي شجع على ذلك هو موجة الأستقلال التي عصفت بالدول العربية آنذاك وجني العرب جهود العمل الذي قام به الشريف حسين من خلال تطبيعه مع الحلفاء وخاصة مع بريطانيا ضد الدولة العثمانية، وحصوله على وعود منهم بالإستقلال.
بريطانيا ومن خلال رغبتها ودعمها للدول الراغبة في الإنفصال عن الدولة العثمانية، قامت بإرسال ضابطها الإنكليزي نوئيل إلى كوردستان، الذي قام بدوره آنذاك بالتواصل مع ورؤساء العشائر الكوردية وبعض الشخصيات التي لعبت دوراً في سياسات الدولة العثمانية وعرض عليهم الدعم البريطاني لفصل كوردستان عن الدولة العثمانية وقام بدعوتهم إلى مؤتمر الصلح لتقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية.
=KTML_Bold=مؤتمر الصلح 1918:=KTML_End=
حيث تم انعقاده في باريس وأمتدت أعماله من
18 كانون الثاني 1918 مستمراً لغاية 21 كانون الأول 1920
وقد شارك بالمؤتمر أكثر 30 دولة و وفود غير رسمية كالوفد الكوردي وكان جو المؤتمر ملوثا بتنافس القوى العظمى والدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وكان التنافس الإستعماري شديد ببن كلا من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا لتقسيم ممتلكات ألمانيا والدولة العثمانية الخاسرتان في الحرب، وصبت معظم قرارات المؤتمر لصالح كل من بريطانيا وفرنسا.
الكورد حاولوا من خلال هذا المؤتمر لتحقيق أمانيهم القومية بالإستقلال وبناء الدولة الكوردية معولين في ذلك على الوعود البريطانية لهم ومعتمدين على مبادئ الرئيس الأمريكي ولسون في حق الشعوب في تقرير مصيرها.
=KTML_Bold=الوفد الكوردي الذي شارك في المؤتمر:=KTML_End=
الوفد الكوردي كان مشاركا في المؤتمر بصفة غير رسمية حيث قامت الحركات والأحزاب الكوردية قبل الذهاب إلى مؤتمر الصلح بعقد مؤتمر كوردي لإنتخاب رئيسا للوفد المشارك، فأتفق كلاً من:
حزب إستقلال الكورد، الجمعية الكوردية، الحزب الديمقراطي الكوردي وجمعية تعالي وترقي كوردستان على تعيين الجنرال شريف باشا لرئاسة الوفد الكوردي وتألف الوفد من:
فخري عادل بك
عادل بك المارديني
صالح بك حسني مدير شؤون شريف باشا
غالب علي بك سكرتير شريف باشا
كما حاول الشيخ محمود الحفيد إرسال وفد خاص إلى باريس للألتحاق بشريف باشا، الأمر الذي لاقى معارضة بريطانية.
فقامت تركيا كعادتها بوضع العراقيل أمام الوفد الكوردي الذي بالرغم من صغره لعب دوراً هاماً وبارزاً في المؤتمر، فقام شريف باشا بالإتصال بممثلي الدول المشاركة في المؤتمر، وقام بشرح القضية الكوردية لهم. كما كانت هناك لقاءات مكثفة مع ممثل بريطانيا وتم عليه عرضاً بوضع كوردستان تحت الإنتداب البريطاني، كما تم التنسيق مع الوفد الأرمني الذي شارك في المؤتمر بوفدين أحدهما برئاسة أواديس أوهانيسيان رئيس وفد الجمهورية الأرمنية، والثاني برئاسة الوزير بوغوص نوبار باشا الوزير المصري السابق الذي كان يمثل المقاطعات الأرمنية في الأراضي العثمانية.
وفي 29.02.1919 تم الحديث لأول مرة عن كوردستان والقضية الكوردية في المؤتمر، حيث طالب ممثل الوفد البريطاني بفصل كلاً من أرمينيا وسوريا وميزوبوتاميا و كوردستان وفلسطين وشبه الجزيرة العربية عن الامبراطورية العثمانية فصلاً تاماً ودعت بريطانيا إلى إعادة تقسيم كوردستان كالآتي:
إعطاء أجزائها الجنوبية لبريطانيا، والجنوبية الغربية لفرنسا، والغربية والشمالية للولايات المتحدة الأمريكية، وإبقاء كوردستان الشرقية على شكل مقاطعة في إيران.
مواقف الدول العظمى من القضية الكوردية آنذاك :
لأهمية الموقع الجغرافي لكوردستان وتواجدها في قلب الشرق الأوسط وإعتبارها البوابة لمناطق الخليج ومنابع النفط العربية والفارسية ولأكتشاف كميات كبيرة من النفط فيها، الأمر الذي دفع البريطانيين بالإهتمام بالقضية الكوردية.
أما الفرنسيين فكانت سياستهم تتركز على السيطرة الأقتصادية والمالية على الدولة العثمانية، والرغبة في بسط سيطرتها على شرق المتوسط وخاصة كانت لها أطماع ومصالح في سوريا ولبنان. فقام الفرنسيين بإرسال بعثات تبشيرية وفتحت المدارس الفرنسية وإقامت المشاريع الإقتصادية في كوردستان وذلك لكسب المحور الكوردي إلى جانبها.
أما الوفد التركي المنبثق عن الدولة العثمانية المستسلمة بموجب هدنة مودرس 1918 برئاسة الداماد فريد باشا حاول منع مناقشة وتداول القضية الكوردية في المؤتمر.
الوفد الإيراني كان أيضاً رافضاً رفضاً قاطعاً بتداول ومشاركة الوفد الكوردي في المؤتمر.
فلم يبقى أمام شريف باشا سوى التنسيق مع الوفد الأرمني برئاسة الوزير بوغوص نوبار باشا الذي كان يمثل المقاطعات الأرمنية في الأراضي التركية، وقام الوفدين الكوردي الأرمني بإصدار بيان مشترك لاقى تفاعلاً أيجابياً من الوفود المشاركة في المؤتمر، وهذا هو نص البيان:
إننا بالاتفاق التام معاً نناشد مؤتمر السلام منحنا السلطة الشرعية وفق مبادئ القوميات، لكل من أرمينيا المتحدة والمستقلة وكوردستان المستقلة، بمساعدة إحدى الدول الكبرى، ونؤكد اتفاقنا التام بإحترام الحقوق المشروعة للأقليات في كلا الدولتين)).
” التوقيع ”
بوغوص نوبار رئيس الوفد الأرمني
شريف باشا رئيس الوفد الكوردي
أما دور الولايات المتحدة آنذاك كان ضعيفاً ومعارضا لسياسات بريطانيا وفرنسا في الإنتداب على أرمينيا و جزء من كوردستان وكانت الولايات المتحدة مؤمنة في حق الشعوب في تقرير مصيرها، ودعت إلى إنشاء عصبة الأمم ولكن عندما هزم الحزب الديمقراطي في الإنتخابات الأمريكية وأنتهت ولاية الرئيس ولسون أضطرت الولايات المتحدة إلى الإنسحاب من المؤتمر.
فبعد الإنسحاب الأمريكي وتشابك المصالح البريطانية والفرنسية، أسرعت الدولتان بإصدار القرارات ووضع الإتفاقيات لتقاسم الأراضي العثمانية فيما بينها، وقامت بريطانيا برفض العرض الفرنسي في تقسيم كوردستان بين فرنسا وبريطانيا، كما
رفضت السيطرة التركية على كوردستان وتركت للكورد الأمر في تشكيل دولة كوردية واحدة.
فتوصلوا في سان ريمو في 24 تموز 1920 إلى إتفاق مبدئي على تقاسم التركة العثمانية والإعتراف بالإنتداب البريطاني على العراق وفلسطين والإنتداب الفرنسي على سورية ولبنان، وبذلك تم التمهيد لإتفاقية سيفر.
=KTML_Bold=معاهدة سيفر 10 آب 1920=KTML_End=
تتألف هذه الإتفاقية من 13 باباً و 433 بنداً، قام بإعدادها خمسة لجان خاصة منبثقة من مؤتمر الصلح في باريس.
سميت بمعاهدة سيفر نسبة إلى مدينة سيفر الفرنسية القريبة من باريس، وتم التوقيع عليها من قبل إنكلترا، فرنسا وإيطاليا واليابان وبلجيكا واليونان ورومانيا وبولونيا والبرتغال وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا والحجاز وأرمينيا من جهة، والإمبراطورية العثمانية الخاسرة للحرب من جهة أخرى.
أحتلت القضية الكوردية مكاناً بارزاً في معاهدة سيفر إذ خصص القسم الثالث من الباب الثالث من المعاهدة لمعالجة المسألة الكوردية وحمل هذا القسم عنوان كردستان ويتألف من المواد 64,63,62 التي هدفت إلى انشاء دولة كوردية مستقلة في تركيا، يمكن أن ينضم إليها أكراد كوردستان العراق ولاية الموصل إذا رغبوا في ذلك.
الفصل الرابع من الإتفاقية كان يهدف إلى حماية الأقليات، الأمر الذي تطرقت إليه المعاهدة أكثر من مرة خلال مناقشة المسألة الأرمنية ومسألة الأقليات الاخرى داخل تركيا.
والفصل السادس الذي حمل عنوان أرمينيا ، والفصل السابع الذي حمل عنوان سوريا، ميزوبوتاميا، فلسطين وتضمنت البنود الخاصة بالكورد كما يلي:
=KTML_Bold=البند 62:=KTML_End=
تقوم لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء معينين من قبل الحكومات البريطانية و الفرنسية والايطالية مركزها إسطنبول , خلال ستة أشهر من تاريخ تنفيذ مفعول هذه المعاهدة، بإعداد مشروع حكم ذاتي محلي للمناطق التي يشكل فيها الأكراد الأكثرية والتي تقع إلى الشرق من الفرات وإلى الجنوب من الحدود الجنوبية لأرمينيا، كما تحدد فيما بعد، وإلى الشمال من الحدود التركية مع سوريا وميزوبوتاميا بشكل متوافق مع الوصف الوارد في ’’3,2,11’’ من البند السابع و العشرين من المعاهدة ، وفي حالة حدوث اختلاف في الرأي حول موضوع ما، يعرض الاختلاف من قبل أعضاء اللجنة على حكوماتهم المعنية ويجب أن تتضمن هذه الخطة الضمانات التامة لحماية الآشوريين – الكلدان وغيرهم من الأقليات العنصرية أو الدينية الداخلة في هذه المناطق.
ومن أجل هذا الغرض تقوم لجنة مؤلفة من ممثلين
( بريطاني، فرنسي و ايطالي و إيراني و كردي ) بزيارة الأماكن لدراسة التغيرات التي يجب اجراؤها، عند الحاجة في الحدود التركية حيثما تلتقي بالحدود الإيرانية، ولتقريرها، بحكم قرارات هذه المعاهدة .
=KTML_Bold=البند 63 :=KTML_End=
تتعهد الحكومة التركية من الآن بالاعتراف بقرارات اللجنتين المذكورتين في البند 62 والقيام بتنفيذها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ ابلاغها بها .
=KTML_Bold=البند 64 :=KTML_End=
إذا راجع الأكراد القاطنون في المناطق الواردة ضمن البند 62، مجلس عصبة الأمم خلال سنة من نفاذ هذه المعاهدة، مبينين أن أكثرية سكان هذه المناطق يرغبون في الإستقلال عن تركيا .واذا وجد المجلس آنذاك أن هؤلاء جديرون بمثل ذلك الاستقلال واذا أوصى المجلس بمنحهم إياه، فإن تركيا تتعهد من الآن أن تراعي تلك الوصية، فتتخلى عن كل مالها من حقوق وحجج قانونية في هذه المناطق، وتصبح تفاصيل هذا التنازل موضوع اتفاق خاص بين الدول الحليفة الرئيسة و تركيا.
وإذا وقع مثل هذا التخلي، وفي الوقت الذي يحدث فيه، فان الدول الحليفة الرئيسة لن تضع أي عراقيل بوجه الإنضمام الاختياري للأكراد القاطنين في ذلك الجزء من كوردستان الذي مازال حتى الآن ضمن ولاية الموصل، إلى هذه الدولة الكوردية المستقلة.
رغم هذه الوعود بضمان حقوق الكورد حتى الإستقلال، إلا أن كل الدلائل كانت تشير إلى أن الحلفاء لم يكونوا جادين في تنفيذ بنود المعاهدة بالقوة، إذ لم تصادق عليها من بين جميع الدول الموقعة عليها سوى ايطاليا، نتيجة تغير موازين القوى وتعزيز موقع الكماليين في أنقرة الذين لم يعترفوا بحكومة فريد باشا التي وقعت على معاهدة سيفر، وخارجياً بفضل إقامة علاقات وطيدة مع الاتحاد السوفيتي، وبرامج الأتراك معاهدة موسكو « معاهدة الأخوة والصداقة » مع روسيا الاتحادية في 1921-03-16، التي تضمنت التعاون المشترك بين البلدين، وتقديم الدعم المادي والعسكري لتركيا، بالإضافة إلى إعادة ترسيم الحدود بين البلدين واقتسام بعض الأراضي.
أدى ذلك إلى تغيير موقف الدول الغربية من تركياعلى الصعيد الكوردي.
بينما عززت اتفاقية سيفر الآمال بإنشاء دولة كوردية مستقلة، وعندما تأكد الكورد بأن حكومة كمال اتاتورك لا تعترف بهذه المعاهدة، وترفض منح الكورد اي حق من حقوقهم (حتى الحكم الذاتي) تحرك الزعماء الكورد لتنفيذ المعاهدة على أرض الواقع.
فقام خالد بك جبري بالتعاون مع عبد القادر النهري وعبد الرحمن حكاري و يوسف زيا بنشاط واسع وعملوا من أجل تطبيق ما جاء في معاهدة سيفر، فأرسلت جمعية إنبعاث كردستان عدة مذكرات لعصبة الأمم لتنفيذ ما ورد في معاهدة سيفر.
وتم ارسال برقية إلى مجلس الأمة التركي للمطالبة بدولة كوردية في ولايات: ( ديار بكر، العزيز، وان، بتليس ) كما ورد في معاهدة سيفر، وإلا سيضطر الكورد إلى إنتزاع هذا الحق بقوة السلاح.
وسعت حكومة أنقرة لشق الصف الكوردي والإدعاء بأن الحكومة تدرس مطالب الكورد، وأنها ستتخذ قرارات لصالح الكورد. ردا على ذلك اندلعت الثورة الكوردية عام 1921 التي شملت مناطق واسعة من كوردستان، تم اخمادها بوحشية.[1]