أشواق حجي، فتاة كوردية إزيدية، اختطفت على يد تنظيم الدولة الإسلامية داعش، مع الآلاف من الكورديات الإزيديات في صيف عام 2014، وتعرضت للمتاجرة بين مسلحي التنظيم الذين لم يتوانوا عن التناوب على الاعتداء عليها، قبل أن يتم تحريرها، لكن مأساة أشواق لم تنتهِ عند هذا الحد، لأن شبح داعش لاحقها في ألمانيا أيضاً، بعد لقائها مع مختطفها أبو همام الذي قال إنه يمتلك معلومات كاملة عنها، ما أجبرها على أن تعود أدراجها إلى إقليم كوردستان.
أشواق حجي، فتاة كوردية إزيدية، اختطفت على يد تنظيم الدولة الإسلامية داعش، مع الآلاف من الكورديات الإزيديات في صيف عام 2014، وتعرضت للمتاجرة بين مسلحي التنظيم الذين لم يتوانوا عن التناوب على الاعتداء عليها، قبل أن يتم تحريرها، لكن مأساة أشواق لم تنتهِ عند هذا الحد، لأن شبح داعش لاحقها في ألمانيا أيضاً، بعد لقائها مع مختطفها أبو همام الذي قال إنه يمتلك معلومات كاملة عنها، ما أجبرها على أن تعود أدراجها إلى إقليم كوردستان.
وفي هذه المقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، تكشف أشواق 19 عاماً تفاصيل جديدة عن قصتها المأساوية مع داعش في الوطن والمهجر، مشيرةً إلى أنها تفضل الانتحار على مجرد تصور احتمال تعرضها للخطف مرة أخرى على يد داعش، وفيما يلي نص المقابلة:
رووداو: أين التقيتِ بأبو همام عندما كان لا يزال في صفوف داعش؟
أشواق حجي: أشكركم جداً، في 3 آب 2014 اختطف 77 شخصاً من عائلتي على يد داعش، ولا يزال مصير أغلبهم مجهولاً، حيث نقلنا مسلحو التنظيم إلى سوريا، وبقينا هناك لمدة أسبوع برفقة الكثير من العوائل الإزيدية، وبعد أسبوع أعادونا إلى العراق، ثم فصلوا الفتيات من عمر 8 سنوات فما فوق عن أهاليهن، ومن ثم باعوهن واغتصبوهن، وأنا أناشد المجتمع الدولي بالعمل على كشف مصير آلاف النساء والفتيات اللواتي ما زلن في قبضة تنظيم داعش.
رووداو: في أي عام تحديداً التقيتِ بأبو همام؟
أشواق: كان ذلك في عام 2014، حيث بقينا لحوالي أربعة أو خمسة أسابيع برفقة فتيات إزيديات أخريات، وبعد ذلك اشتراني أبو همام من البعاج واصطحبني معه إلى منطقة رمبوسي، وبقيتُ معه لثلاثة أشهر كاملة.
رووداو: قلتِ إن أبو همام قام بشرائك مقابل 100 دولار من شخص آخر، من كان ذلك الشخص؟
أشواق: ذلك الشخص اسمه، محمد العراقي.
رووداو: ما المنطقة التي ينحدر منها أبو همام؟
أشواق: هو من بغداد، واسمه الحقيقي، محمد رشيد، وأنا واثقة من أن نصف أفراد أسرته يعيش في بغداد، والنصف الآخر في ألمانيا، ونحن نواجه الخطر حتى في العراق، كما أنني شاهدت ذلك الشخص في ألمانيا.
رووداو: أين كان يقع منزل أبو همام حينما قام بشرائك؟
أشواق: بعد أن اشتراني في البعاج، اصطحبني إلى منطقة رمبوسي مباشرةً، كما كان يأخذني معه خلال تنقلاته، سواء إلى سوريا أو البعاج أو الموصل، لقد كان يصطحبني معه إلى جميع المناطق التي كان يتنقل بينها، وكان يتخذني درعاً له، وقد بقيت معه 3 أشهر كاملة في منطقة رمبوسي، حيث كان أبو همام أميراً شرعياً، كما كان أحد المسؤولين عن الأسرى.
رووداو: متى انتقلتِ إلى ألمانيا؟
أشواق: لقد تحررت من قبضة تنظيم داعش بتاريخ 22 أكتوبر وبقيت لمدة 6 أشهر مع والدي وشقيقي، ومن ثم سافرت إلى ألمانيا عام 2015.
رووداو: كنت تتعلمين الألمانية، فلماذا عدت من ألمانيا، وهل هربت من هناك إلى إقليم كوردستان؟
أشواق: ألمانيا لم تقصر مع جميع اللاجئين، خصوصاً مع الإزيديين، حيث قدمت لهم الكثير، ولكن في عام 2016 التقيت بذلك الداعشي، والذي يبدو أنه كان يراقبني خلال تنقلي بين منزلي والسوق، وقد شعرت مرتين بأن هناك شخص ما يلاحقني، ولكنني لم أهتم بالأمر، ولم أكن أتوقع أن يكون هو ذلك الشخص، فمن غير المعقول أن يأتي داعش إلى ألمانيا، وعندما أخبرت والدتي بالقصة، قالت لي لا يوجد شيء كهذا في ألمانيا، وعليه استأنفت حياتي اليومية بشكل طبيعي، وفي عام 2018، وبينما كنت عائدة من المدرسة في تمام الساعة 12:00 ظهراً، جاء أبوهمام برفقة شخص آخر، وكانوا يستقلون سيارة بيضاء وقفت بجواري، ومن ثم خاطبني قائلاً: هل أستطيع أن أطرح عليكِ سؤالاً، حيث خاطبني بدايةً باللغة الألمانية، فقلت له تفضل، فسألني: هل أنتِ أشواق؟، فقلت له لا، أنا لستُ أشواق، وحين سألته عن هويته، خلع نظارته وقال: أنا أبو همام، وأعلم أنك أشواق، فقلت له لا أعرفك ولا أعرف أشواق، فقال لي: بلا، وأنت تعيشين في ألمانيا منذ عام 2015، وأعلم أين ومع من تعيشين، فلا تكذبي علي، لأنك أنت أشواق، لقد كان يعلم كل شيء عن حياتي في ألمانيا، ولم أكن أعلم أين أختبئ من شدة الخوف.
رووداو: في أي مدينة التقيتِ بأبو همام للمرة الثانية، وفي أي شهر؟
أشواق: التقيت به للمرة الثانية في شهر شباط/فبراير، وفي شتوتغارت أيضاً.
رووداو: لو تطلعينا على تفاصيل لقائك به في ألمانيا، وماذا كنت تفعلين حينها؟
أشواق: كنت منشغلة بهاتفي حين خرجت من العمل، حيث توجهت إلى السوبرماركت لشراء بعض الحاجيات، ومن ثم العودة إلى العمل، وعندما وصلت إلى الشارع تقدم نحوي بالسيارة ووقف بجانبي وكأنه كان يراقبني منذ الصباح ليعرف متى سأخرج من العمل.
رووداو: هل حاول خطفك بالسيارة، وكيف استطاع جمع كل هذه المعلومات عنكِ؟
أشواق: لا أعلم، وربما يكون هو قد تصور ذلك، ففي المرة الأولى التي لاحقني فيها، تعرف على مكان إقامتي، وفي المرة الثانية أراد أن يخبرني بأنه يعيش في ألمانيا، وربما كان سيختطفني لو التقى بي مجدداً، ولو أن ذلك حصل بالفعل، فإن الناس ما كانوا ليقولوا إنه هو من خطفني، بل كانوا سيقولون إنها تبلغ من العمر 18 عاماً وتعيش في ألمانيا بمنتهى الحرية، وإنها رافقته برضاها، وما كان أحد ليقول إن داعشياً جاء إلى ألمانيا وخطف هذه الفتاة، وأؤكد أن هناك المئات من الفتيات مثلي في ألمانيا، ويلتقون بمسلحي داعش، ولكن لا أحد يصغي إليهن.
رووداو: وكيف استطاع جمع كل هذه المعلومات عنكِ؟
أشواق: أنا أيضاً مستغربة من ذلك، فكيف استطاع جمع هذه المعلومات عن حياتي، وأنني في ألمانيا منذ 2015.
رووداو: هل هذا يعني أن عناصر داعش في أوروبا ما زالوا يمارسون عملهم السابق ويلاحقون الفتيات الكورديات الإزيديات؟
أشواق: الكثير من الفتيات موجودات في شتوتغارت، حيث انتقلنا إلى هذه المدينة بموجب برنامج للجوء، والكثير منهن التقين بخاطفيهن، لكنهن لا يتحدثن عن ذلك، إلا أنني حين التقيت بذلك الداعشي، تخليت عن ألمانيا كلها، وقررت أن أكون ضحية من أجل النساء والفتيات الإزيديات اللواتي حُررن من قبضة تنظيم داعش.
رووداو: قالت الشرطة الألمانية بمدينة بادن روتنبرغ في تغريدة على حسابها بتويتر في 13 آذار الماضي إنها أجبرت على إنهاء التحقيقات لتعذر التواصل معكِ بسبب عودتكِ إلى كوردستان، فهل حجة الشرطة صحيحة؟
أشواق: لا أعلم إن كان هذا صحيحاً أم لا، ولكنني لم أقصر من جهتي، حيث توجهت إلى مسؤولنا وإلى الشرطة ورفعت دعوى قلت فيها إن هذا الرجل اغتصبني وخطفني وهو الآن موجود في ألمانيا، وانتظرت لمدة شهر ونصف دون أن تفعل السلطات الألمانية شيئاً، ولم ينشروا دعوتي بل تكتموا عليها، فعدت إلى العراق.
رووداو: هل عدت من ألمانيا بسبب الخوف؟
أشواق: طبعاً، فلو أنه اختطفني هناك، فلن يصدق أحد أنني خُطفت، بل سيقولون إنها تعيش في ألمانيا بمنتهى الحرية، وإنها ذهبت برضاها.
رووداو: كيف كانت معاملة الشرطة الألمانية معكِ حين أخبرتهم بقصتك؟
أشواق: حين سردتُ لهم القصة، أخبروني بضرورة وجود أدلة، فأخبرتهم بأنه لا بد من وجود كاميرات في السوبر ماركت الذي تقابلنا أمامه، فقالوا حسناً، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً.
رووداو: هل تعنين أن الشرطة لم تكن جدية بخصوص اعتقاله؟
أشواق: لقد أخبروني بأنهم سيحاولون، ولن يقصروا، وأنا بدوري أخبرتهم عن صفات الرجل وهيئته، وهم من جهتهم قاموا برسمه، وتبين أنه الشخص ذاته، ومن ثم أعطوني رقماً للاتصال في حال تعرض لي مرة أخرى، ولكن لو التقيته مرة أخرى واختطفني أو قتلني، فكيف سأخبر الشرطة، ومن سيعرف الجهة التي اختطفتني؟.
رووداو: إذاً أنت تقولين إن الشرطة قصرت في مسألة اعتقاله؟
أشواق: هم قالوا إنهم سيبحثون عنه ويعتقلونه، وانتظرت لمدة شهر ونصف دون أن يفعلوا شيئاً، ولم يعيروني أي اهتمام، فعدتُ برفقة والدتي وشقيقي.
رووداو: أبو همام كان يقول إنه يعرف عائلتك ومكان إقامتك، فهل فكرت بكيفية حصوله على كل هذه المعلومات؟
أشواق: أنا أيضاً استغربت من ذلك، وتساءلت كثيراً عن كيفية حصوله على مكان إقامتي وعملي، ولكن حين قال لي إنه يعلم بأنني أعيش في الشارع الفلاني، عرفت أنه هو من كان يلاحقني في المرة الأولى، ولكنني لم أهتم بالموضوع لاعتقادي بأنه لا يمكن لداعشي أن يأتي إلى ألمانيا.
رووداو: من هنا، ما هي رسالتكِ إلى الشرطة ووزارة العدل الألمانيتين؟
أشواق: أطالب بالقبض على ذلك الرجل، وطرد كل عناصر داعش من ألمانيا، وأن يجدوا حلاً لمعاناة فتياتنا الإزيديات، فلو تعرضن للخطف، فمن سيعلم من الذي اختطفهن؟، وهناك الكثير منهن في ألمانيا وخاصة في مقاطعة شتوتغارت، ممن التقين بعناصر من داعش، وأنا جعلت من نفسي ضحية من أجل أولئك النساء والفتيات اللواتي حُررن من داعش، لإيصال صوتنا ومعاناتنا مع عناصر داعش الذين يلاحقوننا حتى في أوروبا ويحاولون اختطافنا.
رووداو: هل هناك ما تودين قوله لإنجيلا ميركل؟
أشواق: هناك أكثر من 3 آلاف إزيدي مختطف، ومنذ أربع سنوات لا نعرف عنهم شيئاً، من بينهم 41 شخصاً من عائلتي التي اختطف جميع أفرادها، نريد الكشف عن مصيرهم، وإيجاد حل لوضع النساء والفتيات الإزيديات، سواء في ألمانيا أو العراق أو في أي مكان آخر، وكذلك طرد عناصر داعش من ألمانيا، وإلا فإن الكثير من الفتيات سيهربن من ألمانيا، وسيعيث الدواعش فيها خراباً.
رووداو: ما هي رسالتكِ للاتحاد الأوروبي؟
أشواق: أطالب جميع المسؤولين وعلى كافة المستويات، وأصحاب القرار في كل مكان، بمعرفة مصير أكثر من 3 آلاف إلى 3 آلاف و600 أو 700 إزيدي، وكذلك إيجاد حل لوضع الفتيات اللواتي حُررن من قبضة داعش، وتجنب ملاقاة مسلحي داعش بعد كل العذاب والاغتصاب الذي تعرضن له على يد مسلحي داعش.
رووداو: هل تطالبين دول الاتحاد الأوروبي بعدم منح اللجوء لعناصر داعش لكي لا يشكلوا تهديداً للإزيديين ولباقي المواطنين؟
أشواق: طبعاً، فعناصر داعش الذين اغتصبوني واغتصبوا باقي الفتيات الإزيديات، يجب أن يعاقبوا، فلا زلت أذكر كيف اغتصبوا حتى الفتيات اللواتي لم تتجاوز أعمارهن 6 أعوام، وكانوا يشتروهن بعدة دولارات، ولن ننسى ذلك ما حيينا، ويجب أن تعلموا أن الفتيات اللواتي ما زلن في قبضة التنظيم، يعانين من أوضاع أسوء بكثير مما كنا عليه نحن، والانتحار أفضل لنا من الاختطاف على يد داعش مرة أخرى، وأتمنى أن توصلوا صوتي إلى العالم أجمع، فأنا لا أتحدث عن نفسي فقط، بل عن آلاف النساء والفتيات الإزيديات، سواء اللواتي تحررن من قبضة التنظيم، أو اللواتي ما زال مصيرهن مجهولاً.
رووداو: بماذا تطالبين حكومة إقليم كوردستان؟
أشواق: أطالب جميع الحكومات بمعرفة معلومات عن أهلنا المختطفين، ومعاقبة جميع الدواعش، سواء في الداخل والخارج، وكذلك إعادة المختطفين، وإلا فإن ألمانيا ستواجه مصير العراق، وكذلك لما حصل في سنجار حين اختطفونا وباعونا.
رووداو: قلتِ إن عائلة أبو همام موجودة في بغداد، فما هي مطالبكِ الموجهة للحكومة العراقية؟
أشواق: أن تعترف بالإبادة الجماعية للإزيديين، والقيام بشيء لأجلهم، فلا يمكننا العيش في العراق أيضاً، فمع وجود نصف أفراد أسرة أبو همام في بغداد، والنصف الآخر في ألمانيا، لا يمكننا البقاء هنا، ولا التوجه إلى ألمانيا.
رووداو: لمن تعود تلك الصور التي علقتها على حائط منزلك؟
أشواق: إنهم 41 فرداً من عائلتي، حيث أن 5 أشقاء وشقيقة، وعمَّين مع عائلتيهما، واثنين من عماتي مع عائلتيهما، صِهري، وأبناء عمومتي مع عوائلهم، جميعهم مختطفون ولا نعلم عنهم شيئاً منذ 4 أعوام، وأطالب المجتمع الدولي بتقديم العون للإزيديين، خصوصاً الذين ما زال مصيرهم مجهولاً، فإلى متى سننتظر؟، نريد أن نعرف إن كانوا أحياءً أم أموات.[1]