” ان الحقوق لا يتصدق بها اجد”
بلغته الأم وكلماته العفوية التي تدخل القلب دون استئذان, استطاع ان يجذب انتباه جماهير واسعة خاصة مع نشاطه الخطابي المعارض للسياسات القمعية والاستبدادية التي كان يُمارسها النظام السوري بحق الكرد خصوصاً والشعب السوري عموماً. إنه الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي .
ينحدر الشيخ الشهيد من عائلة معروفه بانتمائها للدين الاسلامي والطريقة النقشبندية التي كان الشيخ أحمد الخزنوي هو شيخها الاكبر وهو والد الشيخ معشوق والتي استقر بها المقام قرية تل معروف حيث ولد الشيخ سنة 1958, درس الابتدائية في القرية والاعدادية والثانوية العامة في قامشلو والتي حصل عليها عام 1977 ومن ثم اكمل دراسته في دمشق بمعهد طلاب العلوم الشرعية, توجه بعدها إلى السعودية حيث حصل على اجازة في العلوم الاسلامية من جامعة المدينة المنورة وعاد لسوريا حيث عمل اماما وخطيبا للعديد من الجوامع، حتى استقر به المقام في دمشق نائبا لرئيس مركز الدراسات الاسلامية محمد حبش.
الظلم, الاضطهاد, الاستبداد, العنف, الجهل, التخلف, القمع, كلها كانت تورق الشيخ الشهيد وهي تُمارس وبقسوة بحق الشعب الكردي من جانب النظام الأمني الحاكم في سوريا وهو ما دفع بالشيخ إلى ذكر هذه الامور في خطبه يوم الجمعة مما شكل نقمة عليه من جانب النظام. مع حدوث انتفاضة قامشلو في 12 اذار 2004 ازداد نشاطه الهادف إلى وقف هذا الظلم والقمع بحق شعبه وهو صاحب مقولة “الحقوق لا يتصدق بها أحد, إن الحقوق تؤُخذ بالقوة” وكذلك “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.
كثرت انتقادات الشيخ للنظام القمعي وتجاوزاته وهوما شكل عبأ على النظام الذي قرر التخلص منه, حيث تم خطفه من مكان اقامته في دمشق جانب وزارة الاوقاف السورية في الميسات بتاريخ العاشر من ايار 2005 وفي الاول من حزيران بعد مرور 20 يوما على هذا الاختطاف الذي انكرت السلطات معرفتها به, جاء اعلان جهة امنية تابعة للنظام بأنها قد وجدت جثة الشيخ في احدى المقابر في دير الزور. خرجت مظاهرات حاشدة في سائر المناطق التي يسكنها الكرد مطالبين بالكشف عن الجناة والتي لم يكن لدى الجماهير ادنى شك في ضلوع الاجهزة الامنية السورية في هذا الاختفاء القسري والاختطاف الغادر. ورد في تقرير لمنظمة (هيومن رايتس ووتش) عن اختفاء الشيخ ب “الغامضة” كون النظام السوري حتى يومنا هذا لم يعترف بجريمته النكراء.
يُذكر ان طبيباً رفض الكشف عن اسمه يعمل في مشفى تشرين العسكري ذكر ل”مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا” ضمن شهادته عن حادثة الاختطاف بالقول: ” بتاريخ 28 ايار 2005 نُقل اليهم معتقل برقم خاص كان الشيخ الخزنوي ومن ثم تم اخراجه بسرعة … واضاف غادر وهو على قيد الحياة رغم الحالة الصحية السيئة التي كان عليها”.
هذا يؤكد بما لا شك فيه أن الأجهزة الامنية للنظام هي من قامت بخطف الشيخ وتعذيبه ومن ثم قتله ودفنه في قبر بمنطقة دير الزور والهدف من ذلك ضرب عصفورين بحجر الأول التخلص من الشيخ الذي كانت شعبيته في تزايد لمواقفة الرافضة للقمع والاستبداد الامني والذي بات يهدد النظام وسلطته. والثانية التي كان الغرض منها تأجيج الصراع وخلق فتنة بين الكرد والعرب عموما وسكان دير الزور على وجه الخصوص خاصة بعد الاحداث المأساوية التي حدثت في 12 اذار 2004 في قامشلو والتي تحولت فيما بعد إلى انتفاضة عارمة شملت سائر مناطق روجافا وأماكن تواجد الكرد في دمشق وحلب وغيرها من المناطق السورية وحتى بعض المدن في اوروبا.
يتبين لنا فيما ذُكر أن النظام كان وراء اغتيال الشيخ الخزنوي وقبله العديد من الشخصيات الوطنية وبعده ايضا الكثير من المناضلين والمعارضين لسياساته التسلطية الاستبدادية. رحم الله شيخنا الجليل ونقول كما قال (ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة). [1]