مجلة زين والتهجير الكردي 1918-1919.
اهتمت مجلة زين التي أصدرتها جمعية تعالي كردستان في استانبول بدورها بنفس المدة خلال 1918-1919 باللغة والأدب والثقافة الكردية بشكل عام، وكان الطابع العام لهذه المجلة هي الصفة الأدبية، ولكن هذا لم يمنعها من التطرق إلى المشاكل التي كان يعاني منها الكرد في تلك المدة، ولعل أبرزها - كما هو معلوم هي مسألة المهاجرين الكرد الذين تركوا مدنهم وقراهم نتيجة لأحداث الحرب العالمية وهجروا تحديدا من ولايات ارضروم و وان، وبدليس إلى وسط الأناضول وغربها. بل كانت مقالات مجلة زين ذوات عاطفة جياشة تجاه هؤلاء المهاجرون الكرد الذين وصلوا الى مستويات تهدد بقاء الأمة الكردية، وأكثر عنفاً تجاه المسؤولين العثمانيين الذين لم يألوا جهدا في معالجة هذه المسألة، فضلا عن ذلك فإن هذه المجلة قد انفردت بذكر إحصائية هي الأولى من نوعها عن عدد المهاجرين الكرد الذين كانوا منتشرين في جميع مناطق وسط الأناضول وغربها مع بيان مناطقهم الأصلية التي كانوا قد هجروا منها. كتب عبد الرحيم رحمي هكاري مقالة في العدد الثامن من زين الصادر بتاريخ 22-01-1919 بعنوان (ما هو حال المهاجرين الكرد ؟) وقد امتازت مقالته بمشاعر عاطفية نابعة عن حزن شديد تجاه هؤلاء المهاجرين الكرد، وبتوجيه نقد شديد للمنظمات الخيرية والصحف المحلية والأجنبية، التي لم تعمل لحد تلك اللحظة أي شيء يُذكر لتحسين الظروف المعيشية لهؤلاء الناس، ولا ينقلون حتى مأساتهم إلى العالم وكأنها لم تكن.
يأتي هكاري في بداية مقالته بقصة حقيقية عن تلك الفاجعة التي حلت بالشعب الكردي، أرسلها لها واحد من أهالي هكاري، جاء فيها : ... بقي فقط من أقربائي خورشيد وإحسان ومحمد بكلار، وهم في صحة جيدة يرسلون تحياتهم. أما شقيقي إحسان بك فكان قد عاد إلى الديار من اليوم الأول ولا أعرف أخباره. وتوفي رسول بك وقادر بك. وذكر شقيقه عثمان بك أمام رئيس عشيرة أورمار سوتو أغا ... بأنه لم يبق أي فرد من جماعة سعيد بك. وتوفي الخادم الصغير لعبيداه بك. على العموم بقي حوالي عشرة أفراد فقط من أهالي قريتنا . وبمناسبة حلول فصل الشتاء سوف لا نستطيع العودة إلى الديار فسنبقى مجبرين للمكوث هنا حين حلول فصل الربيع ...
تنتهي القصة هنا ولكن يستمر هكاري بالتعقيب عليها: لكل من يريد مديد العون للناس المتضررة.. أنتم كنتم دائما تبحثون عن الحقيقة، وتقومون بتشكيل الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر والصليب الأحمر وتريدون مساعدة المتضررين في مصائبهم أريد التحدث عن أمر واحد فقط أنتم تقومون بمساعدة أولئك الناس الذين تعرضوا للويلات والذين يستطيعون إيصال اصواتهم اليكم ! لماذا لا تقومون بالبحث عن هؤلاء الأشخاص الذين تضرروا ، ولا يستطيعون إيصال أصواتهم اليكم ؟ أو أنتم لا تملكون معلومات عن هؤلاء المتضررين؟ يمضي بقوله: منذ مدة طويلة كانت الجرائد والمجلات مملوءة بالأخبار عن المهاجرين الروم يقصد اليونانيين والأرمن. أين ذهب أصحاب تلك القلوب الرحيمة؟ أم إنهم يتحدثون عن اتجاه واحد..
فقط. لكنهم في هذه الحالة ينسون شعبا كاملا قد تأثر هو أيضا بتلك الأحداث، أو يريدون نسيانه عن قصد. فدائماً ما تقومون بمساعدة بعض الناس وتنسون بعضاً آخر، أوليس القصد هنا مساعد الإنسانية كلها ؟ لماذا يتم نسيان هؤلاء المظلومين الآخرين ؟ وبعد أن يأتي هكاري بشعر عن الحالة الكردية يقول: يجب مشاركة هؤلاء الأمهم وجراحهم ومداواتهم، يجب أن يُعطى هؤلاء حقهم من جراء المصائب التي حلت بهم، وهذا الأمر اللائق بشرف التمدن والتحضر.
أيها السادة محررو الصحف المحترمين أريد أن أعرض عليكم فقرة صغيرة بكلمات دقيقة من الرسالة التي وصلتني من أقاربي قبل ثلاثة ايام بتأريخ 19 تشرين الأول 334 ( أي بتاريخ : 01-11-1918. أولاً أريد أن أعرف لكم صاحب الرسالة. هو من سلالة هارون الرشيد والمأمون العباسي الذين حكموا العالم الإسلامي لمدة أربعمائة سنة وانتهت خلافتهم بعد العمل الذي قام به هولاكو قام هؤلاء بعد ذلك باللجوء إلى الكرد ولحين عام 1847. كان هؤلاء قد حكموا مناطق جوليمرك، وباش قلعة وبنوا المئات من المدارس والمساجد، والجسور، وكل ذلك كان تحت اسم سلالة هكاري إذن صاحب الرسالة هو منسوب إلى السلالة العباسية وهو الحاج طيار بك زادة محمد بك وصافي بك وهم قادرون على إثبات نسبهم إلى تلك السلالة. [1][2]