#هاشم علي مندي# :اتمنى ان اعود الى موطني ومسقط رأسي “كردستان” مثل كل الطيور التي مهما ابتعدت وطال امد هجرتها مآلها العودة من حيث اتت.
اجرى الحوار:بدل رفو
بلاد وسحر وابداع ووجع انساني وذكريات لعوالم في الذاكرة لا تمحى ،ابتدأت بقرية نيروه في كوردستان وطافت ازقة كركوك وعشقت مسارحه والتمثيل وحلم يوم جديد ليتفجر الابداع في الوزيرية وبالاخص في اكاديمية الفنون الجميلة ويحلق صوب الصالحية ليكون مغرداً في الاذاعة الكوردية وتنطلق الرحلة صوب افاق ليالي الانس في فيننا والى اروقة الامم المتحدة ليس كدبلوماسي بل صوت يسمعه الشرق في اذاعة بي بي سي وتستمر الرحلة ..
انه هاشم علي مندي ذلك العاشق الكوردي ابداً لناسه واهله وحنينه وحبه وضمن حواراتنا مع المبدعين الكورد والذين توغلوا الى العمق الانساني العالمي وحافظوا على هويتهم الحقيقية وكان هذا الحوار:
س:نبدا الحديث من قرية(نيروه)اين مكانتها في خارطة حياتك وهل تحملها معك عبر محطات الغربة وماذا قدمت لها؟
– مسقط رأسي، قرية “نيروه” التي قضيت فيها الستة أشهر الأولى بعد ولادتي وبضعة أيام بعد نحو 20 عاما، موقعها متميز في ذاكرتي لكثرة ما روياه لي والداي عنها وطفولتهما هناك، وما قرأت عنها لاحقا في كتب التاريخ بدء من طاهر المائي مرورا بطه باقر ووصولا الى عباس العزاوي حول القرية والقلعة التي تضمها التي تحظى بأهمية بالغة في التاريخ فهي شهدت انطلاقة العديد من الثورات والحركات منها مثل محاولة تحرير بغداد بعد سقوطها على يد هولاكو من خلال حركة الأمير بهاء الدين حفيد المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين، واعتقد ان اسمي وأسم والدي اشتقا من نسبهم “الهاشمي” الشريف ، كما انها كانت منطلقا لثورتي أيلول بقيادة الخالد الملا مصطفى البرزاني وثورة نيسان بقيادة الرئيس مسعود البرزاني لتحرير كردستان، كما ان القرية قدمت أول شهيد لحركة التحرر الكردية الاولى بداية القرن الماضي هو عمي الشهيد محمد هيشتي النيروه يي الذي اعدم مع الشيخ عبد السلام البرزاني عام 1914 في الموصل. والقرية فيها جذور أبائي وأجدادي وشجرة جوز تحمل أسم جدي “دار غويزا مندي” تفيأت بها سويعات، كما ان فيها حقلا يعرف باسمه حتى الآن (زه فيا مندي). لم اقدم شيئا لقريتي التي دمرها نظام صدام ضمن 4000 قرية لانها كانت ولا تزال منذ نحو نصف قرن منطقة عسكرية على الحدود مع تركيا.
س:كركوك نقطة البداية لعشق المسرح بالاضافة بانك كنت احد المؤسسين لفرقة الفنون الشعبية ،فما زالت الفرقة موجودة وكنت وقتها تقدم مزيجا للتعايش التركماني والكوردي وألا تفكر بان تطلقها عالميا من خلال مكانتك في الغرب؟
– كركوك هي فعلا بداية كل شئ بالنسبة لي، نشأتي وترعرعي، فتوتي وشبابي وفيها بدأت معظم أحلامي التي تحقق بعض منها واحتاج الى أعمار عدة كي أحقق الباقي لكن الخير في الاخرين. من كركوك استقي قيمي ومعايري الإنسانية في قبول الاخر وتفضيله على نفسي احيانا كي أضمن السلم الأهلي، ومن اجله تعلمت اللغات الثلاثة العربية والكردية والتركمانية كي أتجنب شر المتعصبين منهم وهذا يما يفعله معظم الكروكيين وهي نعمة، ومن اجله استحقت كركوك تسمية “العراق المصغر” و “قلب كردستان”.
فعلا كانت فرقة الفنون الشعبية التي أسسناها نهاية الستينيات وقدمنا أول عروضنا على مسرح سينما صلاح الدين عند بداية افتتاحها ومن بعد عبر تلفزيون كركوك التي كانت قد أنشئت لتوها، كانت من التجارب الواعدة في توحيد الجهود وتحقيق المصالحة والتكامل الثقافي ساعدتنا في ذلك شخصيات وطنية عدة من كل الأطياف، ويمكن لحكومة إقليم كردستان ان تحيي هذه الفرقة لتقدم أعمالها عالميا نظر لأن تراث كركوك الثقافي في الفن الشعبي يشمل الثقافات الثلاث الكردية والتركمانية والعربية ويمكن لمثل هذه الفرقة ان تقدم عروضها على مسارح العالم كما كانت تفعل الفرقة القومية للفنون الشعبية في السبعينيات من القرن الماضي. كما ساهمت في انشاء فرق تمثيل ولعبت ادوار بطولة في عدد منها أذكر منها “رسالة الى الله” تأليف تحسين شعبان وإخراج سلمان فائق و”الناقوس” تأليف نصرت مردان وإخراج أنور محمد رمضان و “معركة الكرامة” اعداد وإخراج تحسين علي شعبان، وهم من كل المكونات الرئيسية في المدينة.
س:عملت مذيعاً ناجحا حسب شهادات الاصدقاء وباللهجتين في الاذاعة الكوردية فما هي مميزات المذيع الناجح برايك وهل انت مقتنع عن نفسك لتلك المرحلة؟ وكيف يمكن صناعة مذيع ناجح؟
– بدأت حياتي الإعلامية من القسم الكردي في اذاعة بغداد وكنت المذيع الأول والوحيد الذي جمع بين اللهجتين في الأداء لإجادتي لهما الى حد صعوبة التمييز الى أي منهما أنتمي فعلا وواصلت ذلك في تلفزيون كركوك من بغداد من خلال إنتاج برامج مثل ” شانو وشانوكه ري- المسرح والمسرحية” و جيهاني هونه ر – عالم الفن”. مميزات المذيع الناجح عديدة ابرزها المعلومات العامة والقدرة على الأداء. كنت أكثر من مقتنع عن نفسي في تلك المرحلة لأننا جميعا العاملين في قطاع الاعلام الكردي في عهد النظام السابق كنا نعمل في ظل ظروف غير طبيعية ونحاول أن نخدم الثقافة الكردية وإذكاء الروح القومية والاعتزاز بالنفس والهوية بكل ما أوتينا من قوة ونتعرض بسبب ذلك الى مساءلات ومحاسبات إدارية انضباطية مثل وقف العلاوة و الترفيع وقطع الراتب والحرمان من المخصصات والنقل والفصل وحتى الاختطاف والقتل. اما صناعة المذيع الناجح، هي فعلا صناعة تستدعي سنوات من الخبرة وقبل ذلك الموهبة وحب المهنة، والتحلي بالاخلاق الكريمة وأبرزها التواضع.
س:في السبعينيات وباشراف الثقافة الكوردية قدمت برنامجاً ثقافيا فنيا كورديا لتلفزيون بغداد فهل كان طموحك يتوقف في تلك المرحلة وانت المتفوق بامتياز في الدراسة على هكذا برنامج؟
– في الحقيقة قدمت اكثر من برنامج في تلك المرحلة وأبرزها برنامج ” المسرح والمسرحية- شانو وشانوكه ري” مع زميلي وصديقي الأخ احمد محمد علي ومن ثم برنامج “عالم الفن- جيهاني هونه ر” . لكن طموحي لم يتوقف عندهما بل ترأست قسم الدراما الإذاعية وتمكنت من تطويره بحيث بدأنا إنتاج المسلسلات الطويلة التي بلغت 30 حلقة بعد ان كانت أطول المسلسلات لم تتعد 3 حلقات قبل ذلك، كما أنشأنا فرق تمثيل دائمة من طلاب معهد وأكاديمية الفنون الجميلة والقسم الكردي في كلية الآداب وحولنا العديد من القصص والملاحم الكردية الى دراما إذاعية. كما واصلت الكتابة في منشورات الثقافة الكردية كلما تسنى لي ذلك لكنني كنت في الوقت نفسه أعمل في اذاعة بغداد الأم باللغة العربية وقد كنت أول مذيع كردي والوحيد الذي جمع بين العمل باللغتين الكردية والعربية في آن واحد وايضا بين اللهجتين البهدينانية والسورانية في تاريخ الاذاعتين. وكان وقتي موزعا بين الدراسة والعمل ولم يتوقف نشاطي المسرحي في الأكاديمية طوال الاعوام الاربعة شاركت في تمثيل واخراج اعمال عالمية عدة اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : مكبث لشكسبير والحضيض لمكسيم غوركي والسندباد لشوقي خميس والرهان لتشيخوف وثمن الحرية لعمانوئيل روبلس والجرة المحطمة لباتيست بوكلان ومس جوليا لاوغيست ستيرينرغ.
س:هجرتك الى النمسا هل كانت طموحاً او هروباً من واقع مولم او البحث عن الحرية؟
– هجرتي الى النمسا كانت بسبب كل تلك العوامل مجتمعة، فقد كان لي طموح بإكمال دراستي العليا حتى ولو في العراق لكن النظام حصر هذا الحق على مؤيديه ومناصريه وأعضائه للقبول في الدراسات العليا في الداخل التي كانت قد بدأت لتوها، فلم اُقبلْ، عدا ان ظروف العمل ساءت أكثر فأكثر حيث تعرضت والكثير من زملائي في الاعلام الى عقوبات لشك النظام في ولائنا له بسبب عدم الانضمام لصفوفه فتعرضنا الى عقوبة جماعية بالنقل نهاية السبعينيات، كما ان انفراد رئيس النظام السابق بالحكم في انقلابه المعروف عام 1979 وتصعيده للهجته مع النظام الجديد الحاكم في ايران وحادثتي الجامعة المستنصرية وتشييع الضحايا بعد ايام قد أثار المخاوف من توريط النظام للبلاد في حرب فقررت المغادرة للالتحاق بالدراسة في جامعة فيينا التي حصلت منها على قبول، وفعلا اندلعت الحرب بعد نحو 6 أشهر من مغادرتي للبلاد، وايضا بحثا عن الحرية، ومن الطرائف المرعبة أن أطروحتي للتخرج من أكاديمية الفنون الجميلة فرع الإخراج كانت مسرحية “ثمن الحرية” لعمانوئيل روبلس وقد تعرضت الى مضايقات بسببها حتى يوم العرض، وجاءتني تهديدات حتى بالتصفية لكن يبدو أنها كانت من أفراد وليس من المؤسسات المعنية، غير ان الخوف ظل رفيقي حتى في المنفى الاختياري بعد الرحيل والهجرة.
س:عملت في الاذاعة الكوردية في بغداد قبل 4 عقود والان بعد هذه العقود كيف ترى المذيع الكوردي؟وكيف ترى ثقافة المذيع الكوردي في الحوارات والبرامج المباشرة في القنوات التلفزيونية؟
– كان من المفترض ان يكون هناك فرق كبير في عمل المذيع الان وفي ذلك الوقت، لكن لكون معظم ان لم نقل جميع وسائل الاعلام الحالية في كردستان المرئية والمسموعة والمقروءة هي مملوكة أما للحكومة او للأحزاب سواء الحاكمة او المعارضة فانه ليس هناك اختلاف كبير بينهما. بل بالعكس كنا نحقق بعض الانجازات في حينه لأننا كنا نلتف على مقص الرقيب لإيصال فكرة او رسالة او معلومة وكنا كمن ينحت في ماء، وكنا احيانا مثل سيزيف نتعب على عمل ونوصله للقمة ليعاد بما الى اسفل الجبال بجرة قلم او مزاج الرقيب. اما الان فليس هنالك ما يوجب إيصاله بدعوى الحرية المتاحة وبالتالي يتحول الامر الى سرد يومي لخطاب متخشب في هذا الاتجاه او ذاك، لكون الإعلام الرسمي او شبه الرسمي الحزبي يخضع لرقابة حقيقية او وهمية وهي الأخطر لأن الرقابة الذاتية أقسى وأشد. ان مساحة الحرية وسقفها هما اللذان يضمنان تفوق المذيع ونجوميته لذا لا نرى في كردستان مذيعين متميزين رغم ان الاعلام الكردي تحرر من سلطة النظام السابق الا انه لم يحصل على الحرية التي يحتاجها بعد ذلك وظل رسميا يخضع لنفس القواعد من الممنوعات والمحظورات وشن حملات دعائية او مضادة لصالح هذا الطرف او ذاك ما يضر بالمصداقية ويشوه الصورة ويعطل قدرات المذيع والإعلامي ويمنعه من الانطلاق نحو آفاق أرحب في بناء الشخصية. واتابع تطور الاعلام من موقعي الان كمحرر مسؤول في اذاعة العراق الحر – اذاعة اوربا الحرة ، اذاعة الحرية وهي مؤسسة اميركية عالمية عريقة الاحظ اهتمام القيادة السياسية في كردستان بتشجيع ظهور مشاريع اعلامية مستقلة يمكن لها ان تكون قريبا من هذا الحزب او ذاك لكن ان تعمل بمهنية عالية وموضوعية رصينة مثلمت هو معمول به في بلدان الغرب واعرق الديمقراطيات لا ان تكون لسان حال الحكومة او تلك الاحزاب الناطق او نشرتها الداخلية فالصحف الكبرى والقنوات المتلفزة والاذاعات المعروفة في الغرب قريبة من هذا الحزب او التيار او ذاك لكن دون دعاية بل بحرية مطلقة وتسمح بالرأي الاخر وصوت الاخر وبنفس القدر او ربما اكثر بعد اخضاعه للنقد والتمحيص. وسائل الاعلام تصنع الرأي العام لذا لابد ان تعمل بمهنية عالية. وعلمت ان السيد رئيس الوزراء نيجريفان البرزاني يدعم بنفسه استقلال الاعلام حتى الرسمي والحزبي ويشجع القطاع الخاص على خوض غمار الاعلام المستقل لايمانه بانه سيساهم في تاسيس الدعامة الرئيسية في بنيان كردستان الا وهي دعامة الانسان الى جانب دعامة النظام الديمقراطي والاقتصاد والامن .
س: في السبعينيات حملت الثقافة الكوردية من نيروة وكركوك الى بغداد وكنت مخرجاً اذاعيا للتمثيليات الكوردية واليوم لا ارى البعد الثقافي الكوردي في نشاطاتكم؟
– فعلا بعد مغادرتي الى الشتات ورغم مواصلتي للدراسة المسرحية في جامعة فيينا الا إنني لم أمارس أي نشاط فني وثقافي ذات بعد كوردي لغياب مثل هذا النشاط عموما في الخارج وتفرغي للاعلام العربي سواء المرئي او المسموع او المقروء. لكني أرى أن الثقافة والفن ملكية فكرية إنسانية يكفي ان تنشط في واحد منها لتكون مساهما ناشطا في جميعها. وعملي الاعلامي كمراسل كان مكثفا بدأته بصحيفتي الجزيرة والرياض السعوديتين وواصلته مع البي بي سي ومعظم وكالات الأنباء العربية في بلدان الخليج وأسسنا قسما باللغة العربية في اذاعة النمسا العالمية وكنت عضوا مؤسسا لجمعية الصحافيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في مقرها الثاني في فيينا وعضو في جمعية الصحافيين الأجانب في النمسا وجمعية الصحافيين العالمية في بروكسيل. وكنت من اوائل العاملين في اذاعة العراق الحر بداية إنشاءها نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
س:هل تحن وتشتاق للعمل ثانية مع اصدقائك القدامى (ابراهيم سلمان،جمال برواري ،فرهاد شريف،احمد محمد علي،محمد سليم سواري،سعيد زنكنة)؟
– بالتأكيد وأنا على صلة دائمة مع عدد منهم حتى الان واذكر منهم الأخ إبراهيم سلمان في هولندا والأخ محمد سليم سواري في الولايات المتحدة وهما ناشطان في مجالهما الإبداعي، كما ازور الأخ احمد محمد علي اسكندر في مجلس محافظة دهوك حين أكون في كردستان وأتابع أخبار الأخوان جمال سليمان برواري وعبد الله حسين سعد الله وبهاء جلال وهاشم جباري ومحمود المفتي وناصر حسن وآخرين كثيرين، ومن أصدقائي القدامى في اذاعة وتلفزيون بغداد الذين اشتاق لسماع أخبارهم وأتمنى ان نعمل معا ثانية اذكر الاساتذة بهجت عبدالواحد وعبدالكريم الجبوري وسعد البزاز وصباح الربيعي وخالد العيداني وأمل المدرس وغلاديس يوسف وغيرهم من الأعلام من المذيعين.
س:كتب عنك احد الاعلاميين بانك طائر حر تغرد في قناة الحرة..فماذا يحمل هذا الطائر الذي احببناه لشعبه ولثقافته الانسانية والى متى سيحلق عاليا؟الم تحين الفرصة ليحط في كوردستان ويعلم الشباب عن تجربته عبر عقود؟؟
– فعلا أشعر بنفسي طائرا حرا بانطلاقي من المحلية المغرقة في كركوك بغداد الى العالمية الرحبة في فيينا ولندن وواشنطن وفرجينيا وهي مسيرة طويلة وشاقة لم أكن لأستطيع أن اقطعها لولا دعم أسرتي (أهلي وعائلتي) وأسرتي الكبيرة الأسرة الإعلامية، وأذكر هنا فضل والدي ووالدتي عليّ في تربيتي وتعليمي وتوجيهي وأسرتي الثانية متمثلة بزوجتي وأولادي، ومن الأسرة الإعلامية لا بد لي ان اذكر دور الأخ سعد البزاز والمرحوم محمد مبارك والأخ ناصر حسن والأخ أنس الشقفة في فيينا وحسن معوض وسامي حداد وفيصل القاسم في لندن والأخ كامران قره داغي في براغ، والأخ سالم مشكور ومحمد علي الحيدري وموفق حرب ودانيال ناصيف في واشنطن وفرجينيا وآخرين كثيرين يضيق بهم المكان هنا لكن مكانهم محفوظ في القلب والذاكرة.أما عن العودة الى البلاد فانه كما يقول الشاعر “وكم من منزل يألفه الفتى،وحنينه أبدا لأول منزل” فقد حان الوقت للعودة والمساهمة قدر الإمكان في التأسيس لإعلام مستقل لكن لابد من توفير الظروف الكاملة لها والمتمثلة بالإرادة الحقيقية والتشريعات القانونية اللازمة والإمكانات المالية والبشرية اللازمة، وارى بوادر هذا التوجه في إقليم كردستان في عدد من المشاريع الإعلامية أرجو ان يكتب لها النجاح في مقدمتها “رووداو”، ولابد للقطاع الخاص ان ينهض بهذه المهمة بدعم حكومي من حيث التشريعات وتوفير البنى التحتية والاغراءات المالية كونها استثمار مزدوج انساني واقتصادي ، كما يمكن المساهمة في انشاء مركز للبحوث والدراسات الإعلامية لتغذية وسائل الاعلام بالدراسات والتحليلات اللازمة المتخصصة او معهد لإعداد الإعلاميين في التخصصات كافة لرفد وسائل الاعلام بالكوادر.
س:هل واجهت نقدا لاذعا او تهجماً من ضيوفك في الحرة عبر حواراتك وما مدى دبلوماسية المذيع في الحوارات ان تكون؟
– لم اواجه في قناة الحرة بمواقف محرجة تذكر سواء كان نقدا لاذعا او تهجما لكن واجهت الكثير منها في مؤسسات اخرى لو ذكرتها كلها لاحتجت لمساحة اوسع لكن لابد من ان يتحلى المذيع بسرعة البديهة والدبلوماسية الشديدة لانقاذه نفسه والمواقف. والحوارات الاعلامية فن لايجيده اي كان انما يحتاج المرء للنجاح فيه عناصر المذيع بشكل اعمق وادق ومتابعة مستمرة للشؤون العامة.
س:هل انت راض عن قنواتنا الكوردية وهي خليط ما بين الاخبار والوثائقية والاغاني وبالاحرى ليس لها خط واضح؟
– في الحقيقة لايمكن ان يرضى احد منا عنها بسبب عدم تخصصها والمباشرة في خطابها الاعلامي وعدم اتباع المهنية في التعامل مع الخبر وما وراءه والمعلومة ودقتها وحرصها على ان تكون معبرة عن جهة سياسية ما ورأي خاص وليس عن الرأي العام لذا انقسم المتلقي تبعا لذلك ولايسمح لنفسه بالاطلاع على الوسيلة التي تعبر عن وجهة النظر الثانية كي لايتعرض للنقد وربما التشكيك في ولائه لذا لاتكتمل الصورة لديه. وهذا واقع الحال في عموم العراق لكن كان بالامكان ان يكون افضل ما كان في كردستان التي تتميز عن باقي مناطق العراق بكل اشكال التنمية الاخرى، وتنمية وعي الانسان والمجتمع اهم بكثير .
س:الاعلامية جنار علي مندي كتبت لي بانه رغم البعد والفراق الا انه كنت موجودا بين ظهرانيهم ويا ترى هل كنت السبب وحبهم الكبير لك جعل افراد عائلتك يتجهون للاعلام؟
– فعلا رغم الهجرة والاغتراب الا انني حاولت ان ابقى قريبا من اهلي وبين ظهرانيهم وحبهم هو زادي واكون سعيدا لو انني كنت السبب في توجههم للاعلام لكني لم اجبر احدا منهم على ذلك انما هم كانوا يتمتعون برغبة العمل في هذا المجال والتخصص فيه والبروز، واقصد هنا شقيقتي سميرة وجنار وكذلك شقيقاي فرهاد وفريد احبا الاعلام ويمارسنه في اهتماماتهما السياسية لان العلاقة وطيدة بين السياسة والاعلام.واهتم اولادي ايضا بالصحافة باستثناء ابنتي البكر د. هيفي طبيبة ، اما هيرو فهي اعلامية وعملت سنوات في البرلمان النمساوي في القسم الاعلامي وتحولت الان الى السياسة وهي نشطة في الحزب الاشتراكي النمساوي اما ابني سامي فقد بدأ دراسة الصحافة في فرجينيا وهو يتخصص حاليا في النمسا في مجال التصوير الصحفي.
س:برايك هل تلعب القرابة دورا لعمل الاعلاميين في الموسسات الثقافية والفنية؟
– المفروض ان لا تكون القرابة هي المعيار في ذلك بل الكفاءة والقدرة، ولان مهنة الاعلام لا تختلف عن بقية المهن في توجه اكثر من فرد واحد من العائلة نحوها ان يجتمعوا في مؤسسة واحدة وفي وقت واحد هذا يحصل في الطب والهندسة والزراعة والصناعة وغيرها من المؤسسات.
س:مسرح كركوك،مسرح الاكاديمية في بغداد،ستوديو الاذاعة الكوردية وقناة الحرة واذاعة العراق الحر !!ألى اين بعد واين تتجه ايها المندي الطائر؟
– اتمنى ان اعود الى موطني ومسقط رأسي “كردستان” مثل كل الطيور التي مهما ابتعدت وطال امد هجرتها مآلها العودة من حيث اتت.
س:كلمة اخيرة
اشكرك اخي الاعلامي والاديب بدل على اتاحة هذه الفرصة لي للتحدث وايصال صوتي انا الاخر.[1]