#صباح كنجي#
عويل الذئاب .. رواية جديدة ل#زهدي الداوودي# .. يستكمل فيها متابعة الزمن العراقي .. تحولاته الاجتماعية والسياسية .. في مرحلة لاحقة لما بعد ثلاثية وادي كفران ( اول عام .. زمن الهروب .. تحولات) .. التي شهدت صراعات اجنحة حزب البعث والعسكر .. تحديداً فترة التوجه لبناء الدولة الأمنية البوليسية ، وتفشي مظاهر العنف والتشدد والقمع بداية السبعينات من القرن الماضي ، وما رافقها من اجراءات وخفايا وأسرار ومؤامرات لشخصيات تتمحور صراعاتهم وعلاقاتهم في توجههم ورغبتهم للسيطرة والاستحواذ على مقاليد الحزب والدولة ، وترسيخ نهج القسوة والعنف في دولة الرعب والموت ، بعد جولة تصفيات دموية ودسائس داخلية ، افضت لسطوة المساعد خلف ابو سيف / صدام .. الذي استحكم بالسلطة بعد ازاحة رئيسه مرزوق العلواني / البكر ..
بالاعتماد على حثالة وقتلة مجرمين في زُمَرْ لعصابات شكلت قوام وقاعدة المؤسسة الأمنية السرية التي خططت لنشر الرعب والموت في العاصمة وبقية المحافظات.. بدأت بتصفيات طالت القادة والكوادر المشكوك في ولائهم لنهج خلف ابو سيف وجموحه ورغبته للوصول الى الموقع الاول في الدولة والحزب. للإسراع في إركاع وتطويع المجتمع المقهور والمشتت .. المصدوم باستفحال ظاهرة الاغتيالات المنظمة..
أعقبها تأسيس وتكوين جيش قوي يتفق مع ميول ونهج خلف العدوانية ، التي بدأت في الاعلان عن نفسها بسلسلة مؤامرات ودسائس مركبة اثناء وجود مرزوق العلواني في احدى دول البلقان بمساعدة من مدير الأمن في مؤسسة المافيا .. ترافقت بحملة تصفيات في الجيش والمجتمع والدولة مهدت الطريق لعزل وتنحي مرزوق العلواني وتسلم خلف ابو سيف الرئاسة ليباشر بإعلان العدوان على سجستان / ايران واحتلال دولة المرجان / الكويت ، ناهيك عن موجات الاجرام التي طالت شرائح المجتمع والمعارضين والمتواجدين في مدستان / كردستان ..
انها سيرة نظام دكتاتوري قمعي برؤية فنية راقية .. تجسدت في ثيمة النص الروائي لعويل الذئاب .. على امتداد مائتان صفحة مشحونة بالتوتر والتحفز اعادت صياغة الواقع العراقي بتفاصيله المفزعة .. المخيفة .. لتروي حكايات تنقل القارئ بلهفة من دهليز لآخر ليكتشف تفاصيلا عن سلسلة مؤامرات بين خلف ومرزوق والسفاحين المحيطين بهم .. من رجال السلطة ونزعاتهم العدوانية المدمرة التي تعكس ضحالة تكوينهم الاجتماعي والثقافي وزيف تعلقهم بالدين بحكم انحدارهم البدوي ومحدودية مفاهيمهم العنصرية التي لا تستوعب وتفهم من السلطة الا الوجه الدموي المدمر .. المفزع للناس .. سلطة تنتجُ العنف بشكل منهجي .. تمارس الاجرام المنظم .. لتنشر الرعب في المجتمع بغية ديمومة سيطرتها وتسهيل امر انصياع الناس لأوامرها لزجهم في الحروب والغزوات المتلاحقة ..
هذه السياسة التي اشكلت على خلف ابو سيف ومن معه في اللاحق من زمن سطوتهم ، لتعيدهم لميدان مواجهة جديدة مع قوى اقليمية ودولية ، كانت نتيجتها اختفاء الجيش العرمرم .. دخول خلف في جحر جرذٍ .. بعد زوال سلطته لفترة مؤقتة قبل أن يُسلم منفوش الريش من صاحب الوكر وعضيده في مسيرة الاجرام ، لمن دفع له ثمناً بعد أن تحول الدكتاتور السفاح الى بضاعة تأرجحت في حبل مشنقة ..
ليكشفَ ويكتشف الناس بعدهُ المزيد من مخلفات نظامه ، التي بدأ بها زهدي روايته بمدخل قوي ومؤثر يؤشر للمقابر الجماعية .. ذهول الناس .. طوابير البشر الباحثين عن ضحاياهم في حيرة لا تؤدي الا الى المزيد من التشتت وزيادة الألم مقترنة بوجود غير فاعل لمؤسسات الامم المتحدة المساهمة في الكشف عن محتوى تلك المقابر ..
ليس هذا كل ما خلفه خلف ونظامه القمعي .. بل هناك من ما زال يسعى لإعادة دورة العنف من زبانيته وجيل من المستبدين الجدد .. ممن كرسوا مفهوم سطوة الدين الذين اعادوا أو عاد خلف ابو السيف معهم للوجود إماماً وخطيباً في جامع السلاطين بلحية وجلباب رجل الدين ..
بهذه الرؤية يختتم زهدي روايته مطلقاً نداء في عويل الذئاب .. للتحذير من حالة التزاوج بين مخلفات خلف وسلطة رجال الدين المنتجة للمزيد من الخراب والعويل .. عويل الذئاب .. النداء .. الشفرة .. التي تطلق للاستعداد لمهاجمة وافتراس ما يعتقد انه الخصم في زمن الاستبداد .. استبداد ناجم من شبكة علاقة تخفي تواطؤ رأس المال والسلطة وبشاعة مسيرة الدكتاتور .. صعوده .. قسوته .. مؤامراته .. انتقامه .. نذالة .. جبنه .. خسته .. شذوذه .. نهايته .. هذه النهاية .. نهاية خلف ابو سيف .. النهاية الشكلية .. عودته بجلباب رجل الدين .. تؤكد ان المفاهيم .. المورثة للتسلط .. المنتجة للاستبداد .. المفاهيم التي تعيد خلف ابو سيف هي التي يجب ان تقبر وتزال من الوجود .. لكي لا تعيد طاحونة الزمن شبيه خلف وزبانيته من جديد ..
رواية تقول .. من خلال التنقيب في حقبة البعث .. في لحظة التكالب على المواقع الاولى .. في الدولة المختزلة الى حجم ومقاس الدكتاتور .. المستندة لشبكة العلاقات القبلية المتخلفة وصلة القربى ..
إنّ التغيير يبدأ بالمعرفة .. اعادة صياغة المفاهيم .. اعادة بناء الانسان .. هذا هو البديل ل عويل الذئاب المرعب..
عويل الذئاب رواية لزهدي الداوودي الطبعة الاولى سنة 2013 دار آراس للطباعة والنشر اربيل اقليم كردستان.[1]