=KTML_Bold=مخيم الهول حاضن فكر داعش والخطر المحدق في المستقبل -5-=KTML_End=
قامشلو/ دعاء يوسف
حفظ الأمن في المخيم
تقوم الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في مسعها الكبير والهام بحفظ الأمن والسلام داخل مخيم الهول من خلال قواتها المتواجدة في أنحاء المخيم، وفي جهدها إلى ذلك قامت بالعديد من الحملات الأمنية، مع تزايد الخطر المحدق في المخيم، لأنها القوة الوحيدة المعنية بحفظ الأمن، وتوفير الأمان داخل المخيم، وبين مسؤول الإدارة العامة لقوى الأمن الداخلي “علي الحسن” أنهم يسعون إلى استقرار الأمن والأمان داخل مخيم الهول.
تشكل المخيمات، التي تحتضن أُسر مرتزقة داعش في مخيمي “الهول، وروج”، وبشكل خاص مخيم الهول، الهاجس الأكبر، والقَلِق لكثير من المخاوف عند أهالي شمال وشرق سوريا، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وذلك لغض طرف المجتمع الدولي، والتغاضي عن إجراء محاكمة عادلة لقاطني المخيم، ورفض الدول إجلاء رعاياها من المخيم ممن اعتقلوا وانضموا إلى صفوف داعش.
وتكمن خطورة هذا المخيم في المنطقة، ودول الجوار والعالم، بكثرة أسر داعش من السوريين، والعراقيين، والأجانب المحتجزين داخل المخيم، وهم الأكثر تطرفا وانتماء لفكر داعش، وهم ممن وصلوا إلى المخيم من منطقة الباغوز 2019م، تزامنا مع نجاح قوات سوريا الديمقراطية في القضاء على آخر معاقل مرتزقة داعش في شمال وشرق سوريا ضمن حملة عاصفة الجزيرة.
أفعال إجرامية داخل المخيم
فيما تعمل القوات الأمنية القائمة على حماية وحراسة المخيم في الاستقرار الأمني في المخيم، فهي القوة الوحيدة، التي يقع على عاتقها استقرار وضع المخيم الأمني، في الوقت الذي، تستدير فيه الدول بظهرها عما يحدث في المخيم، والامتناع عن استلام رعاياها من المحتجزين، أو المشاركة في حفظ أمن المخيم.
وتقوم قوى الأمن الداخلي، وقوات سوريا الديمقراطية إلى جانب وحدات حماية المرأة في حفظ أمن المخيم، وإرساء الاستقرار والسلام فيه، وحتى نقف على حقيقة الأمر داخل المخيم، وكي نتعرف عن قرب عما يدور داخل المخيم؛ أجرت صحيفتنا “روناهي” لقاء مع مسؤول الإدارة العامة لقوى الأمن الداخلي “علي الحسن“، والذي أفادنا بالجوانب الأمنية في المخيم: “لا يخفى على أحد خطورة احتجاز قرابة 49 ألف نسمة من عوائل داعش في مكان واحد، وسط التحديات الكبيرة، والتهديد المستمر لتركيا باجتياح مناطقنا، وهذا ما يجعل خلايا داعش في المنطقة تنشط داخل المخيم وخارجه، ومحاولتها مهاجمة المخيم كما حدث في المرات السابقة”.
فيما تسعى قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية إلى ضمان سلامة قاطني المخيم، وخلق ظروف أمنية إنسانية لهم، وكما يعلم الجميع أن المخيم يحوي منتمي أخطر تنظيم في العالم، ويقطنه قرابة 49 ألف شخص ممن ينتمون إلى 60 دولة، غالبيتهم العظمى من أسر عناصر داعش، إضافة إلى العديد من عناصر مرتزقة داعش الإرهابي، الذين تسللوا إلى مخيم الهول كمدنيين، بهدف العمل ضمن المخيم، وتنظيم أنفسهم مرة أخرى، وخلق بيئة مناسبة لهم لاستمرار إرهابهم، الذي وصل إلى دول العالم، وقاموا بتنفيذ عمليات إعدام لمن يخالفون أوامرهم داخل المخيم.
وعن الصعوبات، التي تواجه قوى الأمن الداخلي لتأدية واجبها في مخيم الهول، قال الحسن: “يوجد عدد كبير من قاطني مخيم الهول، وهذا العدد الكبير يحتاج الى دعم كبير من أجل السيطرة بشكل كامل على المخيم، في وقت نعاني فيه نقصاً في المعدات التكنولوجية مثل الكاميرات، وغيرها التي يمكن أن تغطي هذه المساحة الكبيرة داخل المخيم بالدرجة الأولى، وخارج حدود المخيم بالدرجة الثانية، لتأمين الحماية اللازمة لقاطني المخيم”.
وتم الكشف في الحملات، التي قامت بها قوى الأمن الداخلي في المخيم بدعم من قوات سوريا الديمقراطية، والتحالف الدولي، عن وجود مراكز تدريب للأطفال على الفكر المتطرف، وكذلك تدريبهم على استخدام السلاح، ويجد الحسن أن هذه المراكز تعدُّ الأكثر خطورة، وبيّن ذلك: “هي الخطوة الأولى لتنشئة ودمار جيل متطرف من داعش، لمستقبل 30 ألف طفل ضمن المخيم”.
وقد حصلت العديد من الجرائم بحق المدنيين القاطنين ضمن المخيم، والذين رفضوا أفكار داعش، فتتم مهاجمتهم، والتنكيل بهم، وتعذيبهم، وبعدها تتم تصفيتهم، توضع جثثهم بأقنية الصرف الصحي في سبيل التخلص منها.
وتسبّبت أسر مرتزقة داعش في المخيم بأضرار كبيرة للنازحين السوريين، واللاجئين العراقيين، نظرًا للأيديولوجية التي تحملها، حيث وقعت 24 حالة قتل، و11 محاولة قتل، و506 حالات حرق خيم، و700 محاولة فرار، خلال عام 2019م، حسب إحصائيات إدارة المخيم.
وحسب المصدر نفسه عن الإحصائيات، لعام 2020، فقد وقعت 49 حالة قتل، بحق رجال ونساء من النازحين واللاجئين في المخيم، ونساء مرتزقة داعش الأجانب، ليكون العدد الإجمالي من تلك الحالات 73 حالة قتل، إضافة إلى ذلك فمنذ بداية العام الجاري وإلى نهاية شهر شباط، رُصدت 37 حالة قتل.
وفي 2021 وصل عدد جرائم القتل إلى 48 جريمة، وقد قل العدد في عام 2022 فكانت الاحصائية 44 جريمة بحق المدنيين، وكان آخرها عملية قتل طفلتين مصريتين، ورمي جثمانهما في الصرف الصحي، فيما بينت إدارية مخيم الهول، أن وضع المخيم بعد العملية الأمنية الأخيرة مستقر، وقد خفّت عمليات الطعن، والقتل، والنهب داخل المخيم.
حملات أمنية للحد من نشاط داعش في المخيم
في الثامن والعشرين من شهر آذار عام 2021، أطلقت قوى الأمن الداخلي، وقوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية المرأة، ووحدات حماية الشعب المرحلة الأولى من حملة “الإنسانية والأمن” في مخيم الهول، والتي استمرت خمسة أيام، وذلك بعد نشاط خلايا داعش النائمة فيه، في مسعى من القوى لإرساء الأمن والاستقرار للمخيم.
وقد شارك في هذه الحملة أكثر من خمسة آلاف مقاتل، حملوا على عاتقهم تنفيذ هذه المهمة الخطرة، وقد تم إلقاء القبض على 125 عنصرًا من عناصر خلايا داعش النائمة، منهم 30 عنصراً مسؤولون عن الخلايا، والاغتيالات، التي حدثت في المخيم، كما تم العثور على مستلزمات عسكرية أثناء حملة التفتيش، إضافة إلى دارات إلكترونية تستخدم في تحضير العبوات الناسفة
واستمرت الحملة في مرحلتها الثانية في الخامس والعشرين من آب عام 2022م، لملاحقة خلايا مرتزقة داعش، واستمرت الحملة 24 يوماً حققت فيها العديد من النتائج الملموسة.
وقد أقامت قوى الأمن الداخلي هذه الحملة على إثر ازدياد عمليات القتل، والتعذيب، التي نفذتها مرتزقة داعش بحق قاطني مخيم الهول، فتم خلال الحملة اعتقال 226 شخصاً، من بينهم 36 امرأة متشددة شاركن في جرائم القتل، والترهيب، والكشف عن 25 خندقاً ونفقاً، وتم مصادرة ثلاثة أسلحة من نوع 47-AK، وقطعة سلاح قاذف RPG مع حشوتين.
بالإضافة إلى مصادرة مسدسين، و25 قنبلة يدوية، و25 كغ من المواد المتفجرة TNT، و11 قطعة سلاح تستخدم كاتماً للصوت، و388 طلقة AK-47، وعشرة مخازن للسلاح AK-47، وتسع جعب عسكرية، كما تم مصادرة قطعة ملابس عسكرية للجيش التركي، والعديد من الأسلحة الحادة مثل: السكاكين، والخناجر، والهراوات، وغيرها من أدوات التعذيب، والكثير من أجهزة الاتصالات.
كما أنقذت وحدات حماية المرأة أربع نساء كّن مقيدات بالسلاسل، ويتعرضن لتعذيب وحشي من نساء داعش، وتم خلال الحملة أيضاً تحرير نساء إيزيديات، كانت المرتزقة قد اختطفتهن، عندما هاجموا شنكال بإقليم كردستان، وقد أنقذت وحدات حماية المرأة فتاتين من الإيزيديات من قبضة نساء داعش المتشددات، ونقلتهما إلى بيئة آمنة، حيث وصل عدد النساء، والأطفال الإيزيديين، الذين تم تخليصهم من المخيم خلال أربعة أعوام إلى أكثر من 200 شخص إيزيدي.
كما أعادت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وإدارة مخيم الهول، إحصاء تسجيل بيانات النساء، والأطفال القاطنين في قسم المهاجرات، بأخذ القيود، والمعلومات الشخصية لكل عائلة، وعدد أفراد الأسرة، ضمن مسح شامل، ودقيق تزامن مع حملة التفتيش الأمنية، التي نفذتها وحدات الأمن الداخلي، وقوات سوريا الديمقراطية بالتنسيق، وبدعم من قوات التحالف الدولي، استهدفت القطاعات، وخيم فيز الأجانب، وجاء هذا الإجراء بهدف ضبط الأمن، ومنع وقوع أعمال إرهابية في المخيم، بالإضافة إلى كشف الدخلاء، الذين يتواجدون داخل المخيم.
وقد أطلعنا مسؤول الإدارة العامة لقوى الأمن الداخلي “علي الحسن” عن دور الحملات الإنسانية، التي تقوم بها قوى الأمن بمشاركة قوات أخرى للحد من الجرائم الحاصلة في مخيم الهول: “لقد ساهمت حملة الإنسانية والأمن بشكل كبير بضبط الوضع الأمني ضمن مخيم الهول، وكان هذا الشيء ملموساً وواضحاً في الأشهر، التي تلت الحملات، وكما تم ضبط عدد كبير من أعضاء الخلايا، التي عملت على زعزعة الاستقرار والأمان ضمن المخيم”.
وهذا ما أكدته إدارية مخيم الهول جيهان: “إن المخيم يعد قنبلة توشك على الانفجار، لكن بالرغم من إرساء الأمن داخل المخيم، فقد تحدث بعض الحالات وتكون خارج إرادتنا، مثل حدوث حالة قتل واحدة هذا العام وحدوث حالات طعن، وضرب، وحرق لمراكز المنظمات داخل المخيم، بالإضافة إلى السرقة، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، والعثور على أنفاق تكون لتهريب الأشخاص، ودخول السلاح للمخيم، ما يشكل تخوفا كبيرا من تنظيم داعش لصفوفه وإحياء الخلايا النائمة، التي تنشط بين فترة وأخرى، ولولا قيام قوات الأمن الداخلي بهذه الحملة الأمنية لحدثت مواجهة عسكرية داخل المخيم”.
كما تطرق الحسن إلى الأدوات والأسلحة واللباس خلال عمليات البحث والمداهمة، ما يدل على تحضيرات خطيرة بقوم بها المعتقلون داخل المخيم: ” فتم العثور على عدد من الأسلحة الفردية، وكذلك الأسلحة البيضاء، وأدوات التعذيب، التي استخدموها ضمن أعمالهم الإجرامية، وكذلك تم ضبط عدد من الألبسة العسكرية، ومن ضمنها الألبسة العسكرية التركية، وعثرنا على عدد من الألغام الأرضية، والقنابل اليدوية، التي خُبئت في خنادق، مارس فيها داعش أعماله الاجرامية، وبعد عمليات التحقيق التي جرت مع المعتقلين اعترفوا بأنهم كانوا ينسقون مع خلايا خارج المخيم، والتي بدورها تنسق مع أمراء ضمن مناطق درع الفرات الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي”.
أمن المخيم والسيطرة عليه مسؤولية الجميع
وفي ظل الصمت الدولي وامتناع الدول عن إجلاء رعاياها من أسر داعش، وازدياد خطورة المخيم، تسعى القوى الأمنية في المخيم إلى اتخاذ تدابير أمنية صارمة، وذلك من خلال تنفيذ عمليات أمنية وتمشيط واسعة النطاق في المخيم، وأيضاً في المنطقة، وزيادة الرقابة والتفتيش على مداخل المخيم، والآليات التي تدخل يومياً إلى المخيم، وعلى كل من يقوم بدخول المخيم سواء منظمات أو غيرها.
إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية، فالخلايا النائمة في مخيم الهول تعيد تنظيم صفوفها، وأن الهدوء الحذر على المخيم في الفترة الأخيرة يشبه هدوء ما قبل العاصفة، فيما تقوم قوات الإدارة الذاتية بتحمل كامل المسؤولية على المخيم، دون معدات أمنية تستطيع أن تغطي المساحة الجغرافية الواسعة للمخيم.
فيما دعا الحسن الدول التي لديها رعايا في المخيم لنقلهم إلى أراضيهم، وعدم تركهم عرضة للاستغلال، والتجنيد من مرتزقة داعش، وطالبت الأطراف الدولية المعنية رؤية العلاقة التشاركية بين أجهزة الاستخبارات التركية، وخلايا المرتزقة داخل وخارج المخيم، واختتم مسؤول الإدارة العامة لقوى الأمن الداخلي علي الحسن حديثه: “في الحقيقة ومن خلال مؤتمرات صحفية دعت الإدارة الذاتية، وقوات سوريا الديمقراطية، وقوى الأمن الداخلي الدول التي لها رعايا ضمن المخيم بالمبادرة لاستلامهم وتخفيف العبء عن الإدارة الذاتية، وكذلك أن موضوع مخيم الهول يجب أن يكون مسؤولية الجميع؛ لأنه إذا فُقدت السيطرة على مخيم الهول سيشكل خطراً كبيراً على مستوى المنطقة، والعالم، وليس فقط في شمال وشرق سوريا”.[1]