الدين اليارساني والكفاح من أجل البقاء
مهدي كاكه يي
الحوار المتمدن-العدد: 6044 - 2018-11-04 - 13:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في البداية أحب أن أتناول التبشير في الدين اليارساني. لم يصبح هذا الدين ديناً تبشيرياً بسبب كونه دين الأقلية، حيث يتعرض معتنقوه للقتل والإرهاب والإضطهاد إذا ما قاموا بالتبشير لدينهم. ولهذا السبب تمّت إضافة نصوصِ الى الكتاب الديني اليارساني (سرنجام) تنص على عدم جواز إعتناق الدين اليزداني من قِبل أشخاص غير يارسانيين وذلك لينغلق هذا الدين وينعزل معتنقوه لكي لا تنكشف أسرار دينهم خوفاً على حياتهم وتجنباً للإضطهاد الديني. كما أنّ التبشير يعني الدعوة لإنضمام معتنقي أديانٍ أخرى الى الدين الذي يتم التبشير له، بينما معتنقو الدين اليارساني لا يُبشّرون بِدينهم، بل يمكن أن يتمّ قبول إعتناق الأشخاص الذين يرغبون بأن يصبحوا يارسانيين بإرادتهم ورغبتهم.
أودّ هنا أن أقول لليارسانيين بشكلٍ خاص ولجميع بنات وأبناء الشعب الكوردي بِشكلٍ عام، بأنّه إذا تمّ التستّر على الدين اليارساني وغلق أبوابه على الراغبين في إعتناقه ولم يتم الإعتراف به من قِبل حكومة جنوب كوردستان والحكومة العراقية، فمِن المتوقع أن يختفي الدين اليارساني في إقليم جنوب كوردستان والعراق وينقرض خلال فترة قد تمتد من 20 الى 30 سنة. في الوقت الحاضر، قد تصل نسبة اليارسانيين المنسلخين من دينهم الى حوالي 50%، بالإضافة الى الإنسلاخ الفكري والعاطفي لِأعدادٍ كبيرة من اليارسانيين المتبقّين والمتمسكين بِدينهم الى الآن، حيث أنهم متأثرون بالدين الإسلامي وطقوسه.
إنّ الدين اليارساني هو دين كوردي عريق، وأنّ معتنقو هذا الدين، قاموا بالحفاظ عليه عبر التاريخ وقدّموا في سبيله تضحيات كبيرة من أرواح وممتلكات وتحمّلوا الإهانات والإرهاب الجسدي والنفسي. الدين اليارساني هو جزءٌ مُهّمٌ من التاريخ والأدب والشعر والتراث الكوردي والعقيدة والثقافة واللغة الكوردية، حيث أنّ ثقافته ولغته وعقيدته وتاريخه وتراثه وفنونه هي جزء من الثقافة والعقيدة والتراث والتاريخ والفنون الكوردية الأصيلة. لذلك لا يقتصر واجب الحفاظ على هذا الدين الكوردي ومنع إنقراضه على اليارسانيين فقط، بل هو مسؤولية جميع بنات وأبناء كوردستان، بمختلف طوائفه وأديانه.
أُهيب باليارسانيين أن يتحركوا لِترتيب بيتهم وتنظيم أنفسهم والإبتعاد عن التشرذم والتفرقة وإهمال القضايا والإختلافات الهامشية والثانوية وتغليب المصلحة الدينية والوطنية على المصلحة الشخصية، لِترسيخ الهوية اليارسانية وإعتراف العالم بها وتمتّع معتنقوه بكافة حقوقهم الدينية، إسوةً بِأصحاب الديانات الأخرى وللحفاظ على الكنوز اللغوية والثقافية والفلسفية الكوردية التي يحتفظ بها هذا الدين. كما أدعو الكوردستانيين جميعاً لِدعم ومساندة اليارسانيين في نضالهم لِحماية دينهم الذي يُشكّل حلقةً مُهمّةً من حلقات الفلسفة والتاريخ والأدب والشعر والتراث الكوردي والعقيدة واللغة الكوردية. لقد وضعتُ برنامجاً إستراتيجياً لِتحقيق هذا الهدف وهو مكتوب باللغة الكوردية وأي شخصٍ يرغب الإطلاع عليه، يمكنني إرسال نسخةٍ منه إليه.[1]