أعنف وأعمق الهجمات التركية… إدانات محلية ورفض دولي
لم تتوقف هجمات الجيش التركي والميليشيات الموالية له على مناطق الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية و(منطقة الشهباء وقرى في جبل ليلون) شمالي حلب منذ سنوات، ولكن القصف اشتدّ وبعمق أكثر وباستخدام الطائرات الحربية والمسيّرة والمدفعية الثقيلة بُعيد تدبير تفجير استنبول في 13/11/2022م وتلفيق التهمة ضد أطراف كردية؛ إذ شنّ (تحت مسمى عملية المخلب- السيف) في منتصف ليلة 19/11/ 2022 ولغاية اليوم 23/11/2022، ما عددها /47/ غارة بالطيران الحربيّ، و/20/ هجوماً بالطيران المُسيَّر، و/3761/ مرَّةً قصفاً بالمدفعيّة الثَّقيلة والهاون والدبّابات وشتّى أنواع الأسلحة، وأسفرت عن استشهاد /15/ مواطناً مدنيّاً وجرح العديد منهم- بينهم صحفيين، واستهدفت مؤسَّسات خدمية، وفق بيانٍ للقيادة العامّة لقوّات سوريّا الدّيمقراطيّة “قسد”. وقد استشهد وجرح عناصر من قوات “قسد” وقوى الأمن الداخلي و “قوات تحرير عفرين”.
شملت تلك الهجمات مدن وبلدات “كوباني، عين عيسى، ديريك، تل تمر، زركان، الحسكة ومناطق الشهباء”، مستهدفةً محطات للطاقة الكهربائية وإنتاج النفط والغاز وصوامع للقمح ومستشفيات ومدارس، بقصد تدمير بنى تحتية، حيث خرجت منشأة السويدية- ريف ديريك التي كانت تُغذّي المنطقة ب/16/ ألف أسطوانة غاز بشكل يومي و50% من التيار الكهربائي، وخمس محطّات أخرى، عن الخدمة؛ كما قصف الطيران الحربي التركي محيط سجن جركين ونقطة الحراسة لمخيم الهول المكتظ بأفراد عوائل عناصر داعش.
وقد أدت تلك الهجمات إلى موجة هجرة قسرية أخرى، ومعاناة جديدة للمجتمعات المحلية، وانقطاع حوالي 3 آلاف طالب/ة عن التعليم لأكثر من أسبوعين في إقليم الفرات لوحده.
كما طال القصف التركي ثلاثة مواقع أثرية في الفرات، وهي “تلة كاني كوردان، تلة قره موغ، وتلة تل شعير”، فتضررت بنسبة /45/ بالمائة.
وقد تجاوز عدد جنود الجيش السُّوريّ الذين فقدوا حياتهم في الجبهات /25/ جنديّاً، صَمْتُ الحكومة السُّوريّة وعدم إبدائها أيَّ موقفٍ تجاه الهجمات فتحت الطريق أمام فقدان هؤلاء الجنود لحياتهم، حسب بيان “قسد”.
الأمم المتحدة
28 تشرين الثاني 2022م، أكّد المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، على أنّ ثمّة حاجة إلى حماية وحدة أراضي سوريا، مشدداً على أهمية أن تمارس كافة الأطراف أقصى درجات ضبط النفس وأن تتجنب أي تصعيد إقليمي إضافي. وأضاف: “من المهم أن تحافظ الأطراف جميعها على وقف إطلاق النار القائم بينها فيما يتعلق بسوريا”، وتابع دوجاريك قائلاً إنّ الأمين العام يشدد على ضرورة حماية المدنيين والمرافق المدنية بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني. وأكّد أن لدى بلدان المنطقة شواغل أمنية ومن المهم معالجة هذه الشواغل عبر الحوار وليس عبر زيادة استخدام القوة العسكرية.
الصين
في جلسةٍ لمجلس الأمن حول سوريا بتاريخ 29/11/2022م، أعربت الصين عن قلقها العميق من الأعمال العدائية التي تقوم بها تركيا وإسرائيل في سورية، وأنها تشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة ووحدة أراضي سورية، مطالبة بالوقف الفوري لهذه الهجمات وتجنب أي عمل من شأنه تصعيد الموقف.
روسيا
في تصريحات للصحفيين بتاريخ 24/11/2022م، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن أي عدوان تركي على سورية سيزيد التوتر في المنطقة، ويؤدي أيضاً إلى زيادة النشاط الإرهابي.
أما المبعوث الرئاسي الروسي إلى سورية ألكسندر لافرينتيف فقد صرّح عقب اجتماع أستانه ال19 بتاريخ 23/11/2022م، بأن على تركيا الامتناع عن أي عملية قد تؤدي إلى تصعيد في الشرق الأوسط بأكمله، ولا يمكن السماح بذلك، وقال: إن الضربات الجوية مؤسفة جداً، والعملية البرية التي تتحدث عنها تركيا ستؤدي إلى ضحايا أكبر بين المدنيين، لذلك يجب التخلي عن هذه التصرفات لأن القيام بمثل هذه العمليات يزيد التهديد الإرهابي على الأراضي السورية والتركية، وعلى الجانب التركي أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار ويتخذ إجراءات وحلولاً عقلانية.
أمريكا
قال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس جو بايدن بتاريخ 7 كانون الأول 2022، إن الولايات المتحدة لا ترغب في أن تواصل تركيا هجماتها العسكرية في شمال غرب سوريا، رغم أنها تقرّ بحق أنقرة في الدفاع عن نفسها. وأضاف: “لا نريد أن نرى عمليات عسكرية تُجرى في شمال غرب سوريا، والتي ستعرض المدنيين لخطر أكبر مما هم عليه بالفعل وتهدد جنودنا وأفرادنا في سوريا وكذلك مهمتنا في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية”.
وكان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد أكد في وقت سابق وخلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي خلوصي أكار، رفض واشنطن القوي لعملية عسكرية تركية جديدة في سوريا.
وقال المتحدث باسم البنتاغون العميد في سلاح الجو بات رايدر، في بيان بتاريخ 23/11/2022: “الضربات الجوية الأخيرة في سوريا هددت بشكل مباشر سلامة الأفراد الأمريكيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة داعش وتأمين أماكن احتجاز أكثر من عشرة آلاف من معتقلي داعش”.
المبعوث الأممي
في جلسة مجلس الأمن 29/11/2022م، حذّر المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، من أن التصعيد في سوريا سيُعرّض الاستقرار الإقليمي إلى الخطر. ودعا إلى “التحرّك فوراً لوقف التصعيد العسكري في سوريا، وجميع الأطراف إلى التهدئة وضبط النفس”، وأكّد أن “سوريا ليست بحاجة إلى تصعيد عسكري وإنما إلى عملية سياسية تُنهي الحرب”.
إيران
أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال اتصال هاتفي في 29/11/2022م بوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو أن أي عمل عسكري تركي على الحدود السورية سيؤدي إلى تصعيد التوتر ويزيد الوضع تعقيداً.
سوريا
لم تصدر أية مواقف رسمية من حكومة دمشق أو وزارة خارجيتها تدين تلك الهجمات التركية، سوى أنّ نائب مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور الحكم دندي خلال جلسة مجلس الأمن في 29/11/2022، قال: إن سورية تدين بأشد العبارات الاعتداءات التركية على الأراضي السورية وتؤكد أن الذرائع التي يسوقها النظام التركي لتبريرها باتت مكشوفة ولم تعد تخدع أحداً وخاصة في ظل استمراره بدعم التنظيمات الإرهابية ورعايته إلى اليوم (داعش) و(جبهة النصرة).
هيومن رايتس ووتش
في 7 كانون الأول 2022م، قالت: إن الغارات الجوية التركية التي بدأت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ألحقت أضرارا بالمناطق المكتظة بالسكان والبنية التحتية الحيوية في شمال وشمال شرق سوريا، وفاقمت الأزمة الإنسانية الكارثية القائمة والتي تؤثر على الأكراد، والعرب، والمجتمعات الأخرى في المنطقة.
إدانات واسعة
إن الهجمات التركية موضع قلق واستنكار شديدين لدى عموم السكّان المحليين، وإلى جانب مختلف المؤسسات الرسمية والمدنية والعسكرية المرتبطة بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، ومجلس سوريا الديمقراطية، دان حزبا “الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا” في بيان بتاريخ 20/11/2022م تلك “الأعمال والممارسات المنافية لكل القيّم والأعراف الدولية من جانب الحكومة التركية وانتهاك صارخ لسيادة سوريا”، وقالا: “إن قيام تركيا بهذا الاعتداء الغاية منه ترهيب المواطنين وخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة تحت ذريعة العملية الإرهابية المدانة في شارع التقسيم في إسطنبول”.
وفي بيانٍ آخر بتاريخ 28/11/2022م، طالب الحزبان ب”ضرورة قيام الحكومة السورية وجميع القوى والأحزاب السياسية بتبيان وفضح سياسات تركيا التوسعية واستباحتها للأراضي والأجواء السورية ونزعتها العنصرية حيال المكوّن الكردي الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الشعب السوري، وضرورة توفير مناخات إيجابية لبلورة تفاهمات وطنية مع الجانب الكردي لسد الطريق أمام تركيا للمزيد من التدخلات”، وناشدا “كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وجميع الدول والمنظمات المعنية بالشأن السوري بمواصلة بذل كافة الجهود لحمل تركيا على وقف أعمالها العدائية ضد شعبنا والكفّ عن تهديداتها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة”.
هذا وناشدت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الإنسان لتقديم يد العون والمساعدة لها لأجل توفير مستلزمات الحياة للآلاف من النازحين واللاجئين في المخيمات، والعمل على فتح معبر تل كوجر (اليعربية) للمساعدات الإنسانية.[1]