ليلى قاسم حسن..
امرأة كوردية من مواليد27 دسمبر 1952 - بانميل – إحدى ضواحي خانقين - أرادت أن تبرهن حضورها للكل كنموذجا حقيقياً ومدهشاً للنساء الكورديات الجريئات اللواتي اثبتن وبجدارة شخصيتهن كالنسوة وهن ملهمات لقضيتهن القومية. من هنا سعت الشهيدة ليلى قاسم بدورها أن تؤكد للعالم أجمع بأن المرأة الكوردستانية لا تقبل ولا ترضى بالظلم و القهر والتعدي على وجودها الإنساني والقومي مطلقاً مهما حاولوا وسعوا بقوة
سوطهم وجبروتهم إلا انها صرخت عالياً وقالت: بان شأني ككل الرجال الأوفياء الذين ضحوا بدمائهم الذكية من اجل التصدي لهذا الظلم ولهذا الاضطهاد اللذان كانا يمارسان بعنجهية سافرة بحق الشعب الكوردي المسالم وخاصة من النواحي الاجتماعية والسياسية والثقافية والإنسانية من قبل أزلام السلطة الدموية في بغداد من إجراءات عديدة كالقتل والسجن والذبح والتعذيب الجسدي والتهجير القصري للأكراد ونفيهم إلى الجنوب بعيداً عن مناطق سكناهم التاريخية ربما حتى التراب والأحجار والجبال لم تسلم قط من براثن هذا النظام الدموي الذي لم يشفي غليله يوماً من مطاردة الأكراد. كل هذا دفعت الشهيدة ليلى قاسم بكلّ تضحية وإيمان صادق بأن تأخذ قرارها المصيري في الولوج إلى معترك الحياة السياسية والتنظيمية لتنخرط في بداية الأمر ضمن (اتحاد طلبة كوردستان) في منطقة خانقين, كان الإيمان والعقيدة هما الباعث الحقيقي للوقوف جنباً إلى جنب مع زملائها الطلبة الكورد في سبيل إيقاظهم واستفزاز الشعور القومي في أعماقهم أكثر إلى جانب معاناة طلبة الكورد والعمل على رفع المظالم عنهم كطلبة وعن كاهل الشعب الكوردي في العراق عامة ولاريب فيه إنه كانت تمتلك إحساس مفعم بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها وعاتق كل الغيارى الكورد لتدفعها بحسها الوطني والإنساني أن تضحي حتى آخر رمق في حياتها لكف الاضطهاد عن أبناء جلدتها الكورد, مما جعلها تتطور فكرياً وسياسياً كل هذا كان سبب رئيسيا للخوض بين طلبة المدارس و مع انتقالها إلى المرحلة الجامعية في العاصمة بغداد ولإتمام دراستها في كلية الآداب قسم: (علم الاجتماع), في بغداد لتنضم وبقناعة تامة إلى صفوف (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) للمشاركة الفعلية ضمنها لتستأنف مسيرتها النضالية هذه المرة مع كوادر الحزب و على نطاق واسع من العمل التنظيمي والميداني...
ونتيجة للاحداث السياسية التي جرت في كوردستان عام 1974واشتداد وتيرة الملاحقة الأمنية ضد كوادر وأنصار الحزب في مختلف أصقاع البلاد .في منتصف ليلة 24 ابريل 1974وضمن سلسلة الاعتقالات اقتحم دار الشهيدة ليلى قاسم في بغداد التي كانت تسكن فيه مع أسرتها , دورية أمنية معدة بعناصر وعتاد لتطويق الحي بالكامل ليتم القبض عليها بشكل تعسفي بتهمة الانتماء إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني في العراق- حتى هذه اللحظة لم تكشف كيف استدل إليها- لتقتاد من دارها مصفدة اليدين , معصوبة العينين إلى احد مراكز الأمن في بغداد , ليبدأ التحقيق معها مستخدمين جميع الأساليب الوحشية وغير إنسانية على الإطلاق في محاولة منهم لأخذ الاعترافات منها بقوة تحت أبشع أنواع التعذيب إلا أن الشهيدة ليلى قاسم أبدت وبكل صلابة وتحدي لا مثيل لها في ان تقّر بشيء ما أو ان تكشف أية معلومة صغيرة كانت أم كبيرة تضّر برفاقها في الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى جلاديها الأوغاد لا بل أكدت وبصرامة وهي تصرخ فيهم جميعاً : إن كوردستان (أغلى من عيوني وروحي) ...
في 12 أيار 1974 تم إعدامها شنقاً حتى الموت دون محاكمة قانونية تذكر وفي مكان الاعتقال نفسه بأقل من أسبوعين من تاريخ سجنها بعدما أن افقعوا عينها اليمنى وهي تفدي كوردستان وقد شوه جسدها البديع بصورة فظة من خلال التعذيب الشديد التي تعرضت لها أيام الاعتقال..
في اليوم الثاني من تنفيذ الإعدام سلم جثمانها الطاهر إلى أهلها وهي في زي كوردي –كانت ووصيتها الوحيدة أن ترتدي الزي الكوردي قبل إعدامها- لتدفن الشهيدة ليلى قاسم وهي مكفنة ببيرق كردستان بمراسيم تليق بها لتستقر روحها التي لم تتهنئ بفتاها (جواد الهماوندي)- في مقبرة تسمى ب (وادي السلام) بمدينة النجف الاشرف بعيداً عن ديار أهلها ومواطن طفولتها و بعيداً عن مناقب ذكرياتها.
ليلى قاسم حسن بتضحيتها حتى الموت قد برهنت و بكل جدارة من أنها أفضل نموذج للمرأة الكوردستانية المجاهدة التي تناضل دون كلل أو ملل وتقدم أثمن ما تملكها في سبيل عزة شعبها وتحرره من نير الاستعباد الذي كان يتعرض له باستمرار من قبل النظام البغيض في بغداد.
في النهاية أن ذكرى الشهيدة ليلى قاسم ستبقى شعلة وهاجة تنير في الضمائر ووجدان كل إنسان يدرك معنى الشهامة والشهادة معاً إلى أن تتحقق مطالب الشعب الكوردي في كل مكان لترتاح روحها في تراب كوردستان آمنة مطمئنة[1]