يزداد الوضع تأزماً في تركيا يوم بعد آخر نتيجة الاوضاع المعاشة في البلاد والحرب الدائرة فيها حيث يشهد جنوب شرق تركيا والمناطق الخاضعة لسيطرة #حزب ديمقراطية الشعوب# منذ شهر تموز الماضي عنفا بعد إنهاء وقف لإطلاق النار مع #حزب العمال الكوردستاني#
ولا تظهر في الأفق بوادر تشير إلى هدوء القتال بل يزداد قتلاً ودماراً وتهجيراً للناس، خاصة بعد ان تم فرض حظر التجول لقرابة الشهرين على ثلاث مدن وأربعة بلدات وبحسب رابطة الحقوقيين في دياربكر ان اعمال القتال التي رافقت حظر التجول ادت الى مقتل قرابة مئتي مدني عزل حتى الآن وتهجير عشرات الآلاف من الناس من منازلهم نتيجة استخدام القوة المفرطة والعمليات التي أصبحت تثير جدلا واسعا في المجتمع التركي وحتى الاقليمي.
ونتيجة لهذه الاوضاع وما آلت اليه دفع بالمثقفين والاكاديميين ودعاة الديمقراطية والحريات في البلاد الى توقيع عريضة تنتقد فيها الحملة العسكرية التركية على الاكراد وكذلك ينتقد ممارساة الجيش والشرطة وقوى الامن التركي، وطالبوا المسؤولين بوقف اطلاق النار وضرورة استئناف عملية السلام مجددا وبدأ المفاوضات وعودة الاوضاع الى ما قبل السابع من تموز.
هذه العريضة التي وقع عليها قرابة ألف ومائتي أكاديمي من 90 جامعة تركية بينهم أساتذة جامعات وتجاوزت حدود تركيا بحيث وقع عليها عشرات الأكاديميين والمفكرين الأجانب ومن بينهم عالم اللغويات الأميركي الشهير نعوم تشومسكي، والفيلسوف السلوفيني سلافوي زيزيك وآخرين .
والحكومة التركية تنظر الى الأمر والى موقعي هذه العريضة بشكل مختلف وجاء ردهم عنيفاً جداً واتهمتهم بإنهم يقفون الى جانب الأرهابيين ويريدون إغراق تركيا في الظلام وعلى رأسهم رئيس الجمهورية التركية الذي يتحمل الجزء الكبير من المسؤولية في ترويجه ودعمه للجيش في حملتهم على الاكراد حيث صرح للصحافيين في اسطنبول “ان من يقفون مع منفذي المجازر هم شركاء في الجريمة”كما اتهمتهم بتأييدهم للمتمردين الأكراد واعتبرهم شركاء في جرائم حزب العمال الكردستاني بحسب زعمه.
وحملت العريضة عنوان لن نكون شركاء في الجريمة، ودعت أنقرة الى وقف المجازر المتعمدة وترحيل الأكراد وغيرهم من السكان من المنطقة.
واعتقلت الشرطة التركية حتى الان تسعة عشرة اكاديمياً ومحاضرًا من جامعة كوجيلي القريبة من اسطنبول، في عملية مداهمة لمنازلهم على خلفية توقيعهم للعريضة، ويتم ملاحقة سبعة آخرين بحسب الشرطة التركية وكذلك يجري تفتيش منازل العديدين منهم، وكذلك فيجامعة مرسين و عنتاب، يمكن أن تؤدي التحقيقات إلى طردهم من عملهم.
وتعتبر اقدام السلطات التركية على اعتقال هؤلاء خطوة تثير القلق من جديد حول حرية التعبير في البلاد وادت الى صدور ردود افعال حول ذلك حتى من حليفة تركيا في حلف شمال الأطلسي، حيث أعرب السفير الأميركي في تركيا عن قلقه من اعتقال هؤلاء داعياً السلطات الى التهدئة، وأضاف السفير في المجتمعات الديموقراطية يجب أن يكون للمواطنين فرصة التعبير عن آرائهم، حتى لو كانت مثيرة للجدل وغير مستساغة لدى الجميع.
كما أدان حزب الشعوب الديموقراطي الكوردي هذه الخطوة وجاء في بيان لهم الخطوة التي قامت بها الحكومة التركية ستدخل تركيا في ظلام دامس وهذه الاجراءات لا نراها سوى في أنظمة غير ديموقراطية، وهذا امر خطير وغير مقبولة على الاطلاق.بحسب البيان.
بدون شك الحملة التي شنت على اولئك الموقعين على البيان كونهم اكاديميين وليسوا سياسيين على الرغم من اتهامهم بعدم الموضوعية والاتزال في كيل المواقف، تلطخ صورة تركيا التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان وصون الحريات وحق التعبير عن الرأي، يأتي هذا بعد سلسلة من الاعتقالات بحق الصحفيين لا سيما بعد اعتقال رئيس تحرير صحيفة جمهوريتجان دوندار وزجهفي السجن و الذي ينتظر محاكمته، وكذلك مدير مكتب الصحيفة في انقرة ارديم غول لنشرهم مقالات وشريط فيديو تزعم ان الحكومة سلمت اسلحة الى داعش في سوريا، بالاضافة الى اغلاق مواقع التواصل الاجتماعي، فالدولة التركية تتحمل الجزء الاكبر من التصعيد في حين يدعوا نسبة كبيرة من سكان تركيا الى ضورة عودة اجواء الهدوء والطمأنينة الى البلاد واستئناف عملية السلام وسط اصرار من الجانب الكوردي على نيل الادارة الذاتية وعودة التواصل مع زعيم حزب العمال الكوردستاني المعتقل في جزيرة إمرالي حيث تمنع السلطات زيارته من قبل محامييه لاكثر من ثمانية أشهر.
وبين هذا وذاك يبدوا ان موقف الحكومة التركية وانتهاجها لسياسة رفض اللاكراد وحقوقهم وعدم ايمانهم بضرورة حل القضية الكوردية في تركيا بعد ان وضعت الحكومة التركية الحالية في جدول اعمالها واولوياتها كما الحكومات السابقة هي محاربة حزب العمال الكوردستاني وانهاء وجودة وفشلت في ذلك، يبقى الوضع كما هو عليه ويبقى السلاح سيد الموقف وسط تمسك الطرفين بمواقفه يزداد الوضع تأزماً وسوءً و يبدو ان البلاد ستجر الى مرحلة خطيرة وضع لا يحمد عقباه.[1]
التآخي