=KTML_Bold=المثقف الكردي السوري بير رستم=KTML_End=
..ينقل إلى بقعة ضوء جديدة.
عبد الله قنديل
الأستاذ بير رستم، المثقف الكبير الذي له نتاجات كثيرة باللغتين الكردية والعربية، وتعرّض لمضايقات متتالية من النظام السوري، وتمت مداهمة منزله وصودرت كتبه ووثائقه وكومبيوتره، حسبما قرأنا في المواقع الالكترونية، والذي أضطّر إلى اللجوء عن طريق لبنان أو الأردن إلى كردستان العراق، ولايزال وضعه غير ثابت لاهماله من قبل بعض رفاقه القياديين القدامى هناك، رغم أنه عضو مرشح للجنة المركزية لحزب “البارتي” الذي ينتسب إليه الأستاذ نوري بريمو أيضا، فإنه صعّد من حدة لهجته السياسية، حتى من قبل الهروب من سورية، ليس تجاه النظام الحاكم فحسب وانما تجاه التيار المحافظ في الحراك السياسي الكردي، وشرع منذ زمن ليس بقصير في استخدام مفردات “كردستانية” صارخة، داعيا بجرأة إلى تجديد شامل في فكر واطارات التنظيم الكردي والانتقال إلى أشكال متطوّّّّّّّرة من النضال القومي الكردي والوطني السوري، وبلغة عربية رائعة يفهمها الكردي الذي لايجيد العربية والعربي المثقف المتعمّق لغويا وسياسيا أيضا…
يلاحظ المرء بأن الأستاذ بير رستم واضح في نقل أفكاره، يتجنب الابهام والغموض، ويحاول اثارة الزوابع حتى داخل حزبه بالذات بهدف دفع السياسيين والمثقفين الكرد إلى حوارات جادة حول مختلف المسائل، ومنها مسألة “الكردي والكردستاني” بشكل خاص، وليس أدلّ على جرأة هذا الانسان من ردوده الأخيرة على الدكتور عبد الحكيم بشار الشخصية المحورية حاليا في حزب “البارتي”…فالذي يقرأ مقالات الشخصين القياديين (عبد الحكيم بشار وبير رستم) يرى أن هناك خطين متوازين واضحين في خطابيهما… ويدافع الأستاذ بير رستم عن آرائه في الحزب ذاته من منطلق أن “الأمين العام” أو “الرئيس” عندما يكتب مقالا باسمه فإن عليه قبول الردود حتى من رفاقه في المسؤولية عندما يردّون باسمائهم، ولكن في الحقيقة فإن الأستاذ بير رستم يهدف من خلال ما يكتبه نقل “البارتي”إلى بقعة ضوء جديدة، وهو واثق في أعماقه من أن الجدار الذي يحتمي به في كردستان العراق لن يتهدم على رأسه بسبب هذه الأفكار، والصراع الكردي السوري سيبقى سوريا، رغم أن المعركة قد تمتد إلى ساحات كردستان العراق أو أوروبا وأمريكا، حيث تتواجد جاليات كردية سورية كبيرة، تسود فيها أفكار ليست بعيدة البتة عن الأفكار التي يكتب عنها الأستاذ بير رستم وكتب عنها الأستاذ نوري بريمو فترة قصيرة منقبل ثم تخلّى عنها لأسباب ذاتية وموضوعية بالتأكيد…
طبعا ليس من مصلحة الأستاذ بير رستم، وخاصة في وضعه الحالي، أن ينقلب عليه حزبه ويتهمه بالانحراف والخروج على الخط العام التقليدي للبارتي، ولكن المثقف يشعر باستمرار بمسؤوليته تجاه قضايا الشعب والوطن والسياسة التي يؤمن بها، لذا فإن سكوته في مثل هذه المواقف لايقل ضررا عن بوحه ببعض الآراء التي لابد من التطرّق إليها، خاصة وإن القضية هي قضية شعبه…كما ليس من مصلحة “البارتي” ولا من مصلحة الدكتور عبد الحكيم بشار، السياسي الذكي، التخلّي عن مثقف كبير مثل الأستاذ بير رستم، وبخاصة في هذه الظروف التي يكثر فيها منافسوه في البارتي وخارج البارتي، لذا فإن الحزب المشترك سيلجأ إلى ممارسة ضغوط غير مباشرة، لاحاجة للتطرق إليها بعمق، على الأستاذ بير رستم، لتخفيف وطأة كتاباته العلنية والاكتفاء بتوجيه ملاحظاته عن طريق البريد التنظيمي، وذلك بذريعة حفظ سلامة ووحدة الحزب… ويعلم “البارتي” جيدا بأن العديد من التنظيمات الكردية السورية والكردستانية أيضا تفتح أذرعها لمثقف في مستوى الأستاذ المتمرّد، أو لنقل بدقة “الداعي إلى تجديد البارتي فكرا وسياسة وممارسة عملية”…
أصدر بعض الناس نداءا باسم “…المستقل حزبيا (1)” إلى قيادة البارتي مطالبين بفصل أو طرد الأستاذ بير رستم من الحزب ذاكرين بعض الأسباب ومنها “استخدامه المستمر لمصطلح: غرب كوردستان!” وكأني بهؤلاء يرون لكوردستان شرقا وشمالا وجنوبا دون غرب… وهذا ليس إلا تملقا لقيادة البارتي ولفصائل من المعارضة السورية تنكر أو تعارض أي حديث عن كردستان التي سمّاها الدكتور الاجتماعي التركي اليساري اسماعيل بشكجي ب”المستعمرة الدولية” والأمة الكردية التي قال عنها الاسلامي العريق فهمي الشناوي بأنها “رأس حربة الأمة الاسلامية”…
ومهما يكن فإن فتح نقاش جاد في حزب “البارتي” بعد أن تطوّر نقاش كهذا من قبل في حزب يكيتي الكردي (الآخر) الذي يقوده الأستاذ المناضل حسن صالح والسياسي المحنك الأستاذ فؤاد عليكو النائب السابق في مجلس الشعب السوري وأدّى إلى تمرّد واسع من قواعده التنظيمية في الساحة الأوربية على القيادة في الداخل، لن يشكّل خطرا على وحدة البارتي لسببين:
أولهما – ليست هناك قواعد تنظيمية قوية له في الخارج، ومنهم كالأستاذ محمد سعيد ألوجي، المناضل العريق والمخلص للبارتي، من يعيد سبب انهيار تنظيم البارتي أوربيا إلى سياسة وتصرفات الدكتورعبد الحكيم بشار، كما أوضح في عدة مقالات منشورة في المواقع الالكترونية.
ثانيا- لأن قواعد البارتي في الداخل لاتجد أي ضرر واضح وظاهر لانتشار الأفكار التي يتطرّق الأستاذ بير رستم على الحزب، فالسياسة القمعية للنظام الحاكم في سوريا (نظام الأمر الواقع!) لاتخفف عن الكرد وعن البارتي وسائر الحراك السياسي الكردي، سواء أكان يحمل مواصفات “كردية” أو تسميات “كوردستانية”…وهذه حقيقة يجب أن لاننكرها في المعارضة السورية الديموقراطية…
وعلى العكس من توقعات العديد من “المحافظين” الكرد السوريين فإن البارتي من خلال انتهاج مسار تجديدي كالذي يدعو إليه الأستاذ بير رستم سينتقل إلى بقعة ضوء أشد اشراقا وأوسع دائرة، وقد يتمكّن بذلك من امتصاص القواعد المتمرّدة على قيادة السيد فؤاد عليكو ومن على مساره في حزب يكيتي، وبذلك يستعيد “البارتي” بريقه وقد تتسارع خطواته في الوحدة التنظيمية لتشرّبه الأفكار التجديدية وقد يمد الأستاذ حسن صالح يديه للبارتي في عملية جريئة للتوحيد بين حزبه (يكيتي) وبين (البارتي) من قبل أن يتوصل البارتيون البارزانيون المنشقون على أنفسهم من تحقيق وحدتهم المختلفين على أسسها وشخوصها ومسارها…
على كل حال، قد تكون هناك نواحي لاتزال غامضة لنا، لم نتمكّن من القاء الضوء عليها لاستكشافها بعد، إلا أنه من مهام الناشط السوري أن يقترب من أعماق الحراك السياسي الكردي أيضا، وذلك من باب: “لو أن شاة تعثرت في العراق لرأيتني مسؤولا عنها” أو كما قال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض)…
عبد الله قنديل – ناشط سوري
[1]