=KTML_Bold=أهو أسّلمة المجتمع الكوردي أم وراء الأكمة أجندةٌ أخرى؟!=KTML_End=
#بير رستم#
ظاهرةٌ جديدة تعيشها منطقة عفرين بمدينتها وبلداتها وقراها التي تقارب عددها عدد أيام السنة الواحدة؛ حيث فاجأنا مفتي منطقة عفرين (الشيخ سليمان حسن) وبموافقة مديرية الأوقاف في مدينة حلب وأيضاً يبدو أنها برعاية خاصة من (معهد الأسد لتحفيظ القرآن) وذلك لافتتاح “دورات صيفية مجانية، تبدأ اعتباراً من يوم الأربعاء 20-06-2007 وتدرس فيها المواد التالية: القرآن الكريم – الحديث الشريف – أحكام الطهارة والصلاة والأخلاق الإسلامية”؛ حيث يقبل الطلبة (البنات والصبيان) ممن يزيد عمرهم عن ست سنوات ولكن يفصل بينهم فيكون دوام الصبيان في ساعاتٍ محددة ويعلمهم إمام الجامع أو يفرغ أستاذ خاص بهم وكذلك يتم تدريس البنات من قبل آنسة حصراً – ولا نعلم هل ستؤم بهن أم الإمام؛ حيث من شروط القبول للمريد عفواً الطالب أن يصلي ويقوم بكل الفروض الأخرى المطلوبة – وسوف يكون أجرهم على مديرية الأوقاف وليس (الله) ويبدو كذلك بأنه من الشروط الضرورية لقبول الأولاد – الطلبة وخاصةً البنات منهن بأن يتحجبن ويأتين إلى الجامع (لتعليمهن الأصول الإسلامية أو الأصولية الإسلامية، وهو الأدق) و إلا فإن الطالبة لا تقبل ضمن المجموعة وهكذا عندما تراهن يخرجن من الجامع وهن ما زلنا بعمر الزهور ومحجبات تقول إنك في (قندهار) أو إحدى المدن والبلدات الأفغانية الأخرى وكذلك يستحسن للصبيان أن يرتدون الجلباب والطاقية وبالتأكيد سيكون الجلباب على الطريقة الوهابية الأصولية؛ بأن يكون تحت الركبة بشبرٍ واحدٍ ولا يزيد عليه، حتى (لا يتبختر المؤمن – الطفل في مشيته). إلى هنا وينتهي الخبر – المقال ولكن وبالتأكيد لم ولن تنتهي الحكاية؛ حيث لكل حكاية ذيول ومقدمات ونتائج ومدلولات ومعاني، ناهيك عن المناخات والأجواء والحبكة والسيناريو وما تضمنها من دراما أو تراجيكوديا (من التراجيديا والكوميديا) إن كانت سوداء أو بيضاء لا يهم، فالاثنان غالباً يجتمعان معاً؛ حيث الجلباب دائماً يكون أبيض ولكن ما تخلفها السيارات المفخخة هو الهباب الأسود وأشلاء الأبرياء.
ولكي لا يكون الكلام عمومياً وأن ندلل على الأفعال والمعاني؛ فإننا نحيل القارئ إلى ما رأيناه وعايشه الأفغان في إمارة طالبان في أفغانستان وكذلك ما نراه اليوم في كل من فلسطين وانقلاب (حماس) على الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة “بتحريرها الثاني لغزة من العملاء” وسيطرتها على مقرات ومؤسسات الحكومة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة والتمثيل بجثث مقاتلي (فتح)؛ طرف الصراع الآخر والذي يبدو أنه استبدل ب(العدو الإسرائيلي) وجيشه. وبالتالي أصبح غاية الغايات ل(حماس) وميليشياته هو الاستيلاء على السلطة ولو على جثث الفلسطينيين والدم الفلسطيني “بعد أن أصبح خطاً أخضراً” لهؤلاء المسلحين في الشوارع ولا يأبهون حتى لحرمة (رموزهم) وذلك من مداهمة منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات والاستيلاء على مقتنيات منزله وكسر وتحطيم ما لا يمكن أخذه وسرقته، أو من نسف نصب الجندي المجهول و.. إلى ما هنالك من أعمال تخريبٍ وتدمير وقتلٍ وتشريد للناس وفرض الحصار على ما يربو مليون ونصف المليون من الشعب الفلسطيني في القطاع. أما بالنسبة إلى الأعمال الدموية والإرهابية لكل من القاعدة والصداميين والمرتزقة في العراق، فحدث ولا حرج؛ حيث القتل على الهوية والطائفة والعرق والانتماء الأيديولوجي والمذهبي وحتى الجغرافي – الحاراتي ولربما يكون أيضاً على لوحة السيارة ومدينتها وأيضاً نوع الدخان أو المشروب؛ طبعاً الغازية منها – فالكحولية أمرها محسوم ولا (يختلف) عليها مؤمنان – حيث الذي يشرب الكوكاكولا أو البيبسي يعتبر من المتعاونين مع الأمريكان وبالتالي هو خائن وكافر ومرتد ويجب قتله والجهاد مفروض على كل مؤمن ومؤمنة، والقادم أعظم.
بعد هذا السرد الموجز والمختصر بشدة لبعض الأحداث المأساوية والتي تعتبر عناوين ومانشتات بارزة وعريضة لتلك الجماعات الإسلامية المتطرفة؛ من القاعدة وغيرها وذلك في كل من البلدان التي ذكرناها والتي لم نأتي على ذكرها كالصومال والجزائر وغيرها وأيضاً بعض البلدان الأوربية؛ تفجيرات مدريد في أسبانيا وكذلك لندن ومدن وبلدان أخرى ودون أن ننسى أحداث سبتمبر في أمريكا والتي فجرت الحرب على هذه الجماعات الإرهابية في العالم وإلى يومنا هذا. نعم.. في ظل هذه المناخات والأجواء وما يلعبه نظام الملالي في إيران من دورٍ نشط في هذا المجال بدعمها لتلك الجماعات المتشددة بحجة الدفاع عن حقوق الشعوب الإسلامية في وجه (الحملات الصليبية) التي تقودها (الشيطان الأكبر)؛ أمريكا وحلفائها الأوربيين وفي الحين ذاته تنسى أنها تمارس القمع والاستبداد بتجلياتها المتعددة من قومية عرقية؛ حرمان الشعب الكوردي من حقوقه السياسية والدستورية والجغرافية وكذلك الآذري والعرب وغيرهم من القوميات والأقليات العرقية الأخرى والتي تعيش معاً ضمن الخريطة الجغرافية التي تعرف اليوم بجمهورية إيران الإسلامية وكذلك الأمر بالنسبة على الأصعدة والجوانب الطائفية المذهبية؛ الخلافات بين الشيعة والسنة وأيضاً محاربتها للفكر العلماني الليبرالي الحر وفرض حالة من الوصاية على المجتمع.
نعم.. إننا نتساءل وبعفوية: هل يمكن في ظل هذه الأجواء والبيئات أن نقوم بحركة ارتدادية في المجتمع ونتخلى عن شعار (الدولة العلمانية) ونؤسس لحالة أفغانية جديدة وإمارات طالبانية في مجتمعاتنا وذلك من خلال تهيئة الأرضية والمناخ لتلك الجماعات أن تتغلغل في بنية هذه المجتمعات من خلال الجيل الناشئ وسلك (التربية والتعليم)؛ بأن نترك هؤلاء الصبية والبنات بين أيدي أصحاب الفكر الديني اللاهوتي والظلامي ليعلموا هؤلاء الصبية (بأن الخطان المستقيمان لا يلتقيان إلا بإذن الله) وأن (من يقول بأن الأرض كروية فهو كافرٌ وملحدٌ وزنديق وله بأس المصير) وهكذا يكون هؤلاء الصبية – رجال المستقبل – جاهزون لحز رؤوس وأعناق كل من يخالفهم في الرأي والقناعة وهم يستكبرون باسم الرب والقدوس والفردوس و.. الفلوس. نعم.. لقد فاجأتنا حقاً مديرية الأوقاف في عفرين بإقدامها على هذه الخطوة وفجرت – ونأمل أن تكون أول وآخر تفجيراتها – بإجرائها هذا أسئلةٌ عدة لدينا نود أن نطرحها وبعجالة لعل هناك إجابات عند بعض من يقف وراء هكذا فرمانات قرقوشية؛ حيث في عصر الأنترنت والفضائيات والبرمجيات يدفع بأبنائنا لتعلم الوضوء وقراءة (جوز عم) وكيفية الدخول إلى المنزل والحمام وبأي قدم وأي يد يتم الطهارة وبأن تكون المرأة محجبة حفاظاً على عفتها وطهارتها، أليس هذا تمهيداً لنرى (بن لادن) عفريني كوردي الطراز كماركة جديدة على ساحة الإرهاب ولا ندري هل سيكون بالجلباب أم بالشلور وليس (السروال) وحيث سيكون بالامكان أن يخبئ ما يحلو له من الديناميت والمتفجرات في ال(به ييك)؛ أي المساحة المتدلية من الشلور.
ونقول أخيراً لتلك الجماعات – من رجال دين ودنيا – التي وقفت وتقف وراء هكذا قرارات وفرمانات وذلك لإبعاد المجتمع الكوردي وأبنائها عن قضيتهم المركزية الأساسية في نيل حقوقهم القومية المشروعة ومن خلال الاعتراف الدستوري بالشعب الكوردي على أنه يمثل القومية الثانية في البلد وبالتالي فله الأحقية لأن يكون شريكاً حقيقياً في كل شيء؛ الحقوق والواجبات وبحيث يتم وقبل ذلك إزالة كافة المشاريع العنصرية التي طبقت بحقه من الحزام العربي الرجعي والاستيطاني وكذلك قضية الإحصاء والتي جرد بموجبه عشرات الألوف حينها وأصبحت الآن بمئات الألوف نظراً لتزايد عدد السكان ولمرور أكثر من أربعين سنة على تطبيقه على أبناء الشعب الكوردي في الجزيرة وغيرها من القوانين التعسفية والتي تهدف إلى إلغاء الهوية والجغرافية الكوردية وذلك من خلال تعريب أسماء القرى والبلدات الكوردية وحتى إجبار الأهالي بأن لا يسموا أولادهم بأسماء كوردية – أعجمية، ناهيك من حرمان الشعب الكوردي من أن يتعلم بلغته ويمارس ثقافته أسوةً ببقية شعوب العالم؛ حيث إنه محروم حتى من المدارس الخاصة أسوةً بالأخوة الأرمن والآشوريين والذين يتعلمون ويدرسون في كل المدن السورية بلغاتهم الأم ويمارسون ثقافتهم وهويتهم الخاصة بهم كمجموعة عرقية متميزة عن العرب والكورد، بل إن الأمر يصل – وفي أكثر الأحيان – إلى الاعتقال والسجن لكل من يفتح كورس أو دورة لمجموعة ما بغرض تعليمهم اللغة والثقافة الكوردية وإن يكن في الخفاء والسر وليس العلن وفي مدارس نموذجية.
نعم نقول لتلك الجماعات التي تقف وراء هكذا أحداث وأعمال: بأن عملكم هذا؛ في أسّلمت المجتمع الكوردي سيكون مآله ونهايته كما كان نهاية كل من المشاريع والأحزاب السياسية التي حاولتم التسويق لها بين أبناء الشعب الكوردي مثل: (حركة بروسك؛ الصاعقة الكوردية وجمعية المرتضى الخيرية) وحتى الحركة الأم؛ حزب البعث العربي الاشتراكي ونتيجةً لأيدلوجيته العروبية لم يعشش في المجتمع الكوردي وهكذا يمكن القول صراحةً بأن البرنامج السياسي للبعث لم يجد قبولاً وترحيباً (عقائدياً) به إلا من القلة القليل من الكورد أما جلهم؛ جل المنضوين تحت راية البعث من أبناء الشعب الكوردي فهم من إما ضعيفي النفوس والراكضين وراء مصالحهم في المجتمع الكوردي أو الخائفون والمرعوبون من رهاب الأمن وبالتالي نادراً من تجد ممن يعتنقون بحق الأيدولوجيا البعثية في المناطق الكوردية. وهكذا تتضح لنا؛ بأنه على الرغم من كل الإجراءات والامتيازات والمحسوبيات وعمليات الترغيب والترهيب ومن تفتيت الحركة الوطنية الكوردية بين أحزاب وقوى، أكثرها وربما كلها لا حول ولا قوة لها، وذلك بغية إضعاف الشعور القومي لدى الكورد وإلهائهم بمناحي وأمور ومطالب أخرى وآخرها وكما نرى اليوم هو العودة بالمجتمع الكوردي إلى الحالة الظلامية والأصولية الإسلامية و على أنه “(لا) فرق لزيدٍ على شيرو إلا بدرجة قرابته وصداقته لهذه الجهة الأمنية أو تلك”. نعم.. على الرغم من كل ذلك ومن كل تلك الإجراءات والحركات بقي الشعب الكوردي محافظاً على هويته وخصوصيته الحضارية القومية وهكذا بقيت حركته الوطنية السياسية والثقافية أداةً تعبيرية نضالية تعمل وفق أجندة سياسية لا نقول أنها المطلوبة تماماً ولكنها المقبولة لدرجةٍ معقولة.
جندريسه – 2007
[1]