#خسرو حميد عثمان#
نخصص هذه، الحلقة كتكملة للحلقة السابقة، لنشر ترجمة ما ورد في كتاب (فەقي بابەكر بۆسكيني) الموسوم جولە في التأريخ للفترة من 15-7- 1963 لغاية 21 -8-1963 ص 61-68 عن أحداثٍ، ثَابَرَ في تدوينها يوميا في مفكرته، لم ترد ذكرها في كتاب مسعود البارزاني, رغم أهميتها في نظرى.
إن المنهج الذي إتبعه فقى بابكر بۆسكيني، كشاهد، في كتابه يشبه منهج جون ريد فيعشرة أيام هزت العالم في بعض النواحي، وكذلك منهج أسد علم في مذكراته الموسومة الشاه وأنا، رغم أنني لم أقرأ الكتاب كُله 250 صفحة من القطع المتوسط لأن قراءتي للكتاب تجري بالتوازي مع العديد من المصادر الرديفة بالاضافة الى الحاجة للفهم العميق للعديد من الأحداث التي يمر بها الكاتب سريعاً وباقتضاب الى التأمل العميق لأنني كنت مع عمي صلاح عثمان في دۆلە رەقە وقتها وكان عمري بحدود الثامنة عشرة عاماً قليل التجربة والوعي، ولكن الزمن كان كفيلاً بأن نربط الأحداث بالعوامل الموضوعية القريبة والبعيدة معاً بالمرئي والخافي عن النظر أيضاً.
لغرض تسهيل القراءة ولتلافي الخلط بين أسماء الاشخاص والمدن والتوضيحات، استعملت الاقواس بالصيغة التالية: [للتواريخ والأيام] لأسماءالأشخاص، (لأسماء الاماكن)، { توضيحات مضافة من عندي، غير موجودة في أصل الكتاب}، رغم تعريف الكاتب نفسه بأنه كان جلالي الهوى - نسبة الى جلال الطالباني- إلا أنه لم يفقد موضوعيته و مصداقيته ورزانته عندما دوّن ما وجد ضرورة تدوينه بقدر معلوماتي المحدودة عن المنطقة والحياة الداخلية للاحزاب لأنني لم أكن منتمياً أو مؤازراً لأية حركة سياسية وما زِلْتْ:
1-[ 1963-7-15] ذهبت الى (قلعة دزه) لغرض حضور إجتماع كبير، أُنعقد بين الشيوخ والأغوات، وفي الاجتماع تقرر إرسال الكاتب و پيروت مه مه ند كوَفْدْ الى (رانية) لمقابلة مسعود محمد والجماعة، ذهبنا في ذلك اليوم من (ده ربه ند رانية) الى (رانية)، بعداللقاء والتباحث معهم رجعنا الى (قلعة دزه)، أرسلونا الى (رانية) مرة أخرى يوم[ 16-7-1963] للقاء مدير الأمن ومسعود محمد والجماعة، ومن هناك توجهنا نحو عباس مامند أغا، بعدئذ رجعنا الى (دەربەند رانية) بالسيارة ومن هناك الى (قلعة دزه) مرّة أخرى. { سيراً على الاقدام }
بعد زيارات مكوكية لكلٍ منمسعود محمد،الجماعة، وعباس مامند أغا تقرر عقد إجتماع في قرية (هه نجيرة) التابعة لقضاء (رانية)، توجهنا جميعاً نحو قرية (هه نجيرة) ليلة [ 17-7-1963]، وتوجه عباس مامند أغا من قرية(سەركەپكان) نحو مكان الاجتماع أيضاً، وفي نفس الليلة ذهبت الى رانية، وقتها كان كلٌ من الوزير،حويز مام يحي، والزعيم صديق في مقر الفوج في (رانية)، التقيت ب مسعود محمد ومدير الأمن أخذتهم معي الى مكان الاجتماع في قرية هەنجيرة. { يبدو أن الجانب الحكومي لم يكن على علم بمكان ووقت الاجتماع مسبقاً وكان إختيار الليل لدواعي أمنية }
2-[ 18-18- --1963] ذهبت مع شيخ سمايل الى (رانيه) للإتصال ب مسعود محمود ومديرالأمن لتسليمهما مقررات إجتماع ليلة أمس. على ضوءه أرسل مدير الأمن والجماعة وفداً بطائرة سمتية الى كركوك لإيصال مقررات إجتماع ليلة [17-7-1963]. ، كان أحد أعضاء الوفد كاكەحەمە خانقاه الأخ الاصغر من شيخ حسين خانقاه.
3-[ 19 -7- 1963] رجعت من هەنجيرە الى (رانية) لإستلام جواب الوفد، في هذا الأثناء وصلت طائرة سمتيه غير التي غادرت بالأمس، معها خبر سقوط السمتية التي غادرت الى (كركوك) يوم أمس في (كويسنجق)، على أثره فارق كاكەحەمە خانقاه الذي كان أحد أفراد الوفد، الحياة. على أثر ذلك عاد الشيخ حسين خانقا الى كركوك وبقى مسعود محمد وبابكر أغا في (رانية). ذهبت الى (سه نگەسەر)، رافقت الجماعة الى (سەركەبكان) وبعدها ذهبت الى (رانية) لآيصال المعاون ومسعود محمد الى عباس أغا لإستكمال المباحثات.
4-[20-7- 1963] ذهبت الى(رانية) مجدداً لمرافقة مسعود محمد، بابكر أغا، والمعاون الى (سەركە بكان للقاء عباس أغا وأذيع في الليل {لم يذكر الكاتب شيئاً}وعدت في الليل الى (رانية).
5-[ 07-21 --1963] ذهبت من (رانيە) الى( سەنگەسەر) لبعض الأعمال الخاصة وفي الليل رجعت الى جماعتنا في (دەربەند).
6-[ 22 -7- 1963] رجعت الى (رانية) عن طريق (دربەند) ذهبت، في الليل، الى (بوسكين) كنت مريض جداً في تلك الليلة.
7-[ 07-27 - 1963] جاء وفد الحكومة من بغداد برئاسة وزير الداخلية (حازم جواد) وكان القرار بأن يجتمعوا في (سه يداوه ) مع شيخ حسين من بوسكين - والأغاوات، أرسلعباس أغا أخوه مراد أغا، وجدير بالإشارة بأن الإجتماع أنعقد تحت خيمة لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة. في النهاية بلّغوا الوزير بأنهم سيصلون إلى إتفاق وسيكون جوابهم في وقت لاحق.
وفي الليل رجع الوزير الى (رانية ) ، أما شيخ حسين والأغوات رافقا معهم كلٌ من مسعود محمد وبابكر أغا الى قلعة دزه اللذان كانا محجوزين عند الحكومة لفترة من الزمن.
8-[ 07-28- 1963] رجعت الى (رانية) وسلمت رسالة مشتركة من الشيوخ والأغوات إلى مدير الأمن ليسلمها الى الوزير تتضمن « بأنهم مستعدون للإتفاق بعد التباحث مع ملا مصطفى»
9-[4 -8- 1963] كنا في (قلعة دزه) عندما أعلنت إذاعة بغداد بأن قرية (بارزان) تمت إحتلالها من قبل القوات الحكومية، بعد نشر هذا الخبر رجعنا من (قلعة دزة) الى (خانه لى).
10-[8 -8- 1963] بعد التباحث والإتفاق كنا في (سيداوه) عندما قررنا أنا و حميد عثمان الشيوعي بناء على طلب شيخ حسين و الأغوات أن نذهب الى ملا مصطفى الذي كان خلف منطقة (بارزان)، توجهنا في نفس اليوم من (قلعة دزه) الى عباس أغا في (دوله ره قه)، وكان معي حصانا جيداً، قال لي عباس أغا: فه قى بابكر أقترح أن لا تأخذ معك هذا الحصان لأن الحصان يكون سبباً في كشفك من قبل العدو إما إذا كنت سائراً على الاقدام تستطيع الاختباء كلما دعت الحاجة، إستمعت إلى نصيحته قررت أن أسير على الأقدام، وأعدت الحصان الى (قلعة دزه).
11-[08-10- 1963] تحركنا مع حميد عثمان و3أشخاص أخرين من جماعة الكاوانيين من (دوله ره قه) الى أن وصلنا الى قرية ( ره ژى كه ريان)، ذهبنا الى جلال بگ وعزيز عقراوي والتحق بنا من هناك إثنان أخران من الكاوانيين وشخص أخر كان مسجوناً من قبل عزيز عقراوي إسمه حاجي بارزاني صوفي { من عشيرة برادوست } طلب عزيز عقراوي بإيصاله الى مقر ملا مصطفى، كان حاجي بارزاني من جماعة محمود خليفة صمد.
12-[08-11- 1963] تحركنا من قرية (رەژي كەريان) وصلنا الى بيت خدر آغا في قرية(گەورەبێش) ليلاً.
13-[12-8- 1963] تحركنا من قرية (گەورەبێش) وصلنا الى بيوت البارزانيين في قرية (كەونەگوند) ليلاً، وفي تلك اللية نمت وفي حضني بندقيتي، عندما إستيقضنا صباحاً تبين بأن حاجي صوفي قد هرب ومعه بندقية أحد من مرافقيها.
14-[13 - 8- 1963] تحركنا من قرية (كەونەگوند) وصلنا (سەروكانيان) ليلاً.
15-[14 -8- 1963] ذهبنا من (سەروكانيان) نحو قرية (پيرانان) وصلنا الى (جسر شێروان) مقابل (جبل شيرين) وفي الظهر وصلنا منطقة(واژێ) الى مقر لوقمان بارزاني.
16-[15 -8- 1963] وصلنا في الساعة [12] ظهراً الى (ليل الحرب) وكان في الجبل الكثير من البطيخ، بعدها ذهبنا الى ملا مصطفى وكان علي بارزاني وصالح بەگ ميران”موجودان، ولكني لم أجد الملا عبدالله بارزاني الذي كان يرافق ملا مصطفى دائماً هناك بسبب وجوده في جبهة القتال ضد القوات الحكومية في (منطقة بارزان)، قال لي حميد عثمان مسبقاً: فەقێ بابكر إنني لم أكن حاضراً في الاجتماعات لهذا لا أتمكن الحديث عن أي شئ، تكلم عن كل شئ مع ملا مصطفى، بعد ذلك تكلمت، في جلساتنا، عن جميع تفاصيل الإجتماعات، كيفية وصول الجيش الى (رانيه) والإتيان بمسعود محمد و بابكر آغا و شيخ حسين وشيخ محمد الى منطقة رانية ، تكلمت عن الاجتماع الأخير في (سەيداوە) مع وزير الداخلية حازم جواد بهدف الوصول الى إتفاق ولكن كان هدفنا الوحيد إطلاق سراح مسعود محمد والجماعة. بعدها قال جناب ملا مصطفى : « لا فائدة من الاجتماعات والمباحثات مع هؤلاء ولكنكم أحسنتم عملًا بتحريرهم»، ولكنه إنفعل قليلاٍ حول موضوع أخر وقال: « لماذا لم تساندوا عمر دبابة في جبلجناروك وهو في خضم معركة كبيرة ». قلت له : في تلك الفترة كنا قريبين من (كاني وەتمان) و (خەلەكان) لإحتمال تسلل الجيش من هناك الى المنطقة، على أثر ذلك هدأ ملا مصطفى، وكتب رسالتين إحداها إلى شێخ حسين والأخرى الى عباس أغا.
17-[08-16 -1963] بدأنا برحلة العودة من مقر ملا مصطفى الى أن وصلنا الى منطقة خالية ليلاً{يبدو أن رحلة العودة جرت بمسار أخر}
18-[17 - 8- 1963] بعد هذه المنطقة الخالية وصلنا الى قرية(شيوانێ)، أردنا أن نرتاح في هذه القرية ونأكل شيئاً، ولكن عندما وصلنا الى وسط القرية رأينا بأم أعيننا عدد من الأشخاص كانوا من رجالات الحكومة، كان أحدهم مشغول بالحراثة بواسطة ثور، عندما رأنا ركض ليخبر كبيرهم كەڕۆ الذي كان أحد رجالات الحكومة المعتمدين، عندما رأيناهم هربنا وكنا سبعة أشخاص وكنت الوحيد بينهم أعرف الطريق لأنني مررت به عام 1962، بعدها ركضنا وفي الليل و صلنا (دێرە حصاروست) دخلنا بيتاً وقدموا لنا الأكل ونحن خائفين لا أن يكون من رجالات الحكومة، قال صاحب البيت: « جماعة كريم خان أي كەڕۆ وصلوا الى القرب من قرية (دێرە) يبدوا أنهم عرفوا بأنكم في هذه، لكنهم غادروا، وأعلموا بأن في هذه الجبال الكثير من رجالاتهم» . سلكنا جبل هنديين للوصول الى قرية (گرتك) في هذا الليل {هذه القرية هي الموطن الأصلي لحميد عثمان وفيها مرقد الجد الأكبر له المعروف بالمنطقة ب(پيرە باو - الأب الهرم أو العجوز) وكان عالم دين ومتصوف} بعد الأكل وشرب الشاي غادرنا الى قرية (ڕوستێ) وقضينا الليل هناك{ المسافة بين القريتين قليلة جداً المنطقة معروفة ب(روست و گرتك)}
19-[18 -8- 1963] تحركنا من (ڕۆستێ) وصلنا الى (دار السلام) ليلاً.
20-[19 -8- 1963] تحركنا من (دار السلام) وفي الليل وصلنا الى (دۆلە رەقە) حيث عباس أغا، خدموني في تلك اللية خدمة كبيرة بسبب الجروح والألام الشديدة في قدمي وكنت منهكا ، بعدها زارني عباس أغا قائلاً: ماذا قال لك ملا مصطفى؟ بلغته جميع ما قاله ملا مصطفى بدون زيادة أو نقصان.
21-[ 20 -8- 1963] أرسلني عباس آغا راكبا دابة بمرافقة أحد رجالاته الى (رانية) ومنها نقلوني بواسطة سيارة الى (قلعة دزه).
بسبب هذه الألام بقيت في بيت خدر سليم أغا في (سەرتەپكان). يزورني طبيب شيوعي لمعالجتي في دار خدر أغا يومياً، وكذلك الاصدقاء وفي نفس الوقت زارني شيخ حسين آيضاً عندها أوصلته رسالتي ملا مصطفى المكتوبة والشفهية.
{تعليق: هل لا حظ القارئ بآي دور مرئي لحميد عثمان في هذه الرحلة الطويلة المضنية والشاقة المحفوفة بالمخاطر والصعوبات، إذن لماذا تحمل حميد عثمان كل هذه المخاطر والصعاب؟؟ هكذا هي طبيعة التأريخ الكوردي كأمة رزخت تحت ظلم وتشويش الامبراطوريات والسلاطين وطوابيرهم الخامسة. على مدى التأريخ جانب مرئي ومحسوس، حي على الصلاة كمايقولون وأخر يعتمد على الكتمان الشديد، غير مرئي حتى للقريب والملاصق للحدث يحتاج، الى الكثير من تأمل المتصوفة والمعرفة بخلفيات الأمور لكي يقترب الانسان من فهم حقيقة ما يجري من الأمور وجوهرها كما هي دون تحريف أو إنتقائية، هنا يكمن منبع ديمومة جذوته، جنود مجهولون يتفانون بصمت وتواضع و بدون ألقاب، لا ينتظرون جزاءً من أحد ولا شكورا، يعيشون بين عامة الناس ومثلهم ....نعود الى الموضوع في المقال القادم بعنوان: خارج النص: من المألوف الى اللامألوف. لكي لا تختلط مع ما كتبه بابەكر الذي فيه أوجه الشبه مع ما كتبه: جون ريد في عشرة أيام هزت العالم، وأسد علم في كنت مع الشاه}
(يتبع)[1]