=KTML_Bold=أوجلان .. والحل السلمي للمسألة الكوردية.=KTML_End=
أوجلان .. والحل السلمي للمسألة الكوردية.
بير روستم
الحوار المتمدن-العدد: 4758 – 2015-03-25
المحور: القضية الكردية
رغم كل نوايا تركيا الطيبة و(الخبيثة)، لكننا نعلم بأن الظروف والمناخات المعاصرة ليست هي ما كانت عليها الحال في بداية القرن الماضي لينخدع الكورد باللعبة التركية في حل المسألة الكوردية وأن المرحلة التاريخية بدأت تفرض شروطها على الجميع وخاصةً على حكومة العدالة والتنمية لأن تحرك ساكناً في القضية الكوردية وتبحث عن شركاء للحل .. ولكن ومن ناحية أخرى، هل فعلاً المعادلة السياسية هي كما في الصورة التي ذكرناها في قضية المفاوضات بين العمال الكوردستاني والحكومة التركية بقيادة العدالة والتنمية، أم سيتم خداع الكورد _ومرة أخرى_ كما وقعوا ضحية الوعود الكمالية (مع مصطفى كمال أتاتورك؛ مؤسس الجمهورية التركية الحديثة). وبالتالي ((يخرج الكورد من الإتفاقيات بلا حقوق)) وذلك مع ما طرحه السيد أوجلان لبنوده العشرة والتي تطالب الدولة التركية بالبدء بها بينما الأخيرة تطلب مقدماً وشرطاً لأي مفاوضات مباشرة؛ بأن يتم التخلي عن مسألة الكفاح المسلح وذلك على الرغم من خلو البنود العشرة لطرح أوجلان من أي إشارة إلى المسألة القومية في تركيا (شمال كوردستان) حيث جاءت فقرات البنود التي طرحها السيد أوجلان على الشكل التالي:
أولا: السياسة الديمقراطية، ماهيتها ومحتواها.
ثانيا: تحديد الأطراف الإقليمية والدولية التي ستتابع تطبيق مرحلة الحل السياسي الديمقراطي.
ثالثا: الضمانات الديمقراطية والقانونية لخلق المواطنة الحرة.
رابعا: علاقة السياسة الديمقراطية بالدولة والمجتمع وآليات عمل هذه العلاقة.
خامسا: الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للحل السياسي الديمقراطي.
سادسا: حالة الأمن وشروطها في ظل تفعيل الحل السياسي الديمقراطي.
سابعا: الضمانات القانونية لحقوق المرأة، توطيد الثقافة وحماية البيئة.
ثامنا: الضمانات القانونية على حماية الهوية الحرة، وتحقيق المساواة والاعتماد على الديمقراطية في التعامل مع جميع المواطنين.
تاسعا: تعريف الجمهورية الديمقراطية، الوطن المشترك، والقوانين الديمقراطية، وضمان كل ذلك في متن الدستور الرسمي للدولة.
عاشرا: وضع دستور للدولة يتم ضمان كل البنود السابقة فيه بشكل ديمقراطي واضح.
وقد جاء رد السيد داود أوغلو؛ رئيس الحكومة في كلمة له خلال المؤتمر الدوري الرابع لفرع شبيبة حزب العدالة والتنمية، في ولاية أنقرة، بأن “مرحلة تحقيق السلام الداخلي تمكنت من التغلب على الكثير من المحن”، ومبيناً أن جميع الأبواب سوف تشرع أمام تطبيق السياسات الديمقراطية. وقد أوضح داود أوغلو في كلمته تلك “أن بلده عززت مرحلة السلام الداخلي، التي تحتضن جميع المواطنين دون استثناء”، ومؤكداً “لا فوارق بعد اليوم في هذا البلد، بين تركي وكوردي، وبين سني وعلوي أبداً، فالجميع سواسية” وقد كانت مفاجئة إلى حد ما للشارع التركي الذي لقّن بسياسة “إفرح كونك تركي” ولذلك جاء خطاب الرئيس التركي لكي يخفف من وقع هذه الكلمات في الشارع ولكي لا يتم إستغلاله من قبل القوى القومية للمعارضة التركية وعلى الأخص حزب الشعب الجمهوري وبالتالي فقد خرج الرئيس التركي؛ رجب طيب أردوغان نافياً لوجود أي قضية كوردية في البلاد قائلاً “لا قضية كوردية في تركيا” وقد جاء رد المعارضة مباشراً وقوياً وذلك عندما ذكرت الرئيس؛ ب”إن لم تكن هناك قضية كوردية فلما المفاوضات أصلاً مع العمال الكوردستاني”. وكذلك ومن جانبها فقد وصفت منظومة المجتمع الكوردستاني نداء السيد أوجلان بالدعوة لعقد مؤتمر للحزب في الربيع، للبحث في “مسألة الكفاح المسلح وإلقاء السلاح”.. بالخطوة التاريخية، ومؤكدة أن الحكومة التركية لم يعد لديها حجج في عدم اتخاذ خطوات جدية من أجل السلام .. داعيةً الى عدم استغلال نداء أوجلان للدعاية الإنتخابية المقبلة.
وبعد كل ما ذكر .. هل فعلاً دخلنا؛ بمعنى المسألة الكوردية في تركيا ضمن الأجندات والحلول السياسية المطروحة على الطاولة .. ثم ما مدى جدية كل طرف من طرفي النزاع بالإلتزام بما يطرح شفاهياً من خلال الإعلام، وهل طرح كل شيء، أم ما زال هناك الكثير الذي لم يطرح بعد على الشارع السياسي، وإن هذه العناوين الصحفية والإخبارية ليست إلا لقياس نبض الشارع التركي وأنه نوع من البازار السياسي في لعبة الإنتخابات البرلمانية المقبلة. بالتأكيد هناك الكثير من الأسئلة التي تتم طرحها، لكن وللآن ما زال الغموض يلف الكثير من القضايا والملفات وأنا شخصياً ما زلت متشكك في جدية الطرفين وذلك على الرغم من إنني كنت وما زلت أرفض اللجوء إلى إستخدام السلاح في حل أي نزاع سياسي _أو غير سياسي_ وقد كتبت أكثر من مقالة بخصوص هذه القضية وذلك منذ بدايات الألفية الجديدة وحينها قد تعرضت للكثير من النقد وتحديداً من أنصار ومؤيدي العمال الكوردستاني .. وها إنني اليوم أعيد وأقول؛ إن الحل السلمي أفضل من كل الحلول العسكرية ولا نهاية للحرب إلا من خلال عملية السلام والحوار والتفاوض، ولكن وبنفس الوقت فإننا نعلم بأن المفاوضات لن تكون سهلة وبأن تركيا سوف لن تحل المسألة الكوردية بجرة قلم أو خلال الأشهر والأيام القادمة .. لا أبداً، وبكل تأكيد سوف تماطل الحكومة التركية وتتهرب من كل الكثير من الإستحقاقات الدستورية والقانونية ومع ذلك فإنني مع فكرة “إلقاء السلاح” حيث هناك المزيد من وسائل الضغط على تركيا وذلك من خلال الإحتجاج السلمي المدني والمظاهرات والإعتصامات الجماهيرية وغيرها؛ أي من خلال النشاط السياسي السلمي المدني .. وهو بكل الأحوال أفضل من إراقة الدماء، حتى وإن كانت، بقصد الحقوق القومية المشروعة لشعبنا.
وبالتالي وعلى الرغم من كل ما قيل وما سوف يقال، فإنني على قناعة تامة، بل وعلى يقين كلي؛ بأن الحوار لن يكون بهذه السذاجة والتبسيط وبأن الموضوع؛ هو بين رجل مسجون (أوجلان) وجهاز أمني تركي _وذلك كما طرحه البعض_ حيث يبدو أنهم يتناسون وجود ودور قنديل في العملية التفاوضية وكذلك زخم القوى السياسية الكوردية الفاعلة في الداخل والسياسة التركية، إن كان من خلال البرلمان والبلديات والتي هي بيد حزب الشعوب الديمقراطية _الجناح السياسي للعمال الكوردستاني داخل تركيا وبرلمانها_ بحيث وصل الأمر ببعض التيارات التركية الأكثر راديكالية وقوموية، لأن يعلنوا الإحتجاج على سيطرة الكورد على (مناطق الجنوب) أي الإقليم الشمالي من كوردستان وذلك من خلال فوز الحزب المذكور بأغلب البلديات، بحيث وصل الأمر بالمعارضة القومية التركية لأن تقول: بأن “الكورد يمارسون الحكم الذاتي في تلك المناطق” .. وهكذا فإن القضية هي ليست “قضية إخلاء سبيل أوجلان وأن على القضية الكوردية السلام” حيث وبهذه القراءة التبسيطية للمسألة فإننا نقزم تضحيات شعبنا وما حققه في الإقليم الشمالي من كوردستان. أما النقطة الأخرى _وكما قلت سابقاً_ بأن الحروب لا تحل القضايا، بل المفاوضات هي التي تقدم الحلول ولتكن المسألة السورية مثالاً حاضراً لنا؛ حيث وبعد كل هذا الدمار والخراب والقتل والتشريد، فإنه يتم البحث عن المخارج من خلال طاولة الحوار والمفاوضات .. وأعتقد أنه قد حان الوقت لأن نعلن؛ نهاية عهد الثورات والكفاح المسلح وأن تكون الكلمة للحوار والحلول السلمية وطاولة المفاوضات والديبلوماسية السياسية.
وأخيراً أود أن أقول؛ بأن هذه المفاوضات أو لنقل الإستماع إلى وجهات النظر؛ كون المفاوضات الحقيقية لم تبدأ بعد وإن بدأت سوف تحتاج إلى رعاية وشركاء رغم رفض تركيا الحالي لها، لكن وبقناعتي سيأتي ذاك اليوم الذي سوف تضطر فيه تركيا بقبول الرعاية الدولية لمفاوضاتها مع العمال الكوردستاني وإن هذه المشاورات بين الطرفين ليست إلا هي الخطوات الأولى في عملية سلام شاقة وطويلة وسوف يكون هناك مستقبلاً الكثير من الأطراف المشاركة بها، إن كانت بشكل مباشر كقيادة حزب الشعوب الديمقراطية أو من خلف الستار _مرحلياً_ وذلك من قبل دول حليفة وشريكة في عملية السلام ومن دون أن تظهر على الساحة حالياً؛ كون ما زالت المفاوضات في إطار الدوائر المغلقة .. ومسألة أخرى نود الإشارة لها وهي التي تتعلق بملاحظة البعض على أن؛ “المفاوضات تقوم بين قوى وأطراف متكافئة وليس بين زعيم معتقل (أوجلان) ونظام (أي الحكومة التركية) يمتلك من القوة السياسية والعسكرية ما يجعل الطرف الآخر (العمال الكوردستاني) في موقف الإستجداء والقبول بالشروط والإملاءات” .. فإننا نقول لهم؛ بأن المفاوضات تحصل بين الجميع ولا يمكن أن يتساوى الفريقان لكي يتفاوضا حيث ذاك غير وارد لا من الناحية الواقعية ولا من حيث التوازن السياسي والعسكري؛ كون لا يمكن مقارنة تنظيم سياسي مهما أوتي من إمكانيات مع دولة تمتلك من القدرات وخاصة بحجم الدولة التركية وإمكانياتها الإقتصادية والبشرية وحتى على مستوى العلاقات الدولية والديبلوماسية السياسية.
وهكذا فلا مفر من المفاوضات والحوار وذلك على الرغم من صعوبتها ومشقتها .. وبقي أن نذكر البعض الذي يرفض الحوار بين “السجان والمسجون” بأن الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا؛ فاوض الحكومة البريتورية العنصرية وهو في المعتقل مسجوناً وهو وضع شبيه بوضع السيد أوجلان إن لم نقل بأنه متطابق إن كان من الناحية السياسية الحقوقية أو من حيث ظروف الإعتقال والمفاوضات.
[1]