=KTML_Bold=أسباب غياب ..الملف الكوردي في جنيف3؟!=KTML_End=
#بير رستم#
كلنا تابع بشكل أو آخر الإعلام الغربي بشأن مفاوضات (جنيف 3) والإشكالات التي رافقت قضية التمثيل والوفود التي ستشارك بها _وأقصد بها المعارضة؛ كون النظام له وفده_ حيث وللأسف؛ فإن المعارضة هي التي كانت لها إشكالية تشكيل وفدها ممثلاً لكل الأطياف التي لها وجودها الفاعل على الأرض، رغم أن مؤتمر الرياض والذي انعقد في الفترة 17 – 19 مايو 2015 وحظي برعاية كل من تركيا والسعودية وبمباركة شبه دولية وخاصةً أمريكا والغرب، إلا أنها لم تشمل كل أطياف المعارضة السورية وإن قدرت أن تجمع وتضم أغلبية الفصائل والقوى السياسية والعسكرية وخاصةً بعد أن ضمت هيئة التنسيق الوطنية _الطرف العربي ودون الكوردي المتمثل بحزب الإتحاد الديمقراطي وقواته العسكرية_ مما دفع بهذا الأخير إلى الإستباق لعقد مؤتمر “مجلس سوريا الديمقراطي” بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول في مدينة ديريك بالجزيرة ومن ثم الإعلان عن تجميد عضويته في هيئة التنسيق الوطنية مع حزبين كورديين آخرين حليفين له.
وهكذا إنقسمت المعارضة بين كل من مؤتمر الرياض ومجلس سوريا الديمقراطي وعدد آخر من القوى والفصائل المبعثرة، ورغم إتهام كل من بقي خارج إطار مؤتمر الرياض بالولاء للنظام السوري من قبل المجتمعون وحلفائهم وهي تهمة رفضتها تلك الفصائل والقوى السياسية وعلى الأخص “مجلس سوريا الديمقراطي” والذي طرح رؤيتها ومشروعه الخاص؛ “الطريق الثالث” كحل ومخرج للأزمة الحالية، بل تساءلت وتساءل معها الكثيرين، بأن لو كانت الحجة هي الولاء للنظام السوري في إستبعادهم من مؤتمر الرياض لكان الأولى بالمجتمعين أن لا يقبلوا بكل أحزاب وقوى “هيئة التنسيق الوطنية” وليس فقط حزب الاتحاد الديمقراطي والذي جاء إستبعاده من مؤتمر الرياض مع قواته العسكرية؛ وحدات حماية الشعب ومن ثم “قوى سوريا الديمقراطية” بضغط تركي مباشر مع حليفه الجديد المملكة العربية السعودية، بإعتبار إن “الحزب الكوردي (السوري) فرع لحزب العمال الكوردستاني والمتهم بالإرهاب” بحسب التوصيف التركي الأمريكي.. ولذلك وتحت الضغط الكبير تم إبعاد الحزب والقوات الكوردية، على الرغم من إعتراف الجميع بأنها القوات الأكثر تنظيماً وقدرةً لمحاربة تنظيم “داعش” وكل قوى التطرف والإرهاب في سوريا.
طبعاً نجاح تركيا في إبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي، لم يأتي فقط إعتماداً على قضية الإرهاب والإصطفاف مع النظام السوري وإن تم إعتماد ذلك إعلامياً وكأنها القضية الوحيدة في إبعاد الحزب الكوردي وقواته العسكرية، لكن ما كانت نجحت تركيا في مسعاها ذاك لولا عدد من القضايا المساعدة، ومنها _بل وعلى رأسها_؛ حالة الإنقسام والإنشقاق في الصف الكوردي حيث وللأسف ونتيجة ثقافة الحزب الواحد والصراع بين القطبين الكورديين “أربيل وقنديل” في الإستفراد بالقرار السياسي في روج آفاي كوردستان “المناطق الكوردية الملحقة بسوريا”، وكنتيجة لحالة الإنقسام ذاك، فإن القوى والأحزاب الكوردية المحسوبة على إقليم كوردستان (العراق) حاولت أن تجعل من وجودها في الإئتلاف نقطة صراع مع الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي بحيث تحرمه من أن يكون ممثلاً في المعارضة وذلك رداً على حرمان الأخير لهم؛ أي للمجلس الوطني الكردي من المشاركة في إدارة المناطق الكوردية وكذلك منع دخول قوات بيشمركة غربي كوردستان كقوة عسكرية تابعة للمجلس إلى مناطق الإدارة الذاتية .. وهكذا فقد أستغلت تركيا هذا الخلاف والإنقسام الكوردي مع قضية أو (تهمة الإرهاب)، لتحرم أحد أكثر القوى الكوردية فاعليةً على الأرض من أن تكون حاضرة في مؤتمر الرياض ومن ثم (مؤتمر جنيف 3)، مما دفع بكثير من دول العالم ووكالات الأنباء أن تتساءل وتقول: “أن الكورد يغيبون عن مؤتمر جنيف”.
لكن السؤال الذي طرح نفسه على الجميع هو؛ لما قالت تلك الوكالات والدول: “إن الكورد يغيبون عن مؤتمر جنيف” وذلك على الرغم من وجود المجلس الوطني الكردي ضمن وفد الإئتلاف وكجزء من المعارضة الوطنية السورية بحيث دفع ببعض قيادات المجلس لأن تبادر وتقول: نحن لنا تمثيل في كل الأطر والتشكيلات وغننا نمثل الكورد، بل كتب أحد أولئك الإخوة القياديين على صفحته الشخصية تصريحاً للمجلس يقول فيه؛ “طالب مكتب العلاقات الوطنية والخارجية للمجلس الوطني الكردي أغلبية الدول المعنية بالشأن السوري اثناء لقاءاته مع ممثليها في الربع الأخير من العام الماضي بان يتمثل الكرد في مؤتمر جنيف 3 بوفد خاص وعندما استفسرت و بمافيه حزب الاتحاد الديمقراطي كان الجواب نعم” ويضيف كذلك “اثناء حملة التواقيع استغرب البعض مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بإدراج القضية الكردية في سوريا على جدول عمل مؤتمر جنيف 3 لان ذلك ليس في مجال مهامه وقد تناسوا ان القضية السورية كلها باتت تحت نظر مجلس الأمن بموجب قراره الأخير وقبل ذلك ايضا وهناك موفد خاص من الأمين العام لمتابعة الوضع السوري ويستمع للجميع وقضيتنا الكردية من القضايا الرئيسية والأساسية” وكذلك “شكك اخرون بعلاقة المجلس الوطني الكردي مع باقي مكونات الائتلاف وبان الأخير لم يتبنى إيجاد حل للقضية الكردية والصحيح ان مبادئ جنيف 2 واتفاقية المجلس الموقعة مع قيادة الائتلاف حول حقوق الكرد قد سلمتا للسيد دي ميستورا منذ أكثر من شهرين من قبل الائتلاف والمجلس ايضا كمان ان المجلس يشترك في هيكلية الائتلاف كمكون قومي كردي وسياسي”. لكن ورغم كل ذلك بقي السؤال معلقاً؛ “لما يتم تغييب الكورد من مفاوضات جنيف”.
بقناعتي إن الإجابة عن السؤال السابق في عدم رؤية المجتمع الدولي للمجلس الوطني الكردي ممثلاً للكورد، تكمن في صيغة وصياغة تلك العلاقة نفسها بين كل من الإئتلاف الوطني والمجلس الكردي؛ حيث وعلى الرغم من إمتلاك هذا الأخير لمشروع سياسي يطالب بالفيدرالية لسوريا وحل القضية الكوردية في إطار العهود والمواثيق الدولية التي تقر الحقوق الأساسية ل”قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية” ويسمي المناطق الكوردية بإقليم كوردستان (سوريا). وبالتالي هي نظرياً متقدمة وأكثر مطلباً قومياً من مشروع “الإدارة الذاتية الديمقراطية” لحزب الاتحاد الديمقراطي ومشروعه السياسي، إلا أن ذلك لم يشفع له؛ للمجلس الوطني الكردي بأن يجد فيه العالم إنه يمثل الكرد وحقوقهم الوطنية بحيث جاءت التقارير الدولية لتقول بغياب الكورد نتيجة إبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب، فهل كان ذلك إعتباطياً ودون معرفة بالوضع.. إنني شخصياً؛ لا أعتقد بأن هناك ما يأتي إعتباطياً ومن دون مقدمات، حيث وكما قلت في مقدمة الفقرة، بأن شكل العلاقة بين كل من المجلس الوطني الكردي وقوى الإئتلاف السوري هي التي جعلت العالم تنظر للمجلس على إنه جزء من المعارضة السورية وليس قوة ممثلة للكورد وبأنهم “جزء من المشروع الوطني وليسوا أصحاب رؤية ومشروع قومي كوردي” على الأقل في رؤية الكثيرين وإن لم نقل في رؤية الجميع.
وهكذا ونتيجةً لتلك الصيغة في العلاقة بين المجلس الكردي والإئتلاف الوطني، غابت القضية الكوردية، أو على الأقل غُيّب تمثيل المجلس الكوردي للقضية بحيث جعلت الوكالات والدول وحتى (الصديقة) منها، مثل تركيا تقول: بأننا “لن نسمح للأكراد بأن يكونوا ممثلين في مؤتمر جنيف” لتعود وتستدرك خطورة التصريح وتصيغه بطريقة أخرى ويقولوا بأنهم؛ “لن يسمحوا تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي وقواته.. وليس الأكراد” وبأن الكورد لهم ممثليهم في الإئتلاف والهيئة التفاوضية. وهكذا تكتشف لنا الأحجية من خلال تصاريح الآخرين ومنها تركيا، حيث وعندما تكون جزءً من مشاريع الآخرين فإن مشروعك سيكون مغيباً تماماً وقد أوضح تلك الحقيقة، أحد الشوفيين والعنصريين العرب ومن دون أن يقصد وذلك من خلال رده التالي على القيادي الكوردي الذي أوردنا تصريحه في فقرة سابقة حيث كتب هذا الأخير في رده: ((عندما يطالب المجلس الوطني الكردي الذي هو (جزء من الائتلاف) بأن يتم تمثيله بوفد خاص في جنيف3، هذا يعني ان له قضية منفصلة عن قضية الشعب السوري يسميها “القضية الكردية في سورية” وفي سورية بحدودها الحالية وعبر تاريخها السياسي لا يوجد شيء اسمه قضية كردية في سورية، فهذه مسألة محدثة تأثراً بالتجربة الكردية في شمال العراق .. لذلك فالمجلس الوطني الكردي عبر هذه المطالبات يسعى لمكاسب سياسية كالاعتراف به بحالة منفصلة عن حالة الشعب السوري وقضاياه..)). ويضيف ((بالنسبة لحملة التواقيع كان الغريب بالأمر ادعاء وجود قضية في سورية غير قضية الشعب السوري، فقضية السوريين واحدة)).
إذاً لا قضايا أخرى في سوريا و”قضية السوريين واحدة” ولا “قضية منفصلة عن قضية الشعب السوري” لنصل _بالأحرى هم يصلون_ إلى نقطة الحسم لقولوا لنا؛ بأن ((لا قضية كردية في سورية)) ونقطة على السطر .. لكن السؤال الإشكالي الآخر والذي يطرح نفسه وبقوة؛ لما رأى العالم _الأصدقاء والأعداء معاً_ في حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات الحماية الشعبية و”الإدارة الذاتية” بأنه هو الوجود والتمثيل الكوردي وذلك على الرغم من خلو إسم الحركة؛ الحزب وقواته العسكرية وإدارته الذاتية من إسم كوردي، بينما أحزابنا في المجلس الكردي عموماً تحمل إسم “الكردي والكردستاني”، بل إن مشروعهم السياسي _أي مشروع المجلس الكردي_ يطالب بالفيدرالية لسوريا ويسمي المناطق الكردية بإقليم كوردستان (سوريا) وعلى الرغم من ذلك لم تجد فيهم العالم ووكالاتها تمثيلاً للكورد، بينما مشروع الطرف الآخر؛ حزب الاتحاد الديمقراطي يطالب بدولة ديمقراطية مدنية وللمناطق الكردية والتي يسميها “روجآفا” وحتى من دون لاحقة كوردية وكذلك لا يطالب إلا بالإدارة الذاتية وهي أقل من إقليم فيدرالي سياسياً وحقوقياً ورغم ذلك وجد فيهم العالم ممثلين للكورد .. وللإجابة والتفسير أعتقد أن علينا أن نعود ومرة أخرى للعلاقة بين المجلس والإئتلاف وما يملك كل طرف من أوراق قوة وسيادة؛ أي أن الإجابة تكمن مجدداً في مسألة القيادة والسيادة، وهل أنت من تقود مشروعك السياسي أم قرارك مرتهن للآخرين، حيث وللأسف فإن قرار المجلس الكردي ملحق بالإئتلاف الوطني السوري، بينما قرار حزب الإتحاد الديمقراطي يعود لهم وذلك على الرغم من مشاركتهم لآخرين في “مجلس سوريا الديمقراطي” وقبلها “هيئة التنسيق الوطنية” فإنهم وفي كل الحالات هم من يديرون مشروعهم السياسي والذي يعرف ب”الإدارة الذاتية و”الأمة الديمقراطية” وذلك على عكس المجلس الوطني الكردي الذي جعل من المجلس وقرارتها جزءً من قوى المعارضة السورية ليقول لهم أحدهم “قضية منفصلة عن قضية الشعب السوري”.
وهكذا وأخيراً نستنتج؛ بأن لا يكفي أن تملك مشروعاً سياسياً أو تحمل إسماً كوردياً وكوردستانياً لتكون ممثلاً للكورد وكوردستان، بل عليك أن تكون قادراً على ترجمة مشروعك عملياً .. واليوم وفي ظل الوقائع على الأرض، فإن العالم يدرك وعلى رأسهم الدول الغاصبة لكوردستان، ومنها تركيا ومعها كل الشوفيين العرب وغيرهم؛ بأن قوى المجلس الوطني الكردي ورغم إمتلاكها وطرحها مشروعاً سياسياً يمكن أن يهدد تركيا نفسها بالإنقسام _نظرياً_ وذلك لما يتضمن من قضايا سياسية تتعلق بتشكيل إقليم كوردستاني فيدرالي على غرار إقليم كوردستان (العراق)، إلا إنهم يدركون بأن المشروع غير قادر على تحريك ساكن؛ كون المجلس ضعيف في الجانب العملي، بينما المشروع الآخر ورغم غياب أي لون وتسمية كوردية وعرقية أقوامية، بل وعلى الرغم من تسابق قيادي العمال الكوردستاني إلى التبرئة من المشروع القومي وإستبداله بالديمقراطي، وقد وصل الأمر بأحدهم ليقول؛ “رمينا بالدولة القومية في سلة المهملات” ومع ذلك فإن تركيا تتهمهم بالإنفصاليين والذين يسعون إلى تقسيم البلاد وتشكيل الدولة الكوردية .. ليس هم فقط وكذلك العالم رأى فيهم تمثيلاً للكورد؛ كون الجميع يدرك بأن تلك المنظومة السياسية والعسكرية هي التي لها وجودها الحقيقي والفعلي على الأرض، إذاً فإن المعضلة الحقيقية تكمن في قدرتك على تحريك الساكن، ولذلك فإن غياب حزب الإتحاد الديمقراطي كان غياباً للقضية الكوردية في جنيف والتي لها وبالتأكيد أسبابها الكامنة في الإنقسام والتشظي الكوردي.[1]