$الأزمة السورية تدخل عامها 13.. المعاناة مستمرة والحلول لا تزال غائبة (2-2)$
=KTML_Underline=يحيى الحبيب=KTML_End=
تقاطع النفوذ وملفات التقارب والتطبيع
تتقاطع مصالح القوى النافذة في الأزمة السورية في تغليب مصالحها وتعويم حكومة دمشق على حساب آلام السوريين.
في هذا الجزء من التقرير، المعد في ذكرى الأزمة السورية، نسلط الضوء على تقاطعات النفوذ والمساعي الخادعة للدول المتدخلة في الأزمة السورية لحلها، فضلاً عن مسارات التطبيع والتقارب مع حكومة دمشق.
بعد العداء والقطيعة.. تركيا وروسيا تتقاسمان النفوذ في سوريا
بعد أن قُضي على داعش ونشوء قوة ديمقراطية متمثلة بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تخلت تركيا عن غطرستها وعدائها مع روسيا والذي تزايد بعد إسقاط تركيا، 24 تشرين الثاني عام 2015، طائرة حربية روسية من طراز سوخوي- 24، وقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إن الطائرة الروسية أسقطت فوق سوريا على بعد 4 كم من الحدود مع تركيا. ووصف إسقاط الطائرة بأنه طعنة في الظهر من شركاء الإرهابيين.
وبعد قطيعة استمرت أكثر من نصف عام، وصف خلالها حكومة دمشق وداعميها في إشارة إلى الروس بالمجرمين، اعتذر اردوغان عن إسقاط الطائرة وأعرب عن حزنه، وبذلك انحاز إلى جانب الروس وأراد تحقيق أطماعه في سوريا من البوابة الروسية، فيما سعت روسيا لاستغلال تركيا؛ لإيقاف الدعم المقدم للمجموعات التابعة لها الأمر الذي سيمكنها من تقوية حكومة دمشق.
نهاية عام 2016، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين من اليابان أنه اتفق مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان حول محادثات السلام السورية، وقال إنهما اتفقا لاستمرار المحادثات في العاصمة الكازاخية، أستانا.
19 جولة من أستانا عقدتها هذه الدول (روسيا – تركيا – إيران) بدءاً من 23 – 24 كانون الثاني 2017 حتى 23 تشرين الثاني 2022؛ لمناقشة أزمة السوريين دون حضور أصحاب الأزمة، إلا أن أهداف النقاشات ونتائجها كانت واضحة، وهي استمرار التفاهمات الروسية – التركية، ومهاجمة مشروع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
واستغلت تركيا هذا الاتفاق من أجل احتلال عفرين وسري كانيه وكري سبي وأجزاء من أرياف إدلب واللاذقية وحلب في المقابل مكّنت روسيا حكومة دمشق من السيطرة على مناطق سورية واسعة.
=KTML_Bold=اجتماعات ومنصات لم تقدم شيئاً للسوريين=KTML_End=
وتعددت المبادرات الدولية بشأن التسوية السياسية للصراع في سوريا دون أن تسفر أي منها عن حلّ سياسي، ومن ثم فإن بقاء الصراع واستمراره حتى تتبلور وتنضج عوامل التسوية السياسية أصبح أمراً واقعاً يعكسه تعامل القوى الكبرى مع الأزمة.
ولم تتمكن محادثات جنيف التي تخلى خلالها كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي وستيفان دي مستورا كمبعوثين للأمم المتحدة عن مهامهم ليتسلم فيما بعد غير بيدرسون؛ المهمة التي لم تتوصل إلى نتائج ملموسة حتى الآن، على الرغم من أن كل جولة تنتهي بجملة من القرارات لا تطبق على أرض الواقع.
حيث بدأت الجولة الأولى، 30 حزيران 2012 بناء على دعوة المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي عنان ومجموعة العمل من أجل سوريا، ولكنها فشلت لعدة أسباب؛ أهمها عدم دعوة ممثلي الشعب السوري واختلاف الأطراف المعنية بالأزمة على تفسير بنود الاتفاق.
كما عقد مؤتمر سوتشي للحوار السوري، 30 كانون الثاني 2018، وسط مقاطعة غربية وعدد من الأحزاب والكيانات السياسية الفاعلة على الساحة السورية، وبحضور عدد من ممثلي المرتزقة المرتبطين بتركيا وممثلي حكومة دمشق.
وبعد أكثر من عام ونصف على المشاورات، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش 23 أيلول/سبتمبر 2019، تشكيل ما تسمى اللجنة الدستورية التي تقرر تشكيلها في مؤتمر سوتشي برعاية روسية تركية وإيرانية، وتحولت جنيف إلى مقر لاجتماعات اللجنة الدستورية.
3 حزيران عام 2022، اختتمت أعمال الجولة الثامنة من محادثات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، دون تحقيق أي نتائج.
=KTML_Bold=حراك في الجنوب السوري والعين على السويداء=KTML_End=
على الرغم من حديث حكومة دمشق وروسيا عن فرض الاستقرار في كامل مناطقها، إلا أن السويداء جنوبي سوريا كان لها خصوصية نوعاً ما حيث ومنذ الأعوام الأولى للأزمة السورية ومع نجاح مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، حاول أهالي السويداء السير على نفس الطريق وتمكنوا إلى حدٍ ما من تحجيم دور قوات حكومة دمشق وسلطاتها إذ امتنع شبان المنطقة من الالتحاق بالعسكرية الإلزامية وشُكلت قوات محلية وبعض المجالس والمكاتب السياسية وتسبب ذلك بحدوث صدامات بين أهالي السويداء والأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق.
وشهدت المنطقة في تموز 2018، هجوماً دامياً نفذه مرتزقة داعش إذ خطفوا 36 مدنياً بين نساء وأطفال وأوقعوا أكثر من 250 قتيلاً، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وتتهم شخصيات وقوى من السويداء حكومة دمشق بالوقوف وراء الهجوم بعد أن تغاضت عن تسيير المرتزقة لأرتال من ريف دمشق إلى المنطقة بعد أن انسحبوا من هناك؛ إثر تقدم قوات حكومة دمشق ما دفع الكثير للحديث عن صفقة بين دمشق وداعش.
ومنذ ذلك الوقت تتجدد في كل فترة حالات التوتر والمظاهرات في السويداء، وفي 3 شباط 2022، تجددت المظاهرات على خلفية تدهور الحالة المعيشية لتتحول المظاهرات إلى صدام في تموز، حيث سيطرت فصائل محلية بقيادة حركة رجال الكرامة على آخر مقر لمجموعة مسلحة، تابعة للمخابرات العسكرية في السويداء جنوبي سوريا يقودها راجي فلحوط، لتجدد أيضاً 4 كانون الأول حيث شهدت السويداء حالة توتر واحتجاجات شعبية كبيرة على التدهور المعيشي والاقتصادي الذي تشهده البلاد، وهاجمت الحشود مبنى المحافظة في قلب المدينة.
=KTML_Bold=التقارب بين دمشق والاحتلال التركي=KTML_End=
شهدت الأزمة السورية منعطفاً مهماً منذ العام الماضي، حيث وعلى الرغم من سنوات من العداء بين دمشق وأنقرة واحتلال الأخيرة لأراضي سورية عديدة، انطلق مسار تقارب بين الطرفين وذلك بعد قمة طهران التي حضرها ممثلي أستانا 19 تموز2022، ليجتمع رئيسي روسيا وتركيا في موسكو بتاريخ 6 آب وكشف رئيس دولة الاحتلال، رجب طيب أردوغان، أن نظيره، فلاديمير بوتين، عرض عليه خلال المحادثات حل الأزمة، بالتعاون مع حكومة دمشق، واجتمع فيما بعد وزراء دفاع روسيا وتركيا ودمشق في موسكو إلا أن هذه الاجتماعات؛ لم تأخذ طابعاً سياسياً حتى الآن.
=KTML_Bold=بوادر تطبيع عربي مع دمشق=KTML_End=
خلال السنوات الأخيرة من الأزمة السورية، سعت روسيا لفك العزلة العربية المفروضة على حكومة دمشق وركزت محاولاتها على دول الخليج والأردن؛ ونتيجة لذلك كانت هناك اتصالات مع الأردن والإمارات وزار بشار الأسد، 18 آذار 2022 الإمارات في أول انتقال له لبلد عربي منذ الحرب السورية التي اندلعت عام 2011.
هذا المسار تسارع بعد الزلزال المدمر الذي وقع 6 شباط المنصرم، حيث أجرت معظم الدول العربية اتصالات مع حكومة دمشق وأرسلت المساعدات الإنسانية، كما زار الأسد سلطنة عمان للمرة الأولى، وعلى الرغم من ذلك إلا أن مساعي روسيا وحكومة دمشق بعودة الأخيرة إلى الجامعة العربية لم تكلل بالنجاح حتى الآن.
التدهور المعيشي والاقتصادي يزيد معاناة السوريين
على الرغم من مساعي حكومة دمشق لفرض سيطرتها على المناطق السورية وتطبيع علاقاتها مع الخارج، إلا أنها فشلت في تخفيف معاناة السوريين المعيشية والاقتصادية التي باتت تثقل كاهلهم، ومع بداية تشرين الأول عام 2022، سجلت الليرة السورية تدهوراً كبيراً حيث تخطت عتبة 5 آلاف، لتصل فيما بعد إلى أكثر من 7 آلاف ليرة مقابل دولار واحد.
وعمقت حكومة دمشق من هذه المعاناة عبر اللجوء إلى رفع أسعار المواد الاستهلاكية والخبز والمحروقات والمواد الغذائية والأدوية، وشهدت شوارع المدن السورية تحت سيطرة حكومة دمشق بما فيها شوارع العاصمة أزمة محروقات وخبز وغيرها.[1]