نهرو محمد
قامت #اتفاقية لوزان# التي تم توقيعها في 24-07- 1923، في مدينة لوزان السويسرية، بإلغاء وعد الحلفاء في بناء دولة كوردستان، رغم اتخاذ القرار في معاهدة سيفر ببناء دولة للكورد في جنوب وشمال كوردستان، إلا أن الدول العظمى وخاصةً بريطانيا قامت بإسقاط القرار في معاهدة لوزان.
وكان من ضمن ما جاءت به الحرب العالمية الأولى بين الأعوام 1914- 1918، تقسيم ما تبقى من ميراث الدولة العثمانية، وبناء عدة دول جديدة في المنطقة، وبخلاف المناطق الأخرى في العراق، دخلت القوات البريطانية دون قتال إلى جنوب كوردستان، حيث رحب غالبية السكان بقدوم القوات البريطانية، وكانت بريطانيا وعدت الكورد ببناء دولتهم الخاصة كباقي شعوب المنطقة.
وحسب معاهدة سيفر التي أبرمت عام 1920، تقرر بناء دولة كوردية مستقلة عن العراق، حيث ذكرت البنود 62، و63، و64، بشفافية وعلنية، عن حدود الدولة الكوردية التي كان من المقرر إعلانها.
ويلزم البند ال62 من معاهدة سيفر، مفوضية استانبول بتحديد ثلاثة ممثلين لها من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وخلال ستة أشهر من تاريخ توقيع المعاهدة، تقوم المفوضية بممثليها الثلاثة، بتقديم خريطة للإدارة الإقليمية، لتلك المناطق ذات الغالبية الكوردية، بدءاً من شرق الفرات وجنوب إرمينيا، لترسيم الحدود من هناك.
وفي حال لم تتمكن تلك المفوضية، من إتخاذ قرارٍ نهائي، وقتها، يستطيع الممثلون التفاوض مع حكومات بلادهم، حول هذا الملف، كما تم تناول وضع الأشوريين والمكونات الأخرى في المنطقة أيضاً.
وجاء في البند 63، من معاهدة سيفر، إن الحكومة التركية، عليها الرضوخ لأي قرار تتخذه المفوضية، وعليها تنفيذ القرار خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدورها.
أما البند ال64 من المعاهدة نفسها، فنصت أنه على تركيا القبول بالخروج من تلك المناطق، ورفع سيطرتها عن تلك الأراضي، والحقوق تكون بحسب الاتفاق التركي مع الحلفاء، وإذا رغب الكورد من مواطني الموصل بالانفصال، فإن التحالف لن يكون عائقاً أمام قرارهم، ولهم الحرية في الذهاب صوب الحكومة الكوردية، أو دولة كوردستان التي سيتم بناؤها في شمال كوردستان.
ولم تكن جنوب كوردستان، أو ما كانت تسمى بولاية الموصل وقتها، جزءاً من الدولة العراقية الجديدة التي تم تأسيسها عام 1921، إلا أن تلك الدولة كانت مؤلفة من بغداد والبصرة، وعليه لم يتم إشراك جنوب كوردستان يالاستفتاء الذي تم على تنصيب الملك فيصل بن حسين ملكاً للعراق، بعد استقدامه من الخارج، وتم اعتبار الكورد مواطنين لدولةٍ أخرى بناءً على دولة كوردستان التي سيتم إعلانها حسب المعاهدة.
وذكر المؤرخ العراقي الشهير عبدالرزاق حسن، في الصفحة 36 من الجزء الأول من كتابه تاريخ الوزارات العراقية، أن الكتاب الذي أرسله سكرتير المفوض السامي البريطاني، في 8 من تموز 1921 لسكرتير مجلس وزراء العراق، أوضح موقف المفوض السامي بشفافية.
بدوها صوتت ألوية كركوك والسليمانية، ضد الملك فيصل، أما ألوية أربيل والموصل فقد صوتت له بشرط ضمان فتح تأسيس الإدارات، كما وعد الحلفاء في معاهدة سيفر.
كما جاء في المادة 16 من مسودة الانتداب البريطاني في العراق، إنه لا يوجد لدينا ما يمنع تأسيس حكومة مستقلة إدارياً في المناطق الكوردية، كما يدعي البعض.
وتبادل الملك فيصل والمفوض السامي البريطاني في العراق، في 23 من آب 1922، النقاش حول القضية الكوردية، كما أرسل المفوض السامي البريطاني في 25 من تشرين الأول عام 1921، برقية لوزير المستعمرات ذكر فيها فحوى لقائه بالملك فيصل، مشيراً إلى رده على الملك فيصل بأن سياسة بريطانيا تحث على تأسيس دولة عربية، وليس امبراطورية عربية، في إشارةٍ منه لجبال حمرين والحدود الفاصلة، بين الكورد والعرب، الطرف الآخر هو كوردستان، ورغم بعض وجود التركمان هناك، وتبقى كوردستان صديقةً للعراق، وعليها أن تكون درعاً قوياً ضد تركيا، وأن تكون شريكةً للعراق في المصالح المشتركة.
بدوره، أشار الباحث الأكاديمي وليد حمدي في الصفحات 138 و139 من كتابه، الكورد وكوردستان في الوثائق البريطانية، إلى تلك الوثيقة البريطانية.
وبعد نشوب النزاع بين العراق وتركيا، حول مصير ولاية الموصل، اتفق الطرفان على أن تقوم جمعية الشعوب بحل تلك القضية.
وبعد إنشاء الجمعية وحضورها إلى جنوب كوزردستان، قامت بكتابة تقريرها حول الموضوع، عام 1924، وجاء في قسمٍ من التقرير، إنه بعد الاطلاع على المئات من الكتب الجغرافية القديمة، والخرائط، توصلنا إلى أن حدود العراق كان بين القرنين 16 وحتى 20، من تكريت وحتى جبال حمرين، أما الشمال فكان يسمى كوردستان.
ورغم كل تلك الوثائق، ودون رغبة أهالي كوردستان، قامت بريطانيا بدعم قرار جمعية الشعوب، وألحقت جنوب كوردستان بالعراق.
وهكذا وبعد الحرب العالمية الأولى، وعدت بريطانيا الكورد في البداية بإعلان دولة كوردية، من ثم تراجعت وفي معاهدة لوزان مع تركيا، أنهت ذلك الوعد وقامت بإلغائه نهائياً.
وكما يقول بعض المؤرخين، ولدت معاهدة سيفر ميتة، لأنها لم تدخل حيز التنفيذ، وبعدها وبسبب المصالح البريطانية، تم تغيير القضية الكوردية من قضية قومية إلى مشكلة ولاية الموصل، وبعدها ولأجل مشكلات الحدود العراقية - التركية، تحولت القضية الكوردية إلى قضية داخلية في البلدين.
ترجمة وتحرير : شيرين أحمد كيلو.[1]