صدرت الطبعة الأولى من رواية ‹شنكالنامه› للكاتب إبراهيم اليوسف في طبعتين حتى الآن. الطبعة الأولى في عام 2018 وصدرت الطبعة الثانية خلال بدايات هذا العام 2019، وتتناولت مأساة العصر، مأساة ‹السبايا› الإيزيديات...
صدرت الطبعة الأولى من رواية ‹شنكالنامه› للكاتب إبراهيم اليوسف في طبعتين حتى الآن. الطبعة الأولى في عام 2018 وصدرت الطبعة الثانية خلال بدايات هذا العام 2019، وتتناولت مأساة العصر، مأساة ‹السبايا› الإيزيديات.
وبالرغم من أن صفحات الرواية تقارب ال500 صفحة إلا أنها تشد القارىء وتجعله يتفاعل مع أحداثها الهائلة، إذ يربط خلالها الكاتب بين ماضي الإيزيديين وحاضرهم، وتقدم صورة عن المجازر والجرائم التي تم ارتكابها في شنكال، وفي كل المناطق التي غزاها الدواعش وكأنها فيلم سينمائي وثائقي.
المؤلف، تحدث عن بطولات البيشمركة، وعن مقاومة المرأة الإيزيدية ضد إرهابيي داعش وأمور أخرى في حوار مع (باسنيوز) حول روايته.
يقول اليوسف، المعروف عنه نزعته الشعرية: «لم أترك الشعر، فمازلت أكتبه، ولكن ما حدث في السنوات الثماني الأخيرة كان يتطلب سرد الكثير من التفاصيل التي تضيق بها قصيدة، ولو كانت ذات طابع ملحمي. في الأيام الأولى التي تلت غزو شنكال من قبل إرهابيي داعش كتبت قصيدة أزعمها ذات نفس ملحمي بعنوان (شنكالنامه)، بينت خلالها مأساة كريماتنا وحراتنا وأبنائنا وأهلنا هناك في شنكال. القصيدة قرأت على نطاق واسع، إلا أنني وجدت بأنها لم تشف غليلي، وثمة الكثير من التفاصيل لم أتناولها، أو لم تصل المتلقي عن طريق نصي، لذلك فقد كتبت المقال الصحفي، ورحت أكتب هذه الرواية».
ويضيف «مازلت أكتب الشعر، وأكتب القصة القصيرة، وأكتب المقال، إلا أن ثمة ما لا يمكن أن أقوله إلا عبر عالم الرواية، ولأعترف لك، بأن الرواية مقروءة أكثر، فقد يصدر أي شاعر، مهما كان ذا قامة عالية إبداعياً قصيدة، أو مجموعة شعرية فإن متابعيها. قراءها يظلون محدودون أمام جمهور الرواية».
ويشير الكاتب إلى أن «الشعر له جمهوره النخبوي، إلا أن الكثيرين من الأدعياء الذين يقدمون غثاثاتهم، إما على نحو تبسيطي، أو على نحو مصطنع، قد أساؤوا للشعر، بالرغم من وجود نصوص متميزة يكتبها بعضهم. أقصد القلة القليلة. الشعر كان سابقاً على السرد بصفته الإبداعية، وسيظل كذلك، ولما تزل الرواية تعتمده، وإن على نحو مختلف، كما تستفيد من جملة فنون أخرى».
وحول سبب اختياره الكتابة عن الإيزيديين، يقول اليوسف: «انشددت منذ طفولتي إلى عوالم الإيزيديين الذين كنت ألتقيهم في القرية، أيام المواسم، ومن ثم أيام المدرسة. كانوا جيراننا. كانوا مختلفين عن أهل قريتي، ورحت أطرح أسئلتي، إلى أن تعمقت في قراءة ميثولوجياهم، وعوالمهم، واشتغلت في مجال الكتابة عنهم قبل حوالي ربع قرن، أو أكثر. عندما كبرت أدركت أن ظلماً تاريخياً قد وقع عليهم، وحاولت أن أقارب عوالمهم، عبر أدواتي المعرفية، لذلك فقد وقفت معهم في فرمانهم الأخير، كما وقفت معهم في فرمان سابق، ولعلي من السباقين الذين سموا كلا الفرمانين، كما تبين تواريخ نشر بعض مقالاتي».
ويردف «عندما كتبت هذه الرواية لم أفكر طويلاً بانتشارها، كنت أرغب بأن يكون لي صوتي الذي أقوله عبره: لا، لهؤلاء القتلة. ثمة دار نشر أخرت طباعة الرواية حوالي السنتين، ما جعلني أتوجه إلى دار أخرى طبعتها لأول مرة. ثم طلب مركز لالش في كردستان مني إعادة طبع الرواية، فوافقت، وكان مقرراً أن تطبع مع بدايات العام2019، ومازلت أنتظر هذه الطبعة»، ويتابع «كما أن هناك طبعة أخرى، ستهيء لهذه الرواية بأن تكون متوافرة لدى قرائها في دائرة أوسع، مستفيدين بذلك من الطبعات المعممة عبر منصات التواصل: ورقياً، وافتراضياً. حقيقة، وزعت النسخة على المئات من أصدقائي إلكترونياً ممن قرؤوها».
وحول ردود الفعل والاهتمام بروايته، يتابع الكاتب «أعرف أن كتاباً مقربين لي كتبوا عن الرواية إلا أن بعض المنابر لم تنشر هذه القراءات، ومن بين هذه القراءات من هي لكتاب ونقاد، ناهيك عن أكثر من مقابلة لم تنشر. أحد الصحفيين أرسل إلي أسئلة حوار خاص وعندما قلت له: لست عراقياً، لم يتابع أمر النشر، وعرفت أسباب موقفه، كما أن أكثر من جريدة ورقية ذائعة الصيت أوقفت نشر ما كتب عنها، ولدي بعض الأسماء، وسأشير إليها، في وقفة أخرى».
ويشير إلى أن «بعض الصحف العربية- التي يتولى إدارتها مسؤولون ذوو آراء مختلفة- بدوا يقفون في وجه كتابات بعض كتابنا الكرد، أوما يكتب عنهم، لاسيما هؤلاء الذين لا يساومون على مواقفهم، وهوما سأتوقف عنده، في مقال لي لاحق، انشغلت عنه بسبب انهماكي ببعض الأعمال الكتابية التي أعمل على نشرها».
ويقول: «أعتقد أننا بحاجة إلى منابر إعلامية وصحفية تكون موجهة للقارئين العربي والأوربي، لأننا نمر بأحرج لحظة زمانية، وهوما ليس متوافراً حتى الآن؟! .. لا أخفي عنك، أنه ثمة هيمنة واضحة على وسائل الإعلام العربية، وعلى الكاتب. أي كاتب، أن يكون ضمن إحدى جهتين، أو ربما أكثر، من الجهات التي لا علاقة له بها، وهذا سر عدم الاهتمام بأصواتنا كثيراً. نحن من نربأ بأنفسنا أن نتنازل عن مواقفنا، في الوقت الذي قد تمنح فيه وسائل الإعلام هذه الفرص لبعضهم حتى من المبتدئين، الذين يقبلون بتبني رؤى هذه المنابر. شخصياً، أترفع حتى عن ممارسة النقد بحق إنساني في منابر ما، توظف هذا النقد لحساباتها، أو حسابات مموليها».
وتابع «إنني لآمل أن تكون هناك صحافة كوردية بمستوى أمات الصحف العربية واسعة الانتشار، وهكذا بالنسبة للإعلام المرئي، وإن كان الإعلام المسموع نفسه بات يسير على عكاكيزه، مستفيداً بدوره من ثورة التكنولوجيا، وأعني: الانترنت هنا..!».
وحول نتاجاته الأخيرة وإقامته الحالية في ألمانيا، أردف اليوسف: «كانت لي بعض المخطوطات التي اشتغلت عليها خلال فترة عملي في صحيفة الخليج، ورحت أجمعها، ما جعلني أمام نتاج كبير، مع أن الكثير من أرشيفي قد ضاع، أو ضيِّع»، ويضيف «كتبت أعمالاً عديدة (في ألمانيا)، منها شعرية، وقصصية، وسيروية، وروائية، بعضها طبع، وبعضها لم يطبع؟».
ويلفت اليوسف إلى أن السياسة ألهته هن الكتابة، ويقول: «كان الواقع الذي يعيشه إنساني ومحيطي يدفعني لدخول لجة المواجهة وفعل شيء ما، من خلال الكتابة الصحفية أو حتى العمل السياسي، وأرى في ذلك متعة أكبر. هذه النقطة تحتاج إلى شروحات مستفيضة من قبلي، وأن من تابعوني، وعاشوا بالقرب مني يعرفون ذلك تماماً، وقد كتبت عن جزء منه في كتابي ممحاة المسافة السيروي الذي صدرفي العام 2016».
وكشف الكاتب رؤوس أقلام عن عمله الأخير، قائلاً: «آثرت ألا أعلن عما أشتغل عليه، أحياناً نشر مقطع ما على صفحة الفيسبوك يفسد المشروع، ثمة عمل انتهيت منه عن صدمة إنساننا في مهجره الجديد، من خلال فكرة مبتكرة».
ويسهب في ذات المحور، قائلاً: «لا أعرف الكتابة من دون أن أرسل نسخاً مما أكتبه إلى أصدقاء وصديقات لي: كورد، سوريين، عرب، ينتمون إلى الشرائح كلها، من قراء، وكتاب، وسأتحدث هنا عن أمر حدث معي أكثر من مرة، بأنه بالرغم من أن دائرة من أثق بهم جد ضيقة إلا أن هذه النسخ تتسرب، وهناك من عمد على نشرها على بعض المنصات، قبل طباعتها، بل بنسخها غير النهائية. هؤلاء الأصدقاء والصديقات أثق بهم، إلا أن منهم من قد تصل عن طريقه إلى سواه، فتتوسع الدائرة، وهو ما تم حقاً،ولدي أسماء بعضهم».[1]