=KTML_Bold=الكتاب والمثقفين الكورد .. وقضية “إقتراح تحويل كوباني إلى متحف”!!=KTML_End=
#بير رستم#
قام عدد من الإخوة والزملاء الكتاب والمثقفين الكورد، قبل أيام، بتقديم إقتراح إلى الإدارة الذاتية في كانتون كوباني وذلك لل”الإبقاء على ركام كوباني، وجعل المدينة المنكوبة متحفا يزوره الناس من مختلف أنحاء العالم، وتراه الأجيال القادمة، للاطلاع بأم أعينهم على حجم البطولة والتضحيات التي قدمها مقاتلو كوباني جميعا من وحدات حماية الشعب ( YPG) و (YPJ)، ومن وقف معهم من المتطوعين، ومن البيشمركة، ومن الجیش الحر، الذين قاتلوا .. داخل كوباني ضد (داعش)”، وقد أضافوا إلى تلك المقدمة لإقتراحهم السابق التوضيح التالي؛ “ونحن نعلم أن هذا القرار صعب، إلا أننا نراه مهما وتاريخيا، وقد يكسب هذا القرار تعاطف شريحة كردية وعالمية واسعة، وربما قد يعقب ذلك مؤتمرات محلية ودولية حول هذه الفكرة، وكيفية تطبيقها. ونقترح أن يتم اختيار مكان إلى جانب كوباني الحالية، لبناء كوباني جديدة”. كما نوه الزملاء الموقعين بأن “وفيما إذا تم الأخذ بالمقترح ستكون خطواتنا التالية عمل حملات محلية وعالمية، وعلى نطاق واسع، لحث كل الكورد والأحرار في العالم، للمساعدة من أجل بناء كوباني الجديدة. وبالأخير تركوا القرار للإدارة الذاتية حيث ختموا مقترحهم بالعبارة التالية؛ “ويبقى القرار لكم حيث أنتم أدرى بمصلحة كوباني”. وهكذا فقد قام عدد من الإخوة الكتاب وبعض المثقفين الكورد _وعلى ما تقدم_ بالتوقيع على المقترح المقدم للإدارة الذاتية في كانتون كوباني.
مؤكد إن الإقتراح وللوهلة الأولى سيبدو صادماً مستفزاً للجميع وعلى الأخص الإخوة والأخوات الكوبانيين الذين عانوا _وما زالوا_ من هول الصدمة الكارثة والمأساة الإنسانية وما خلفتها من آثار ومن الخراب والدمار _إن كان على المستوى النفسي أو المادي والإقتصادي_ لإبن المنطقة؛ حيث غادر مدينة عامرة بالحياة والحركة والعمران وعاد _أو سوف يعود_ إلى ركام وحطام مدينة مدمرة تماماً، فلا حجر ولا حياة وهو سيعاني _ربما لأجيال وسنوات_ من هول الكارثة والفجيعة؛ حيث ضاعت جهود وتعب كل ماضيه، بل والكثير من الأحلام والأماني المستقبلية والتي كان يرسمها بين أزقة مدينته وأسواقها العامرة.. وبالتالي فإن أي إقتراح بأن تتحول ماضيه ومستقبله إلى لحظة كارثية في الحاضر ويتوقف الزمن عندها وب”إبقائها متحفاً تاريخياً للزوار وإستعطافهم” هو نوع من العبث بالجروح النازفة، ناهيك على إنه نوع من البذخ والترف الفكري عنده ولذلك جاءت ردود الفعل قوية ومتشنجة على ذاك (الإقتراح الفج) _برأيهم_ والذي حقيقةً لا يخلو بعضاً من الترف الثقافي والفني.. كان ذاك من جانب ومن الجانب الآخر، فإن الفكرة (الإقتراح) هو غير عملي؛ ولأسباب عدة: أولاً لإرتباطها بالجانب المالي الإقتصادي كون المدينة تأخذ مساحة جغرافيا واسعة وأملاك تعد بالملايين ولا يمكن لأي جهة كوردية أو غير كوردية تمويلها وكذلك ومن الجانب النفسي والروحي _وكما تطرقنا سابقاً_ فإن الجغرافيا والمكان يشكل جزء من ثقافة وتاريخ وأحلام الناس ولا يمكنك أن تعوضهم بمدينة “مصطنعة جديدة” تقيمها على جوار حلمه الإنساني.
لكن ورغم كل ما سبق وما قيل من كلام وإتهام والكثير من المسبات _وللأسف_ بحق أولئك الإخوة الموقعين على الإقتراح السابق، إلا إنني على قناعة تامة بأن “المقترح” جاء من نية نقية وضمير يحمل هماً وطنياً وقومياً وليس كنوع من “الترف والبذخ الفكري” بالمطلق أو ك”فانتازيا ثقافية” لمجموعة من (المترفين فكرياً وإجتماعياً) وبأنهم يريدون “تحويل مآسي الناس إلى متحف” كما قيل، بل أنطلق الإخوة من حس ووجدان إنساني حي يعاني من هول الكارثة وأراد توثيق تلك الجرائم بحق مدينة كوردستانية كوصمة عار على جبين البشرية وتحديداً لتلك المجموعات الإرهابية التكفيرية من تنظيم ما يسمى بدولة الخلافة في بلاد الشام والعراق “داعش” وما أرتكب أولئك المرتزقة من جرائم بحق شعبنا ومناطقنا الكوردستانية، لكن وربما جاء الإقتراح/البلاء بنوع من الرومانسية الثورية أو الثقافية وأعتقد أن هذه لا تعد جريمة بحقهم، بل ربما إحدى سقطات المثقف وإندفاعاته وهيجاناته الفنية وهي لا تؤخذ على المثقف لدرجة أن نخوّن ونشتم من قام بالتوقيع على “صك العريضة والإقتراح” أو “التتحيف” كما سماها بعض الإخوة.. لكن الملاحظ في الموضوع _وما لفت إنتباهي أكثر_ بأنه لم ينبري أحد أولئك الإخوة الموقعين على المقترح للدفاع عن توقيعه، بل حاول عدد من الزملاء (التملص) من الموضوع/التوقيع وبحجة إنه “لم يطّلع جيداً على مضمون المقترح” يعني على مبدأ “الحجة أقبح من الذنب” وهو بذلك يذكرنا بذاك الطالب الكسول الذي كان يأتي وهو لم يقم بحل الواجب الوظيفي ويتبرر بالنسيان.
ملاحظة أخيرة؛ إنني لم أكن من الموقعين على المقترح (العريضة) كي لا أتهم بتبرير (الجريمة) _وهي ليست جريمة_ لكن رأيت من واجبي قول كلمة بالموضوع وذلك بعد أن رأيت إنها أخذت أبعاداً لم يكن ببال وخيال الإخوة الذين تقدموا بالإقتراح كمساهمة متواضعة لتوضيح بعض النقاط ربما تكون غامضة لبعض الإخوة، حيث أعتقد _وكما نوهت سابقاً_ بأن أولئك الإخوة والزملاء قد أنطلقوا من نية حسنة وخدمة للقضية الوطنية وإن أخطأوا في كيفية تداولها وطرحها وتوثيق الجرائم التي قامت بها تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية “داعش” حيث كان ممكناً لأولئك الإخوة والزملاء أن يطالبوا بتوثيق كل أركان وزوايا مدينة المقاومة والبطولة وذلك من خلال التصوير الفوتوكوبي وكذلك الإبقاء والحفاظ على ما يمكن من القذائف والآليات المدمرة وخاصةً العسكرية منها وأيضاً الإبقاء بعض الركام والأحجار وما يمكن أن يشهد على بطولة المقاومين الأبطال من وحدات حماية المرأة والشعب والبيشمركة وفصائل من الجيش الحر وبمساندة قوات التحالف الغربي العربي وتجميعها في مركز ومتحف يقام لتوثيق جرائم “داعش” ومقاومة الأبطال المدافعين عن مدينة الكرامة والهوية الوطنية الكوردستانية؛ كوباني.
[1]