ان العنف تم ممارسته في البداية ضد النساء ولكن لم يقتصر عليهن فحسب بل أصبح بلاءً على الانسانية كلها، إن الحروب تحصد يومياً أرواح الملايين من الناس الأبرياء، إن كان بالأسلحة أو بطرق أخرى ولكن مالم يتغير وعبر آلاف السنين هو ان النساء وحتى الآن مازلنَ تتعرضن للعنف أكثر من الرجال ولم يتخلصن بعد من هوية الضحية في حين الرجال يتعرضون لعنف الحرب فقط، والنساء وكونهن نساء يتعرضن يومياً للإهانة والشتم.
وعبودية المرأة والتي تمتد بجذورها الى الماضي القديم أي إلى العهد الهرمي الأول ونشوء النظم الإلاهية ذات الهيمنة الرجولية وكأنها تنتقم من المجتمع النيوليتي الامومي، مجتمع الأم المقدسة، لم يتخلف النظام الحاكم والسلطوي في ايران منذ استلام مقاليد الحكم عن القيام بذلك، الثورة الاسلامية التي قامت عام 1979 واحدثت تغييرات زلزالية في ايران طالت النساء وتركزت على ثياب النساء وغطاء الرأس، فالشاه كان قد منع الحجاب في الثمانيات من القرن الماضي، حتى أنه أمر الشرطة بنزع غطاء الرأس بالقوة ولكن، من أوائل الثمانيات في القرن الماضي الزمت السلطات الاسلامية جميع النساء بارتداء الحجاب.
وبدأت مأساة النساء في إيران في ظل حكم سلطة الملالي والظلم الذي يمارس ضدها، ان حكم الملالي ينفي حتى هوية المرأة البشرية وبين الاصوات المكبوتة صوت واحد فقط بقي بلا اجابة في اعماق التاريخ وهو صوت المرأة صوت القهر الجنسي وكأن طبيعة المرأة لا يمكن أن تكون شيئاً آخراً غير الجلد اليومي، خلال 44 عاماً من الاستبداد الديني، تعرضت النساء للاعتداء والاعتقال والاعدام.
في عام 1979 سارع آية الله الخميني بعد تنصيبه القائد الرسمي للجمهورية الاسلامية الذي تطرق الى مسألة لباس المرأة معلناً بأنه لن يسمح للنساء بالدخول الى أماكن العمل إلا إذا التزمنَ بارتداء الحجاب فيما نشر الخميني في آذار 1979 حتى نزلت الايرانيات الى الشارع احتجاجاً على انتهاك حريتهن في الخيار وقد تعرضت المتظاهرات لهجمات عنيفة من القوات الموالية للثورة الاسلامية التي تحولت لاحقاً الى شرطة الاخلاق وهو الجهاز الذي اعتقل الفتاة الكردية جينا أميني،
علاوةً على ذلك حرّمت الايرانيات من حقهن في متابعة تحصيلهن العلمي او العودة الى العمل بتهمة اعتماد قواعد اللباس الغير ملائمة، لم يتنظر الخميني طويلاً بإصدار الاعلان بإلغاء القوانين التي تعطي بعض الامتيازات للمرأة، ففي 26 من شباط 1979 اصدر إعلاناً يقضي بإلغاء قانون دعم الاسرة، لعام 1967 الذي كان يعطي بعض الامتيازات للنساء على مستوى الاسرة، فيما يتعلق بحق المرأة بطلب الطلاق في ظل ظروف معنية وتسهيل تلك الاجراءات، وفي 27 شباط 1979 ألغى قانون الخدمات الاجتماعية للمرأة وفي 28 شباط 1979ممارسة التمييز الجنسي ضد المرأة، والفصل بين النساء والرجال في الرياضة، وفي2 آذار 1979 منع وصول النساء إلى القضاء، وإخراج مئات من النساء القاضيات من مناصبهن، وفي7 آذار 1979 أصدر فتوى الحجاب القسري للنساء العاملات في الدوائر الحكومية، واعتقال آلاف النساء على خلفية سوء وضع الحجاب وفي 22أيار 1979تم تنفيذ حكم الجلد لأول امرأة على الملأ، وفي 12حزيران 1979 تم إعدام 3 نساء بتهمة المنكر لأول مرة وفي30 أيلول 1979تم إصدار قانون جديد يحل محل قانون دعم الأسرة، ويسلب تلك الامتيازات القليلة التي كانت قد حصلت عليها المرأة في زمن الشاه، وفي 3 شباط 1980صدر اول تعميم حكومي بشأن الحجاب القسري للممرضات والطبيبات وفي 18 نيسان 1980 تم استدعاء المطربات الى المحكمة بعد الاستخفاف بهن وتهديدهن حيث تم حرمانهن من الغناء وفي 29 تموز 1980 لأول مرة تم تنفيذ حكم الرجم على امرأتين في كرمان وجاء تنفيذ هذا الحكم قبل عامين من تبني قانون القصاص الصادر عن الخميني في برلمان النظام وبموازاة صدور هذه الأحكام، نشر الخميني رجاله في الشوارع، للتعدي على النساء، وضربهم بحجة عدم الحشمة والى اليوم وعلى إرث الخميني فقد تم اعدام آلاف النساء شنقاً او رجماً او تحت التعذيب وفي غالب الاحيان تكون التهم عادية ولا يتم اثباتها.
وفي هذا السياق أجرت وكالة فرات للأنباء لقاءاً مع عضوة مركز الابحاث الجنولوجي (علم المرأة ) لمقاطعتي عفرين والشهباء شيرين حسن والتي تحدثت في البداية قائلة: اذا اردنا النظر على وضع الشرق الاوسط والمرحلة التي تمر بها من الابادة والصهر بحق المكونات والمجتمع وابعاد المجتمع عن حقيقته فعلينا العودة الى التاريخ والمداخلات التي حصلت في ذلك الوقت من قبل الدولة السومرية بحق الطبيعة والمجتمع وفرضها لنظام العبودية بالقوة على المرأة والمجتمع فمنذ خمسة آلاف عام تستمر الإبادة والصهر بحق المجتمعات، إن الذهنية السلطوية بدأت من الدولة السومرية واستمرت حتى يومنا هذا رغم اختلاف الطرق والأساليب.
واضافت شيرين بالقول: ان اردنا تغيير هذا النظام السلطوي فعلينا العودة الى تاريخ الشرق الاوسط المجتمعي ومهد البشرية والاديان وبداية المجتمع الطبيعي هناك، الذين تعايشوا مع الطبيعة وعواملها لمدة 12 الف عام بسلام وحب وعدل ومساواة بين الجنسين، فإن المداخلات التي حصلت من قبل الدولة السومرية اخرجت المجتمع من طبيعته وحقيقته وخاصة بعد ظهور الدول القومية والتي عمقت الذهنيات الحاكمة اكثر فأكثر و نشأت على اساس ابادة المكونات والنساء وقسمت كردستان الى اربعة أجزاء، فكردستان التي كانت متواجدة في مزوبوتاميا مهد البشرية والمجتمع الطبيعي والحضارة النيوليتية حافظت عليها، انشأت الدول القومية نظامها على حساب الشعب الكردي وابادتهم وصهرهم والإبقاء على قومية واحدة، سواءً كانت تركية أم فارسية أم عربية، فجميع هذه المداخلات التي حصلت من قبل النظام الحاكم والسلطوي، جلبت معها عدم المساواة بين المرأة والرجل والنظر الى المرأة كعبيدة، المرأة في كردستان تعرضت للانحلال وابعدت عن قيمها وثقافتها وتاريخها، وعندما يتم ابعاد المرأة عن ثقافتها يبتعد المجتمع عن حقيقته ايضاً.
واشارت شيرين في سياق حديثها إلى وضع المرأة في شرق كردستان وخاصة بعد استلام الخميني الحكم في ايران والذي قام في البداية بإضعاف دور المرأة في المجتمع وفرض قوانين صارمة بحق المرأة والزامها بغطاء شعرها و وضع حدود للمرأة وابعادها عن جميع الاعمال، ان كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية، ومقابل هذه السياسات التي حصلت كانت هناك نساء مناضلات وقفوا في وجه هذه القرارات والانظمة السلطوية، ولكن كانت دائماً تُقمَع من قبل سياسة الملالي، بعد مقتل الفتاة الكردية جينا أميني بسبب ظهور خصلة من شعرها، اندلعت الشرارة الاولى للانتفاضة ضد النظام الملالي في ايران، لم تقتصر الثورة في ايران على النساء فقط، بل انضمت الى هذه الثورة جميع الشعوب في ايران من اجل تغيير النظام الحكام، وخاصة بعدما وصل الشعب الايراني الى مرحلة عالية من الضغوط والقمع التي ارتكبتها السلطات بحقهم.
وتابعت شيرين حديثها بالقول: بان الانتفاضة بدأت في ايران تحت شعار المرأة، الحياة، الحرية والذي يعود بجذوره الى حركة الحرية الكردية ووضعها القائد عبدالله اوجلان، فعندما بدأ القائد عبدالله اوجلان بثورته داخل الشرق الأوسط، قام بتحليل الثورات التي حصلت في الشرق الاوسط وشرحها مرةً أخرى، والتاريخ الذي تم نفيه من قبل الدول السومرية و الدول القومية والانظمة الحاكمة في ذلك الوقت، القائد عبدالله اوجلان ومن خلال تحليلاتها قام بثورة مجتمعية تقودها المرأة لمعرفة ذاتها وتحرير نفسها من العبودية، فاعتمد القائد عبدالله اوجلان على تحرير المرأة وكيفية تنظيم نفسها فإذا وصلت المرأة الى معرفة ذاتها فستكون هناك ثورة حقيقة، وأضافت: معنى شعار المرأة الحياة الحرية بأن المرأة والحياة لهما نفس المعنى في كردستان، إن المرأة والحياة مفهومان متشابهان، المرأة هي الطبيعة وهي الارض والحياة والمجتمع، وعلى هذا الاساس لفت القائد عبدالله اوجلان الانتباه إلى موضوع تحرير المرأة وكيفية استرجاع خصوصياته في المجتمع الطبيعي و المحافظة عليها.
وتابعت شيرين حديثها بالقول: إن الشعار الذي خرج في انتفاضة ايران، اراد الشعب من خلاله ان يخرج ضد النظام الحاكم في ايران و تكون المرأة هي من تقود هذه الثورة واسترجاع الحب والعدالة والمساواة، وعلينا القول بأن ثورة روج آفا لها تأثير كبير على شرق كردستان، فثورة روج آفا والتي بدأت أكثر من عشرة أعوام كانت بريادة المرأة الحرة والمناضلة، فالمرأة في روج آفا قادت الثورة من جميع نواحيها من الناحية الاقتصادية و السياسية والاجتماعية والعسكرية أيضاً وبانضمام المرأة وأخذ شعار المرأة الحياة الحرة وفكرة وفلسفة القائد عبدالله اوجلان وشهداء الحرية اساساً لهم، استمرت المرأة في نضالها وهزمت وحدات حماية المرأة اكبر تنظيم ارهابي في العالم داعش.
وانهت عضوة مركز الابحاث الجنولوجي (علم المرأة) لمقاطعتي عفرين والشهباء شيرين حسن حديثها بالقول: شعار المرأة، الحياة، الحرية أصبح شعاراً عالمياً تحارب به جميع النساء الذهنيات السلطوية والحاكمة وتغيير هذه السياسات التي تُطبق على المرأة، القائد عبد الله اوجلان أكد بأن القرن الواحد والعشرون هو قرن حرية المرأة والمجتمع، وبفكر وفلسفة القائد عبد الله اوجلان ستحرر جميع النساء.[1]