سليمان قبيلات
عمّان– وهما يخضعان خريطة المنطقة العربية لمبضع التشريح والتقسيم في مطلع القرن الماضي، لم يغفل الوزيران الاستعماريان سايكس وبيكو، وجود الاكراد، بل كانا يستكملان ما جرت عليه الامبراطوريات التي هيمنت على المنطقة. وبذا فقد كان الاكراد في طليعة ضحايا اتفاقية سايكس بيكو (1916) التي نصت على تقاسم اراضي الرجل المريض (تركيا العثمانية)، مما ادى بدء تدويل المشكلة الكردية، وضرب المسعى الكردي في تقرير المصير.
وهو يغوص عميقا في التاريخ، يرجع الاكاديمي في جامعة صلاح الدين في اربيل عبدالله العلياوي، “ظهور الشعور المبكر بالظلم واغتصاب الهوية الى ما قبل الميلاد. اذ تسبب سقوط الإمبراطورية الميدية الكردية على يد الفرس الأخمينيين، بتعرضهم لاستعباد الأقوام الهندوأوروبية التي نزحت لمنطقة كردستان الحالية”. لكن العلياوي يستدرك موضحا ان شعور الكرد بالظلم آنذاك لم يتخذ مظاهر قومية، لكنه أسس للمشكلة التي عاشت هدوءا بعد الفتح الإسلامي الذي أنقذ الكرد ومنحهم حقوقا قومية وحرية تأسيس إمارات عديدة تحكم نفسها بنفسها في إطار الدولة الإسلامية، وذلك قبل أن تبدأ المعالم الحديثة للمشكلة الكردية بالتشكل منذ بدايات القرن السادس عشر”.
ويضيف العلياوي، أن المشكلة الكردية بدات بصورة واضحة حديثا عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية العام (1514) في معركة جالديران التي كانت كبيرة وغير حاسمة، كان من نتائجها تقسيم كردستان عملياً بين الدولتين الصفوية والعثمانية.
ولأن للجغرافيا فعلها، كما يرى (روبرت كابلان) في مؤلفه “انتقام الجغرافيا”، فقد كانت جبال كردستان سدا منيعا امام تغول الاستبداد وهيمنته عليهم، وإن طوعته التكنولوجيا في حروبها الحديثة. يقول كابلان : “استطاع (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين، أن يثبت بأن الجغرافيا لا تستطيع منع الإنسان تماما من تغيير مصير البشر، إلا أن تلك الجبال كانت السبب الأساسي لتلك المأساة. وبسبب تلك الجبال ابتعدت منطقة كردستان عن الدولة العراقية إلى حد بعيد”. لكن قادة اكراد العراق يدفعون بجملة اسباب بإجراء استفتاء 25 ايلول (سبتمبر)، وفي مقدمتها تغييب الحكم المركزي في بغداد لمبدأ الشراكة، معتبرين ان الحكم ليس وطنيا بل طائفي، لا يمكن معه تأسيس شراكة حقيقية في عراق ديمقراطي. بل ان رئيس الاقليم مسعود البرزاني استبق الاستفتاء، بقوله ان الاكراد تأخروا واخطأوا منذ العام 2003 حين لم يقوموا باتخاذ خطوة باتجاه تقرير المصير.
اما حال الاكراد في تركيا الذين يتجاوز عددهم العشرين مليونا، فربما يكون هذا الاعتصام بالجغرافيا القاسية سببا رئيسيا لاستمرار الحركة المسلحة التي يقودها حزب العمال الكردستاني منذ 1984 في مناطق كردستان التركية. وبات تمرد حزب العمال خاصرة هشّة للدولة التركية التي تراجعت في انفتاحها على الديموغرافيا الكردية، مختارة النهج القديم في التعاطي مع المشكلة بوصفها مشكلة أمنية محضة.
ويتوقف مراقبون عند احتفاء أكراد العراق بالذكرى ال66 لإعلان قيام “جمهورية كردستان الديموقراطية وعاصمتها مهاباد”، في أربعينيات القرن الماضي، بوصفها مناسبة لإعادة طرح حقّهم في “تقرير المصير” مع تجنُّب استفزاز العراقيين العرب.
متى بدأ تدويل قضية الاكراد؟
ويربط متخصصون تدويل القضية الكردية حديثا باشتداد الصراع الدولي على الشرق، خصوصا بين القوتين البريطانية والروسية في مطلع القرن العشرين، اذ انتقلت المشكلة الكردية من صيغتها الإقليمية الى الدولية، وهو ما ظهر في الاتصالات التي اجرتها روسيا وبريطانيا، بالقيادات الكردية. ذلك ان موسكو كانت شديدة الاهتمام بأوضاع جوارها الجغرافي، ما اثار قلق لندن من وصول الروس إلى العراق، خصوصا. يضاف الى ذلك ان لندن استخدمت شركة الهند الشرقية بؤرة لعملياتها التجسسية في المنطقة. اما فرنسا فقدت عمدت الى ولوج بوابة التنافس عبر البعثات التبشيرية.
ولا ينفي المتخصصون وجود دور اميركي في اللعب بالملف الكردي، على الرغم من اعتماد واشنطن مبدأ “مونرو” الذي ينادي بعدم الاشتباك مع اي مشكلة خارج حدود الولايات المتحدة، وهو ما يوصف بالمذهب الانعزالي، الذي ظل يلقي بظلاله على سياسة واشنطن وإن لم يكن مؤثرا.
ما بعد الحرب العالمية الأولى
يظهر التاريخ السياسي للمنطقة ان امكانية حل المشكلة الكردية برزت الى الوجود لأول مرة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ولعل سببها إيجاد منطقة عازلة بين أتراك الأناضول والأقوام التي تتكلم اللغة التركية في آسيا الوسطى والقفقاس وبصورة خاصة في أذربيجان.
ويقول الاكاديمي العلياوي ان “الكرد تحركوا لاستثمار الظروف الدولية وهزيمة الدولة العثمانية بالحرب العالمية الأولى لنيل حقوقهم المشروعة والاستفادة من مبادئ ويلسون بحق الشعوب في تقرير المصير. اذ بذل الكرد جهوداً مضنية لإيصال صوتهم إلى مؤتمر الصلح في باريس (1919) على أمل أن ينالوا حقوقهم المشروعة، ولا سيما بعد اعلان الرئيس الأميركي ويدرو ويلسن عن تبنيه حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وتظهر وثائق مؤتمر باريس ما يفيد ب: “… أن الحلفاء والدول التابعة لهم قد اتفقوا على أن أرمينيا وبلاد الرافدين وكردستان وفلسطين والبلاد العربية يجب انتزاعها بكاملها من الإمبراطورية العثمانية”.
وانطلاقاً من هذا القرار قدم الممثل الكردي شريف باشا مذكرتين مع خريطتين لكردستان إلى المؤتمر، إحداهما بتاريخ (21/3/1919م) والأخرى يوم (1/3/1920). كما طلب من القائمين على شؤون المؤتمر تشكيل لجنة دولية تتولى تخطيط الحدود بموجب مبدأ القوميات، لتصبح كردستان المناطق التي تسكن فيها الغالبية الكردية، وإضافة إلى ذلك فقد جاء في المذكرة الأولى “إن تجزئة كردستان لا يخدم السلم في الشرق…”.
مؤتمر لندن (1921)
عقد مؤتمر لندن في 1921 لبحث المشاكل العالقة، ومن ضمنها المشكلة الكردية، حيث اعتزم الحلفاء إعطاء تنازلات مهمة في هذه القضية، لكن الحكومة التركية أصرت على أن المسألة داخلية، يمكن حلها داخلياً، لا سيما وأن الكرد لهم الرغبة في العيش مع إخوانهم الأتراك حسب ما زعمت آنذاك، وأثناء انعقاد مؤتمر لندن، عقدت حكومة أنقرة عدداً من الاتفاقيات الدولية التي كرست الشرعية الدولية القانونية للنظام الجديد في تركيا.. ثم قامت الحكومة الجديدة بإلغاء جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها حكومة الأستانة ومن ضمنها معاهدة سيفر. كل ذلك أدى إلى تعزيز مكانة الحكومة التركية الجديدة.. وبذلك فشل مؤتمر لندن لتوجه ضربة إضافية للآمال القومية الكردية.
معاهدة لوزان (1923)
جاءت فكرة عقد معاهدة لوزان بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها الحكومة التركية الجديدة على الجيش اليوناني، وبذلك ظهرت تركيا كدولة فتية قوية لأول مرة بعد قرنين، وقامت الحكومة الجديدة بتحسين العلاقة مع جارها الاتحاد السوفياتي، وعقدت مباحثات المعاهدة على فترتين: استمرت الأولى نحو ثلاثة أشهر بين نهاية العام 1922 وبداية العام 1923، والفترة الثانية استمرت الفترة ذاتها ما بين ربيع وصيف عام 1923.
ونصت معاهدة لوزان على أن تتعهد أنقرة بمنح معظم سكان تركيا الحماية التامة والكاملة، ومنح الحريات دون تمييز، من غير أن ترد أية إشارة للكرد فيها، كما لم تجر الإشارة إلى معاهدة سيفر، وعدّ الكرد هذه المعاهدة ضربةٌ قاسية ضد مستقبلهم ومحطمة لآمالهم… وبذلك يتحمل الحلفاء المسؤولية الأخلاقية الكاملة تجاه الشعب الكردي ولا سيما الحكومة البريطانية التي ألحقت فيما بعد ولاية الموصل -التي يشكل الكرد فيها الأغلبية المطلقة- بالعراق.
وأدى كل ذلك إلى ازدياد المشكلة الكردية تعقيداً بعد أن أصبح الشعب الكردي موزع عمليا وقانونيا بين أربع دول بدل دولتين، لتزداد معاناته وليبدأ فصل جديد من فصول علاقته بالدول الجديدة طغى عليها التوتر والعنف الذي لم يجد حتى اليوم حلولا عادلة، فيما بدأت الأحزاب والقوى القومية الكردية تتشكل لكي تقود النضال والكفاح من أجل حق تقرير المصير.
الجغرافيا الكردية
يسكن الأكراد المنطقة الجبلية الممتدة على حدود تركيا، والعراق، وسوريا، وإيران، وأرمينيا، ويتراوح عددهم ما بين عشرين وثلاثين مليونا. ويعدون رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط، لكن لم تكن لهم أبدا دولة مستقلة.
وفي العقود الأخيرة، زاد تأثير الأكراد في التطورات الإقليمية، إذ قاتلوا من أجل الحكم الذاتي في تركيا، ولعبوا دورا هاما في الصراعات في العراق وسورية، آخرها المشاركة في مقاومة تقدم تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ما هي أصول الأكراد؟
تاريخيا، عاش الأكراد حياة قائمة على الرعي في سهول ما بين النهرين، وفي المناطق الجبلية المرتفعة الموجودة الآن في جنوب شرقي تركيا، وشمال شرقي سورية، وشمالي العراق، وشمال غربي إيران، وجنوب غربي أرمينيا.
واليوم يشكلون مجموعة متميزة، يجمعها العرق والثقافة واللغة، رغم عدم وجود لهجة موحدة. كما أنهم ينتمون لمجموعة مختلفة من العقائد والديانات، وإن كان أكثرهم يصنفون كمسلمين سنة.
والأكراد قومية عرقية يتوزع وجودها بين تركيا والعراق وسورية وإيران، وقد سعوا في مراحل متعددة من تاريخهم الحديث لبناء دولة تمثل كيانا قوميا لهم، لكنهم اصطدموا بعراقيل في تلك الدول حالت دون تحقيق حلمهم ذلك.
العراق
يبلغ عدد سكان إقليم كردستان العراق -بحسب موقع حكومته على شبكة الإنترنت- 5.2 مليون نسمة -معظمهم مسلمون سنة- يعيشون في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية وحلبجة، كما يوجد الأكراد في محافظة كركوك وبنسبة قليلة في نينوى وديالى، ويضم الإقليم أيضا قوميات أخرى.
وقد انتفض أكراد العراق عدة مرات للحصول على مطالبهم، وفي 11 آذار(مارس) 1970 تحقق حلمهم عندما تم تثبيت حقهم في الحكم الذاتي في الوثيقة التي أصدرتها الحكومة التي كان يقودها حزب البعث في العراق، وفي آذار 1974 صدر قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان العراق إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة الملا مصطفى البارزاني رفض القانون ولجأ إلى السلاح.
وشمل الحكم الذاتي للأكراد حزمة حقوق تضمنت ميزانية مالية ذاتية، ونصا دستوريا على أن القومية الكردية تشكل -إلى جانب القومية العربية- القوميتين الرئيسيتين للشعب العراقي، وجعل اللغة الكردية لغة التعليم في المناطق الكردية، ولغة يدرسها التلاميذ بمدارس الدولة في المناطق العربية.
وبعد غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلاله، تحولت منطقة كردستان العراق إلى إقليم يتمتع بصلاحيات واسعة مقررة في دستور العراق، وجعل رئيس الإقليم مسعود البارزاني من راية جمهورية كردستان الشعبية راية لإقليم كردستان العراق، كما وظف الإقليم موقعه وثرواته النفطية لنسج علاقات إقليمية قوية.
تركيا
لا توجد في تركيا إحصاءات دقيقة لعدد الأكراد، لكن التقديرات تشير إلى أن عددهم يقدر بنحو 15 مليون نسمة، ويشكلون 56% من أكراد العالم، و20% من سكان تركيا، ويعيش معظمهم في جنوب شرق البلاد.
عاش أكراد تركيا في صراع طويل مع الحكومات المتعاقبة، حيث نادى حزب العمال الكردستاني برئاسة عبد الله أوجلان بتأسيس دولة مستقلة في تركيا، لكن هذا الحزب تراجع لاحقا عن مطلب الاستقلال، وطالب بالمزيد من الاستقلال الثقافي والسياسي، لكنه استمر في القتال.
وطرح حزب العدالة والتنمية التركي منذ تسلمه الحكم مبادرات لاحتواء القضية الكردية، وسعت أنقرة -بحسب منتقديها- إلى فك الارتباط بين أكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي دأبت على اتهامه بشن عمليات ضد مصالحها، كما أبدت معارضتها للدعم اللوجستي الذي قدمته واشنطن إلى قوات كردية في سورية.
إيران
أما في إيران فتشير التقديرات إلى أن عدد الأكراد يتراوح بين ثمانية وعشرة ملايين نسمة، ويشكلون 16 % من أكراد العالم، وما بين 10 و12 % من سكان إيران، ويعيش معظمهم في غرب وشمال غرب البلاد.
وبخلاف العراق لم تعترف إيران بخصوصية العرق الكردي الذي كانت له تجربة تاريخية محدودة في إقامة حكم مستقل، ففي عام 1946 أعلن الأكراد ميلاد ما عرفت بدولة مهاباد برئاسة قاضي محمد لكنها لم تدم سوى 11 شهرا وتم إعدام قادتها لتطوى بذلك صفحة في تاريخهم.
وبعد الثورة الإسلامية الإيرانية العام 1979 أعلن المرشد الأعلى للثورة روح الله الخميني الجهاد ضد الأكراد وقصف مدنهم بالطائرات.
سورية
يقدر عدد الأكراد في سورية -بحسب تقديرات غير رسمية- ب1.6 مليون نسمة، ويشكلون 6 % من أكراد العالم، و8 % من سكان سورية، ويتمركزن في مناطق شمال شرقي البلاد، مثل الحسكة والقامشلي والمالكية.
ومن جهتهم، سعى الأكراد في سورية إلى الحصول على حقوقهم والاعتراف الرسمي بلغتهم وثقافتهم، وتصاعد نفوذهم مع اتساع رقعة الثورة السورية، حيث استفاد حزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي) من الوضع وتحالف مع النظام السوري والإيراني وسيطر على مناطق ذات أغلبية كردية شمال البلاد، كما تلقى دعما من الولايات المتحدة من أجل محاربة تنظيم داعش.
وفي 17 آذار (مارس) 2016 أعلن الأكراد في سورية إنشاء نظام فدرالي بمناطق سيطرتهم شمالي البلاد، وذلك خلال اجتماع عقد في مدينة الرميلان بمحافظة الحسكة شمال شرقي البلاد.
ويقضي الإعلان بتشكيل مجلس تأسيسي للفدرالية ونظام رئاسي مشترك، والمناطق المعنية بالنظام الفدرالي هي المقاطعات الثلاث ذات الأغلبية الكردية: عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي، وعفرين بريف حلب الغربي، ومنطقة الجزيرة في محافظة الحسكة، بالإضافة إلى المناطق التي سيطرت عليها قوات سورية الديمقراطية بداية 2016.
خصوصية الأكراد العراقيين
يظهر التاريخ ان الجغرافيا العراقية استطاعت هضم الديموغرافيا فاسبغت عليها هويتها المتبلورة نهائيا، حسب متخصصيين في السيكولوجيا الاجتماعية. بيد أنّ هؤلاء لم يقفزوا عن تأثير السياسة التي انتهجها المركز في بغداد عبر الزمن. ويرون ان تطرف بغداد وتغولها على الطرف الكردي عبر حقب التاريخ، كان هو الفاعل الاكبر في دفع جنوح القوى الكردية المتنفذة سياسيا واجتماعيا(الاقطاع الكردي وعائلاته) للانفصال عن العراق . ويرى محللون أن فترات ضعف المركز العراقي شهدت على الدوام، تفلتات كردية حقنت النزعات الانفصالية بمزيد من القوة. ويقدر هؤلاء أن عراق ما بعد الاحتلال الاميركي أنتج لحظة ضعف للمركز غير مسبوقة، مضاف اليها هيمنة الطابع الطائفي على الحكم، خصوصا في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي(2006-2014).
ويلاحظ محللون ان ظهور ما تعرف ب”المناطق المتنازع عليها” بين بغداد وكردستان يشير الى ان هناك استغلالا كرديا يصل الى الطمع في انتزاع اراض ومناطق ليست كردية، وهو ما ينطبق على كركوك الغنية بالنفط، فضلا عن ان عين المسعى الكردي للضم يشمل أقضية وبلدات عدة في سهل نينوى وسواها. ويعتقد هؤلاء أن المستقبل يحمل في ثناياه وعودا بنزاعات بين الأكراد والعرب في العراق وسورية.
وعلى امتداد قرن من عمر العراق الممتد من زاخو الى البصرة، حيث انمحت الحدود بين العرب والاكراد، في ظروف يصفها محللون ب”التعسفية والقهرية”، أوجدت خلافات في كل بقعة عيش مشتركة، ما ينبئ بقادم قاتم في هذه المناطق، إن لم تعمل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة على اعادة تأسيس الدولة وفق منظور وطني انساني ديموقراطي حقيقي. ويرصد محللون أن صراع الاكراد مع مركز بغداد في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، انتج لغة ومفاهيم تسود اليوم على سطح خطاب الاحزاب الحاكمة في بغداد حاليا، وهي ترفع شعار مقاومة الخطر الذي يهدد وحدة العراق.
الاثنين الماضي، ألزم مجلس النواب العراقي، الحكومة بتنفيذ عقوبات اقتصادية وسياسية، ضد كردستان، التي اجرت استفتاء على انفصالها عن العراق، وهو ما يرى فيه المحللون سببا اضافيا لالتفاف الاكراد حول قيادة مسعود البرزاني. فقد صوت البرلمان على قرارات تجيز للحكومة اغلاق المعابر الحدودية مع الاقليم وقطع الرواتب عن جميع موظفي الدولة العراقية الذين صوتوا على الاستفتاء.
ونذر الصراع الجديدة تشمل ما اقره البرلمان الى حكومة بغداد باعادة بسط السيطرة العسكرية على المناطق التي تمركزت فيها قوات البيشمركة الكردية بعد 2003 ومنع محاولات تكريدها.
كما طالب البرلمان، البلدان المجاورة مثل تركيا وايران بإغلاق منافذها الحدودية واغلاق مطاراتها بوجه الاقليم الكردي. فضلا عن الحكومة العراقية وجهت أجهزتها الرقابية لمتابعة الاموال المودعة في حسابات اقليم كردستان وبعض السياسيين الكرد من ايرادات النفط.[1]