الزرادشتية
$مؤسس الديانة الزرادشتية$
الديانة الزرادشتية فرق وأديانتُعَدُّ الزرادشتيَّة (المجوسيَّة[1]) من أديان الفرس القديمة؛ حيث يَعتقد الزرادشتيون بوجود إلهٍ للخير يسمُّونه “أهورامزدا” ربّ الخير، ويقولون: إنه إله النور. وفي عقيدتهم أيضًا يوجد مصدر للشرِّ يسمُّونه “آهرمان”، ومعناه الخبيث أو القوى الخبيثة، وهو إله الظلمة.
تُنسب الزرادشتية إلى زرادشت المولود قبل ميلاد عيسى u بحوالي 660 سنة بأذربيجان بفارس، ويُروى عن مولده وعن الفترة السابقة عليها قصصٌ وأساطير كثيرة، يُشبه بعضُها ما يقوله المسيحيون عن المسيح من أنَّ روح القدس قد حلَّت فيه، وأنه أحد الأقانيم[2] المكوِّنة للإله -تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا-. واهتمَّ والد زرادشت بابنه، ورأى أنْ يُعَلِّمه أفضل تعليم في البلاد؛ لذا أرسله في سنِّ السابعة إلى الحكيم الشهير “بوزين كوروس”، وظلَّ الابن معه ثمانية أعوام، درس فيها عقيدة قومه، ودرس الزراعة وتربية الماشية وعلاج المرضى، ثم عاد إلى موطنه بعد هذه الأعوام الطِّوَال.
ولم يَكَدْ يستقرُّ بين أبوَيْه حتى غزا الطورانيون[3] إيران، فتطوَّع زرادشت للذهاب إلى ميدان القتال لا ليحارِب وإنما ليعالج الجرحى والمصابين، ولما وضعت الحرب أوزارها انتشرت المجاعة في البلاد، وانتشر معها المرض، فتطوَّع زرادشت ثانية؛ ليضع خبرته وجهده في علاج المرضى، وانقضت خمس سنوات أخرى من عمره في هذا الأمر.
رأى زرادشت أنَّ تاريخ العالم يتمثَّل في الصراع بين الخير الذي يمثِّله الإله “أهورامزدا”، والشرِّ الذي يمثِّله الإله “آهرمان”، و”أهورامزدا” لا يمكن أن يكون مسئولاً عن الشرِّ؛ لأنَّ الشرَّ جوهرٌ مثله مثلُ الخيرِ، وأنَّ هاتين القوَّتين وجهان للموجود الأوَّل الواحد؛ لذلك لا بُدَّ أن يكون بعد الموت حياة أخرى، بعدما ينتصر الإله الأوحد على الشرِّ، عندئذٍ يُبعث الموتى، ويحيا الناس مرَّة أخرى، وتنطلق الأرواح الخيِّرة إلى الجنة، أمَّا رُوح الشرِّ وأتباعها من الخبثاء فيحترقون في المعدن الملتهب، عندها يبدأ العالم السعيد الخيرَ الذي لا شرَّ فيه ويدوم سرمديًّا.
وظلَّ زرادشت على جبل سابلان يستوضح أفكاره، التي تخرج في بطء شديد كأنها ولادة متعثِّرة، وتزعم الأساطير أنه وهو واقف على الجبل رأى نورًا يسطع فوقه، وإذا به “فاهومانا” كبير الملائكة، ينبِّئه بأمر النبوَّة، وقد كان أوَّل مَنْ آمن به واتبعه ابن عمِّه “متيوه”، ثم تَبِعَه مَلِكُ فارس آنذاك وأهلُ بيته، ثم سائر الرعيَّة.
وللديانة الزرادشتيَّة كتاب مقدَّس عند أتباعها اسمه “الأبستاق” أو “الأوستا” يحتوي على معتقداتهم وتشريعاتهم، وقد ضاع هذا الكتاب بعد غزو الإسكندر المقدوني لفارس سنة 330 ق.م، وفُقِدَتْ معه كلُّ تفاسيره[4].
وانتشرت الديانة المجوسية في إيران بعد ثمانية قرون من موت زرادشت، وبعد أن انحسرت إلى حدٍّ ما ديانة “الماجي” المجوسيَّة التي اقتصرت حينها على الملوك والكهنة، وقد بشَّر زرداشت بالقوَّة الشافية للعمل البنَّاء، وقدَّم مذهبًا أخلاقيًّا يتألَّف القسطاس فيه من العدل والصدق والأعمال الجيدة، والنار والشمس هما رمزا أهورامزدا؛ ولذلك ترتبط هذه الديانة بما يشبه عبادة النار.
$اختلاف العلماء حول الزرادشتية$
وقد أوضح الشهرستاني[5]حقيقة هذه الديانة قائلاً: “وبعد أن بلغ زرادشت ثلاثين عامًا، بعثه الله تعالى نبيًّا ورسولاً إلى الخلق، فدعا كشتاسب[6] الملك، فأجابه إلى دينه، وكان دينه: عبادة الله، والكفر بالشيطان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الخبائث، ثم قال بالنور والظلمة، وهما أصلان متضادَّان، فيزدان (النور) وأهرمن (الظلمة) هما -في زعمه- مبدأ موجودات العالم، وحصلت التراكيب من امتزاجهما، والبارئ تعالى خالق النور والظلمة ومبدعهما، وهو واحد لا شريك له، ولا ضدَّ ولا ندَّ، ولا يجوز أن يُنسب إليه وجود الظلمة، لكن الخير والشرّ والصلاح والفساد والطهارة والخبث إنما حدثت بامتزاج النور والظلمة والخير والشرِّ، ثم يتخلَّص الخير إلى عالمه، والشرُّ ينحطُّ إلى عالمه، وذلك هو سبب الخلاص، والبارئ تعالى هو الذي مزجهما وخلطهما لحكمة رآها في التراكيب، وربما جعل النور أصلاً، وقال: وجوده وجود حقيقي، وأمَّا الظلمة فتبع كالظلِّ بالنسبة إلى الشخص، فإنه يرى أنه موجود، وليس بموجود حقيقة، فأبدع النور وحصل الظلام تبعًا”[7].
وقد أبطل زرادشت جميع معتقدات المجوس القدماء، فقال بعدم وجود قوى رُوحية كثيرة للخير، ولا عفاريت كثيرة للشرِّ، إنما هو إله واحد اسمه (أهورامزدا) الذي ليس كمثله شيء، وهو الواحد الأحد، القدُّوس الصمد، وهو الحقُّ والنور، وهو الحكيم القادر الخالق الذي لا يشاركه في ملكه وربوبيته شيء، وإن القوى الرُوحية التي زعموها خالقة للخير ليست بخالقة، بل هي نفسها من خلق (أهورامزدا)، ثم إن العناصر الأساسيَّة للدين الزرادشتي، الاعتقاد بالحياة الأخروية، فقد قال زرادشت: لا تنتهي حياة الإنسان بموته في هذا العالم المادي، بل له حياة أخرى بعد هذه الحياة الدنيا، فالذين عملوا الصالحات في حياتهم الدنيا يدخلون عالم السعادة، والذين دنَّسوا نفوسهم بالشرور يدخلون عالم الشقاء. وكذا الاعتقاد ببقاء الرُّوح من معتقدات الدين الزرادشتي الأساسيَّة، فهو يقول بفناء الجسم، أما الرُوح فيبقي ويلاقي جزاءه[8].
ومن معتقدات أتباعه أنه يوجد صراع بين إله النور وإله الظلمة؛ لذلك أُطلقت عليهم تسمية ثَنَويَّة، والمؤمنون عندهم واجبهم أن ينصروا إله النور؛ لذلك تشكِّل النار عاملاً رئيسيًّا في عباداتهم، وبيوت النار هي مراكز العبادة والتقديس؛ لذلك توضع النار في موقد حجري مستقرٍّ على أربع قوائم ويوقدها الكاهن نهارًا وليلاً وهم يُلقون فيها كمِّيَّات من البخور، ويضع الكاهن كِمامة[9] على فمه لئلاَّ يُدَنِّسَ النار.
ويعتقد الزرادشتيون أن الطوفان الذي حدت زمن نوح u لم يُصبهم، وهم يؤمنون بالله وبنبوَّة زرادشت وبالمعاد الأخروي؛ لذلك فإن العالم عندهم له نهاية محتومة، وحينها سينتصر أهورامزدا وسيهلك أهرمان وكل قوى الشرِّ، وبعدها سيظهر أشيزريكا على أهل العالم، ويحيي العدل ويميت الجور… ويحصل في زمانه الأمن والدعة وسكون الفتن وزوال المحن.
$الزرادشتية عقيدة ضالة$
الزرادشتية عقيدة ضالةلابن الجوزي رأي آخر -ينقله عن الجاحظ- يُخالف فيه الشهرستاني وهو أن زرادشت قد جاء من الأساس بعقيدة ضالَّة، على عكس ما يعتقده البعض من أن أتباعه هم الذين حرَّفوا وغيَّروا، فقال: “وجاء زرادشت من بلخ وهو صاحب المجوس، فادَّعى أن الوحي ينزل إليه على جبل سيلان، فدعا أهل تلك النواحي الباردة الذين لا يعرفون إلاَّ البرد، وجعل الوعيد بتضاعف البرد، وأقرَّ بأنه لم يُبعث إلاَّ إلى الجبال فقط، وشرع لأصحابه التوضُّوء بالأبوال، وغشيان الأمهات، وتعظيم النيران مع أمور سمجة.
ومن قول زرادشت: كان الله وحده، فلمَّا طالت وحدته فكَّر فتولَّد من فكرته إبليس، فلما مَثُلَ بين يديه وأراد قتله امتنع منه، فلما رأى امتناعه ودعه إلى مدَّة. وقد بنى عابدو النار لها بيوتًا كثيرة؛ فأوَّل من رسم لها بيتًا أفريدون، فاتخذ لها بيتًا بطَرْطُوس وآخر ببخارى، واتخذ لها بهمن بيتًا بسجستان، واتخذ لها أبو قباذ بيتًا بناحية بخارى، وبُنيت بعد ذلك بيوتٌ كثيرة لها، وكان زرادشت قد وضع نارًا زعم أنها جاءت من السماء فأكلت قربانهم؛ وذلك أنه بنى بيتًا، وجعل في وسطه مرآة، ولفَّ القربان في حطب، وطرح عليه الكبريت، فلمَّا استوت الشمس في كبد السماء قابلت كوَّة قد جعلها في ذلك البيت، فدخل شعاع الشمس، فوقع على المرآة، فانعكس على الحطب، فوقعت فيه النار، فقال: لا تُطفئوا هذه النار”[10].
وأتى “زرادشت” بمعجزات إلى الملك “كيستاسف”، منها: أنه مرَّ على أعمى فأمرهم أن يأخذوا حشيشة -سمَّاها- ويعصرها في عينيه فأبصر. والزرادشتيون يُعَظِّمون النيروز، وهو أول يوم من سَنَتِهِم وعيدهم الأكبر، وأوَّل من رتَّبه “جمشيد” أخو “طهمورث”، ويُعَظِّمون أيضًا المهرجان، وهو عيد مشهور من أعيادهم.
ورغم ما قاله ابن الجوزي عن زرادشت، بأنه جاء بعقيدة سيِّئة من أساسها، وأنه لم يكن نبي مرسل من قِبَلِ الله تعالى لقومه، إلاَّ أن الدكتور مصطفى حلمي يقف موقفًا وسطًا بين الرأيين، موضِّحًا وجهة نظره بقوله: “إن الزرادشتية دعت إلى التوحيد الخالص لله تعالى في بدايتها، فآمن بها الناس في بلاد فارس، واتخذها الملوك ديانة رسميَّة لهم، لكنها سرعان ما طرأت عليها تغييرات بسبب دخول الرمز على الذات الإلهية في الزرادشتيَّة، حتى تقوى الجماهير على إدراكها -حسب اعتقادهم- باعتبارها ذاتًا رُوحانيَّة خالصة مجرَّدة من شوائب المادَّة، فأُشِيرَ إليها برمزين أحدهما سماوي وهو الشمس، والآخر أرضي وهو النار، فكلاهما عنصر متلألئ مضيء طاهر مطهَّر لا يتطرَّق إليه الخبث ولا الفساد، وتتوقَّف عليه الكائنات، وهذه الصفات تشبه طائفة من صفات الخالق نفسه، وترمز إليه، فانتهت الزرادشتيَّة إلى تقديس النار في ذاتها وعبادتها بعد أن كانت رمزًا للإله.
وهذا التغيير ربما استُحدث بفعل الأتباع والمريدين، لا سيَّما المتأخِّرين منهم عن عصر زرادشت، فهؤلاء المتأخِّرون عادةً ما يُحدثون تحوُّلات ملحوظة، منها ما يتناول الفروع، ومنها ما يتناول الأصول الجوهريَّة، ويقطع الصلة بما قاله واعتقده الأوائل، فلا يبقي إلاَّ الاسم والنسبة، والدليل على تحوُّل الزرادشتيَّة، أن الاعتقاد في النار أخذ يتدرَّج خطوة خطوة، فبعد تعظيمها في أوَّل الأمر بالاتجاه إليها وإلى الشمس ساعة الصلاة -لأن النور رمز الإله في زعمهم- انحرفت بهم طائفة رجال الدين إلى اتخاذها بذاتها قِبْلَة في العبادات، ثم جاءت الخطوة الأخيرة فعبدوا النار، وصاروا يبنون لها الهياكل والمعابد، بحجة أنه جوهر شريف علوي، وإنها لم تحرق الخليل إبراهيم u، ويظنُّون أن تعظيمها سيُنجيهم من عذابها”[11].
$تطور الزرادشتية$
مع التطوُّر الذي حدث في الأوستا (كتاب الزرادشتية المقدَّس)، والذي أدَّى في نهاية الأمر إلى دخول عناصر الطبيعة، والذي استمرَّ على أنه خاصِّيَّة أصيلة في الدين الزرادشتي، عَمِل الزرادشتيون على المحافظة على الماء والنار من النجاسة؛ فالفرس يُقَدِّسون الماء قبل كل شيء إلى حدِّ أنهم لا يغسلون به وجوههم ولا يلمسونه، إلاَّ أن يكون للشرب أو لريِّ الزرع.
ومع هذا فإن مكانة النار عند الزرادشتيين باتت عظيمة سامقة؛ بسبب ما لحق بنصِّها المقدَّس من تحريف وتبديل بإدخال الرمز وعناصر الطبيعة وخاصَّة النار، والتي صارت -عند المتأخرين منهم- تُعبد لذاتها؛ لذا ميَّز الأوستا بين خمسة أنواع من النار: أوَّلها نار المعابد، وهي النار التي ينتفع بها الناس عادة، ثم النار التي تُوجد في جسد الإنسان والحيوان، ويسمُّونها (وهوفريانه)، ثم نار النباتات ويسمُّونها (أوروازسته)، ثم النار الكامنة في السحاب، ويسمُّونها (زيستا)، ثم النار التي تشتعل أمام (أهورامزدا) في الجنة[12].
$الزرادشتية في عهد الساسانيين$
وحينما نستعرض تاريخ الزرادشتيَّة نجد أنها في عهد الساسانيين[13]، استطاعت أن تجد لنفسها سبيلاً في هذه الدولة الفارسيَّة القديمة؛ فقد استمرَّت الصلات الوثيقة بين الدولة والدين الزرادشتي طَوَال العهد السَّاساني، وكان ممن وثَّق هذه الصلة أردشير الأول؛ حيث أمر بجمع النصوص المبعثرة من الأوستا ثم كتابتها في نصٍّ واحد، فأُوجيز هذا النصُّ واعتُبر كتابًا مقدَّسًا، وجاء من بعد أردشير الأول سابورُ الأول ابن أردشير، الذي أدخل في هذه المجموعة من الكتب المقدسة النصوصَ التي لا تتعلَّق بالدين، والتي تبحث في الطبِّ والنجوم وما وراء الطبيعة، والتي كانت منتشرة في اليونان وبلاد الهند المجاورة، وأمر سابور بوضع نسخة من الأوستا الجديدة، في بيت نار آذر كَشنسب في (شيز)[14].
لكنَّ الخلافات الدينيَّة ظلَّت مستمرَّة، فأمر سابور الثاني بعقد مجمعٍ مقدَّس، حدَّد نهائيًّا نصِّ الأوستا، وقسَّمها إلى واحد وعشرين كتابًا (نسك) على عدد كلمات الصلاة المقدَّسة، وقد اختفت الأوستا الساسانيَّة أثناء العصر الإسلامي، ولم يكن اختفاؤها راجعًا إلى تعصُّب ديني من المسلمين، ويمكن إرجاع ذلك إلى الظروف المادِّيَّة الصعبة التي كان يُعاني منها الكثير من المجوس في ذلك الوقت، فكان من الصعب عليهم أن يستمرُّوا في استنساخ هذه المجموعة الكبيرة من النصوص المقدسة[15].
لكن الزرادشتية -رغم انتشارها في بلاد الفرس قبل الإسلام- لم تكن متاحة للعامَّة، بل نتج عنها مجموعة من الأمراض الاجتماعيَّة، قال عنها العامري: إنهم ابتلوا -في أثناء عظمتهم المدنية وقت حكم الأكاسرة – بمحنتين عظيمتين لا $يدانيهما شيء من المحن الدنيوية:$
أولاً: احتكار الموابذة -وهم أعلى طبقة من رجال الدين الزرادشتي- لتفسير الدين، ومنع العامَّة من النظر والاستدلال، ومعاملتهم لهم بالقهر؛ وذلك لحرصهم على الإبقاء على نفوذهم، وحتى لا يكشف الناس -إذا نظروا وتحقَّقوا- زيف اعتقادات زرادشت، والتي منها كون العالم من قديمين (إلهين)، وحول جبلَّته من امتزاج الضدَّيْنِ، وأنواع هذيانه في العفاريت والشياطين، وخطؤه الفاحش في شكل الأرض وتخطيط الأفلاك.
ثانيًا: التمييز الطبقي، فإن طبقاتهم بأسرها كانوا مضطهدين بسياسة الاستعباد، فنظام الزرادشتة الطبقي كان صارمًا؛ حيث آمن به الملوك، وجعلوه مطبَّقًا، فكانوا يُلزمون كلَّ طبقة -أدنى من طبقتهم- ما إليها من عمل أو صناعة أو حرفة، ولا يُرخِّصون لأحد في تجاوز رتبته، ويعاقبون مَنْ لم يكتفِ بطبقته[16].
$الزرادشتية في صدر الإسلام$
في صدر الدعوة الإسلاميَّة، كان الزرادشتيون (المجوس) المسيطرون على بلاد فارس قد دخلوا في حروب طاحنة مع الروم النصارى، ولما كان العرب قَوْمًا أُمِّيِّين مشركين، فإنهم فرحوا بما حقَّقه المجوس من نصر ظافر على الروم، لكنَّ المسلمين في مكة -في أوَّل أمر الدعوة- أحزنهم الأمر؛ حيث كان الروم أهل كتاب مثلهم، يؤمنون بوجود إله، فنزل قول الله في سورة الروم، مُزِيلاً الهمَّ عن المسلمين، ومبشِّرًا إيَّاهم بنصر الروم، وكانت هذه الآية القرآنيَّة الكريمة، إعجازًا أذهل العرب؛ فقد أنبأت بحادث غيبي سيقع بعد بضع سنين بانتصار الروم، فقال تعالى: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5].
وقد ذكر القرآن الكريم المجوس ( الزرادشتيين ) صراحة في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17]، وعلَّق الإمام الطبري قائلاً: “إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام، والذين هادوا وهم اليهود، والصابئين[17]، والنصارى، والمجوس الذين عظَّموا النيران وخدموها، وبين الذين آمنوا بالله ورسله – إلى الله”[18]. فهذه الآية القرآنية السابقة توضِّح موقف المسلم من كل عقيدة تبتعد عن منهج الله، وتعطي للمسلم اطمئنانًا وثقة في عدله تعالى.
وحينما تهيَّأ الأمر لرسول الله r في المدينة المنورة -فأصبح للإسلام دولة تدعو إلى عبادة الله وحده- بدأ r في إرسال الرسائل للأمراء والملوك والعظماء يدعوهم بدعوة الإسلام، وذلك في نهاية العام السادس من الهجرة بعد صلح الحديبية، ومن جملة هذه الرسائل، ما أرسله r إلى كسرى عظيم الفرس، وهي محاولة من رسول الله r ليُخرج هؤلاء المجوس من ظلمات طاغوتهم ونيرانهم إلى نور الإله العظيم قائلاً: “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؛ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ إلى النَّاسِ كَافَّةً، لِيُنْذِرَ[19] مَنْ كَانَ حَيًّا؛ أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْمَجُوسِ”. فمزَّق كتاب رسول الله r، فقال رسول الله: “مُزِّقَ مُلْكُهُ”[20].
وشاءت إرادة الله تعالى أن يخرج سلمان الفارسي t -الذي كان يدين بالزرادشتيَّة- من قريته باحثًا عن الدين الحقِّ، فتدرَّج باعتناقه النصرانيَّة قبل اعتناق الإسلام، وأثناء بحثه عن الحقيقة، يُحاوره والده قائلاً: “… فقال (أي والد سلمان t): أي بني دينك ودين آبائك خير من دينهم. فقلت: “والله ما هو بخير من دينهم؛ هؤلاء قوم يعبدون الله، ويدعونه، ويُصَلُّون له، ونحن إنما نعبد نارًا نوقدها بأيدينا، إذا تركناها ماتت”[21]. فينتهي به المطاف إلى اعتناق الإسلام دين الله الخاتم على يد خير البشر محمد r في المدينة.
وعندما فتح المسلمون بلاد فارس بَقِيَ بعض المجوس على دينهم، فعاملهم المسلمون معاملة تُظهر ما تربَّوْا عليه من رُوح السماحة، وقد تجلَّت هذه الرُّوح في حُسْنِ المعاشرة، ولطف المعاملة، ورعاية الجوار، وقد حضَّ القرآنُ الكريم المسلمينَ على التحلِّي برُوح السماحة في آيات قرآنيَّة كثيرة، منها قوله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9]. لذا تحرَّك المسلمون وسط المجوس وهم يحملون تعاليم الإسلام من رفق بالضعيف، وإطعام للجائع، وكساء للعاري، فلم يتعرَّض أحدٌ منهم لإيذاء أو امتهان؛ فكان ذلك سببًا من أسباب دخول كثير منهم في دين الإسلام راغبين[22].
وجاءت سيرة النبي r وصحابته مليئةً برُوح هذه السماحة التي عامل فيها المسلمون المجوس، فممَّا يُروى عن عمر بن الخطاب t أنه لما أُصِيبَ من أبي لؤلؤة المجوسي، أوصى عمر بن الخطاب t بأهل الذمَّة من بعده خيرًا، وأن يوفَّى بعهدهم، وأن يُقاتَل مِنْ ورائهم، وألا يُكلُّفوا فوق طاقتهم[23].
وعندما تحرَّك صحابة رسول الله r لتعريف هؤلاء المجوس بحقيقة الإسلام، وقف كسرى وأعوانه من جبابرة الفرس فحالوا دون إبلاغ الرسالة الإسلاميَّة لهؤلاء العامَّة، فكان ذلك سببًا في وقوع الغزوات الإسلاميَّة على بلاد فارس، بداية من خالد بن الوليد، وانتهاءً بانتصار المسلمين في موقعة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص t، وما لحقها من غزوات وفتوحات أخرى في عمق الدولة الفارسيَّة، وحينما استقرَّ الأمر للمسلمين بدأ الناس في هذه البلاد في التعرُّف على الإسلام، والدخول فيه أفواجًا، ولكن قلَّة من هؤلاء ظلوا يَدِينون بالمجوسيَّة.
$الزرادشتية في عهد الخلافة الأموية$
مع استمساك بعض هؤلاء الفرس بالزرادشتية في ظلِّ الإسلام الذي أصبح واقعًا في بلاد فارس، فإن مفهوم الزرادشتية -من الناحية الواقعية- وقت الإسلام بات يأخذ منحًى آخرًا أشدَّ خطرًا من كونها مجموعة ذمِّيَّة قابعة في مكان بعينه، تقيم شعائرها الدينيَّة المتعارف عليها؛ فالأمر بدأ يدخل في اتجاه التشيُّع، فأصبح مأوى لكلِّ من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يُريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية؛ فتستَّر بعضُ الفرس بالتَّشَيُّع وحاربوا الدولة الأموية، وما في نفوسهم إلاَّ الكره للمسلمين العرب ودولتهم، والسعي لاستقلالهم، فأرادوا كيد الإسلام بالمحاربة عن طريق الحيلة؛ لعجزهم عن مواجهته الصريحة، فرأَوْا أن كيده بالمحاربة عن طريق الحيلة أنجع، فأظهر قوم منهم الإسلام، واستمالوا أهل التشيُّع بإظهار محبَّة أهل البيت، واستبشاع ظُلْم عليٍّ، ثم سلكوا بهم مسالك شتَّى أخرجوهم عن طريق الهدى[24].
$الزرادشتية في عهد الخلافة العباسية$
أخذ الأمر بالتطوُّر حتى ظهر في العصر العباسي ما يُسمَّى بالشعوبيَّة[25]، تلك الحركة التي استغلها الحاقدون على الإسلام لبثِّ معتقداتهم الفاسدة داخل بنيان الإسلام الشامخ.
ثم تَعَدَّد المجوس الزرادشتية وتنوَّعت أغراضهم، فانقسموا إلى مجموعة من الفرق، بعضها جاهر بعدائه للبعض، خاصَّة في العصور المتأخِّرة، وقد أوضح الشهرستاني جملتهم في العصر الإسلامي العباسي، فقال: “ومن المجوس السيسانية، والبهافريدية[26]، ورئيسهم رجل يُقال له: سيسان، من رستاق[27] نيسابور، من ناحية يُقال لها: خَوَاف. خرج في أيام أبي مسلم صاحب الدولة، وكان زمزميًّا[28] في الأصل يعبد النيران، ثم ترك ذلك ودعا المجوس إلى ترك الزمزمة، ورَفْضِ عبادة النيران، ووضع كتابًا، وأمرهم فيه بإرسال الشعور، وحرَّم عليهم الأُمَّهات والبنات والأخوات، وحرَّم عليهم الخمر، وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة، وهم يتَّخذون الرباطات، ويتبادلون الأموال، ولا يأكلون الميتة، ولا يذبحون الحيوان حتى يهرم، وهم أعدى خلق الله للمجوس الزمازمة”[29].
ونجد في بعض كتب التاريخ ما يُنبئنا عن أخبار هؤلاء الزرادشتيين، المتفاوتين في الأقطار المختلفة أثناء الخلافة الإسلاميَّة العباسيَّة، خاصَّة مَن لمع نجمه منهم، وكان له أثر فيمن حوله؛ ففي أواخر القرن الثالث الهجري، أسلم سامان أمير بلخ، وكان زرادشتيًّا، وأسس مملكة إسلاميَّة هي الدولة السامانيَّة. وفي سنة (259ﮪ/873م) دخل جمع كبير من أهل الديلم الزرادشتيين في الإسلام على يد ناصر الحقِّ أبي محمد.
وفي سنة (299ﮪ/ 912م ) دعا الحسن بن عليٍّ -من الأسرة العلويَّة التي كانت تحكم الشاطئ الجنوبي لبحر قزوين- أهلَ الديلم وطبرستان إلى الإسلام، فأجاب أكثرهم، وكان بعضهم وثنيين وبعضهم زرادشتيين. وفي سنة (394ﮪ/1003م) دخل الشاعر المشهور مهيار الديلمي[30] في الإسلام على يد الشريف الرَّضِيّ، وكان من عبدة النار، وقبله في أوائل القرن الثاني للهجرة وأوائل القرن الثامن الميلادي خرج من الزرادشتية إلى الإسلام عبد الله بن المقفَّع، وغيرهم من كبار المجوس الذين تركوا مِلَّتهم القديمة الفاسدة إلى ضياء الإسلام[31].
وظلَّ المسلمون يعاملون المجوس المعاملة الحسنة -ما داموا خاضعين لقوانين الدولة الإسلاميَّة، ومن أهمِّها مراعاة مشاعرهم- على مدار التاريخ كله، مطبِّقين فيهم مبدأ العدل الذي تربَّوْا عليه، والذي اتخذوه شعارًا ومنهاجًا بينهم وبين غيرهم من أهل الأديان الأخرى، فكان ذلك سببًا في انصهار المجوس داخل المجتمع المسلم، لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما على المسلمين من واجبات، آمنين مأمونين على أنفسهم وأموالهم وذراريهم؛ فقد عاشوا العدل الإسلامي واقعًا، وأمنوا كل مكر قد يحيق بهم؛ فالإسلام دين يدعو إلى العدل والقسط وحفظ النفس التي حرَّم الله قتلها بغير حقٍّ.
$الزرادشتيون في العصر الحديث$
انحسرت الديانة الزرادشتية بشكل كبير، حيث لم يبقَ من أتباعها في العالم سوى 200 ألف نسمة, وهم كالآتي:
69601 زرادشتي في الهند حسب إحصاء سنة 2001م، و5000 زرادشتي في باكستان يتمركزون في مدينة كراتشي، وما بين 18 إلى 25 ألف زرداشتي في قارة أمريكا الشمالية، وكذلك فإن هناك جالية كبيرة في إيران, حيث يتواجدون بشكل خاصٍّ في مدن يزد وكرمان، إضافة إلى العاصمة طِهران، كما يُوجد لهم نائب في البرلمان الإيراني، وهناك جالية صغيرة في منطقة آسيا الوسطى (بلخ، وطاجيكستان)، التي كانت موطن الديانة الزرادشتية سابقًا.
$أعياد الزرادشتيين ولغاتهم$
يحتفل الزرادشتيون بعيد النيروز، الذي هو أول أيام سَنَتِهِم، وقد استمرَّت الاحتفالات بعيد النيروز تقام في إيران منذ أيام الخلافة العباسيَّة؛ حيث كان التأثير الفارسي واضحًا في صبغ مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعيَّة وإلى التاريخ المعاصر، إذ بلغت ذروتها في أيام الشاه محمد رضا بهلوي (1941- 1979م)، فكانت العطلة تقارب أسبوعًا كاملاً، إضافة إلى أسبوعين عطلة للجامعات والمدارس، بعكس عطلتي عيد الفطر والأضحى حيث خصّص لكل منهما يوم واحد فقط.
وانعكس هذا على وضع المجوس في كردستان العراق، فبعد أن كانت عطلة النيروز يومًا واحدًا (21 مارس) حسب الاتفاق الذي أبرمته قيادة الحركة الكرديَّة مع الحكومة العراقيَّة في (11 من مارس1970م)، وصلت إلى أربعة أيام كجزء من الصراع الذي كان دائرًا بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني.
وأخيرًا تمَّ تثبيت ثلاثة أيام كعطلة للنيروز في حكومتي إقليم كردستان في أربيل والسليمانيَّة للأيام (21 و22 و23 مارس) من كل سنة، بالرغم من الانتقادات التي كانت تُوَجَّه على استحياء إلى حكومة إقليم كردستان من بعض الاتجاهات الإسلاميَّة الحزبيَّة والشعبيَّة، وقد يكون مبرِّرُ هؤلاء أنهم يقتدون بالدولة الإيرانيَّة الإسلاميَّة، والتي تُبيح هذه الاحتفالات في بلادها!![32].
$لغات الزرادشتيين$
يستعمل الزرادشتيون اللغة الداري (مختلفة عن الداري الأفغانية)، التي تسمَّى أحيانًا في إيران لغة غابري أو بيهديان، كما أن الزرادشتيين في الهند يتحدَّثون اللغة الغوجراتيَّة أيضًا، ويسمون في الهند بالبارسيين[33].
[1] وتسمَّى المجوسية أيضًا؛ لأن قبيلة المجوس الفارسية هي أول مَن اتبع الزرادشتية.
[2] الأقانيم: الأصول، واحدها أقنوم. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة (قنم) 12/495.
[3] إن كلمة الطورانيين (Torranians) تُطلق على الأقوام الذين يقطنون المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط حتى منغوليا، وتربط بينهم رابطة الدم والعنصر واللغة، ومن القبائل التركية -التي كانت ضمن جيش دار الثالث الذي هُزم أمام جيش الإسكندر المقدوني في معركة أربيلا سنة 328-330 ق.م، والتي سمِّيت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة أربيل الحالية- (البلخيون والصغد…)، فهم من القبائل التركية في آسيا الصغرى، وبعد أن هزم جيش دار، تفرَّق الجنود في المنطقة مختلطين مع الأقوام الساكنة فيها.
[4] انظر: جيفري برندر، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام: المعتقدات الدينية لدى الشعوب ص89-95. وانظر: موقع إسلام أون لاين.
[5] أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، المتكلِّم على مذهب الأشعري؛ كان إمامًا مبرَّزًا فقيهًا، تفقَّه على أحمد الخوافي وعلى أبي نصر القشيري، وغيرهما، وبرع في الفقه. وُلد عام 479ﮪ بشهرستان، وهي بليدة بخراسان قرب نَسَا، بينهما ثلاثة أميال، وهي بين نيسابور وخوارزم، وإليها تنتهي بادية الرمل التي بين خوارزم ونيسابور، وتوفي بها عام 548ﮪ. انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/273.
[6] كستاسف أو كتشاسف، قال ابن الأثير: ابتنى بفارس مدينة “فسا”، ورتّب سبعة من عظماء أهل مملكته مراتب، وملّك كل واحد منهم مملكة على قدر مرتبته، واصطلح مع ملك الترك، ثم قُتل على يد رستم الشديد بسجستان. انظر: ابن الأثير: الكامل 1/106، وانظر: الشهرستاني: الملل والنحل ص281.
[7] الشهرستاني: الملل والنحل 1/283.
[8] كامل سعفان: معتقدات آسيوية ص107.
[9] الكمامة: شيء يسدُّ به الفم. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة (كمم) 12/526.
[10] ابن الجوزي: تلبيس إبليس ص78، 79.
[11] انظر: مصطفى حلمي: الإسلام والأديان، دراسة مقارنة ص107-111.
[12] آرثر كريستنسن: إيران في عهد الساسانيين، ترجمة يحيى الخشاب، ص135.
[13] الدولة الساسانية: حكمت بلاد إيران في القرن السابع الميلادي، ويكوِّن الفرس مادة هذه الإمبراطورية, ولكنها أخضعت الترك في بلاد ما وراء النهر, والعرب في العراق, وكانت حدودها الغربية غير مستقرَّة حسب قوَّتها,؛ فكانت أحيانًا تغلب على أطراف بلاد الشام كما حدث سنة 614م عندما اجتاحت بلاد الشام واستولت على بيت المقدس, ثم استولت على مصر سنة 616م، ثم سقطت مع قدوم المسلمين وفتحهم لبلاد فارس في حدود سنة (15ﮪ/637م).
[14] شيز: إقليم بأذربيجان.
[15] آرثر كريستنسن: إيران في عهد الساسانيين، ترجمة يحيى الخشاب ص130، 131.
[16] العامري، تحقيق أحمد عبد الحميد غراب: الإعلام بمناقب الإسلام ص173-175.
[17] الصابئون: قوم يُشبه دينهم دين النصارى إلاَّ أن قبلتهم نحو مهب الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح، وهم كاذبون، وكان يقال للرجل إذا أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: قد صبأ. عَنَوْا أنه خرج من دين إلى دين، وقيل: هم الذين يعبدون الكواكب والنجوم. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة (صبأ) 1/107.
[18] الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن 18/584.
[19] وقد ذكرها ابن كثير: “لأنذر”. انظر: ابن كثير: البداية والنهاية 4/269.
[20] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/132.
[21] انظر القصة بكاملها: السيوطي: الخصائص الكبرى ص31.
[22] وقد علّق الإمام شهاب الدين القرافي على معنى “البر” الذي أمر الله المسلمين أن يُعاملوا به أهل الذمة بقوله: أن يُرفق بضعيفهم، وسدّ خُلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، ولين القول لهم -على سبيل اللطف لهم والرحمة، لا سبيل الخوف والذلَّة- واحتمال إذايتهم، في الجوار -مع القدرة على إزالته- لطفًا منَّا بهم، لا خوفًا ولا طمعًا، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودُنياهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرَّض أحد لأذيَّتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يُعانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم إلى جميع حقوقهم. انظر: شهاب الدين القرافي: الفروق 3/15.
[23] يحيى بن آدم: الخراج ص74. وانظر: يوسف القرضاوي: غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ص51.
[24] أحمد أمين: فجر الإسلام ص276-278.
[25] الشُّعُوبي: محتَقِرُ أمر العرب، وقد غلبت الشعوب بلفظ الجمع على جيل العجم، حتى قيل لمحتقر أمر العرب شُعُوبي، أضافوا إلى الجمع لغلبته على الجيل الواحد. والشُعُوبية: فرقة لا تفضِّل العرب على العجم ولا ترى لهم فضلاً على غيرهم، وقد برزت هذه الحركة جلية في العصر الأول من الخلافة العباسية. انظر: الزبيدي: تاج العروس، مادة (شعب) 3/143، 144.
[26] نسبة إلى بهافريد، وكان قد ظهر في صدر الدولة العباسية، وقبل ظهور أبي العباس من قرية يُقال لها: روى من أبرشهر. وهو مجوسي كان يُصلِّي الصلوات الخمس بلا سجود متياسر عن القبلة، وقد تكهَّن ودعا المجوس إلى مذهبه، فاستجاب له خلق كثير، فوجَّه إليه أبو مسلم أحد قوَّاده، وهو عبد الله بن سعيد، فعرض عليه الإسلام فأسلم، ثم لم يُقبل إسلامه لتكهُّنه فقُتل، وعلى مذهبه بخراسان جماعة إلى هذا الوقت. انظر: ابن النديم: الفهرست ص482.
[27] رُستَاقُ: الرستاق مدينة بفارس من ناحية كرمان، وربما جعل من نواحي كرمان، والرستاق: الناحية. انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان 2/322.
[28] زمزمي: أي مجوسي من الزمزمة، وهي صوت المجوس عند الأكل ويكون من الخياشيم .
[29] الشهرستاني: الملل والنحل ص285.
1 أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي:شاعر كبير، في أسلوبه قوة، كان مجوسيًّا وأسلم سنة 394ﮪ على يد الشريف الرضي، وتشيع وغلا في تشيعه، وسبَّ بعض الصحابة في شعره، توفي عام 428ﮪ. انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/359-363.
[31] أحمد أمين: فجر الإسلام ص104.
[32] فرست محمود مرعي الدهوكي: مقال بعنوان ” المجوسية وآثارها في المجتمع الإيراني، النيروز نموذجًا”، مجلة السنة، عدد 87، لعام 1420ﮪ.
[33] انظر: موقع المعرفة.
[1]