#مؤيد عبد الستار#
الاله داغان مخترع المحراث
يعد المحراث ARA من اعظم الاختراعات السومرية ، جاء نتيجة لاكتشاف المعادن وتطور تعدين الحديد والنحاس مما افضى الى صناعة السكين والفأس ، وتوجد الكثير من هذه الادوات التي اكتشفت في سوسة – عيلام – مهد الحضارة السومرية وبعضها محفوظ في اشهر المتاحف مثل المتحف البريطاني ومتحف اللوفر ، كتبت عنها مقالات سابقة بالامكان الرجوع اليها في المواقع الالكترونية .
وبسبب اختراع المحراث – AR- هذه الالة المتطورة المفيدة ، دخل اسمه في معظم الادوات الاخرى التي يستخدم فيها التعدين والحديد والنحاس ، علما ان اسم المحراث يرتبط بالارض لانه الة الحراثة
استنادا الى التقاليد السومرية يعد المحراث من صنع الاله داغان Dagan ، وعرف كرمز ديني منذ العصور القديمة ، وكان ينظر اليه باحترام كبير. وارى ان اسم الاله داغان فيه دلالة على صناعة المحراث ، فان كلمة داغ تعني في الكوردية الحرارة ، ولهذه الكلمة علاقة بالنار ، و داغان جمع داغ ، ومعروف ان صناعة المحراث ، باعتبار صنعه في البداية كان من الخشب او عظام الحيوانات ثم تطور ليصنع من الحديد والنحاس اوسبيكة المعادن ، فان صناعته بحاجة الى نار حامية كي تصهر المعادن لذلك نسبوا النار والحرارة وصناعة المحراث الى اله النار داغ وجمع للتعظيم داغان على غرار ايزد : يزدان - اله الالهة ، و شاه شاهان والتي اصبحت شاهنشاه ، اي ملك الملوك ، علما ان كلمة داغ السومرية مازالت مستخدمة في الكوردية والفارسية بنفس معناها الكوردي : حار ، ودخلت اللهجة العراقية المحلية وتستخدم على سبيل المثال في كلمة قنداغ بمعنى ماء حار وهو الذي يشربه البعض صباحا مع القليل من السكر في فصل الشتاء، فهي مركبة من قند + داغ .
ويوجد نوع من الخبز مشهور يسمى نان داغ اي خبز تنور حار .
وكلمة آري تعني صاحب المحراث ، وفي السنسكريتية تعني النبيل ، وكانت الهند تسمى بلاد الاريين ، واستخدمت ار ، اري من قبل الاكديين والحيثيين والاموريين بصيغتها اري ، ار ، واصبحت في العربية حر ، وحري ، والانسان الحر هو غير العبد وفي العراق يطلق على الطين النقي الجيد طين حري .
وذكر هيرودتس في تاريخه تسمية بلاد فارس ارض الايرانيين ، واستخدمت تسمية (هاري) من قبل الميتانيين والميديين وهما شعبان كورديان، وسجل دارا لقبه : اري ، على النصب المشهور الذي يخلد اعماله في ايلام (حوالي 486 قبل الميلاد ) راجع ما نشرناه سابقا عن الكتابةالمسمارية لنصب بيستون .
وفي الوقت الحاضر يسمى الفلاح في اللغة الكوردية ( جو تي ار : جوتيار ) اي الذي يعزق الارض بالمحراث ، فكلمة جو ، جي ، جيكاه ، جيا...الخ بمعنى مكان على اختلاف اللهجات الكوردية وجيهان تعني العالم ، الدنيا في الكوردية والفارسية والهندية وشاع الاسم نور جيهان في العربية اي نور العالم ، وجيا بالجيم المثلثة تعني الجبل ، علما ان كلمة جي تعني المكان او الارض في السومرية ايضا .
وتكتب الارض او يرمز للمكان في السومرية برمز تصويري على شكل مثلث فيه ثلاثة خطوط ، يشبه الجبل وذلك بسبب الموطن الجبلي للسومريين . ويرمز الى المدينة او البلاد برمز او صورة ثلاثة جبال مجتمعة مع بعضها .
(راجع اللوحة المنشورة مع هذا المقال) والرموز التي جاءت فيها منقولة عن القاموس السومري الاري .
كما ان مصطلح اركيولوجي Archaeology مشتق من الجذر ( ار ، كي ) السومري ، الكوردي ، فالكلمة مكونة من المقاطع : ار- كي- يو لو جي ، اي علم دراسة القلاع والمدن لان ارك تعني قلعة ومدينة ، و المدينة كانت تحاط بسياج او سور فتصبح مثل القلعة ، وعلم الاثار يدرس تلك المدن والقلاع ، ولذلك اصبح يدعى علم الارك ، الاركلوجي .
ولقب الهرHerr في الجرمانية – الالمانية - مستمد من كلمة اري بمعنى السيد و كلمة ارستقراطي Aristocrat تستند الى الجذر اري السومرية ايضا.
العجلة والعربة ARABANA
بعد اختراع العجلة استطاع العيلاميون صناعة العربة ، وكانت تلك ثورة اخرى ، واسمها مشتق ايضا من الجذر AR ، ونلاحظ ان العربانة هي تعريق للكلمة السومرية ، والكوردية اربانة ARABANA والكلمة مازالت مستخدمة في الكوردية والفارسية فدخلت العربية واصبحت عربة ، واذا نظرنا الى كلمة بانا BANA سنجد لها جذرا سومريا / كورديا ، ومازالت مستخدمة في الكوردية فنقول ( بان ) بمعنى فوق او سطح و مازالت مستخدمة في اللغات الاوربية التي تشترك بسمات كثيرة مع اللغات الهندوايرانية الاخرى والتي تشمل الكوردية والفارسية ، ففي اللغة السويدية نستخدم سيكل بانا Cykelbana اي طريق الدراجات ، وتونل بانا Tunnelbana اي طريق النفق – مترو الانفاق – ويقابل الاندر غراوندUnderground بالانجليزية، وهكذا في لغات اخرى .
ان العربة العيلامية كانت معروفة بمتانتها ولذلك كانت اشور تستوردها من عيلام لمتانة المحور المعدني الذي جعلها نافعة في النقل والاستخدام لمسافات بعيدة واحمال كبيرة ، يقول هنري ساغس في كتابه جبروت اشور ( ان اشور بانيبال يذكر خصيصا ان القرميد اللازم لمشاريعه الكبيرة في مجال البناء كان يجلب من كل اصقاع بلاده في عربات عيلامية تم الحصول عليها كغنائم حرب والمعنى هو ان هذه العربات كانت اما اكبر او اكثر متانة – او هذا وذاك في آن واحد – بالمقارنة مع مثيلاتها المحليات ) (3) .
وليس غريبا ان يستخدم الاشوريون العربات العيلامية فقد كانت بين العيلاميين والاشوريين علاقات وثيقة ومتطورة ولكنها انتهت بالحروب التي كانت وبالا على الدولة العيلامية ، ومعروف ان الاشوريين كانوا يعتمدون على فرقة محاربة من الفرسان الكورد اطلقوا عليها اسم – كوردو - ، يقول الدكتور ابراهيم الداقوقي في كتابه اكراد تركيا ، اتخذ الملوك الاشوريون من شجعان الاكراد ورماة السهم الحاذقين حراسا لهم في فرقة خاصة اسموها كوردو ... وهي الوحدةالعسكرية المؤلفة من المحاربين الاقوياء المسؤولين عن سلامة الملك الاشوري الشخصية ، حيث كانوا يسيرون الى جانب الملك عندما كان الجيش الاشوري يتحرك للقتال (4)
ار بيت Arbete
( ار ) الجذر السومري يتعلق بالمحراث والعمل والزراعة والبناء ، مضافا اليه ( بي ) يعني الحياة او العيش او الكينونة نقول في الكوردية (بي) بمعنى صار – وفي اللهجة السورانية ( بو ) .
وتستخدم كلمة – بي - ئه بي - في الوقت الحاضر عدة استخدامات مثل له وره ( بي ) كان هناك او ليره ( بي ) كان هنا ، ويستخدم هذا التركيب كثيرا في الحكايات او في الرواية او في الاخبار عن حدث .
وفي الانجليزية Be الفعل To be فعل الكينونة - ان يكون - ومعناه : exist واشهر قول لشكسبير
To be or not to be
ومعنى اربيت Arbete في السويدية والالمانية : عمل ، صنعة . والكلمة تستند الى الجذر السومري AR , BE ولها علاقة مع ما موجود حاليا في اللغة الكوردية ( بي )، ونستخدمها حتى الوقت الحاضر.
نقول : ئه بي : يصير ، يكون ، يحدث .
نا بي : لايكون ، لا يحدث
والجمع بين الالة – المحراث – AR والفعل – ئه بي - يكون ، يؤدي الى معنى العمل الذي تتشكل منه كلمة Arbete
آرزو - ARAZU
آرزو في السومرية تعني صلاة ، تضرع ، ابتهال
وما زالت في الكوردية والفارسية والهندية مستخدمة بمعان عدة منها : امل ، امنية ، انتظار ، رجاء ، هوى ، معشوق .
وفي الانجليزية : ار ، ارزو الجذر الاساسي لكلمة Urge التي تعني الصلاة باخلاص ، ولها صيغ اخرى ومعان متعددة مثل Argue التي تعني المناقشة ، النقاش ، والطلب..... الخ
ملاحظة لابد منها :
من المفيد ان نذكر ان الاسم في اللغة السومرية له اكثر من عشر كلمات احيانا ، ومعظم الاسماء لها كلمتان او ثلاث ، اي ان الاسم له عدة مسميات ، لذلك يصعب نقل ما يقابله بالضبط بواسطة الحروف اللاتينية دون مفتاح معروف لقراءة الاسم في لغته السومرية الاصلية وشكله الاصلي ، ولم يستطع علماء الاثار واللغات وضع مفاتيح - دلائل - ترشد الى اللفظ الصحيح للاسم ، وانما اختاروا لفظا لاحد المترادفات وصاغوه وفقا لقراءتهم ولذلك جاءت بعض الاسماء صحيحة والعديد منها متخيلة او غير مطابقة للاصل .
استطاع العلامة ويدل وضع مفاتيح لاسماء الملوك الاريين من خلال ثبت اسماء الملوك الاريين التي وردت في الميثولوجيا الهندية ، وساعد ذلك في كشف الاسماء الصحيحة للملوك السومريين . وغالبا ما استعير لفظ الاسماء السومرية من اللغات البابلية والاشورية التي كتبت بالمسمارية ، فاسم المدينة الشهيرة سوسة عاصمة الامبراطورية العيلامية يكتب في اللاتينية سوسيانا ، سوسة ، سوسا ، SUSA
واصبح في اللغة العربية سوسة استنادا الى ترجمة علماء الاثار عن اللغات الاوربية ، وفي الفارسية الحديثة شوش ، بينما ارى من خلال استقرائي لاسم المدينة وتاريخها واللغة الكوردية ان الاصح تسميتها سه وزه Sawze وتعني الخضراء وهو ما يتفق مع واقع المدينة التي تقع وسط المروج الخضراء واشتهرت باستخدام المحراث والفأس في الزراعة ، وما زالت كلمة سه وزه مستخدمة في الكوردية بمعنى اخضر .
(1) ينظر قاموس :
A Sumer Aryan Dictionary by L. Austine Waddell, London 1927
(2) انظر الدراسة المنشورة في موقع الديلي ميل البريطانية تحت عنوان :
Most Britons descended from male farmers who left Iraq and Syria 10,000 years ago
على الرابط التالي :
http://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-1244654/Study-finds-Britons-descended-farmers-left-Iraq-Syria-10-000-years-ago.html
(3) ينظر كتاب جبروت آشور الذي كان ، لهنري ساغس Henry Saggs ص 280 ترجمة د. آحو يوسف ، دار الينابيع ، دمشق 1995 ، وللكتاب ترجمة اخرى بعنوان عظمة آشور- دمشق ايضا.
The Might That Was Assyria By Henry .W. F. Saggs عنوان الكتاب
(4) ابراهيم الداقوقي ، اكراد تركيا ، ص 61 -62 ، دار المدى ، 2003.[1]