الفكر الوطني الكوردستاني (6)
د. مهدي كاكه يي
يمكن تصنيف الكورد الذين يرفعون شعار العيش المشترك بين الكورد و الشعوب المغتصِبة لِكوردستان في كل من إيران و تركيا والعراق و سوريا، و الإبقاء على الشعب الكوردستاني مجزأً و مقسّماً فاقداً لهويته، الى المجاميع التالية:
1. الإسلاميون: ينطلق هؤلاء من فكرة الدين المشترك بين الكورد المسلمين و الأتراك والعرب والفرس المسلمين وعدم إعتراف هؤلاء بالفكر القومي الكوردي والفكر الوطني الكوردستاني. هؤلاء قد تم غسل أدمغتهم و ينطلقون من شمولية الفكر وفرضه بالعنف والقوة. طيب، إذا كان الإسلام يساوي بين المسلمين، بِغضّ النظر عن لغاتهم و ألوانهم و قومياتهم، لماذا يتعرض الكورد للأنفالات و الإبادة و تُهيمن الثقافة و اللغة العربية على نظيرتها الكوردية؟ لماذا تم حرمان الكورد من أبسط الحقوق الإنسانية طيلة الحكم الإسلامي لكوردستان؟ إن شعار الإخوة الإسلامية المرفوع من قِبل هؤلاء الكورد المنخدعين الغافلين، هو شعار خادع و مُقنّع، هدفه تكريس إغتصاب كوردستان من قِبل العنصريين العرب و الفرس و الترك. العنصريون العرب و الفرس و الأتراك يستغلون الدين الإسلامي في خدمة أفكارهم القومية العنصرية و في إحتلال بلدان الشعوب الأخرى و نهب ثرواتها. العرب أوجدوا الدين الإسلامي وبه خدموا العرب وإستولوا على بلدان كثيرة وعرّبوها. الفرس إعتنقوا المذهب الشيعي وعن طريقه خدموا القومية الفارسية. إعتنق الأتراك المذهب الحنفي و تمسكوا به لأن هذا المذهب لا يلتزم بحديث النبي محمد القائل الأئمة في قريش و عليه فأن تمسكهم بهذا المذهب خدمهم و أعطاهم الشرعية الدينية لأخذ الخلافة الإسلامية من قبائل قريش العربية و نقل مركز الخلافة الى إستانبول. هكذا أوجد الأتراك شرعية دينية لإحتلال بلدان العالم الإسلامي و إقناع الكثير من المسلمين بأن الدولة العثمانية هي إمتداد و إستمرار للخلافة الإسلامية. فقط الكورد لم يقوموا بذلك، بل قاموا بخدمة مُغتصبي وطنهم. كان بإمكان الكورد على سبيل المثال إحياء الدين اليزداني الآري لخدمة القومية الكوردية أو تبنّي الطريقة القادرية أو النقشبندية وجعلها مذهباً خاصاً بالكورد، الا أنهم لم يعملوها.
2. اليساريون المتزمتون: يؤمن هؤلاء بوحدة الطبقة العاملة في كل من (تركيا) و إيران و العراق و سوريا، بدلاً من العمل على وحدة الطبقة العاملة الكوردستانية و توحيد كوردستان. هؤلاء أُناس تقليديون يحفظون نصوصاً مرّ على كتابتها أكثر من قرن، دون أن يستطيعوا أو يرغبوا في القيام بتطوير هذه النظريات الإنسانية الرائعة و جعلها تنسجم مع التطورات الكبرى التي حصلت للإنسان و لحياته و معيشته منذ ذلك الوقت. كما أن مجتمعات دول الشرق الأوسط هي مجتمعات متخلفة، تفتقد الى المصانع و المعامل ولذلك نجد هناك طبقة عاملة قليلة و ضعيفة في هذه الدول و التي تعني إنعدام طبقة عاملة حقيقية في الدول المُغتصِبة لكوردستان لكي يجعل هؤلاء من الشعب الكوردستاني ضحية لِفكرهم الطوباوي. أما ترديد هؤلاء نظرية الوحدة الإقتصادية لكل دولة من الدول المُغتصِبة لكوردستان و عدم الجواز بتفككها، فهي نظرية بائسة لا تحتاج الى الرد. كل ما يمكن ذكره هو التساؤل كيف نجحت الوحدة الألمانية بين ألمانيا الشرقية الشيوعية و ألمانيا الغربية الرأسمالية؟ كيف نجح إستقلال بنغلادش و دول الإتحاد السوفيتي السابق و دول يوغسلافيا السابقة و كل من التشيك و سلوفاكيا و تيمور الشرقية وأخيراً جنوب السودان؟
3. المتأثرون بثقافات و أفكار الشعوب المحتلة لكوردستان: نتيجة لِطول فترة إغتصاب كوردستان، تأثر قسم كبير من الكورد بِثقافات و أفكار مُغتصِبي كوردستان. تعتبر هذه الفئة من الكوردستانيين الواقع التقسيمي لكوردستان أمراً واقعاً يقبلونه و يُسلّمون به. هؤلاء يعوزهم الوعي القومي والوطني، حيث يفتقرون الى المعلومات التأريخية عن شعبهم. نتيجة الإفتقار الى هذا الوعي، يرى هؤلاء أنفسهم جزءً من شعوب الدول المحتلة لكوردستان.
4. الإستسلاميون: هذه الفئة ترى أن إستقلال كوردستان غير ممكن بسبب إحتلال كوردستان من قِبل أربع دول و تعاون حكومات هذه الدول فيما بينها لكبح جماح أي تطلع كوردستاني نحو الإستقلال و يعتقدون بأن الدول الكبرى لا تشجع أو تؤيد طموحات الكوردستانيين في الإستقلال. هؤلاء أناس سوداويون لا يرون بصيص أمل الإستقلال أمام الشعب الكوردستاني. الكوردستانيون السوداويون متأثرون بالظروف التي كانت سائدة في فترة الحرب الباردة و لذلك أنهم غير قادرين على فهم الواقع الإقليمي و العالمي الجديد و عاجزين عن تحليل مسارات التطورات الكوردستانية و الإقليمية و العالمية الجارية ويرون أن تحرر كوردستان هدفاً مستحيلاً.
5. المنتفعون و الوصوليون: هؤلاء يرتبطون بالحكومات المحتلة بأواصر إقتصادية أو سياسية أو تبعية أو نفعية، التي تجعلهم يفضلون الإبقاء على الواقع التقسيمي لكوردستان للحفاظ على مصالحهم الشخصية.
6. التقليديون: هؤلاء المجموعة من الكورد يقبلون إحتلال كوردستان و يتغنون بالإخوة الكوردية مع العرب و الترك و الفرس و يعتقدون بأنه من الممكن أن يتمتع الكورد بحقوقهم القومية ضمن البلدان المصطنعة التي تحتل كوردستان.
[1]