د. طاهر حسو الزيباري
يمكن تعريف المجتمع، بأنه كيان جماعي من البشر، بينهم شبكة من التفاعلات والعلاقات الدائمة والمستقرة نسبياً، والتي تسمح باستمرار هذا الكيان وبقائه وتجدده في الزمان والمكان. وينطبق هذا التعريف على الشعب الكردي بكونه مجتمعاً مثل أي مجتمع بشري آخر، بما يتوفر له من المقومات الأساسية، كالوطن، البيئة، السكان، التنظيم الاجتماعي، مؤسساته التي تفاعلت فيما بينها وبين المجتمعات الأخرى عبر التاريخ.
$مظاهر المجتمع الكردي$
يقطن الكرد في الشرق الأوسط من آسيا الغربية، وهذه البقعة التي يطلق عليها كردستان منذ القرن الثاني عشر تعد موطنهم التاريخي وإن لم يجر الاعتراف بها كدولة، ويمثل هذا الوطن عنصرا أساسيا لوجود المجتمع الكردي كسائر المجتمعات الأخرى.
ومنطقة كردستان هي عموما جبلية وعرة وقاسية وقد أثرت العوامل الطبيعية على تطور ورقي كردستان، وكان لها أثران: فمن ناحية ساعدت الشعب الكردي على الاحتفاظ بهويته، ولغته وتقاليده وثقافته على مر القرون، رغم كل الغزوات العربية والتركية والفارسية لأراضيه واحتلالها، ومن ناحية أخرى عزلته إلى حد كبير عن المدنية. رغم أنها -أي المدنية- بدأت في كردستان كما يذهب إلى ذلك بعض المؤرخين.
تطور الكرد بالتفاعل مع طبيعتهم الجبلية الصعبة التي فرضت أنماطا قبلية وساعدتهم على الاحتفاظ بهويتهم لكنها عزلتهم إلى حد كبير عن المدنية
ومن الصعب تقدير العدد الدقيق لسكان كردستان إلا أن بعض الدراسات تقدرهم بنحو 40 مليونا، وهؤلاء السكان الموزعون بين أربع دول بصفة أساسية، تطوروا اجتماعيا بفعل عوامل عديدة منها التفاعل مع الطبيعة التي ميزت موطنهم وهي تتوزع على مناطق جبلية، وسهول، وأودية، وهو التنوع الذي أوجد سمات أيكولوجية خاصة في كردستان يمكن إجمالها فيما يأتي:
قيام حياة رعوية ارتبطت بشكلٍ مباشرٍ بتأثير الطبيعة وما يرافقها من طغيان الأنماط القبلية والتنقل والغزو والفروسية، وكذلك الكرم والشجاعة وغيرها من الصفات أو السمات الشخصية فضلا عن الحياة الزراعية الريفية، وحياة حضرية تجارية إدارية في المدن.
تنوع الشعوب والثقافات التي قطنت هذه المنطقة إلى جانب الكرد والتي تمازجت عبر التاريخ من آرية وسامية، وعربية وأرمنية وتركمانية وآشورية وكلدانية، مما أدى إلى تكوين مجتمع تنوعي، وهذا التنوع في حد ذاته قد يكون مصدر ثراء ثقافي للمجتمع، ولكنه قد يكون أيضا مصدر توتر كامن أو ظاهر.
نشوء أقاليم لها مزاياها الخاصة بعد تقسيم كردستان بين العراق وإيران وتركيا وسوريا وأرمينيا، من حيث العادات والتقاليد والأعراف، وتأثرهم بثقافة بلدهم المحتل، ورغم وجود أقاليم عديدة للمجتمع الكردي فإنها امتداد واحد من الناحية الجغرافية.
ظهور ديانات ومذاهب عديدة، منها الديانات التوحيدية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلامية) وظهور مذاهب أخرى غير إسلامية كاليزدية والكاكائية والعلية وغيرها، مما شكل متحفاَ اثنوغرافياَ.
تزايد أهمية كردستان اقتصادياً وحضارياً وسياسياً خاصة بعد الانتفاضة الربيعية والهجرة المليونية عام 1991 إلى تركيا وإيران وسوريا إلى حد ما من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب موارده المعدنية كالنفط وغيرها.
$-العادات والتقاليد$
العادات والتقاليد، هي حصيلة التطور التاريخي والحضاري للأفراد والزمر الاجتماعية في البيئة الكردية، وقد استقرت عليها منذ الأزمنة القديمة وحتى الآن، إلا أن هناك اختلافا في بعض نواحيها حسب اختلاف البيئات الجغرافية الكردية .
يحترم الكرد أبناء العائلات النبيلة وأحفاد المناضلين حتى وإن كانوا غير فاعلين بحد ذاتهم كما أن عادة الثأر تشمل الفرد وعائلته ولا تلزم قبيلته
ومن التقاليد التي رصدها المستشرقون والرحالة عند المجتمع الكردي، وأوردها (تومابوا) احترام العائلات القديمة النبيلة، وفي الواقع فإن ملاحظة هؤلاء المستشرقين صائبة ولم تزل قائمة، إذ ما زال المجتمع الكردي ينظر بإجلال كبير إلى أحفاد رؤساء الأسر التي ناضلت من أجل الشعب الكردي في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، رغم أن هؤلاء الأحفاد ربما لم يبذلوا شيئاً يُذكر تجاه قومهم. لكن المجتمع مازال ينظر إليهم كأحفاد لسلالة طيبة، ومثل هذا ينسحب على أحفاد الأسر الدينية أو أحفاد رؤساء العشائر والوجهاء، رغم أن هؤلاء الأحفاد لا ثراء لهم اليوم. إن مثل هذا السلوك يمثل وفاء من الكرد إزاء قادتهم السياسيين أو الدينيين أو الاجتماعيين.
وهناك عادة أخرى في المجتمع الكردي، وهي عادة (الثأر) وإن اختفت كلياً في المدينة، وبقيت إلى حد ما في القرى، فالثأر الكردي هو مظهر من مظاهر الانتقام الذي يلجأ اليه الشخص المعتدي عليه. وخلافاً للثأر العربي أو الثأر العشائري بوجه عام، فإن الثأر الكردي مسؤولية عائلية وليس عشائرية أو نسبية كما في المجتمع العربي، أي أنه مسؤولية الأقرباء الأقربين فقط. ويمكن أن يعزى ذلك إلى تأثير العامل الجغرافي، فالانعزال الجغرافي للقرية والبناء الطبوغرافي الوعر للمنطقة قد جنب مجتمع القرية تبني سياسة الانتقام من أجل الفرد.
أما ظاهرة تعدد الأبناء، فما زالت لها قيمة أساسية في المجتمع الكردي الحضري بصورة عامة وفي المجتمع الريفي بصورة خاصة، وتفضيل الأبناء الذكور على الإناث شائع أيضاً. ولا تستطيع المرأة أن تأخذ وضعها الاجتماعي والنفسي إلا بعد إنجاب الابن الوارث. وتقاس قوة الأسرة عن طريق أبنائها الذكور. وفي إطار سيطرة هذه القيمة خضعت المرأة لهذه القيمة ولديناميات السوق، فقد تؤدي حالتها إلى الطلاق إذا لم تنجب طفلاً ذكراً في كثير من الأحيان.
بين التدين والانفتاح على الغرب
إن القيم التي تتحكم بالعلاقات ضمن العائلة الكردية قد تتحكم إلى حد بعيد بالعلاقات ضمن المؤسسات الأخرى في المجتمع، كالمؤسسات الدينية والسياسية والتربية والعمل. وبالرغم من ظهور القيم السلفية والأصولية والقدرية والانغلاق وغيرها، يشهد المجتمع الكردي في مرحلته الانتقالية منذ فترة التسعينيات أو بالأحرى استقلال كردستان عن الحكومة المركزية في بغداد ظهور قيم جديدة في المجتمع الكردي خاصة عند الشباب، كقيم الانفتاح على الغرب، حيث تبنى الشباب الكثير من معتقدات الغرب وأزيائه ومفاهيمه، بما في ذلك ثقافة العولمة والإنترنت، حتى أن بعض الشباب المتخرجين في الجامعات الغربية، يحاول التكلم باللغة الإنجليزية والتخلي عن تقاليدها القديمة.
برغم ظهور القيم الدينية السلفية في كردستان فإن الشباب الكردي بات يتبنى بشكل متزايد قيم الانفتاح على الغرب ويفضل التحدث بالإنجليزية
وهكذا تتصارع في المجتمع الكردي المعاصر تيارات عديدة تميل باتجاه السلفية من ناحية والمستقبلية من ناحية أخرى (معاكسة) وخاصة عند الجيل الصاعد من الشباب الكردي الرافض للماضي والتقاليد، ويتجلى هذا الصراع في الحياة اليومية، والحركات السياسية، والاتجاهات الفكرية ومختلف النشاطات الإنسانية.
ومن القيم الاجتماعية التي برزت بشكل واضح أيضاً بعد فترة التسعينيات من القرن العشرين، بسبب هجرة العمالة والكفاءة الكردية للخارج وسياسة الانفتاح الاقتصادي، تنامي قيم الاتجاهات الاستهلاكية المفرطة، وسيادة القيم الفردية، والإغراق في تحقيق الطموحات الشخصية القصيرة الأجل، وسيادة قيمة المال على كل قيمة أخرى، وظهور قيم التعددية السياسية وقبول الرأي الآخر والديمقراطية والمواطنة، وقيم التغرب عن المجتمع.
غالبية الكرد مسلمون، وأكثرهم من أهل السنة والجماعة، وقبل دخولهم الإسلام في القرن السابع الميلادي كان الكرد يعتنقون الديانة الزرداشتية التي لم تعرف إلا بين الأقوام الارية. ولقد تحول الكرد عام (20) للهجرة من الديانة الزرداشتية إلى الإسلام من دون أن يمروا بالمسيحية، وكانت الزرداشتية الديانة المشتركة التي ينتمي إليها جميع الكرد.
وينتمي غالبية الكرد إلى المذهب الشافعي. وقد أختاروا هذا المذهب، لتأكيد اختلافهم عن الأتراك الذين اختاروا المذهب الحنفي، ويعزى الباحثون انتماءهم لهذا المذهب إلى خضوع كردستان المبكر للحكام السُنة، وكذلك نشاط علماء الدين الكرد الذين درسوا العلوم الدينية في المدرسة النظامية ببغداد أثناء الخلافة العباسية التي كانت تتبنى المذهب الشافعي.
وتنتشر بين الكرد الطرق الصوفية التي تختلف عن بعضها اختلافاً بسيطاً، وأكثر الطرق شيوعاً هي الطريقة القادرية، والطريقة النقشبندية، وقد لعب رجل الدين الذي يدعى (ملا) في كردستان دوراً بارزاً وإيجابياً في الحركة الوطنية التحريرية الكردية من حيث الولاء والانخراط فيها.
وبين الكرد، فضلاً عن الدين الإسلامي، اتباع لأديان ومذاهب اخرى، كالمسيحية، واليزدية، والعلي اللاهيين، والعلويين، وأهل الحق، والكاكائية. أما اليهود في كردستان العراق، فقد هاجروا إلى إسرائيل بداية عام 1948، وهم معروفون ألآن كجالية كردية يهودية.
الاغتراب الديني
تركت البيئة الطبيعية المتنوعة للمجتمع الكردي تأثيراً على معتقدات الكرد الدينية بحيث جعلتهم أكثر ميلاً للاعتقاد بالأشياء الملموسة أكثر من الإيمان بالرموز المجردة، وربما يفسرهذا الميل الانحرافات الكثيرة عن الإسلام التي تتبناها مجموعات عديدة من الكرد بالانتماء إلى ديانات تحاول أن تترجم الرموز الدينية المجردة إلى معان واقعية ملموسة، كما قد يفسر هذا الميل إيمان الكرد بالأولياء والشيوخ والشخصيات الدينية المرموقة، وقد اتفق على هذا الرأي جميع الكتاب والرحالة الذين درسوا المجتمع الكردي.
الشعور العام السائد لدى الكرد هو أن أراضيهم احتلتها حكومات إسلامية مجاورة تحت ذريعة الأخوة الدينية
إن الدين (إذا عرفناه كواقع اجتماعي وليس كنصوص) لا يستطيع في المرحلة الراهنة التي يمر بها المجتمع الكردي، أن يشكل حركة إنقاذ ثورية في المجتمع كما يؤكد عليها بعض علماء الاجتماع، لأن المجتمع الكردي بعد الانتفاضة الربيعية عام 1991 وتشكيل البرلمان الكردي والحكومة عام 1992 وحتى الآن تمخض عن ظهور قيم جديدة في المجتمع، والواقع الاجتماعي الحاضر هو واقع طائفي أكثر منه واقع ديني وذلك لانتشار الشعور القومي لدى الكرد بصورة عامة أكثر من أي وقت مضى، بوجود كيان سياسي مستقل لهم، فضلاً عن العامل الإثني (العرقي) وهناك عامل آخر يكرس حالة الاغتراب في الدين، وهو الشعور العام السائد لدى الكرد باحتلال أراضيهم من قبل الحكومات الإسلامية المجاورة على أساس أننا إخوة في الدين ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، مما أدى إلى احتلال أراضي الكرد منذ ظهور الدولة الاسلامية باسم الدين حتى اليوم.
ورغم أن المجتمع الكردي محافظ ومتمسك بالمعتقدات الدينية، فإني وجدت في دراسة لي حول التنشئة السياسية الاجتماعية في كردستان العراق أن الدين يأتي بعد الوطن من حيث الأهمية لدى شباب الجامعات الكردية، غير أن تيارات دينية سياسية عدة تنامت في المجتمع الكردي في عقد التسعينيات من القرن الماضي مثل الوهابية والإخوان المسلمون عكست هذا التسلسل ووضعت الولاء الديني قبل الوطني، وتبنت هذا الاتجاه قوى إسلامية كردية مثل الرابطة الإسلامية الكردية، والاتحاد الإسلامي لكردستان العراق، والحركة الإسلامية الكردية، والجماعة
الإسلامية.
المرأة والمجتمع
الكرد هم أكثر شعوب المنطقة تسامحا تجاه المرأة ويعطونها مكانة كبيرة ويقبلون بزعامتها
تشكل العائلة واحدة من بين أهم مصادر القيم السائدة في المجتمع الكردي خاصة أنها تشكل وحدة إنتاجية تقتضي التشديد على العضوية والعصبية والتعاون والالتزام الشامل بين أعضائها. ومن بين الاتجاهات القيمية التي تتصل اتصالاً مباشراً بالحياة العائلية، ما يتعلق بدور المرأة في المجتمع الكردي. وهنا يمكن أن نلحظ ظاهرتين متلازمتين، فمن ناحية وكما يؤكد (مينورسكي) فإن الكرد هم أكثر تسامحاً من جميع الشعوب الإسلامية الأخرى المجاورة تجاه المرأة، ويعني بالتسامح هنا حرية التعبير والرأي وإعطاء المرأة مكانتها التي تستحقها. وبذلك فالكرد أكثر تقبلاً لحرية المرأة ومكانتها قياساً بالأقوام الإسلامية (الترك والفرس والعرب) التي بدت (لمينورسكي) غير متسامحة مع المرأة.
ويعزى هذا الاهتمام النسبي بالمرأة الكردية من قبل الرجل الكردي وثقته العالية بها، إلى أسباب أو عوامل تاريخية ودينية وأنثروبولوجية ممتدة إلى عمق التاريخ لا مجال لتحليلها.
وفي الميدان السياسي، يؤكد الرحالة والمستشرقون وجود زعامة للمرأة الكردية على رأس القرية والقبيلة، وتؤكد هذه الظاهرة مع قلة انتشارها، أن المجتمع الكردي يتقبل زعامة المرأة ولا عقد له إزاء ذلك عندما تفرض المرأة وجودها بمبررات منظورة أو غير منظورة، وتعزى أسباب زعامة المرأة إلى الحروب الكثيرة التي خاضتها الأمة الكردية ضد الغزاة، دفاعاً عن وجودها وخيرات مواطنها.
إن موضوع الانفتاح والحرية والتسامح والتعددية والديمقراطية، احتلت موقعاً أساسياً ضمن المشروع النهضوي الكردي الذي شكل منذ بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين، وبالتحديد منذ انبثاق البرلمان الكردستاني والحكومة الكردية عام 1992، واتخذت قضية المرأة أهميتها في صلب هذا المشروع، في ضوء العلاقة العضوية بين التحول الديمقراطي وتحرير المرأة من ناحية، وبالنظر إلى الدور المؤكد للمرأة في الشأن الكردي العام (تحريراً وتنمية ووحدة) من ناحية أخرى.
وبما أن المرأة الكردية جزء حيوي في المجتمع، وكان لها دور فعال في انتفاضة مارس/آذار عام 1991، إذ حررت المرأة من الظلم والأشكال المختلفة من العنف والقمع والإرهاب والإهانات الممارسة ضدها من قبل الحكومة المركزية في بغداد، بذلك تولد بالمقابل مناخ من الحرية والتعبير والمطالبة بحقوقها ومشاركتها الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية. حيث شكلت نسبة النساء (5.7%) في الدورة الأولى لبرلمان كردستان عام 1992، وارتفعت النسبة إلى (27%) للدورة الثانية عام 2005. وأعتقد أن هذه النسبة تشكل أعلى نسبة للنساء في منطقة الشرق الأوسط، والمرأة رئيسة لعدة لجان في البرلمان الكردي، وأصبحت قاضية لأول مرة عام 1997.
إن مشكلة المرأة الكردية هي مشكلة المجتمع الكردي الذي لا يزال يناضل من أجل تقرير المصير وتثبيت كيان سياسي له (أي الدولة الكردية). وهذا هو الرأي السائد للرجال والنساء في المجتمع الكردي في كافة أجزائه.
غير أنه وبرغم هذه الحقائق فإن بعض القيم والعادات المتعلقة بدور المرأة مازالت سائدة وتمثل عقبة رئيسية أمام تحسين مركزها ومشاركتها السياسية ومساهمتها خارج المنزل. ومن أمثلة القيم البارزة في هذا المجال، سيطرة الرجل على المرأة، وخضوع المرأة وطاعتها طاعة مطلقة للرجل، تفضيل الذكور على الإناث، الزواج المبكر وخاصة في المجتمع الريفي، مكانها الطبيعي هو البيت رغم التغير الذي طرأ على دورها في هذا المجال خلال الحقبة الاخيرة، عدم الثقة بها….إلخ.
العلاقة مع الشعوب المجاورة
يرجع تاريخ علاقة الشعب الكردي مع الشعب العربي إلى ما قبل ظهور الإسلام، وتوطدت هذه العلاقة أثناء الفتوحات الإسلامية التي شارك فيها الكرد، ورغم هذه الصلة الوثيقة بين الشعبين العربي والكردي، فإن الرأي العام العربي، سواء رجل الشارع أو معظم المثقفين، لا يعرفون إلا القليل عن الشعب الكردي وعن قضاياه، وعن تأثير حل القضية الكردية على الأمن القومي العربي خاصة، وعلى استقرار المنطقة عامة.
العرب لا يعرفون إلا القليل عن الكرد الذين يعتقدون أنه لا استقرار ولا كرامة لهم إلا بتأسيس دولة مستقلة
وقد تسبب التعامل السيئ والمتعسف للحكومات المتلاحقة في بغداد، واعتماد الإعلام العربي مرجعيات غير منصفة وغير دقيقة في تناول القضايا الكردية، حتى باتت كردستان توصف عربيا بأنها إسرائيل ثانية في حين أنها فلسطين أخرى. تسبب كل ذلك بتنمية شعور قوي لدى الكرد بأنه لا يوجد فرق بين النظام البعثي ونظام شيعي وسُني آخر في العراق، كما نما شعور آخر بأنه لا أمان ولا استقرار ولا كرامة إلا بوجود دولة كردية مستقلة في العراق، بل إن التعامل العربي الخاطئ مع قضية الشعب الكردي أدى إلى ردة فعل عكسية من قبل الكرد الذين باتوا يرغبون بدراسة اللغة الأجنبية دون العربية. وهناك جيل من الكرد في العراق لا يعرفون العربية ولا يعرفون عاصمة العراق (بغداد) فهو جيل الإنترنت والحاسوب والعولمة وليس أصدقاء الجبال كما كانوا يطلقون على الكرد من قبل الأنظمة العربية والتركية والفارسية المحتلة لأرض كردستان، رغم أن الكرد في الماضي ساهموا مساهمة جادة في تطوير وإغناء اللغة العربية.
_______________
أستاذ علم الاجتماع المساعد
كلية الآداب/ جامعة صلاح الدين/ أربيل
المصادر:
Gerhard, Lenski, “Human Societies
د. شاكر خصباك، الأكراد-دراسة جغرافية إثنوغرافي
د. عبد الرحمن قاسملو، كوردستان والأكراد–دراسة سياسية واقتصادية
د. حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر، بحث استطلاعي اجتماعي
درية عوني، الأكراد
تومابوا، مع الأكراد
طاهر حسو الزيباري، دور المرأة الكوردية في المشاركة السياسية
طاهر حسو الزيباري، التنشئة السياسية الاجتماعية في كوردستان-العراق
مينورسكي، الأكراد، ملاحظات وانطباعات
د. بدرخان السندي، المجتمع الكردي في المنظور الاستشراقي
[1]