يواصل مرتزقة #داعش# محاولات تنظيم صفوفهم انطلاقاً من مخيم الهول ما دفع قوى الأمن الداخلي لإطلاق حملة أمنية هناك، إذ يرى مختص في قضايا الإرهاب، أن داعش لديه نهج قديم يسمى هدم الأسوار إذ سيطر سابقاً على مدن عراقية وأفغانية وغيرها انطلاقاً من أماكن الاحتجاز، محذراً من أن استمرار تهرب القوى الدولية عن مسؤولياتها والهجمات التركية سيجعل ظهور خلافة داعش مرة أخرى مسألة وقت.
تتواصل حملة #الإنسانية والأمن# التي أطلقتها قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية في مخيم الهول الذي يتواجد فيه عوائل مرتزقة داعش الأجانب، منذ 25 آب المنصرم، بهدف البحث عن خلايا للمرتزقة هناك، وذلك بعد أن ازدادت حالات القتل في المخيم.
وعمل مرتزقة داعش وعوائلهم خلال الفترة الماضية، على تكريس ذهنية المرتزقة في عقول قاطني المخيم وحفر الأنفاق.
وعلى الرغم من هزيمة داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية بعد تحرير الأخيرة لمدينة الباغوز عام 2019، إلا أن داعش لا يزال يحاول إعادة نشاطه مستفيداً من تهديدات وهجمات الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا.
وفي كانون الثاني، شن مرتزقة داعش هجوماً دموياً على سجن الصناعة أسفر عن استشهاد أكثر من مئة من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، حيث كان الهدف من الهجوم، والذي جاء بدعم من الاستخبارات التركية، إطلاق سراح المرتزقة ومن ثم التحول من سجن الصناعة والعبور من هناك إلى مخيم الهول.
وفي تصريح سابق لوكالتنا، اعتبر مسؤول المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي مخيم الهول هو المحاولة الثانية لإقامة الخلافة، إذ ينشأ هنا الجيل الثالث لداعش وهو أخطر من داعش.
وكرر قائد العمليات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال مايكل كوريلا، هذا التقييم خلال زيارة له للمخيم مطلع شهر أيلو الحالي، قائلاً: داعش يسعى لاستغلال الظروف الموجودة في المخيم، مع ما يقارب من 80 ولادة في المخيم كل شهر، فإن هذا المكان هو أرض خصبة فعلية للجيل القادم من داعش.
كما قالت المسؤولة البارزة في البنتاغون، دانا سترول، في تصريحات سابقة لها إن داعش ينظر إلى مراكز الاحتجاز على أنهم جيشها الجديد.
وأضافت: إنها تنظر إلى مخيم الهول وروج، والأطفال في تلك المخيمات، على أنهم الجيل القادم من داعش.
داعش وهدم الأسوار والجيل الجديد
كما اعتبر الباحث المختص في قضايا الإرهاب، حسن أبو هنية، في حديث خاص لوكالتنا أن هناك مشكلة كبيرة في قضية الجيل الجديد من داعش، فمنذ أن قضى التحالف الدولي وبالاعتماد بشكل أساسي على قوات سوريا الديمقراطية، على الخلافة المكانية لداعش التي انتهت بمنطقة الباغوز في آذار 2019، حدثت هناك مشاكل كبيرة، ففي الهول هناك حوالي 65 ألف من عوائل داعش (أطفال ونساء)، بالإضافة إلى بقية المخيمات والسجون فهناك حوالي أكثر من 10آلاف داعشي، مشيراً إلى أن هذه الأرقام الكبيرة تحتاج إلى دعم دولي كبير وعلى كافة الصعد ومنها الأمنية.
وأضاف صحيح إن داعش انتهى مكانياً، لكنه تحول إلى منظمة لا مركزية، وبالتالي يعمل وفق حرب العصابات ويشن هجمات شبه منتظمة في العراق وسوريا، ولذلك التنظيم يبقى خطراً، ولديه استراتيجية معروفة باتجاه قضية السجون والمعتقلين ومن هناك يطلق التنظيم عملية (هدم الأسوار).
وأوضح أبو هنية داعش سيطر على العراق بعد أن سيطر على سجني التاجي وأبو غريب، عبر إخراج مقاتليه من هذين السجنين، وما قام به مؤخراً في سجن الصناعة بغويران هو جزء من هذه الاستراتيجية، ودلالة واضحة بأنه لن يتخلى عن طموحاته بإعادة بناء التنظيم، ويطمح بعودة تثبيت خلافته في هذه المناطق الجغرافية.
وفي 21 تموز 2013 هاجم مرتزقة داعش سجن التاجي وسجن أبو غريب في العاصمة بغداد، ضمن خطّة هدم الأسوار، التي أعلن عنها زعيم مرتزقة داعش أبو بكر البغدادي قبل سنة من تاريخ التنفيذ. وأسفر عن هذا الهجوم، تهريب نحو 1000 مرتزق، بينهم ما يزيد على 500 من المتزعمين لداعش.
وأكد أبو هنية أن هدم الأسوار بات نهجاً يتبعه داعش، وقد يلجأ الى ذلك واستثمار أي حالة من الفراغ والفوضى، وقام بفعل ذلك في خراسان في أفغانستان عندما سيطر داعش على سجن ننغرهار وأطلق سراح مقاتليه (في آب 2020)، وفعل ذلك أيضاً في موزامبيق، ومناطق أخرى.
ومنذ إعلان القضاء على مرتزقة داعش مادياً، طالبت وعلى الدوام الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الدول المعنية باستعادة مرتزقة داعش الأجانب وعائلاتهم الموجودين في السجون والمخيمات، ولكن إلى الآن ليست هناك أية مبادرات جدية حيال هذه القضية.
تداعيات خطيرة للغاية في حال عدم استعادة دول الغرب لرعاياهم الدواعش
وحذر الباحث المختص في قضايا الإرهاب، من إن عدم استرجاع الدول الأجنبية للأطفال والنساء من مخيم الهول، بأنه أمر خطر، وخاصة مع تراجع الاهتمام الدولي بملف الإرهاب العابر للحدود، نتيجة الانشغال الغربي بالحرب الروسية على أوكرانيا، وكذلك التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين في تايوان وبحر الصين الجنوبي، وكذلك التداعيات الصحية والمالية التي نشأت بعد وباء كورونا، وقضايا المناخ، والإرهاب الداخلي.
وأضاف تراجعَ الاهتمام الدولي بالمقاتلين الأجانب وعوائلهم وإعادة دمجهم وتأهيلهم في المجتمعات الأوروبية، على الرغم من الدعوات الأميركية حيال ذلك، وركزوا فقط على المقاربة العسكرية والأمنية، وهذا أمر خطير.
ويرى أبو هنية أن عدم استعادة أوروبا للمقاتلين الدواعش، له تداعيات خطيرة إلى أمد بعيد، وهو ما سيشكل ضغوط كبيرة وجهود إضافية على قوات سوريا الديمقراطية دول لا تستطيع تحملها.
وتبذل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، قصارى جهدها، لتأمين تلك السجون والمخيمات، إلا أن الحصار وإغلاق معبر تل كوجر، وكذلك التهديدات التركية بغزو المنطقة وقصفها اليومي على المنطقة واستهدافها بالطيران المسير للقادة والقياديات الذين ساهموا في القضاء على داعش، ومن ضمنهن الشهيدات جيان تولهدان وروج خابور وبارين بوتان اللواتي حاربن داعش، يراه مرتزقة داعش فرصة سانحة لهم لكي يعيدوا ترتيب صفوفهم وإحياء ما يسمونه بالخلافة مرة أخرى.
تركيا الراعي الفعلي للفوضى وداعش
حكومة العدالة والتنمية طالما عرقلت القضاء النهائي على داعش وعرقلت محاكمة مرتزقة داعش في تركيا، كما حذر مسؤولو الإدارة الذاتية ومسؤولي البنتاغون من أن خطط تركيا المعلنة لغزو شمال وشرق سوريا ستخرج مرتزقة داعش من سجونهم.
وكان قد اعترف في وقت سابق، المرتزق عبد الله إسماعيل أحمد، أحد أخطر متزعمي مرتزقة داعش، والمسؤول عن جميع الهجمات الإرهابية في مدينة الحسكة وأريافها وأكبر هذه الهجمات الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة، أنهم كانوا يتلقون التعليمات من غرف العمليات الموجودة في الداخل التركي التي تدار من قبل الاستخبارات التركية (MİT).
وفي هذ السياق يرى الباحث والمختص في الإرهاب، حسن أبو هنية أن تركيا تحاول على الدوام استثمار الظروف وغياب الاهتمام الدولي من أجل إقامة منطقة عازلة، وقد يستغل أردوغان هذه الظروف وينفذ تهديداته، وهو ما سيؤثر حقيقة سلباً على المنطقة وستستغل داعش ذلك وستنتشر الفوضى، وسيتمكن الموجودين في السجون والمخيمات من العودة مرة أخرى، وإقامة خلافة أخرى.
وأضاف الأمور باتت خطيرة للغاية ولا توجد استجابة دولية حيال هذا الخطر، ولا يوجد اهتمام كافي في هذا الملف، فاستراتيجية بايدن غير واضحة تجاه سوريا، وستستغل تركيا ذلك، ويبقى ظهور خلافة داعش أخرى مسألة وقت لا غير.
(ي ح)
ANHA
[1]