استطلاع/ هايستان أحمد
روناهي/ قامشلو يصادف يوم الاثنين 22 نيسان الجاري الذكرى السنوية ليوم الصحافة الكردية الحادي والعشرين بعد المئة، وفي وقت أصبح الإعلام فيه مالئ الدنيا وشاغل الناس، وأصبحت فيه الصحافة كالزاد اليومي الذي لا غنى عنه، وباتت الصحافة الكردية في تطور وتقدم واضح وجلي.
يُقال أن الصحافة والإعلام السلطة الرابعة من حيث أهميتها في كل دول العالم، ومن خلال الصحافة والصحف والمجلات ندوّن تاريخنا ونؤرخه من جديد، ونحافظ على إرثنا وحضارتنا القديمة ونلحق بركب الحضارة والتطور على كل الأصعدة، فالإعلام أسمى مهنة لأنها تسعى إلى إظهار الحقيقة وطرحها وإيجاد سُبل الحل، وإلقاء الضوء على كل قضية ومشكلة في المجتمع، لأنها إحدى أهم العوامل المؤثرة تأثيراً مباشراً في الرأي العام، وعلى الشعوب وحركاتها، فكل دولة متقدمة وشعب حضاري متقدم تتميز الصحافة عندهم بالعراقة والازدهار، وتاريخ الصحافة وتطورها مرتبط بتاريخ الشعوب، كما هي الصحافة الكردية التي اُضطُهدت من قبل قوى العالم العظمى، فالكرد واللغة الكردية والتاريخ الكردي كان يعيش في حالة حرب مع العالم.
إضفاء الروح للصحافة الكردية من جديد
على الرغم من كل الضغوطات التي عانى منها الشعب الكردي عبر العصور ألا أنه لم يستسلم لمعاداة العالم له، وبدأ بإصدار الصحف والمجلات باللغة الكردية التي كانت ممنوعة آنذاك، وكان هذا الحدث العظيم في الثاني والعشرين من شهر نيسان في عام 1898م، وكانت أول صحيفة كردية نُشرت في أرجاء العالم باسم “كردستان” في مدينة القاهرة، ويعتبر هذا اليوم عيداً كما كل الأعياد يحتفل به الإعلام الكردي في أرجاء كردستان والعالم، والآن وبعد ثورة روج آفا انتشرت الصحف والمجلات الكردية، ولاقت الصحافة الكردية مكانها الصحيح وتطورت بشكل ملحوظ في الفترات الأخيرة، وأخذت ما تستحق من مكانة في المجتمع.
وهذه السنة سنحتفل بالذكرة السنوية ال “121” ليوم الصحافة الكردية، في هذا السياق وفي لقاء مع الكاتب الكردي الكبير المولّع باللغة الكردية وتاريخ الكرد الكاتب “سلمان عثمان” الملقب ب “كوني رش”، حدثنا عن الصحافة الكردية وتاريخها وأفادنا بمعلومات وفيرة عن هذا اليوم التاريخي حيث قال: “أُصدرت أول صحيفة كردية على يد “مقداد مدحت بدرخان”، في مدينة القاهرة لأنه لم يستطع نشرها في إسطنبول وباللغة الكردية بسبب ظلم السلطات التركية ومعارضتهم للكرد، وطُبعت من هذه الصحيفة إحدى وثلاثين عدداً، وبعد مرض مقداد بدرخان أكمل أخاه “عبد الرحمن بدرخان” خُطى أخاه ونُشرت وطبعت هذه الصحف في جنيف ولندن والقاهرة”.
اللغة هي الأساس والمصدر
وعن تطور الصحافة وازدهارها أشار الكاتب “كوني رش”، إلى أن الصحافة الكردية الآن أخذت طريقها الصحيح وانتشرت ثقافة الكُرد وتاريخهم بشكل ملحوظ في أنحاء العالم كله، وأصبح الإعلام لسان الشعب الكردي الصريح، واختتم حديثه بقوله: “لغتنا هويتنا وتاريخنا وإثبات وجودنا ويجب علينا تَعلم لغتنا وكتابتها ورسم حروفها التي قُيدت وأن نستمر بالتقدم في الصحافة ونسير على خُطى عائلة بدرخان التي واجهت الصعاب من أجل الكرد والقضية الكردية”.
تاريخ الصحافة الكردية العريق
وحدثنا أيضاً الكاتب والباحث الكردي والذي كرس حياته من أجل اللغة الكردية والكرد الكاتب “صالح حيدو”، حيث قال: “هذا اليوم العظيم أصبح يوم تاريخي في صفحات كتاب تاريخ الكرد العريق، والعائلة البدرخانية لها دور كبير وعظيم في الصحافة الكردية فقد أصدرت أول صحيفة باللغة الكردية في القاهرة، ومن ثم حصل “جلادت بدرخان” على الموافقة من الحكومة السورية في إصدار مجلة “هاوار” في دمشق عام 1932م باللغة الكردية وبالأحرف اللاتينية، وأيضاً صحيفة “روناهي” في دمشق، وأصدر “كاميران بدرخان” في مدينة بيروت مجلة “روجا نوو” عام 1943م، باللغتين الكردية والفرنسية، واليوم نجد أن شعبنا الكردي يمشي في نفس هذا الدرب، وانتشرت اللغة الكردية من برامج تلفزيونية وصحف ومجلات كثيرة ومتنوعة بين ثقافة الكرد والسياسة والمجتمع وإظهار مشكلات المجتمع”.
إثبات الهوية الكردية نفسها في العالم
وأكمل الباحث حيدو حديثه بقول: “نجد الكردي الآن يثبت نفسه للعالم كله ويتقدم أكثر وهذه الخطوات جداً مهمة، وعلى الرغم مما عانيناه من ظلم في طمس لغتنا الأم إلا أننا نبرز لغتنا في الصحافة إلى جانب اللغات الأخرى لشعوب المنطقة كلها، وهذا الشيء نُبل من أخلاق الشعب الكردي، وللصحافة أهمية كبيرة لا نستطيع إيجازها بعدة كلمات، وأنا فخور جداً بالصحافة الكردية التي أثبتت نفسها على صعيد نواحي الحياة كلها.
ونتمنى من الإعلاميّن جميعاً والكرد خصوصاً المحافظة على مكانة الصحافة الكردية، وتثبيت خطوات أكبر في طريق النجاح وازدهار الثقافة الكردية ومعالمها الغنية، وأن نبقى على درب هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تثبيت الحقيقة في صحف الكرد وأن نستمد منهم قوتنا وصمودنا لنرتقي أكثر وأكثر”.[1]