النظرة الاسرائيلية للازمة السورية 1
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7821 - 2023-12-10 - 13:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ما من شكٍ بأن موقف إسرائيل من الثورة السورية كان أحد أكثر المواقف الإقليمية والعالمية تأثيراً في أحداثها ومآلاتها لأسباب جيوسياسية لا تخفى على المراقب.
فبعد أيامٍ فقط من انطلاق شرارة الثورة، خرج رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، ووكيلهُ المالي في عملية السيطرة على الاقتصاد السوري ونهبه لصالح بيت الأسد، على وسائل الإعلام العالمية ليُذكِّر الجميع، وإسرائيل بالدرجة الأولى، بالأهمية الاستراتيجية الاستثنائية لاستمرار النظام السوري في مسألة حماية أمن إسرائيل ووجودها.
ورغم الأهمية البالغة لدراسة موقف الدولة العبرية من الثورة السورية بشكلٍ شاملٍ ومنهجي، غير أن مثل هذه الدراسات تبدو شحيحةً إلى درجةٍ تبعث على الاستغراب. من هنا، يأتي البحث التالي للدكتورة معالي محمد لطفي محمود سالم الإدارة الإسرائيلية للأزمة السورية مشاركةً بالغة الأهمية في فتح هذا الملف المعقد والحساس.
وإذ تستعمل الباحثة مصطلح الأزمة فإنها تؤكد الحرص على منهجية البحث منذ البداية لأن ما كان ثورةً بالنسبة للسوريين كان أزمةً بالنسبة لإسرائيل، ولم يكن ثمة إمكانيةٌ بعد ذلك لوضعها في مقام إدارة الثورة السورية.
تبدأ الباحثة الورقة بعرض الحسابات التي قام بها فريقان من الساسة الإسرائيليين بخصوص الموقف من الثورة السورية. وتشرح كيف أنه كان هناك ثمة اتفاقٌ ضمني على خطر انتصار الثورة وزوال نظام الأسد، لكن الخلاف كان على المسائل التكتيكية التي يمكن من خلالها ضرب عدة عصافير بحجرٍ واحد، كما يقولون.
فمن ناحية، تجري محاولة الاستغلال الدعائي لجهة إظهار وحشية الأسد البالغة إقليمياً وعالمياً تجاه شعبه، في مقابل ممارسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، التي كانت تبدو (ملائكيةً) بالمقارنة، في ذلك الزمن على أقل الأحوال.
ومن ناحية ثانية، يتم إنشاء علاقات مدروسة ووظيفية مع بعض شرائح المعارضة السورية المسلحة، أيضاً بهدف الدعاية من جانب، وبهدف السيطرة الكاملة على قراراتها وحركتها وممارساتها، وبما يضمن إخفاقها في تحقيق هدف إسقاط النظام من جانبٍ آخر.
إضافةً إلى الأمرين أعلاه، كان إضعاف الجيش السوري والاقتصاد السوري والبنية التحتية لسوريا هدفاً استراتيجياً ثميناً صاغت إسرائيل مجمل قراراتها وأفعالها لتحقيقه. ليس بالضرورة خوفاً من النظام السوري الذي أمَّن لها الحدود على مدى عقود، وإنما خوفاً من سقوط هذا النظام، وإمكانية استفادة الثوار في المستقبل من إمكانيات سوريا العسكرية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، قامت الباحثة بتحليل علاقة إسرائيل مع كلٍ من روسيا والولايات المتحدة، بما يضمن تحقيق كل المصالح المشتركة، وبتوازنات دقيقة تضمن مصلحة جميع الأطراف، فيما عدى الشعب السوري الثائر.
ومرةً أخرى، تتأكد أهمية هذه الورقة، فوق قيمتها الذاتية، من كونها مدخلاً لفتح مسارٍ بحثي في غاية الأهمية لحاضر ومستقبل الثورة السورية، ولتكون عنصراً رئيساً من عناصر (ملف المراجعات)، على أملٍ بأن يلتقط الإشارة باحثون آخرون سوريون وعرب، فيبنوا على معطيات هذا البحث، ويساهموا في تشكيل تراكمٍ معرفي يليق بأهميته وخصوصيته البالغة.
منذ اندلاع الأزمة في سوريا منتصف مارس 2011، اتجهت الأنظار نحو طبيعة الموقف الإسرائيلي منها، انطلاقًا من أهمية هذا الموقف في قراءة مستقبل الأحداث في سوريا، خاصة في ضوء أهمية الحدود السورية الشمالية وموقعها من الأمن القومي الإسرائيلي، وهو ما يجعل من الأهمية بمكان دراسة الموقف الإسرائيلي والتعمق في فهمه....يتبع ...
[1]