$إقليم كوردستان (العراق) شوكة في حلق المتطرفين 4$
#بير رستم#
تزايدت عدد المقالات والدراسات والردود حول المسألة الكوردية عموماً وعلى الأخص ما يتعلق منها بإقليم كوردستان (العراق)، وهذا مؤشر عن الحالة والمستوى الذي وصل إليها القضية الكوردية في هذا الجزء من الجغرافية الكوردستانية والتي أصبحت واحدة من القضايا الدولية الساخنة والمؤثرة على الساحة السياسية ومسألة إعادة رسم خارطة المنطقة، وصحيحُ ُ إنه ليس بمستوى الحلم والطموح الكوردي ولكنها تعتبر مرحلة انتقالية جد مهمة في المسيرة النضالية لتاريخ شعبنا للخروج بمكاسب جيوسياسية، ليس على مستوى هذا الإقليم فحسب وإنما على مستوى الجغرافية الكوردية عموماً؛ ولذلك وانطلاقاً من هذه الحقيقة والواقع الراهن، فإنه يتوجب علينا نحن الكورد ومن كافة القوى والفعاليات، وفي الأجزاء الأربعة من كوردستان، الوقوف وراء هذه التجربة الفتية ودعمها ونقد أخطاءها لتقف على قدميها وتكون بالتالي سنداً حقيقياً للحلم والمشروع الكوردي المستقبلي في قيام الدولة الكوردية.
وهكذا ونتيجة لهذه القناعات والرؤى فإننا حاولنا ومن خلال سلسلة المقالات والردود هذه أن نتصدى لهؤلاء الأبواق العفلقية الصدامية الإسلاموية، مع العلم إننا تغاضينا عن الكثير الكثير من السخافات والترهات التي التقينا بها وفي العديد من المواقع الإلكترونية “المشبوهة” وعلى سبيل الذكر وليس الحصر “مقالات” كلٍ من عدنان طعمة الشطري ومحسن ظافر الغريب و.. العديد من أمثالهم في موقع “صحيفة كتابات” لصاحبها “إياد الزاملي” وإننا لننأى بأنفسنا من النزول إلى هكذا مستويات أخلاقية منحطة، ناهيك عن الطرح السياسي والمعرفي الفكري، وبالتالي فلم نقم ولن نقوم بالرد على هكذا “أناس” مجردون من القيم الأخلاقية والإنسانية والتي لا تليق بهم حتى صفة “الإنسان”.
ولكن وكشاهد على ما يطرحون ويبثون من خلال هذه المواقع فإننا سوف نقتبس هذه الفقرة للمدعو عدنان الشطري والذي “يتصف” ببعض الأخلاق مقارنة بغيره؛ فهو يكتب بصدد أصل الكورد ودور كل من الرئيسين مسعود برزاني وجلال طالباني في إدارة كلٍ من الإقليم والعراق ما يلي: “الظاهر للعيان ان ثعلب الثعالبة ، مسعود البرزاني ، ودب الدببة الطالباني ، لم يرعويان لتعاليم ودروس الزمن والتاريخ ، ولم يقرأن أبجديات الصراع التاريخي والاثني والعرقي ، ونسوا او تناسوا سنين الموت والقهر التي عاشها الشعب الكردي ، قبل ان تلتفت اليه الارادة الربانية التي ضربت بيد أمريكا ، فتخلص الأكراد أو الكورد من الطاغية وازلامه .. فلما خرج الكاكه الكردي من قمقمه الكاكوي المظلم ، شهد الاشور قيامةَ أرضية ، وراحوا البيشمركة يجلدونهم بسياط القهر والموت والتعذيب . اشك ، ومن حق الكائن البشري أن يشك ، ومن خلال قراءتي لوثائق التاريخ وبطون الكتب ، إن مرد ذلك يرجع إلى عقدة النقص التاريخية التي تعاني منها الذات الكردية ، والتي استشعرتها النخب الكردية السلطوية ، إزاء تاريخية الآشوريين والكلدان والسريان ، وحضارتهم الضاربة في القدم ، واصولهم السامية التي لاتشوبها شائبة ، ولاريب فيها او شك ، ولم يجرأ باحث واعٍ او اركيولوجي متمرس ، على نعتهم بأنهم نسل من العفاريت والكرطات والطناطل ، او ان الاراء قد تضاربت حول اصولهم ، والى أي السلالات التاريخية ينتمون ؟ !!”. وهكذا فلم يبقى إلا هذا “العبقري” والذي يكشف عن أصله ومعدنه وذلك من خلال الخطاب الذي يطرحه، أن يدلوا بدلوه في أصل الكورد على “أنهم من نسل العفاريت والكرطات والطناطل” وذلك اقتفاءً بمعلمه وأستاذه “الباحث الواعٍ و الأركيولوجي المتمرس!!” صاحب “مروج الذهب ومعارف الجوهر”؛ “الحسن بن أحمد المسعودي” فتباً لهذه الأزمنة الرديئة والتي تركت لنا هكذا خلف لمثل ذاك السلف.
وتأكيداً على أننا ما زلنا أسيري الفكر المغلق والقبلية القومجية؛ فها هو آخرُ ُ ومن أصحاب الرؤوس الحامية ومن دون أن يصرح عن أسمه ومدعياً إنه “برلماني عراقي” يحمل الحرفين “ظ. غ” للتعريف عن نفسه، ينشر مقالٍ له في الموقع “المختار” لديهم؛ “صحيفة كتابات” حيث ينفث من خلاله حقده الأسود ليس على القيادة الكوردية فقط وذلك عندما يدعي عن رئيس إقليم كوردستان على أن؛ “طبع قوة الإستمرارية غالب فيزيائيا كما هو غالب طبيعيا لدى أمثال رئيس إقليم شمال العراق بارزاني الذي رحّل مشكلته طالباني الى منصب رئيس جمهورية العراق حتى يتقاعد بنهاية العقد الأول للألفية الثالثة للميلاد، في إستسهال ممارسة حرفة التصيد بالمياه العكرة، محليا وعراقيا وبما يحيطها اقليميا ودوليا إذ وصل مآل الحال الى عرض خدماتهما سرا وعلانية لكل قادر طامع يريد إضعاف “جمهورية العراق”.
ليس هذا فحسب، بل إنه يتجاوز كل القيم والمبادئ الأخلاقية وذلك عندما يحاول أن يشوه و”يلوث” القضية الكوردية على أنها قضية عصابات وزعامات قبلية لا أكثر؛ “سوف لن نغوص كثيرا في التاريخ البعيد لهذه العصابات العشائرية وممارساتها” وبأن الكورد هم الذين سعوا دائماً لخلخلة الأوضاع في العراق، وكأن الدولة العراقية قد وجدت منذ آلاف السنين ضمن هذه الجغرافية المعروفة اليوم وليست هي بصنيعة استعمارية “سايكس-بيكوية”. وفي الجانب الآخر ومن خلال أطروحات هؤلاء العفلقيين الصداميين نفهم وكأن الكورد سقطوا من المريخ في “ليلة ما فيها ضوء قمر” ليحطوا الرحال على هذه “الأرض العربية” والتي قمنا “بكردستنتها” واليوم نريد نحن الكورد “الحاقدين” باقتطاعها من الجسد والجغرافية العربية، وهكذا فإننا تنكرنا لكرم الضيافة العربية وذلك عندما آوونا في “جغرافيتهم” المنكوبة والبائسة وكأن هذه الجغرافية قد استملكوها أباً عن جد ومنذ “النياندرتالي العروبي” الأول وهكذا وبكل صفاقة يتناسون تاريخ الغزوات والنهب والسلب العربي الإسلامي وبأن هذه البلدان لم تكن يوماً أرضاً عربية.
أما المسألة الأخرى والتي أصبحت واحدة من “الشماعات” الجديدة أو “قميص عثمان” جديد؛ هو مسألة العلاقة مع الدولة الإسرائيلية وعلى أن الكورد يشكلون “الطابور الخامس” في الواقع العربي، فها هو “الداعية العفلقية” يقول “إشتد عداء هذه القيادات للحكم الوطني الجمهوري الأول، بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وأخذت تتحرك مع أعداء الجمهورية آخر ملوك فارس بهلوي وشركات النفط الاحتكارية وإسرائيل للاطاحة بجمهورية قاسم آنذاك”. وينسى أو يتناسى بأن عبد الكريم قاسم وبعد أن أشتد عوده تنكر لكل الوعود التي تم الاتفاق عليه مع القيادة الكوردية وقبل هذه وذاك فإن هذا “العبقري” الآخر يتناسى بأن عبد الكريم قاسم كان يمثل بالنسبة للشعب الكوردي زعيم دولة يحتل جزء من الجغرافية الكوردية وأن هذه الدولة تتنكر لأبسط الحقوق الإنسانية لهذا الشعب، بل إنها ومن خلال أدواتها ومؤسساتها القمعية كانت تحاول أن تطمس كل المعالم الخاصة بهذا الشعب والجغرافية على بأنها متمايزة عن الجوار العربي.
وهكذا فإن قضية “الطابور الخامس” وبأن الكورد هم “عملاء” الغرب وإسرائيل، ما هي إلا حكاية من حكايات العقلية العروبية الإلغائية العفلقية والتي لا تقبل الآخر إلا عبداً رقيقاً وذميياً موالياً يتبع سيده بذل وخنوع؛ و إلا فما معنى أن تكون كوردستان “مستعمرة دولية” بل إن جزءً كبيراً منها مستلبة ومغتصبة من قبل دولتين عربيتين وفي الآن ذاته أن تأتي وتطلب من الشعب الكوردي أن يتبنى القضايا العربية ومسألة الصراع العربي الإسرائيلي، بل أن يكون المدافع الأول عن هذه القضايا وأن يبز العرب فيها و إلا فإنك خائن وعميل للغرب وإسرائيل. وهكذا فإن لم تكن تلك العقلية مرجعيتها فما هي إلا أنها ناتجة عن عقلية مرضية كالتي تدعي بأن “العروبة إناءُ ُ قادرُ ُ على احتواء الأقليات العرقية الأخرى” ويتناسى بأن العروبة كمصطلح ودالة جيوسياسية تعني خصوصية أثنية عرقية و”احتواء”ها للآخر يعني إلغاء ونفي هذا الآخر أثنياً وعرقياً، ولكن ومن خلال هذه السنوات الطويلة من تسيد العنصر العربي في الواقع الإسلامي يبدو أنه كرس فكراً شوفينياً استعلائياً عند العنصر العربي ولا يمكن بسهولة التخلص من هذا الإرث الثقيل والمجحف بحق الآخر؛ فليس الكورد بنظر العرب والمسلمون عموماً إلا ماسحي الأحذية والأوساخ.. حيث ما زالت هناك الكثير من تلك “المزابل” والتي تحتاج لمن يكنسها من تاريخ الفكر البشري.
جندريس-2006
[1]