=KTML_Bold=محمد قاسم : من وحي مؤتمر هولير - رأي وأفكار - 2=KTML_End=
كورداونلاين
لا نريد أن نكون واحدا من هذه المجتمعات..بل مجتمعا يحاول الجمع بين الروح الحضارية التي تسعى لعمارة الكون-ومنها أرضه- والتلاؤم مع الظروف المتفاوتة لكل الشعوب في رعاية ثقافة همها البناء والتحرر من ازدواجية الأحكام
لا نريد أن نكون واحدا من هذه المجتمعات..بل مجتمعا يحاول الجمع بين الروح الحضارية التي تسعى لعمارة الكون-ومنها أرضه- والتلاؤم مع الظروف المتفاوتة لكل الشعوب في رعاية ثقافة همها البناء والتحرر من ازدواجية الأحكام والاختلاف بين القول والفعل...
وعلى الرغم من أن هذا المطلب ليس هينا لكننا نعلم أن الكثير من الصعوبات عولجت في حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات وكانت تظن أنها مستعصية..؟
كانت هذه العبارات هي خاتمة المقال المعنون ب من وحي مؤتمر هولير-أربيل-رأي وأفكار (1).
وأود أن نتوقف عند عبارة:
وعلى الرغم من أن هذا المطلب ليس هينا لكننا نعلم أن الكثير من الصعوبات عولجت في حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات؛ وكان يُظن أنها مستعصية...
لماذا..؟!
ببساطة لأن الإنسان –أفرادا ومجتمعات...يريد أن يهنأ بالعيش في أفضل أحواله،
ولا يتحقق ذلك إلا في ظروف الأمان والاستقرار كنتيجة للتشارك في تأسيس معالم وأعمدة ومسارات الحياة عموما... حيث يسود المناخ الملائم لحياة؛ يمكن تكريس فعاليتها للعمل المنتج في مختلف الميادين والاتجاهات؛ طبعا ضمن ضوابط تسمى : قيم، أو قوانين، أو معايير ...الخ. وهي جميعا تحاول تكريس الأمان، والأهم الثقة المتبادلة والوعي بالمصير المشترك لنا ولأجيالنا من بعدنا –وهو الأهم-
ويحتاج هذا إلى عملية استقرائية للواقع بأدوات صالحة – والأفضل كفوءة- لتشخيص وتوفير الإمكانية والحافز للعمل على أسس ستبقى ركيزة الحياة القومية والوطنية ومحتواها الاجتماعي دائما ربما..
دوما هناك معيقات تعترض توفير هذا المناخ المطلوب والمرغوب...ونتساءل:
ما هي هذه العوائق؟. من–أو ما –مصدرها؟. ما دور الكائن البشري فيها؟.الخ.
يستخدم البعض تعبير النضال ضد الطبيعة كنوع من العمل لمغالبة المعيقات الطبيعية المختلفة؛ كالتضاريس والأنواء والعواصف والبراكين والبحار والكائنات المؤذية ...الخ.
لكن الجهاد الأكبر كما في الحديث الشريف هو جهاد النفس ويبدو انه الأهم، فالنضال ضد النفس وما فيها من نوازع هو:نضال ضد أمرين لا بد منه:
- نضال ضد الطبيعة ونضال ضد النفس معا.
وإذا كان النضال ضد العوائق الطبيعية فكرة مفهومة، ومتفق عليها غالبا ؛ فإن تركيبة النفس وأنواع العوائق فيها، ودرجة تأثيرها، وطبيعتها... لا زالت موضوعا للبحث بالرغم من قطع علم النفس أشواطا بعيدة فيها.
النقطة الخلافية الأساسية - والتي يصعب التحقق منها تجريبيا- هي: هل فطرة الإنسان نقية ، ضمير لا يخطئ أبدا- صوت سماوي خالد بحسب تعبير جان جاك روسو.
أم أن النفس البشرية نزاعة للشر والعدوان- كما يؤكد سيجمند فرويد في مدرسة التحليل النفسي ، ويؤيده بعض الفلاسفة هوبز الانكليزي مثلا.
بل وكما يرد في الآية الكريمة إن النفس لأمارة بالسوء وفي قول الرسول في جهاد النفس: الجهاد الأكبر في معرض قياس جهاد النفس بجهاد الحرب...!
ولعل مفهوم الشيطان يلخص هذا المعنى .
فالنفس إذا خبثت كانت النتائج كارثية ، وإلى ذلك يشير لقمان الحكيم عندما طلب منه أستاذه أن يحضر أخبث شيء في الجسد فجاء بالقلب واللسان. وطلب أطيب شيء فاحضر القلب واللسان، وأجاب حين سئل:
إنهما الأخبث في الإنسان إذا خبثا، والأطيب فيه إذا طابا...!
ولا يخفى دلالة ذلك، فالقلب هو مصدر النية –الحسنة أو السيئة- واللسان هو المترجم لذلك حسنا أو سوءا. و القلب ليس النية هنا فحسب بل يعني مصدر التفكير أيضا..فهو يعني العقل في لغة القدماء.وبالتالي مصدر فاعلية الإنسان ممزوجا بنوازع المختلفة ما لم يقُدها العقل.
فإن عدنا إلى العنوانمن وحي مؤتمر هولير ستبرز أفكار يفترض أن نتوقف عندها قليلا:
مؤتمر هولير هو –باختصار- حالة رمزية لتمثيل الشعب الكوردي في سوريا، في هذه اللحظات الحيوية والحرجة من الأحداث وتسارعها في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا.. بدعم من كوردستان محررة –فيديرالية- يمكنها لعب دور حقيقي مفيد بحكم تأثيراته وعلاقاته الدولية وخبرته السياسية أيضا، حيث تجاوزت المرحلة العسكرية،وليست كما في كوردستان تركيا التي لا تزال في مرحلة النضال العسكري، ولم يتقدموا كثيرا من الناحية السياسية في علاقاتهم وتأثيراتهم الخارجية على الرغم من قوتهم العسكرية التي لا ينكرها احد.ولعل نوع من التنسيق بينهم وبين كوردستان العراق سيوفر عليهم الكثير من الجهد، كما سيصب في خدمة القضية الكبرى للكورد عموما.
ولذلك انعكاسات على الأوضاع العامة في المنطقة..و القوى الكوردية الحزبية خاصة- والمهتمة...تسعى لتبوّء المكان الأكثر راحة وكسبا في قطار الأحداث...! والشعب الكوردي يبحث عن موطئ قدم يعيد إليه بعض حقوق مهدورة منذ أزمنة طويلة، وفي ظروف، الأحوال فيها مهتزة،
سنقتصر على الحراك الكوردي..-ومؤتمر هولير احد تجلياته-.
دفعني إلى الكتابة حوله –ربما شيء واحد ...هذا النهج الذي يبتعد قليلا أو كثيرا عن مسار يؤدي إلى رعاية القضية الأهم؛ وهي قضية الشعب الكوردي ،والانزلاق إلى نوع من الأنانية الذاتية التي تجعل البعض ينسون هذه القضية تحت تأثير شهوة المصالح المتصورة، سواء من بعض الحزبيين الذين لم يبذلوا الجهد الكافي لتوحيد الصف الكوردي أو من بعض المستقلين الذين حوّلوا القضية إلى قضية شخصية بينهم وبين بعض القوى الحزبية خاصة...
وعلى الرغم من أن بعض المطالب أو التحليلات صحيحة بالتأكيد؛ لجهة سيكولوجية الحزبيين-والأحزاب –في التعامل مع مثل هذه الحالات..فإن بعض المستقلين بدوا وكأنهم لا يختلفون عن هؤلاء الحزبيين-والأحزاب- في شيء.
إن لغة الخطاب أو -التحليل – تكاد تكون متشنجة وانفعالية وذاتية –وفي بعض الحالات متجاوزة لما يفترض من نهج نقدي مبرر، وربما مطلوب ومرغوب أيضا.
منذ القديم درج مثل عربي يقول: أتريد أكل العنب أم قتل الناطور؟
ونسأل الجميع هنا -حزبيين ومستقلين مثقفين وغير مثقفين ومختلف التجليات في الفعاليات الاجتماعية...الخ. ماذا تريدون؟ أكل العنب أم قتل الناطور؟
أيفترض بنا أن نمارس دوما ردود الأفعال في قضايانا الكبيرة؟
فننساق مع تجار السياسة الذين فهموا السياسة احتكارا للشعب وحقوقه وقراراته عبر أجهزة حزبية –للأسف –اهترأت،( ونقولها متأسفين ومتألمين حقا) ولا تزال تصر على أن تكون قائد القاطرة سواء تلك التي ضمن المجلس الوطني الكوردي أو التي هي خارجه...فتصبح قضية الشعب هي الضحية على مذبح الأنانية وربما أكثر -بالنسبة للبعض على الأقل-.
دعوة إلى من يمكن أن يتحرك بدوافع نقية –ضمائر نقية- لا دوافع أنانية وطمع إلى مصالح متوهمة . دعونا لا ننساق إلى سفرة الدرجال1.
...................................
1- سفرة الدرجال عبارة تستخدم في التراث الكوردي ويقصدون بها مائدة الأعور الدجال.
محمد قاسم ابن الجزيرة
2- m.qibnjezire@hotmail.com
[1]