=KTML_Bold=محمد قاسم : من وحي مؤتمر هولير رأي وأفكار - 1=KTML_End=
قراءتي لبعض المداخلات بشأن مؤتمر أربيل-هولير- جعلتني أفكر قليلا قبل أن أقدم على هذا المقال-المداخلة- فقد وجدت الأغلب ممن كتبوا مثقفين مستقلين
قراءتي لبعض المداخلات بشأن مؤتمر أربيل-هولير- جعلتني أفكر قليلا قبل أن أقدم على هذا المقال-المداخلة-
فقد وجدت الأغلب ممن كتبوا مثقفين مستقلين -إن لم أكن مخطئا- وهذا يفترض وجود مشتركات أكثر بيني وبينهم من المتحزبين...لكن ذلك لا يمنع أيضا من إبداء ملاحظات حول نهج بعضهم، من وجهة نظر شخصية مستقلة –وازعم أنها ذات خبرة تمكّن من تفاعل مفيد مع الواقع الاجتماعي الكوردي بتوجهاته المختلفة، وقبل ذلك بواقعه، وتكوينه النفسي والثقافي عموما ...!
المهتمون والمتابعون ... يعلمون، أن كل مجتمع له خصوصيته الثقافية ، ونمط
الحياة المعاش عموما، وهذا ما يفرّق بين مجتمع وآخر في نهج الحياة بتفاصيلها المختلفة؛ منذ اللغة والعادات والتقاليد ونهج التفكير السائد والمزاج العام والحالة النفسية ... وكل ما يتعلق بشؤون الحياة العلمية والفنية والدينية والاجتماعية عموما...الخ.
لذا فإن النمط السائد في حياة كل مجتمع يجعله مختلفا عن مجتمع آخر، وهو ما يعبر عنه بكلمة ثقافة وأحاول دائما أن أذكر بأن كلمة الثقافة تعني حصيلة نشاط وفاعلية الذهنية و النفسية الاجتماعية-والفردية أيضا- لكي لا يفوتنا الفهم في بعض الحالات حول دلالة الثقافة. ومن الطبيعي أن مفهوم الثقافة المجتمع له بعدان :
- بعد إنساني عام
- و بعد اجتماعي خاص –إضافة الخصوصيات الفردية ودون عزلها عن التفاعل مع المجتمع.
إن ثقافة الفرد جزء من ثقافة المجتمع هنا، مع ما لها من خصوصيتها الفردية، إلى جانب البعد الاجتماعي– مثلما تكون ثقافة المجتمع –أي مجتمع- جزء من الثقافة الإنسانية العامة؛ إلى جانب خصوصيتها الاجتماعية ...
من هنا نلاحظ جانبين:
- اشتراك من جهة
- وتفرد من جهة أخرى...
سواء في علاقة ثقافة الفرد بالثقافة الاجتماعية، أو في علاقة ثقافة المجتمع بالثقافة الإنسانية...مع الأخذ بعين الاعتبار أن من أهم الميزات للثقافة -بمعناها السليم- هو:
المرونة في الفهم، والتفاعل، وإمكانية التجاوز والانتقال من ثقافة مألوفة إلى إطار أوسع –كالانتقال من ثقافة الحالة الفردية المحدودة إلى حالة اجتماعية أوسع ، والانتقال من تلك إلى حالة إنسانية أِشمل.
يعبر عن هذه الحالة –أحيانا- بالانتقال من الحالة المحلية إلى الحالة العالمية. و قد يستخدم هذا التعبير بشكل أوضح، في ميدان السينما والفن عموما فالممثل عمر الشريف مثلا، يوصف بأنه نجم عالمي، لأنه تجاوز العمل في البلدان العربية- المحلية- إلى هوليود وغيرها من مدن التمثيل العالمية...
وقد يستخدم في ميدان الفكر والفلسفة والرؤية السياسية كحالة المهاتما غاندي والذي احتفلت الأمم المتحدة قبل سنين بذكرى مرور مئة عام على مولده... كشخصية عالمية ساهمت في إضافات في التفكير والمواقف والفعل...
وأغلب حملة جائزة نوبل يعتبرون متجاوزين المحلية في شكل ما، وان لم يصبح بعضهم في مستوى غاندي .
فإذا انتقلنا من الأفراد إلى المجتمعاتوالشعوب والأمم وهي كلمات ذات دلالة واحدة، ولكنها تختلف في جزئيات:
فالمجتمع يغلب فيه معنى الجماعة في حركية مجتمعية داخلية غالبا،
والشعب هو المجتمع نفسه في حالة التعبير السياسي عن فعاليته....
وقد تكون الأمة شعبا كبيرا يتضمن ثقافات متباينة تتفاعل في إطار الأمة-الأمة العربية-...أو إطارا لأكثر من شعب.الأمة الإسلامية مثلا.
هذا بشكل سريع...أما التعريف الأكثر دقة فنجده في معاجم المصطلحات السياسية والاجتماعية...
ونحن –ككورد- نعرف بالقومية الكوردية ك–تعبير سياسي واجتماعي- أو الشعب الكوردي ك–تعبير أقرب إلى السياسي- أو الأمة الكوردية...ك-تعبير أوسع وأشمل من المجتمع والشعب يحتوي دلالتهما معا.
لنا خصائصنا الثقافية المتفردة بالمعنى الذي سبقت الإشارة إليه، إلى جانب التفاعل الذي أنتج تواصلا وتفاعلا يجعل الدروب سالكة بين انتقال عادات وتقاليد وطبائع وأمزجة ومظاهر وخصائص ...الخ،أو باختصار ثقافة..بيننا وبين الثقافات الأخرى ،مع الاعتبار لحقيقة أن الشعوب (أو المجتمعات- أو الأمم) الأكثر تخلفا؛ تقلد تلك الأكثر تقدما، في ظاهرة تسمى التقليد. ,في اللغة الكوردية çavlêkirin ومنه المثل القائل : benkê pey hebanê تعبيرا عن انسياق أعمى خلف الآخرين.
من تناول التقليد كظاهرة اجتماعية مؤثرة كل من ابن خلدون وباريتو.
وولعل الأهم هنا كمجتمع(شعب-امة) كوردي؛ أن نتلمّس موطئ قدم لنا بين المجتمعات (الشعوب –الأمم)الأخرى.. بهدوء وعقلانية وتواضع أيضا –بعيدا عن الشعارات البراقة والأصوات المبحوحة والكلمات المفرقعة...الخ.
بحيث نشمر السواعد لإعادة بناء شعب مهدوم ليس منه سوى بقايا،لا أن نكون معاول من داخله لهدمه بشعارات لا تبني سوى تهييج يغيّب التفكير المتوازن.
لعل ذلك يكون بداية ومنطلقا لحياة جديدة ذات بعد عصري .ونعيش نمطا –ونهجا- من الحياة والتفاعل ينفعنا في الارتقاء بذاتنا الاجتماعية، وفي أدائها الفكري، الثقافي، الإنتاجي، التفاعلي ...ضمن منظومة اجتماعية متميزة .
لا لنتباهى -كما اعتادت بعض الثقافات أن تنمي الفهم والعمل-
بل لكي لا نبقى في خانة تقلل من شأننا في نظر الآخرين، ونستطيع الاعتزاز بأننا حافظنا على ذواتنا الفردية، وذاتنا الاجتماعية-القومية- كمنظومة منسجمة مع الدور المفترض لنا، في سياق حياة المنظومة البشرية وينعكس الأمر علينا حياة متوازنة وصحيحة..
مساهمين -بما نستطيع- في عمارة الكون-لا تدميرها –
وفي تنقية الحياة بمفاعيلها وفعالياتها من كدر ورواسب تعكر تجلياتها، ومساراتها، ودروب التفاعل المنتج ايجابيا...
ببساطة فإن هناك مجتمعات تكاد تصبح عبئا على الحياة كنتيجة للنمط الذي تعيشه من مشكلات مزمنة وحروب دائمة وعلاقات مشوّهة تنعكس على الاستقرار والأمان الذين يهيئان ظروف العمل وحيوية التقدم.ومنها غالى جانب ذلك تعيش ثقافة-سيكولوجية وذهنية تعيستين – تنتج باستمرار مناخ قلق وعدم استقرار وبالتالي فهي تساهم في مشكلات مستمرة تنتج دمارا في الأرض يطال كل ما ينفع البشرية..وهي منها- وهناك مجتمعات بلغت أوجا علميا تكنولوجيا مترافقا مع الكثير من تطور نظم الحياة والحياة السياسية خاصة ولكنها لا تزال تعيش روحية الاستغلال واستضعاف المجتمعات الصغيرة أو المتخلفة ...
لا نريد أن نكون واحدا من هذه المجتمعات..بل مجتمعا يحاول الجمع بين الروح الحضارية التي تسعى لعمارة الكون-ومنها أرضه- والتلاؤم مع الظروف المتفاوتة لكل الشعوب في رعاية ثقافة همها البناء، والتحرر من ازدواجية الأحكام والاختلاف بين القول والفعل...
وعلى الرغم من أن هذا المطلب ليس هينا لكننا نعلم أن الكثير من الصعوبات عولجت في حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات وكانت تظن أنها مستعصية..
محمد قاسم ابن الجزيرة
m.qibnjezire@hotmail.com
..................
يتبع
[1]