بقلم الإعلامي /سامي المرسي
في يوم 23 -08- 1514 م وقعت #معركة جالديران# بين العثمانيين والصفويين وهي من المعارك الفاصلة في تاريخ الدولة العثمانية وإستطاع فيها السلطان سليم الأول الانتصار على الصفويين بقيادة إسماعيل الأول واحتلال عاصمتهم تبريز والسيطرة على مناطق من عراق العجم وأذربيجان وكردستان وشمال عراق العرب.
أسرع السلطان سليم بالمسير إلى جالديران بعدما علم أن الشاه على وشك الوصول إليها، وقد وصلها في واحتل المواقع الهامة بها واعتلى الأماكن الهضبية فيها، مما مكنه من السيطرة على مجرى المعركة بعد ذلك.، كان الطرفان قد أعدا العدة للحرب واصطفا استعدادا لبدء المعركة. وما إن أعلنت ساعة البدء حتى هدرت المدافع العثمانية وتعالت أصوات الجند من كلا الفريقين. وبعد معركة حامية الوطيس، انتصر العثمانيون بمساعدة الطوبجية (رماة البنادق)، وانكسر جيش القزلباش وسقط أقوى قادته محمد خان استاجلو صريعا في أرض المعركة والشاه فقد جرح في ذراعه وفر من المعركة متجها صوب تبريز بعد أن أنقذه أحد ضباطه ويدعى ميرزا سلطان علي من الأسر، مما حدا السلطان بأمر قائده أحمد باشا دوقاقين أوغلو بتعقب الشاه، الأمر الذي جعله يترك تبريز ويلوذ بخوي. أما من وقع بالأسر من قوات الشاه إسماعيل، فقد أمر السلطان بإعدامهم جميعا، وأن يصنع من رؤوس القتلى هرم لينصب في ساحة المعركة.
وكان للمقاتلين الأكراد دورا مهما في المعركة، وذلك بأن جمعا منهم قد تركوا صفوف الجيش الصفوي وانحازوا إلى العثمانيين بسبب الظلم الذي وقع عليهم على يد قوات القزلباش بسبب انتمائهم للمذهب السني، وقد كافئ السلطان سليم بعد المعركة الأكراد بإعطائهم الحكم الذاتي لمناطقهم، واعترف بإماراتهم.
دخل السلطان سليم مدينة تبريز واستولى على خزائن الشاه، ولكنه لم يستطع التقدم وقد أرسل الشاه إسماعيل وفدا من حاشيته إلى أماسيا حيث يقيم السلطان وحملهم الهدايا النفيسة وكلفهم بعقد اتفاق صلح مع السلطان شريطة ان يتم الإفراج عن زوجته الأسيرة بهروزة خانم إلا أن السلطان رد باعتقال الوفد وتزويج بهروزة خانم من أحد رجاله.
وترتب على انتصار سليم الأول أن نهض رؤساء كردستان -وكانوا من السنة- لمساندة العثمانيين وأعلنوا ولاءهم له، ولم يمض وقت طويل حتى انضمت 23 مدينة للحكم العثماني, على الرغم من الاستحكامات العسكرية التي أقامها الصفويون بها، فعقد السلطان معهم اتفاقية صداقة وتحالف وذلك بفضل جهود الشيخ إدريس البدليسي والذي نصبه السلطان كمفوض للإدارة الأهلية بتلك الأقاليم كمكافأة لما قدمه من خدمات للسلطنة.
مكنت تلك المعركة العثمانيين من التحكم بالطرق الرئيسية الإستراتيجية من الأناضول عبر القوقاز وسوريا وإيران, كما مكنتهم من تنظيم خطوط الدفاع والهجوم لتلك المناطق، وكذلك السيطرة على طرق التجارة العالمية وخاصة الحرير أدت معركة جالديران إلى تغيير الإستراتيجية التوسعية العثمانية، فبعدما كان اهتمامهم منصبا أساسا على أوروبا الشرقية اتجهوا نحو الاهتمام بالمشرق العربي وشمال أفريقيا. وكان من نتائج ذلك أن ضموا البلدان العربية الواحدة تلك الأخرى، في حين ضعف توسعهم في أوروبا.
أدت معركة جالديران إلى اهتزاز صورة الشاه بالعراق مما أدى لانضمامها لاحقا للعثمانيين. لكن كان انسحاب السلطان سليم القسري من تبريز إلى أن يستمر الشاه قويا داخل إيران.[1]