إعداد :غاندي اسكندر
الأدب الشعبيّ وجه من وجوه التراث الشعبي، الذي ينقل بمرآة خاصة مظاهر الحياة الشعبية قديمها وحديثها ومستقبلها وهو غير قابل للتلف، فالكلام الذي يتفوه به عامة الشعب يبقى طرياً ندياً لا يزيده الزمن إلا حياة، وقيمة وأهمية فهو ثابت تتناقله الألسن، وتحفظه الصدور، وتتلمسه الأسماع بوصفه أمانة عزيزة، وإرثاً تسري فيه أرواح الأجداد، وهو الوعاء الذي تستمد منه الشعوب عقيدتها، وتقاليدها، وقيمها الأصيلة، ولغتها، وأفكارها، وممارستها، وأسلوب حياتها.
مفهوم الأدب الشعبيّ
إنّ مفهوم الأدب الشعبي يتمثل بما أنتجه الشعب بأفراده، وجماعاته خلال الأجيال، وفي مختلف المجالات ويعتبر الوثيقة التي يقدم بها الشعب نفسه بنفسه مبرزاً مجموع مكتسباته؛ سواء تلكم التي اكتسبها بتجاربه الخاصة، فكانت بنت ظروفه البيئيّة، أو تلك التي انتقلت إليه نتيجة اتصاله بغيره، فاقتبسها كما هي، أو طوّرها حتى توافق مزاجه، وفطرته، فالأدب الشعبيّ اسمه يدل على أنّه الأدب الموجه إلى عامة الناس، فهو ينطلق من الشعب، ويعود إليه، فيجسد بذلك همومه، ومشاعره، وتطلعاته، وأن أهم ما يميّز الأدب الشعبيّ هو اعتماده على التقاليد الشفوية بحيث يعتمد في ترويجه، وتداوله على «الحكي»، والرواية، وذلك في أماكن خاصة مثل الساحات العمومية، والأسواق، والحفلات الشعبية كالمواسم، والأفراح، والأتراح، والمسامرات الخاصة، ويرتكز بالخصوص على الصوت في نقله والتعبير عنه.
أنواع الأدب الشعبيّ
إنّ كلّ من يسمع كلمة أدب يتَّجه بفكره مباشرة إلى الأدب الرسميّ، في حين أنّ هذه الكلمة تحمل في طياتها كل ما أنتجه الإنسان من آثار أدبية، سواء منها التي قيلت باللغة الفصحى للشعوب، أو باللغات المحلية العامية الدارجة على الألسن فكلا اللغتين تحمل كل مقومات اللغة الأدبية، والإبداع الأدبي، وعند القيام بعملية بحث، وتمحيص للتراث الأدبي الشعبي نجد أن هناك أنواعاً كثيرة من الفنون الأدبية التي نطقت بها الأفواه ومنها:
المثل الشعبي: الذي يتمثَّل بشكل جملة بلاغية موجزة مُنغَّمة تحمل بين ثناياها حكمة الجماعة، وهدفها تعليمي بالدرجة الأولى، وهو يصدر عن أحد أفراد الجماعة في وضعية اجتماعية معينة تستدعي ذكر المثل، والنوع الآخر الذي يندرج ضمن أنواع الأدب الشعبي.
القصص الشعبي: وهذا النوع كسائر أنواع الأدب الشعبي لا يُعرف قائله، أو منتجه فهو من إنتاج وإبداع المجتمع، ففي داخل كل الحكايات الشعبية روح الشعب المتمثلة في طريقة عيشه وتفكيره حتى فلسفته في الحياة فضلاً عن الجانب الفني الذي تكشف عنه الحكايات ومن الألوان الأخرى التي جادت بها القريحة الشعبية.
اللغز الشعبي: ويعتبر لوناً من ألوان الأدب التي صمدت في وجه النسيان وبقيت تتداول إلى أن وصلت إلينا، وهي عبارة موجزة تحمل في ثناياها معاني بعيدة لا يدركها إلا الذي يستطيع فك رموزها، وقد يحتوي اللغز على عنصر الفكاهة التي تنجم عن احتوائه على عنصر المفاجأة.
النكته: من الأنواع الأدبية الأخرى التي تبين الوجه المرح للشعوب، وهي نتاج أدبي ليس هدفها الضحك فقط بل لها أهداف معينة فهي تعالج قضايا مجتمعية سياسية اجتماعية اقتصادية ثقافية فتساهم في إثارة الانتباه إلى قضية معينة لكن بروح مرحة وهي خلاصة تجربة واقعية خرجت من إطارها الصحيح فأصبحت تجربة مضحكة أو تهكمية ساخرة تارة أخرى.
الأغنية الشعبية: وهي من الأنواع الأدبية التي تمثل لب التراث الشعبي وتعتبر من أهم ألوان الأدب الشعبي وأكثره تداولاً ورواجاً وقد لعبت الأغنية الشعبية دوراً كبيراً في تطور الموسيقا وتُعدُّ كنزاً زاخراً بأغنى التركيبات اللحنية والإيقاعية وتشكل جانباً ضخماً من تراثنا الموسيقي التقليدي.
وخلاصة القول: إنَّ الأدب والتراث الشعبي يعتمد على ثقافة حية تعنى به وتقوم بحمله ونقلة من جيل إلى جيل وعندما يهمش في الذاكرة وينسى يفقد بريقه ويتلاشى، وبتلاشيه يسدل الستار عن أسرار حياة المجتمعات وعاداتها وتقاليدها الموروثة. [1]