هو أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري، محدث وفقيه أصولي شافعي، ولد سنة 577ه (1181م) في قرية شرخان العراقيّة فنسب إليها ولكنّه اشتهر أكثر بنسبته إلى شهرزور القريبة منها. لقّب بتقي الدين وعرف بابن الصلاح نسبة إلى أبيه عبد الرحمن الذي كان يلقّب بصلاح الدين وكان عالما فقيها متبحّرا في فقه الإمام الشافعي وشيخ شهرزور في وقته وعنه تلقى دروسه الأولى في الفقه قبل أن يرحل إلى الموصل طلبا للعلم على أيدي شيوخها في الفقه والأصول والتفسير والحديث واللغة.. ومن شيوخه فيها ابن السمين أبو جعفر عبيد الله بن أحمد الورّاق الذي سمع عنه الحديث وقرأ عليه كتاب المهذّب لأبي إسحاق الشيرازي في الفقه الشافعي وكذلك العماد أبو حامد محمد بن يونس الإربلي الموصلي إمام زمنه في الأصول والخلاف ومصنّف المحيط في الشافعيّة..
ثمّ غادر الموصل إلى بغداد وخراسان وبلاد الشام طالبا علم الحديث وفنونه على وجه التخصيص وقد أفرد لهذه الرحلات كتابا سمّاه الرحلة في طلب الحديث حثّ فيه على السفر طلبا للعلم بقوله: وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمّات التي ببلده فليرحل إلى غيره.
وقد أقام ابن الصلاح بالشام واستقرّ بها لما وجده فيها من قدم رسوخ في فن الحديث وعلومه وفيها اشتهر وألّف معظم مصنّفاته وانتصب للتدريس بالمدرسة الناصريّة بالقدس المنسوبة إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ثمّ بالمدرسة الرواحيّة بدمشق فدار الحديث . وعرف بورعه وزهده في الدنيا.
من مؤلفاته: طبقات الفقهاء الشافعيّة، حلية الإمام الشافعي، الأمالي، أدب المفتي والمستفتي، فوائد الرحلة، شرح مشكل الوسيط لأبي حامد الغزالي، شرح صحيح مسلم، صلة الناسك في صفة المناسك، الفتاوى، المؤتلف والمختلف في أسماء الرجال، والمقدمة في علوم الحديث..
توفي ابن الصلاح بدمشق في 25 ربيع الثاني سنة 643 ه (1245م).