إعداد/ غاندي إسكندر
الموسيقا غذاء الروح، فهي تهذب النفس، وتسمو بها، وتحلق بسامعها إلى ترف روحي، وتكسر القيود، والأغلال التي تكبل النفس، وتنتشلها من متاهات الحياة، فهي الملاذ لصفاء الذهن، وهي اللغة الوحيدة التي تمنحنا قوة الاندفاع نحو جمال الحياة، وتجمع الناس جميعاً حول أبجدية موحدة، ولعل أهم مصادر النغم والطرب هي الآلات الوترية، ويُعدُّ العود أقدمها، وهو سلطان الآلات الموسيقية الشرقية، وللعود بصمةٌ واضحة في إثراء الطرب لمتذوقي الجمال، ومن دونه تفقد موسيقا الشعوب الشرقية هويتها. حول تاريخ آلة العود، وأنواعها، وظهورها الأول، وأمهر العازفين أعددنا التقرير التالي:
إقليم الجزيرة شهِدَ ظهور أول عود في التاريخ
يُعتبر العود من أقدم الآلات الوترية، وهو آلة كُمَّثرية الشكل تحوي على 12أو 14وتراً مجمعة في ست أو سبع مسارات، يغطي مجاله الصوتي حوالي “الأوكتافَين ونصف الأوكتاف”، وغالبا ما يستعمل في الموسيقا العربية، والكردية، والفارسية، واليونانية، واليهودية، والأذربيجانية، والإسبانية الأندلسية، وموسيقا الشرق الأوسط، وتؤكد المصادر أن أقدم الدلائل التاريخية لآلة العود تعود إلى 5000عام حيث وجد الباحثون أقدم أثر يدل على آلة العود في بلاد ما بين النهرين وتحديداً في إقليم الجزيرة السورية، وذلك في العصر الآكادي (2350-2150ق م) وظهر العود في مصر في عهد المملكة الحديثة حوالي “1090 ق.م” بعد أن دخلها من بلاد الشام، ويمتاز العود الأول بصغر صندوقه وطول رقبته، وقد استمر بشكله الكمثري الصغير الحجم حتى العصور المتأخرة، وكان في البداية خالياً من المفاتيح وبدأ بوتر واحد ثم بوترين وثلاثة وأربعة حتى أضاف إليه زرياب الوتر الخامس، وتطور العود، وتعددت أشكاله وزيدت عدد أوتاره حتى وصل إلى صورته الحالية، ويعد حالياً الآلة الوترية الأساسية في العالم الكلاسيكي.
أنواع العود وأشهر عازفيه
العود الشائع استخدامه اليوم ينقسم إلى ثلاثة أنواع من حيث الشكل:
العود الكبير: وطوله من الكعب إلى الانف 73سم، وطول الوتر 63سم، وأصواته تتفق، مع أصوات المغنيين القوية.
العود المتوسط: وطوله 66سم، وطول الوتر 58 سم، وأصواته تصلح لأصحاب الأصوات الناعمة والرقيقة.
العود الصغير: يبلغ طوله 58 سم، وطول الوتر 52سم، وتصلح أصواته الحادة مع المغنيات.
ويعتبر العود العربي من أهم أنواع العود، فهو يتصف بصوته الجميل الرومانسي، حيث يصنع من خشب الزان، والليمون، ويأتي بعده العود الإيراني و يتميز بصوته العميق، ويليه العود العراقي المشهور بعذوبة صوته، وبذبذباته الطويلة، وأما بالنسبة لأشهر عازفي العود عبر التاريخ، ينبري اسحق الموصلي، وزرياب، والفيلسوف الفارابي، وأمهر من عزف على العود من العرب القدماء، فهو يعقوب الكندي الذي يقال أنه وضع سلماً موسيقياً خاصاً باسمه، ومن المعاصرين محمد القصبجي، ورياض السنباطي، ومحمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، ومنير بشير، ونصير شمة.
أثر العود في الموسيقا الغربية
انتقل العود بموسيقاه الشرقية إلى الغرب عندما فتح المسلمون بلاد الأندلس، وظل بصورته الشرقية لفترة من الزمن، وثم أُدخلت عليه تعديلات ليتناسب مع طبيعة الموسيقا الغربية متعددة الألحان، وقد استطاع العود بنغماته وصدى أوتاره أن ينتشر في كل البلدان الغربية بفضل الموسيقار الكردي زرياب الذي وضع اللمسات الأخيرة عليه ليغدو آلة موسيقية متفردة في طبيعتها وخصائصها، الأمر الذي أدى إلى تأثر الأوروبيين به فظهرت بصمة العود واضحة في موسيقاهم.[1]