محمد ح. الحاج
* أطماع تركية وتآمر أمريكي ، هل يتحمل الكورد النتائج .؟. *
لم تكتم الادارات التركية المتعاقبة أطماعها في الأرض السورية ، ذلك أضفى سمة التوتر في العلاقة مع سورية والعراق أغلب القرن الماضي وربما تغيرت لأسباب رأينا أنها تحمل النوايا الحسنة مطلع القرن الجديد ، وكان تصريح القيادة التركية : صفر مشاكل مع العالم ، ومع دول الجوار على وجه الخصوص .!. هل كانت لعبة مقصودة ومبيتة .؟.
السياسة الأمريكية واضحة وجلية تماما تجاه من لا يخضع لرغبات وأوامر الادارات المتعاقبة ، أكان شعارها الفيل أو الحمار ، الحكومة العميقة محكومة لقاعدتين أساسيتين ، النهب العالمي لصالح رفاهية الشعب الأمريكي ، والحفاظ على أمن ووجود المشروع الصهيوني ، ما عدا ذلك يندرج في باب العلاقات العامة ، هكذا تتجلى السلوكية الرسمية الأمريكية تجاه الكثير من دول العالم والتركيز على إلحاق أكبر الأذى بأنظمتها واقتصادها وديمومتها ، وحتى وحدة الأرض التي تقوم عليها ومنها كأولوية ، ايران وسوريا وكوريا الشمالية ، وبدرجة أقل دول أخرى وكيانات ، الموقف الأمريكي يصبح مفهوما في العملية المشتركة مع المطالب التركية على حساب وحدة الجغرافيا السورية .!.
عملية الاخراج المسرحي للاتفاق الأمريكي – التركي بخصوص شريط آمن ربما تتجاوز مساحته 24 ألف كيلو متر مربع ، والأوامر الصادرة إلى القوى الكردية المتواجدة في المنطقة ، خطابه الأمريكي يظهر الحرص تماما على الكورد وأن العملية لا تلحق بهم الضرر بضمانة أمريكية ، في المقابل ، الضوء الأخضر الأمريكي يمثل عطاءً من حساب دولة أخرى لدولة حليفة يحقق الأهداف الأمريكية وأهمها : الحاق الضرر بالمصالح السورية ، خسارة الأرض ، ومنع الكورد من العودة إلى حاضنتهم الطبيعية - لا أقصد جميع الكورد بل الأقلية العاملة في الخدمة الأمريكية - واستمرار الاضطرابات وفقدان الأمن والاستقرار اللازمين لعمليات البناء والتنمية .
من الغباء توقع حرص أمريكي على سلامة أراضي وحدود دول العالم بغض النظر عن العلاقة معها ، ولكن ، أن تتفهم دول أخرى هذه العملية أمر يبعث على الريبة والشكوك خصوصا من يصف العملية بأنها لصالح الحفاظ على أمن وسلامة المنطقة وأنها لمصلحة الحفاظ على حدود الأرض السورية ، كيف ذلك .؟
نسأل فقط هل من حق كندا أو المكسيك إقامة شريط آمن على الحدود الأمريكية فوق الأراضي الأمريكية ، استطرادا هل من حق أرمينيا أو بلغاريا إقامة مناطق آمنة على الحدود فوق الأراضي التركية ، والسؤال الأعمق هل كان من حق العراق وسورية إقامة شريط آمن على أراضيهما المحتلة من قبل التركي رغم تعرض الأمن القومي للدولتين للتهديد على مدى عقود وما هو موقف القانون الدولي أم أن الجواب سيكون : مرحبا قانون دولي لقد ولى زمنه ، واليوم هو لقانون القوة ، بالنتيجة من حق من يملك القوة أن يبادر لوضع اليد على الأرض التي تحلو له ، ولكن من حق الشعب صاحبها أن يبادر إلى المقاومة والدفاع عن ثروته ولقمة عيشه وأرض ميراثه الوطني .
أن تنصاع القوة الكردية المسيطرة على الحدود للأوامر الأمريكية فتخلي مواقعها لقوة احتلال تركي أمر يبعث على الشعور بالعار، أبهذه السهولة يتنازل المرء عن تربته الوطنية ، هذا إذا توفر الشعور الوطني ، أما أن يكون بعض الكرد مدركين تماما أنها ليست لهم وأنهم مجرد رعايا أو شركاء مع طيف أوسع وأشمل وأن في استجابتهم للأمريكي فوائد خاصة بهم ، يصبح الأمر مفهوما ، وهؤلاء يتحملون أمام شعبهم وأمتهم ، ودولتهم مسؤولية التفريط بالتراب الوطني ويسجل التاريخ هذا الأمر على أنه لطخة عار تلازمهم إلى الأبد .
عندما ندرك أن قادة القوة الكردية العاملة بإمرة الأمريكان مجرد أدوات لا يحكمهم شعور أو رباط وطني ، نعلم كم يسهل عليهم الانسحاب ، إنما يديرون ظهرهم للواجب وهم صاغرون ويعلمون أن هذا لا يرضي شعبهم المدرك مدى العداء التاريخي مع التركي ومدى الأطماع التركية ، لكن الغالبية من شعبنا اليوم يحملون مسؤولية ما يحصل للأغلبية الكردية باعتبارها حاضنة لتلك القوة ، بل هي حاضنة المشروع الحلم مع اختلاف في التفاصيل وحدود ومشروعية ما يطرحونه . !.
إذا كان من السهل على القوة الكردية الانسحاب وفتح الأبواب مشرعة للتركي ليحتل فإن من العسير والمستحيل على التركي أن يبقى ويستمر ، فالتحرير يسير على سكة ثابتة وجنازير قوية وأذرع لا يدانيها التعب ولا الكلل ، وقد مضى الكثير وبقي القليل ، ادلب ستتحرر وسيخرج الغرباء أدوات التركي والصهيوني أحياء أو أموات ، لا فرق ، وبعدها سيخرج الأمريكي لتبدأ خطوات المحاسبة ، إن لم تكن الرسمية ، فهي المحاسبة الشعبية لكل من فرط أو يفرط بالتراب الوطني والسيادة الوطنية ، ولن ينجو من الحساب خائن أي كان عمل في خدمة الأجنبي وسهل له عملية احتلال أو سيطرة أو دخول إلى أرض الوطن .
القضية السورية هي قضية قائمة بنفسها ومستقلة كل الاستقلال عن أية قضية أخرى ، هي قضية السوريين والوطن السوري . * - قضية الأرض والحدود والسيادة والثروات الوطنية التي تضمها جغرافية الوطن المعروفة للملأ منذ فجر التاريخ الجلي وحتى نهاية الكون ، خائن كل من لا يعمل لنصرتها وفلاحها ومتواطئ كل من يصمت عما يلحق بها من ضرر وما تتعرض له من عدوان ، إنها قضية متكاملة لا تقبل التجزئة كالقول أن هناك قضية كردية وأخرى أرمنية أو سريانية أو عربية ، ففي التجزئة خسارة وخذلان ، وفي وحدة القضية يتحقق النصر والازدهار والتكامل على كل الأصعدة .
إن الأصوات التي ترتفع بوجه قادة العمالة لأمريكا من الكورد في المنطقة الشرقية مطالبة بالتنسيق مع دمشق هي أصوات الحق ، وهي وحدها المدركة مخاطر السقوط في حمأة العمالة للمحتل الأمريكي ، الذي يعمل على اقتطاع جزء من الأرض السورية لمصلحة حليفه التركي ، بل لمصلحة حلف الناتو بكامله دون وجه حق وهذا يندرج في الصراع الدولي على مناطق النفوذ .
اشارة الاستفهام الكبرى التي يثيرها البعض حول موقف الأطراف الضامنة لوحدة الأرض السورية ونعتبرهم الحلفاء الخلص ، تحتاج لمن يوضح أبعادها ، الصمت من البعض ، والاشارة من البعض الآخر بالقول أنها ستكون لمصلحة الوطن السوري ، وستكون تحت سلطة الأتراك ..!. فكيف وإلى متى ، أم أنها حاجة تفرضها مصالح متشابكة ، تترتب نتائجها على حسابنا كشعب وأمة تؤمن بأن الحق لا يكون حقا في مثل هذا المعترك إلا بمقدار ما تدعمه من قوة ، قوة وطنية فاعلة قوامها جيش وشعب و.. مقاومة . . وحدها الفاعلة والضامنة .[1]