=KTML_Bold=الحوار وتعزيز الثقة بين السوريين سبيل لحل القضايا والخلافات=KTML_End=
حسين عثمان
عاشت سوريا منذ سنوات ظروف معقدة، انعكست على شعوبها بتحديات داخلية وخارجية هائلة، هذه التحديات لم تقتصر على الجوانب السياسية أو الأمنية فحسب، بل امتدت لتشمل التشكيل المجتمعي والاقتصادي، والتعليمي، والثقافي.
في خضم هذه الأزمات واختلافها، يظهر الحوار وزرع الثقة كوسيلة مركزية وأساسية لتجاوز الخلافات وتذليلها، وترميم وتمتين العلاقات، وبناء مستقبل أكثر استقراراً أو عدلاً لضمان التشاركية والمساواة
=KTML_Bold=الثقة ركيزة للعيش المشترك بين الشعوب=KTML_End=
الثقة المتبادلة بين السوريين هي الشرط الأول لتقليص الفجوة التي صنعتها سنوات الحرب والانقسام وذهنية السلطة، فالثقة تعني الإيمان بقدرة الآخر على المشاركة في بناء الوطن، وتعني تجاوز عقلية الشك والاتهام، والانتقال نحو رؤية قائمة على التعاون والتنسيق والتكامل، ومن دون هذه الثقة، يصبح أي حوار مجرد كلمات عابرة لا تثمر نتائج حقيقية لربما يكون بسبب عدم الاقتناع من موضوع ما أو التأثر بأيديولوجية معينة أو اتباع إملاءات لطرف براغماتي أو متسلط.
=KTML_Bold=أهمية الحوار السوري=KTML_End=
الحوار هو الجسر الذي يمكن أن يجمع السوريين بمختلف أطيافهم وشعوبهم فهو ليس مجرد تبادل للآراء والأفكار فقط، بل وسيلة لفهم المخاوف والاحتياجات واختيار ما هو مناسب، ومجال لتصحيح الصور النمطية، وتبديد المخاوف المتراكمة عبر توضيح الغامض وشرح المبهم وقياس ذلك على الواقع ومعطياته، ومن خلال الحوار، يمكن مناقشة القضايا الشائكة بصراحة ومسؤولية وشفافية، والبحث عن حلول واقعية تضع مصلحة سوريا فوق أي اعتبار آخر.
=KTML_Bold=الصعوبات والتحديات الداخلية=KTML_End=
من أبرز التحديات الداخلية التي تحتاج إلى نقاش وحوار إعادة بناء النسيج الاجتماعي بعد سنوات من الانقسام والتهجير والنزوح والإقصاء والتهميش، حيث أن الكثير من السوريين تعرضوا للتنكيل والتهجير وبناء الثقة من خلال النسيج الاجتماعي ضرورية جداً في العودة لتعزيز الثقة والانتماء
والتنمية الاقتصادية التي تُعيد الأمل للشباب وتحد من الهجرة فمن خلال تحسين جوانب العمل والإنتاجية وفتح المشاريع التي تستوعب اليد العاملة لتقليل البطالة أمر مهم للغاية في بناء الثقة، وإصلاح المؤسسات بما يضمن العدالة والمساواة أمام القانون، من خلال الموضوعية والمتابعة وفتح المجال للمؤسسات من خلال تفعيل الطواقم الأكاديمية المختصة والخبيرة، بمشاركة الرجل والمرأة لكي تكون ضامن لحسن الإنتاج والعمل التنظيمي أو الوظيفي، والجانب الأهم هو مكافحة خطاب الكراهية والطائفية الذي ساهم في تمزيق المجتمع بهدف إضعاف الثقة والانتماء بين السوريين، حيث يعد خطاب الكراهية والتضليل المهدد الأكبر للتماسك المجتمعي بين السوريين وخصوصاً بالتلاعب بالمصطلحات والألفاظ والفيديوهات والمنشورات.
=KTML_Bold=مواجهة التحديات الخارجية=KTML_End=
التدخّلات الإقليمية والدولية في الشأن السوري جعلت القرار الوطني مرهوناً بعوامل خارجية ومرتبط بمصالح دولة ما أو جهة ما، وغالباً ما تكون هناك محاولات لعرقلة الحوارات بين الشعوب؛ بهدف إبقاء حالة التوتر والنزاعات مشتعلة، وهنا يصبح الحوار الداخلي أكثر إلحاحاً، لأنه الوسيلة الوحيدة لصياغة موقف وطني جامع يحمي السيادة، ويعزز قدرة السوريين على التفاوض مع العالم من موقع قوة، لا من موقع ضعف وانقسام، والصعوبة الأكثر من ذلك اعتبار الداخل هذه المسألة طبيعية أو تدعم السلطة أو السيادة في حال تكون الحقيقة مختلفة عن ذلك بسبب إبعاد الشعب عن صياغة القرار وتقريب الخارج لصنع القرار والمشاركة به.
=KTML_Bold=الثقة والديمقراطية=KTML_End=
إن زرع الثقة وتعزيز الحوار ليسا خياراً مرحلياً أو مؤقتاً، بل هما مشروع وطني وإنساني وأخلاقي أيضاً، فمن خلالهما يمكن للسوريين صياغة عقد اجتماعي جديد، وإعداد دستور يعبّر عن إرادة الجميع، وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وتؤمن بالتنوع كقوة وليس كتهديد، واعتبار التنوع حالة إيجابية تساهم في فتح أفق التعامل والتعاون والمشاركة والديمقراطية والجدير ذكره بأن الثقة والحوار ليسا كلمات عابرة أو مثالية مقيدة فقط، بل أدوات عملية وضرورية لعبور المرحلة الحالية في سوريا فحين يثق السوريون ببعضهم، ويجلسون إلى طاولة حوار حقيقية، يمكنهم مواجهة أصعب الظروف الداخلية والخارجية، وتحويل الألم والنزاع إلى طاقة و أمل، والصراع إلى فرصة للسلام والبناء والتطوير بشكلٍ ديمقراطي. [1]