فؤاد بيريتان: الفراغ المحتمل في السلطة في إيران لا يفاجئنا لأننا منظمون
أوضح عضو منسقية حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) فؤاد بيريتان أن الفراغ المحتمل في السلطة في إيران قد يخلق الأرضية لإحياء نظام ديمقراطي، وقال: نحن كقوة مرتبطة بإرادة الشعب، مستعدون لكل السيناريوهات المحتملة.
أدت العقوبات التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد عشر سنوات ضد النظام الإيراني إلى رفع الديناميكيات الداخلية والخارجية لإيران إلى مستوى جديد، لا تقتصر المشكلة على القيود المالية فحسب، فالبلاد على وشك الانهيار الاقتصادي، وتواجه عزلة دبلوماسية وهشاشة أمنية، فؤاد بيريتان عضو المجلس التنفيذي لحزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) قيّم جوانب هذا التحول والسيناريوهات المحتملة لوكالة فرات للأنباء.
في الأيام الأخيرة، تم تفعيل آلية العقوبات المفروضة على إيران ودخلت حيز التنفيذ عقب قرار صادر عن اجتماع في الأمم المتحدة، برأيكم، كيف سيؤثر هذا القرار على التطورات في إيران...؟
إن إعادة فرض حظر الأمم المتحدة على إيران بعد تفعيل آلية سناب باك ليس مجرد حدث اقتصادي أو دبلوماسي، بل ينبغي اعتباره نقطة تحول مهمة في انهيار نظام الجمهورية الإسلامية، يُظهر هذا التغيير أن هذا النظام يدخل مرحلة لم تعد فيها العزلة الدولية عملية مؤقتة، بل أصبحت وضعاً حتمياً وضرورياً، اليوم، لا تملك الجمهورية الإسلامية القدرة على التفاوض مع الغرب، ولا الدعم الذي كانت تأمل في الحصول عليه من الصين وروسيا، لم يعد الصراع يقتصر على الولايات المتحدة وإسرائيل، فمعظم دول العالم، من الاتحاد الأوروبي إلى موسكو وبكين، في وضع يسمح لها بفرض عقوبات، هذا هو الوضع الأكثر سوءاً الذي تجد نفسها فيه حكومة في النظام الدولي.
من منظور القانون الدولي، إن عودة العقوبات لها معانٍ مختلفة، الجمهورية الإسلامية الإيرانية دخلت في صميم نقاش المادة السابعة من اتفاقية الأمم المتحدة، وهي حالة تُعتبر فيها دولة ما تهديداً للسلم والأمن الدوليين، إذا استمر هذا المسار، فقد يُشبه تجربتي العراق وليبيا ويؤدي إلى ذلك، وهذا يُظهر أيضاً أن مستوى الجدية في تنفيذ ومراقبة هذه العقوبات والحصار من قِبل أوروبا أمر حاسم، قد تحاول الجمهورية الإسلامية خلق عقبات أمام التنفيذ الكامل للعقوبات من خلال التنازلات أو المناورات التكتيكية، ولكن حتى في أكثر السيناريوهات اعتدالاً، سيتعرض نظامها لضربة أخرى وسيكون هذا الوضع لا رجعة فيه.
النقطة الأساسية هي أنه في حال تطبيق هذه العقوبات والحصار الاقتصادي، فإن مبيعات النفط الإيرانية إلى الصين، أكبر مصدر دخل للحكومة، ستنخفض إلى الحد الأدنى وستتعرقل، ولن تتمكن الحكومة، التي تواجه حالياً عجزاً في الميزانية، من إيجاد بديل آخر في ظل استنزاف مواردها الاقتصادية، تشير الأرقام الحالية إلى أن صادرات النفط الإيرانية تبلغ حوالي مليون ونصف برميل يومياً، يذهب معظمها إلى الصين، ووفقاً للتقديرات، فإن عودة العقوبات ستخفّض هذا الرقم إلى 700 ألف برميل في أفضل الأحوال وإلى 500 ألف برميل في أسوأها وأصعبها، هذا ليس مجرد رقم اقتصادي، بل هو صدمة نظامية ستظهر نفسها بسرعة في حياة الشعب في إيران، كما أنها ستؤثر على الجميع وعلى كل شيء مثل تسونامي، أي أن الاقتصاد والسياسة والأمن وحتى العلاقات الاجتماعية ستتأثر.
عندما تكون السلطة السياسية ضعيفة وآخذةً في الانحدار، فإن أي ضغط خارجي يؤثر على المضمون الأمني للنظام، من الآن فصاعدًا، ستعتمد عملية صنع القرار في الجمهورية الإسلامية على الأمن أكثر من أي وقت مضى، سيتعين على النظام التوجه نحو أساليب جديدة في مجالات الأمن والاقتصاد والإدارة، الأساليب القديمة ليست عديمة الفائدة فحسب، بل إن تصميم وتطبيق أساليب ونماذج جديدة يواجهان أيضاً عقباتٍ جسيمة، لقد دُمر وتآكل الوعي السيادي والجو العام وعقلية النظام، في مثل هذا السياق، لا توجد فرصة للابتكار والتجديد.
في هذه المرحلة سوف تتلقى الجمهورية الإسلامية ضربات قاسية، عندما تزداد ضغوط الخارج، وتقل المصادر وتزداد احتجاجات المجتمع، سوف تزداد أخطاء النظام أيضاً، وهذا يعني أن أي حدث عادي، سوف يتحول إلى ازمة أمنية، بالتوازي مع هذه المرحلة، سيعتمد النظام بشكل أكبر على القوات الأمنية والعسكرية، في هذه الحالة، ستنهار الدولة من حيث المؤسساتية والتطبيق، نظام بلا ميزانية وموارد، يستطيع فقط الحفاظ على وجوده، لا أن يحكم البلاد.
هذا الوضع يُنبئ بانهيار الاقتصاد والبنية التحتية للنظام، وتعتمد سرعته وعمقه على عدة عوامل، منها إمكانية التراجع وتغيير موقف النظام، واختيار مواقف مختلفة عن المواقف السابقة، على سبيل المثال، تلطيف الأجواء السياسية داخلياً أو البحث عن صيغ جديدة للمصالحة مع الخارج، لكن حتى الآن، لم تُبدَ أي إرادة لأيٍّ من هذين المسارين، العقل المركزي للنظام فقد توازنه، وضلّ طريقه، وانحرف عن المسار السابق.
باختصار، المسألة هي أن إيران دخلت مرحلة جديدة وحقبة جديدة، سياسياً واجتماعياً، لقد كلّفتها أخطاء النظام المتتالية الكثير، واستمرار هذه الأخطاء سيُسرّع من انهيار النظام، كما سيخلق حالةً تُشلّ فيها الجمهورية الإسلامية وتفقد قوتها، إن المسار الذي سلكته حتى الآن هو الذي قادها إلى هذه المرحلة تحديداً، وضعٌ يُشبه وضع فنزويلا والعراق قبل هجمات الولايات المتحدة الأمريكية.
إلى جانب كل هذه التغييرات، لا يمكننا تجاهل الخلافات بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل، هذا المستوى من الصراع لا يعني استبعاد احتمال شن هجوم عسكري واغتيال المرشد الإيراني، قد تؤدي مثل هذه الأحداث إلى تصعيد الوضع، وبعبارة أوضح، ليس هناك معجزة على المدى القريب، الجمهورية الإسلامية تتأرجح بين ثلاثة خيارات: سيئ، أسوأ، والأسوأ.
بعيدًا عن مسألة الحصار وتداعياته، إلى أين ستقودنا الأزمات الحالية في إيران...؟ ما الأحداث التي ينتظرها الشعب...؟
لقد حدثت جميع الأزمات في آنٍ واحد، وهذا ليس حقيقة مرّة في إيران، بل يوضح وضع مصيري مُحدد، ما نواجهه ليس مجرد نظامٍ مُحاصر، نظام يخسر رأس ماله الأجنبي منذ أكثر من 40 عاماً، لقد مُني أيضاً بهزيمة عسكرية فادحة في الداخل، وتعرّض برنامجه النووي لأضرار جسيمة، ووصلت إدارته إلى حدّ الفساد وعدم الكفاءة والقمع، والآن، تراكمت كل هذه الأزمات فوق بعضها البعض، مع أزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية كبرى، والبلاد يتجه نحو الانفجار.
لا تواجه إيران اليوم تضخماً عارماً، وانخفاضاً في قيمة العملة، وبطالة واسعة النطاق، وفساداً ممنهجاً فحسب، بل أصبحت أيضاً مجتمعاً يعاني من انقسامات طبقية عميقة، واختلافات تنظيمية دينية وعرقية، وصراعات جوهرية بين أنماط حياة المواطنين والسلطات، ومعارضة النساء للسلطة السياسية، وصراعات بين الشباب وقيم النظام، وموجة هجرة للعلماء والطلاب، وموجة احتجاجات من مختلف قطاعات العمال والحرفيين، إضافةً إلى كل هذا، يُهدد تغير المناخ، وندرة المياه، وتلوث الهواء، وتدمير الموارد الطبيعية، أساس الحياة الاجتماعية، بمعنى آخر، أصبحت الحياة الطبيعية وأمن المجتمع على وشك الانهيار في ظل حكم الجمهورية الإسلامية.
ما يجعل هذا الوضع خطيراً ليس فقط تزايد الأزمات، بل هو تقاربها وتداخلها، هذا ما يُسمى بأزمة النظام الكبرى في عمليات التحول، أي في وقت لم يعد فيه النظام السياسي قادراً على إعادة إنتاج نفسه، وكل حركة فيه تجلب معها أزمة جديدة.
في مثل هذه الحالة، تحاول الجمهورية الإسلامية إخفاء هذه الإخفاقات وعدم الكفاءة والانحطاط في نظامها بإظهار قوتها داخلياً، إن تزايد عمليات الإعدام وضغط النظام ليس دليل قوة، بل دليل على أزمة سلطة، إن السلطة التي تلجأ إلى العنف العلني للحفاظ على نفسها قد فقدت في الواقع رأس مالها الأساسي، في هذه اللحظة تحديداً، تعاني الحكومة من متلازمة القوة، إذ تعتقد أنها بإظهار القوة والصلابة تستطيع إنقاذ نفسها من الأزمات، في وضعٍ يكون فيه هذا التظاهر دليل ضعف وفشل.
طبعاً، لا ينبغي الافتراض أن الجمهورية الإسلامية فقدت تماماً قوتها القمعية، الأصح، هو أن هذه القوة ضعفت واهترأت، صُمم نظام الجمهورية الإسلامية في الأصل للقمع الداخلي، لا لمواجهة الأعداء الخارجيين، من ناحية أخرى، لم تنفصل المعارضة الشعبية تماماً بعد عن منطق ووعي النظام الحاكم في نواحٍ عديدة، يبقى السؤال الرئيسي دون إجابة: ما هو نموذج النضال الاجتماعي ضد الحكومة، التي أداتها الرئيسية هي العنف والقمع...؟ إلى أي مدى انتشر هذا النموذج أو البديل داخل المجتمع...؟
في الأشهر الأخيرة، واجهنا ظاهرة تُسمى التأجيل والانتظار، ينتظر جزء من المجتمع والقوى السياسية تغييراً من الخارج وفتح طريقهم نحو السلطة، لا أحد يعلم ما إذا كان التدخل العسكري الخارجي سيحدث أم لا، ومع ذلك، سياسياً، يجب الاستعداد لجميع السيناريوهات، ومع ذلك، هناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن أي تدخل خارجي لا يمكن أن يحل محل إرادة الشعب وقدرة المجتمع على إحداث التغيير.
إن أفظع خطأ هو سياسة الانتظار، الانتظار، بمعنى آخر، قول فلينهار النظام الإسلامي، ثم نبني نظاماً جديداً هو حلم يحلب معه الموت، فالانتقال من نظام يفتقر إلى الإعداد الاجتماعي لا يجلب الحرية، بل الفوضى وإحياء الهيمنة، يجب أن يتبلور البديل في قلب هذا النظام المُهدد بالانهيار، لا بعد زواله.
وهنا يُصبح السؤال الجوهري: ما هو دوري...؟ أين أقف في النظام البديل...؟ ما هي حصتي في بناء المستقبل...؟ ستُصبح هذه الأسئلة البسيطة أساساً للفاعلية العامة والاجتماعية، إذا لم تُنظّم السلطة الاجتماعية العامة أصلًا، فستُنتزع السلطة من المجتمع في لحظة فراغ، ولذلك، فإن القضية الرئيسية اليوم في إيران، وخاصةً في كردستان، ليست مجرد تدمير النظام الحالي، بل التحضير لإقامة نظام بديل.
إذا لم يستطع المجتمع التأثير على الأوضاع، ولم يتوحد، ولم يبادر في الوقت المناسب، فإن الجمهورية الإسلامية قد تستمر دون حل الأزمات، سيدفع الشعب ثمن هذا الوضع أيضاً، المعيار واضح: يجب على المجتمع أن يتحكم بالوضع الراهن، وأن يُضيّق حدود النظام حتى النهاية، يجب أن تكون الإرادة العامة أكبر من إرادة بقاء الجمهورية الإسلامية، هناك متطلبات لتحقيق هذا الوضع، والأهم هو الإجابة على هذا السؤال: ما هي القوة التي ستجلب معها نظاماً جديداً في مرحلة الانهيار...؟
التجارب التاريخية تقول لنا: إن انهيار النظام السياسي وحده لا يُؤدي إلى إرساء الديمقراطية، الأمر الحاسم هو مستوى استعداد القوى الاجتماعية لملء فراغ السلطة.
مع أنه لا يوجد فراغ في إيران خلال عملية الانهيار أو الانتقال، إلا أن كل طرف من الأطراف الإقليمية والعالمية يفرض ويسعى لتطبيق منطقه الخاص بشأن مستقبل إيران، تركيا، وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة، والصين، وروسيا ليسوا مجرد مراقبين، لكلٍ منهم مشروع خاصّ بإيران، ولبقاء الجمهورية الإسلامية أو انهيارها معنى مختلف بالنسبة لهم، في ساحة كهذه، أيّ انهيار أو انتقال دون مراعاة هذه القضايا سيُؤدِّي إلى فرض أو الخروج عن الطريق.
لذلك، يجب أن يكون الأسلوب الداخلي قادراً على الصمود في وجه التدخل الخارجي المدمّر، والاستخدام العقلاني لتوازن القوى.
كما أنَّ أحدَ الصراعات الرئيسية على طريق الانهيار هو التنافس على ملء فراغ السلطة، إذا لم تتمكّن القوى السياسية والاجتماعية والشعبية، داخلياً وخارجياً، من إرساء إطار متفق عليه على الأقل، فقد يُؤدِّي الانهيار إلى صراع داخليّ أو إلى إعادة ترسيخ الهيمنة، إذا لم تُحدِّد الحركات الكردية والبلوشية والعربية والأذربيجانية والتركمانية والديمقراطية مستقبلاً مشتركاً ووحدة داخلية من الآن فصاعداً، فقد يُترك الساحة تماماً للقوى الرجعية، لا يُمكن الاستهانة بهذا الخطر، إذا استمرت المعارضة في الخارج في الانخراط في صراعات شخصية، وتنافس دعائي، وانعزال عن المجال الاجتماعي، فلن يكون ذلك غير فعَّال فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى الجمود والعقبات.
النظام الجديد ليس نتاجاً لسردية خارجية، سردية صوت ومركز واحد، بل هو نتاج تحالف مراكز قوى اجتماعية وسياسية مختلفة ومتعددة، لبناء نظام ديمقراطي جديد دون تدمير بعضها البعض.
ما هو اقتراحاتكم الواضحة والملموسة للمجتمع من أجل هذه العملية...؟
أظهرت التجارب الموضوعية في الشرق الأوسط وأوروبا أنه في لحظات التمزق التاريخي، أن النظام البديل لا ينشأ من الأعلى بل من الأسفل، في روج آفا (غرب كردستان)، تمكنت المجالس الشعبية والشبكات الاجتماعية من بناء نظام متناغم ونشط بالتوازي مع مقاومة الشارع وفي خضم الحرب، في أوروبا الشرقية أيضاً، مهّدت المجالس المحلية والشبكات الاجتماعية جزئياً الطريق لنظام ديمقراطي، الرسالة الواضحة لهذه الأمثلة هي أنه يجب إعادة تعريف نموذج النضال الاجتماعي في ظروف اليوم، لا يفرض النظام الجديد نفسه من الخارج ولا يُفرض من الأعلى، يتشكل البديل في لحظة تأتي من الأسفل وتنشر جذورها من قلب الحياة اليومية.
يمكن وصف هذه العملية بأنها بروفة للمقاومة والديمقراطية على نطاق ضيق، الوحدة الأولى هي الأسرة، أصغر خلية في المجتمع، يمهد تنظيمها الطريق للبقاء والمساهمة والمقاومة، وهي الخطوة الأولى للبدائل، مستوى أعلى من ذلك هو الشارع والحي، إن تشكيل اللجان الصغيرة والمجالس المحلية وشبكات المساهمات وتقسيم الأدوار وتحديد الموارد المشتركة، كلها أدوات أساسية وحيوية لتحقيق القوة الاجتماعية، ويجب أن تتوسع هذه العقلية والتنظيم وتتطور من أدنى المستويات إلى مستوى المناطق والمدن.
تتجلى أهمية هذا النموذج الآن في جانبين: لأن وتيرة انهيار النظام الحاكم قد تسارعت واحتمال اندلاع حرب أو اضطرابات كبرى في أي لحظة، في مثل هذه المرحلة، لا ينبغي أن يكون الموقف المناسب هو التفاؤل المفرط أو تعليق الآمال على الخارج، بل إن الاستجابة الأمثل هي أن يُخرج المجتمع حياته الجماعية وحدودها من سيطرة الجمهورية الإسلامية وسيادتها، ليس جغرافياً، بل فكرياً ومؤسساتياً واجتماعياً، هذا ليس مجرد مشروع دفاعي، بل هو إعادة تعريف للسيادة الاجتماعية.
في مثل هذه الحالة، تسعى الجمهورية الإسلامية إلى تقسيم المجتمع وعزله، وتركه بلا رغبة أو إرادة، إن النقطة المعادية لنهج هذا النظام هو الوحدة والإرادة الجماعية والاجتماعية والتنظيم الذاتي، لتحقيق النجاح، يجب الابتعاد عن المصير الذي يحاول النظام الحاكم فرضه، ووقف مسار تدمير المجتمع والبيئة، ستكون تكلفة التأخير باهظة في المستقبل، هذه العقلية ليست ضرورية لتجاوز الأزمات فحسب، بل أيضاً لنظام ديمقراطي يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية.
إن مستقبل إيران القريب مليء بالأحداث الغامضة، من احتمال الحرب إلى موت المرشد الإيراني والصراعات الداخلية بين القوى، لكن هذا المستقبل ليس مظلماً فحسب، إذا نظّم المجتمع نفسه، فسيتمكن من تحويل فراغ السلطة إلى أرضية خصبة لإحياء النظام الديمقراطي، النجاح الحقيقي لا يقتصر على انهيار نظام فاسد وقمعي، بل يعني قدرة المجتمع على إعادة بناء نظام جديد ينطلق من القاعدة، مبني على الحرية والمساواة، ويجعل كرامة الإنسان أساس شرعيته.
هذه المهمة التاريخية تقع الآن على عاتق الشعوب في إيران، بناء المستقبل لا يمكن أن يتم بعد الأزمات، بل يجب أن يتم في خضم الأزمة ومن الآن فصاعداً، يمكن لشعب كردستان أن يلعب دوراً رائداً في هذه العملية بفضل خبرته التاريخية وقدرته وماضيه المقاوم، نحن، كقوة مرتبطة بإرادة شعبنا، مستعدون لجميع السيناريوهات التي تنتظرنا، سنؤدي واجبنا على أكمل وجه بما يليق بشعبنا.
بشكل عام، إذا ما نظّمت القوى الاجتماعية والسياسية نفسها على مختلف المستويات، إقليمياً وجماعياً، فإنها تستطيع تحويل لحظة الانهيار إلى فرصة تاريخية لبناء قوة اجتماعية وبناء نظام جديد، ما يحدث اليوم ليس مجرد انهيار نظام، بل هو فتح المجال لبناء نظام جديد. [1]