سرحد أران: إذا اختزلتم القضية ب ’الإرهاب‘ فقط فلن يكون الحلُّ ممكناً
انتقدَ سرحد أران بأنّ اللجنة لا تناقشَ التعليمَ باللغةِ الأمّ والحقوقَ الدستورية، وقال: “هذه قضية كردية؛ لها تاريخ يمتد لقرون، وهي مرتبطة باللغة والثقافة وإرادة الشعب. إذا قيّدتموها في إطار ‘الإرهاب’، فلن يتم التوصّل إلى حلّ.”
تستمرّ النقاشات حول عملية “السلام والمجتمع الديمقراطي” التي انطلقت بمبادرة من القائد آبو، والذي جرى تأسيسه عبر لجنة الحلّ في البرلمان. وقد قدّم البرلماني عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî)، سرحد أران، تقييماً حول مسار العملية في حديثه لوكالة فرات للأنباء (ANF)، مذكّراً بأنّ الإشكالية الكبرى في العملية السابقة كانت ناتجة عن أنّه جرى تسييره بيد حزب العدالة والتنمية (AKP). وأوضح أران أنّ اليوم تُعاش عملية مختلفة، غير أنّها لا تزال تعاني من أوجه قصور حرجة.
وأشار أران إلى أنّ العملية في الفترة ما بين عامي 2013 – 2015 لم تتحوّل إلى طاولة مجتمعية للسلام، ولم تُنقل إلى البرلمان، بل إنّ حزب العدالة والتنمية (AKP) استغلّ تلك العملية لخدمة مصالحه السلطوية. وقال:
“إن حزب العدالة والتنمية لم يكن لديه نية في الاعتراف بحقوق الشعب الكردي. إنما استُخدمت العملية لأغراض سلطوية بحتة. وبعد أن تبيّن أنّها لا تحقق فائدة له، قلب الطاولة رأساً عل عقب. ولقد أصرّ السيّد عبدالله أوجلان، في تلك المرحلة على وجه الخصوص، على أن تُدار العملية في إطار البرلمان، إلا أنّ السلطة أغلقت الباب في وجه ذلك.”
وذكّر أران أنّ عملية السلام الجديدة، التي انطلقت في 27 شباط بناءً على دعوة القائد آبو، بدأت على مرحلة مختلفة، مشيراً إلى أنّ قرار حزب العمال الكردستاني (PKK) بإلقاء السلاح بشكل مباشر، يُعدّ مثالاً نادراً على هذا النوع على الصعيد العالمي.
وتابع أران قائلاً: “هذه المرّة، بدأت العملية بعكس العملية السابق. أولاً، تم اتخاذ القرار بإلقاء السلاح. فقد عقد حزب العمال الكردستاني (PKK) مؤتمراً وأظهر إرادته في إلقاء السلاح وحلّ نفسه. وقد شكّل هذا بداية عملية حظيت بدعم واسع من المجتمع.”
أوضح سرحد أران أنّ الفارق الأهم في عملية “السلام والمجتمع الديمقراطي” هو أنّها أصبحت مجتمعيّة، مشيراً إلى أنّ مشاركة غالبية الأحزاب السياسية في البرلمان تخلق نوعاً من الثقة. وقد قيّم أران عمل لجنة الحلّ التي تعمل تحت مظلة البرلمان حول مسار العملية، مشيراً إلى أنّ اللجنة تلعب دوراً هامّاً وتاريخياً، لكنها تبقى محصورة من حيث السلطة ومنظورها. واستطرد قائلاً: “لقد منحت اللجنة لنفسها مهمة ضيقة. حيث إن تلك القضية تظلّ محصورة فقط في إلقاء حزب العمال الكردستاني (PKK) للسلاح وإرساء الإطار القانوني لذلك. ولكن هذا الموضوع كان ينبغي أن يكون أوسع بكثير؛ من الناحية القانونية، وكان يجب أن تبدأ المناقشات حول المواطنة المتساوية، ولغة الأم، والهوية، والحقوق الثقافية، والإدارة المحلية الديمقراطية. فاللجنة لا تناقش تعليم لغة الأم، ولا الهوية، ولا الحقوق الدستورية للكرد. وهذه قضية كردية؛ لها تاريخ يمتد لقرون، وهي مرتبطة باللغة والثقافة وإرادة الشعب. إذا قيّدتموها في إطار ‘الإرهاب’، فلن يتم التوصّل إلى حلّ.”
ضرورة سنّ القوانين الخاصة بالاندماج الديمقراطي
أكد أران على ضرورة إدراج “قوانين الاندماج الديمقراطي” التي طرحها القائد آبو على جدول الأعمال بشكل عاجل، مشيراً إلى أهمية فتح الطريق أمام مشاركة كوادر حزب العمال الكردستاني (PKK) في الحياة الاجتماعية والسياسية وفق مسار العملية، وقدّم هذه الاقتراحات: “في إطار الاندماج السياسي، يجب الإفراج فوراً عن السياسيين المعتقلين في السجون. كما ينبغي توفير الظروف اللازمة لعودة السياسيين المنفيين في خارج البلاد. ومن أجل ضمان مصداقية العملية اجتماعياً، يجب الاعتراف باللغة الكردية كلغة تعليمية، وضمان تأمين الحقوق الثقافية والاجتماعية.”
وأشار أران إلى أنّ حرية القائد آبو شرط أساسي لا غنى عنه لضمان سير العملية بشكل منتظم وبناء آليات للرقابة، قائلاً: إن “السيد عبدالله أوجلان، الذي أوصل العملية إلى هذا المستوى وأبدى إرادته من أجل السلام، لا ينبغي أن تتوفر له ظروف حرية العمل فحسب، بل يجب في الوقت نفسه أيضاً ضمان حريته. وهذا يُعد في الوقت ذاته أيضاً دليلاً على صدق الدولة.”
وأوضح سرحد أران أنّ التعديلات الدستورية الهامة ضرورية لضمان استمرارية العملية، مشيراً إلى هذه النقاط: إن “تعديل وتغيير القوانين وحده لا يكفي. يجب أن تُرسخ الشروط والضمانات المتساوية والحرّة لجميع الشعوب دستورياً. ويجب الاعتراف بوجود الكرد والشعوب الأخرى، وينبغي توسيع صلاحيات الإدارة المحلية، ويجب أن يتمكن الأفراد من اتخاذ قرارات بشأن ثقافتهم وطبيعتهم ولغتهم. ولا ينبغي أن تقتصر العملية فقط على إسكات الأسلحة. فالمجتمع لم يتعامل مع القضية فقط من منظور إنهاء الصراعات؛ بل يجب أن تشمل العملية التعليم والثقافة والمشاريع الاجتماعية والاعتراف بالحقوق في جميع مجالات الحياة الديمقراطية. بدون ذلك، لا يمكن للسلام أن يكون مستداماً.” [1]