منطقة #عفرين# سلةٌ غذائية من سلال سوريا
المهندس الزراعي حنيف رشيد*
يقع جبل الكورد/منطقة عفرين في الشمال الغربي للخارطة السورية، حيث ضُمَّت إلى الدولة السورية بعد الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية، وارتبط مصير أهلها الكورد مع بقية مكونات الشعب السوري، ليعيشوا مع بعض بحلوها ومرّها.
وفق احصائيات الدولة السورية لعام 2004م تبلغ مساحة منطقة عفرين /202775/ هكتار- ما عدا مساحات قرى وبلدات في جبل الكورد متبوعة إدارياً إلى جبل سمعان ونبل وأعزاز، منها /127000/ هكتار أراضي قابلة للزراعة، البعل منها /118648/ هكتار، أغلبها جبلية ذات انحدارات قليلة، مزروعة بالزيتون، أما مساحة المروي فتبلغ /8352/ هكتاراً، حيث يتم سقايتها بشكل أساسي من نهر عفرين ومن مصادر أخرى متوفرة بالمنطقة.
تمثل الزراعة المقام الأول لدى أهل المنطقة والتي تغذي الأسواق المحلية للمدن السورية عن طريق مدينة حلب، وبشكلٍ رئيسي أشجار الزيتون التي تبلغ أعدادها أكثر من /15/ مليون شجرة مثمرة بمتوسط انتاج زيت الزيتون سنوي يصل إلى /40/ ألف طن، بالإضافة إلى الزيتون الاخضر، وهناك أشجار مثمرة مهمة أخرى، أوّلها الرمّان التي يبلغ تعدادها /721/ ألف شجرة بإنتاج سنوي /14500/ طن وفق احصائية الدولة لعام 2011م.
ومن الأشجار المثمرة الأخرى التفاح والمشمش والسفرجل، التي تتركز زراعتها بمحاذاة نهر عفرين، خاصةً في سهل جومة، وكذلك الجوز واللوز، وشجيرة الكرمة التي تعتبر مصدر أساسي لورق العنب.
وهناك شجرة مميزة منتشرة في المنطقة وتعتبر مصدراً مهماً لسوق حلب وللمطبخ الحلبي، ألا وهي شجرة السمّاق.
وتنتشر في المنطقة أيضاً زراعة الحبوب، حيث وصل انتاج القمح إلى /30625/ طن وفق إحصائية الدولة السورية لعام 2000م، ووفق نفس المصدر كان انتاج القطن /1080/ طن والشوندر السكري /55355/ طن والتبغ المجفف /294/ طن، وهي محاصيل مهمة كانت تدر دخلاً مهما للدولة وتساهم في الأمن الغذائي للبلد. وكذلك عبّاد الشمس التي كان لها سوقاً أسبوعياً خاصاً في بلدة جنديرس. بالإضافة إلى الخضار الصيفية والفليفلة والزعتر الأخضر والبصل والثوم والجبس والبطيخ التي كانت تُشحن من المنطقة إلى سوق حلب وباقي المدن السورية.
من خلال هذا السرد السريع يتبين لنا مدى أهمية محاصيل منطقة عفرين الزراعية للداخل السوري؛ ولكن بعد الاحتلال التركي لها في آذار 2018م، والتهجير القسري لأكثر من 200 ألف من أهاليها، تراجعت الخدمة الزراعية وتدهور الانتاج وانقطع شحنه إلى الداخل السوري، إلاّ الجزء القليل منه عبر طرق التهريب، ناهيك عن الإبادة المتعمدة من قبل الميليشيات المرتزقة للبيئة والغطاء النباتي، من قطع الأشجار المثمرة والغابات الحراجية الطبيعية والصناعية وإضرام النيران في بعضها، بالإضافة إلى سرقة المحاصيل والعبث بها، خاصةً زيت الزيتون، حيث يتم شراؤه بأسعار متدنية من الفريق التركي ويُنقل إلى الأسواق التركية والخارجية.
إنّ الاعتداء على شجرة الزيتون، حيث تم قطع أكثر من مليون منها، يُعدُّ جانباً أساسياً من سياسة الاحتلال العدائية ضد عفرين وأهاليها، لأن هذه الشجرة تعتبر رمزاً لثقافة وهوية المنطقة.
فلابد من مناشدة المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية والمؤسسات المهتمة بحماية البيئة، بضرورة التدخل العاجل لوقف التعديات والأضرار الجسيمة بحق ثروات منطقة عفرين الزراعية وطبيعتها.[1]