#كوباني#/ سلافا أحمد
الفدائية #آرين ميركان#؛ المرأة التي جعلت من جسدها قنابل ثائرة بوجه جلادي الشعوب، ومتزعمي الإرهاب العالمي، فحققت النضال الحقيقي للمرأة الحرة الثائرة، وقررت بعمليتها الفدائية أن تحمي الشعب والأرض من رجس الإرهاب الداعشي، فأوقدت بجسدها شعلة النضال والحرية للأجيال القادمة، وحطمت القيود، التي حاول الجلاوزة تقييدها، فأصبحت مثالا يحتذى به في المقاومة والنضال ضد خفافيش الظلام.
شن مرتزقة داعش الإرهابية في الخامس عشر من أيلول عام 2014، هجوماً شرساً على مدينة كوباني وريفها، بكافة أسلحتها، ومعداتها المقدمة من الدولة التركية، ظناً منهم إن مصير مدينة كوباني سيكون كبقية المدن، التي وقعت تحت سيطرة مرتزقة داعش في سوريا والعراق، لكن في مدينة كوباني اصطدموا بمقاومة ونضال لا مثيل لهما في العالم.
وفي الخامس من تشرين الأول 2014، وبينما كان داعش يواصل هجماته الوحشية على أسوار مدينة كوباني، ووصلوا إلى تلة مشتى النور في الطرف الجنوب الشرقي لمدينة كوباني، أبدى أبناء مدينة كوباني، ووحدات حماية المرأة، ووحدات حماية الشعب مقاومة تاريخية.
وفي اليوم ذاته، بينما المقاتلون يقاومون أمام همجية داعش، بعتاده وذخيرته لتدخل إلى مركز المدينة، واللحظات تمر على المقاتلين صعبة، وهم يحاولون بأسلحتهم الخفيفة منع المرتزقة من بسط سيطرتها على المدينة، وكان من بين أولئك المقاومين، الفدائية، التي هزت العالم بنضالها الشهيدة “آرين ميركان” التي كانت تقاتل المرتزقة على هضبة مشتى النور.
وفي حين كانت المناضلة آرين ميركان المقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة تقاوم شراسة المرتزقة، وتحاول منعهم من السيطرة على هضبة مشتى النور نفذت منها الذخيرة، لكن نفاذ ذخيرتها لم يمنعها من مواكبة نضالها.
وبينما المرتزقة تحاول التقدم للسيطرة على تلة مشتى النور، أخرجت آرين ميركان قنابلها، واخترقت صفوف داعش لتكبدهم خسائر كبيرة، وتعلن شهادتها بعمليتها الفدائية، حينها لم تكن المناضلة آرين الوحيدة، التي نفذت عملية فدائية في كوباني بوجه المرتزقة حينها، قد كانت سبقتها العديد من العمليات الفدائية جماعية بدءا من مدرسة سرزوري في ريف الشرقي لمدينة كوباني، وتلة دولي في الريف الغربي لمدينة كوباني، عدا عن ذلك العمليات الفدائية الفردية، الذي قام بها المقاتلون بوجه مرتزقة داعش في خنادق القتال، ومنها كانت الفدائية، ريفانا كوباني.
من هي المناضلة آرين ميركان؟
آرين ميركان الاسم الحقيقي دلارا كينج، ولدت عام 1992، في قرية حسي أو ميركان التابعة لناحية موباتا بمقاطعة #عفرين#، التحقت بصفوف حركة التحرر الكردستانية عام 2007، ومع اندلاع ثورة روج آفا، شاركت في الثورة، وأخذت مكانها بين صفوف وحدات حماية المرأة للدفاع عن كرامة شعبها.
وبعد مقاومة دامت 134 يوماً، تمكنت وحدات حماية المرأة والشعب، من دحر مرتزقة داعش من أنحاء مدينة كوباني كافّة، والإعلان عن انهيار ما تسمى “بخلافة داعش” الإرهابية في كوباني، ومواصلة نضالهن ومقاومتهن بوجه داعش من كوباني مروراً من صرين، و#كري سبي#/ تل أبيض، والرقة، منبج، والطبقة، وصولاً لآخر معاقله في ريف الشرقي لدير الزور، والإعلان عن القضاء على داعش عسكرياً في آخر معاقله بالباغوز.
وكان للمقاومة التاريخية، التي أبداها أبناء مدينة كوباني، دور بارزا لمقاتلات وحدات حماية المرأة YPJ في مقاومة كوباني التاريخية، اللواتي حاربن بكل شراسة مرتزقة داعش، التي كانت كابوساً مرعباً للعالم أجمع، وأصبحن بتلك المقاومة والعزيمة مثالاً للمرأة الحرة، والمناضلة تحتذى بها نساء العالم أجمع.
فالنصر الذي تحقق في مناطق شمال وشرق سوريا، كان خلفه إرادة وقوة أبناء المنطقة المناضلة، الذين كانوا يفضلون الشهادة على العيش بالذل والعبوديّة.
كوباني المنعطف التاريخي لتحرر المرأة
استشهاد آرين ميركان، وريفانا، وفيان صوران، شكل منعطفاً تاريخياً لنساء ومقاتلات وحدات حماية المرأة، فباستشهاد تلك المناضلات، زادت مقاتلات وحدات حماية المرأة من عزيمتهن وإصرارهن، ورفعهن من وتيرة مقاومتهن للدفاع عن أرضهن وقيمهن، مثبتين للعالم أنهنّ قادرات على حماية وطنهن بأغلى ما يملكن.
فلم يقتصر نضال ومقاومة المرأة في مقاومة كوباني، على مقاومة مقاتلات وحدات حماية المرأة في جبهات القتال أمام رجس ارتزاق داعش فقط، فالعديد من النساء قاومن، وساندن المقاتلين، بتقديم العلاج للجرحى أو إعداد الطعام لهم.
ولأول مرة في مقاومة كوباني، تمكنت تلك المرأة من كسر قيود العبودية جميعها، وأثبتت بجدارة أنها على قدرة تامة بقيادة معارك قوية، وإنها قادرة على قيادة شعبها عسكرياً وسياسياً واجتماعياً، وكان ذلك من خلال سيرها على فكرة وفلسفة القائد أوجلان، الفكر الذي ينادي بتحرير المرأة من الذهنية الذكورية، وأساسه المطالبة بتحقيق العدل والمطالبة بأمة ديمقراطية، تحتضن الشعوب المظلومة بكل حرية، بهذه الخطوات بدأت المرأة طريقها، نحو المساواة بين الجنسين وتحقيق الذات في مجالات الحياة السياسية، والعسكرية، والاجتماعية جميعها.
في مقاومة كوباني، وانتصارها على داعش كانت كفيلة بتغير معتقدات المجتمع البالية لمنظوره للمرأة، التي حصرها في قوقعة الضلع القاصر، والعيب والعار.
عمليتها الفدائية منهاج نضال
وصادف الخامس من تشرين الأول لهذا العام، الذكرى الثامنة لاستشهاد المناضلة آرين ميركان، وتزامناً مع ذلك أجرت صحيفتنا لقاءً مع الرئيسة المشتركة لمجلس كوباني العسكري جكجين فراس، التي أشارت في بداية حديثها أن: “العملية الفدائية التي نفذتها المناضلة آرين ميركان بوجه أعتى ارتزاق في مدينة كوباني، كانت منعطفا تاريخياً، تقاوم على أساسها المرأة المناضلة والحرة، وأصبحت بمقاومتها مثال فخر، تحتذي به نساء العالم، وكانت كفيلة بتغير الموازين العالمية التي كانت تنظر للمرأة بأنها الناقصة”.
وأشارت إلى أن استشهاد آرين ميركان زاد عزيمة وإصرار مقاتلات وحدات حماية المرأة، ورفعن من وتيرة مقاومتهن للدفاع عن أرضهن وقيمهن، وأثبتن للعالم بأن بنات وأبناء روج آفا قادرون على حماية وطنهم وقيمهم مهما كان عدوهم وحشياً.
وأردفت إلى أن حب آرين ميركان لقضيتها ووطنها، وإصرارها على المقاومة والنضال، حتى تحقيق حلمها بتحرير وطنها وشعبها من العبودية والظلم، دفعها بأن تكون صاحبة إرادة وروح قوية، لتصبح بتلك الروح المثال العظيم، الذي تحتذي بها نساء العالم.
وعن المقاومة التي أُبديت في مدينة كوباني، عدتها: “مقاومة تعجز الكلمات واللسان عن وصفها، بأسلحة خفيفة، ومعدات بسيطة، حاربت وحدات حماية المرأة والشعب، مرتزقة داعش، الذي عجز العالم بأكمله بالتصدي له، إذ شكلت تلك المقاومة منعطفاً تاريخياً في قضية تحرر المرأة من الذهنية العبودية، والسلطوية”.
وفي ختام حديثها عاهدت الرئيسة المشتركة لمجلس كوباني العسكري، جكجين فراس بالسير على خطا، ودرب المناضلة آرين ميركان ورفيقاتها، والعمل على الرفع من وتيرة نضالهن حتى تحرير النسوة من قوقعة الذهنية الذكورية والسلطوية.
وتحررت مدينة كوباني يوم 26 من كانون الثاني 2015، حيث كان انتصار مقاومة كوباني هزيمة قوية لمرتزقة داعش، وكانت بداية لانهيار خلافتهم المزعومة جغرافياً في شمال وشرق سوريا.[1]