إن الفنان “أسامة حكمت دادا” من قرية قاطمة بعفرين، ولكنه تولد الحسكة عام 1972، وهو خريج “معهد حلب للموسيقا”، وعضو نقابة فناني سورية وكذلك عضو نقابة فناني كوردستان (العراق). ويقيم حالياً في مدينة غازي عنتاب التركية حيث يعمل الفنان “أسامة دادا” في مجال الموسيقا وتدوينها وتعليمها بشكل علمي وأكاديمي، ووضع المنهاج بتنويط الكثير من الأغاني الفلكلورية، إضافة إلى احترافه العزف على آلة “التمبور”.
_ البدايات والتجربة: يقول الصديق والفنان أسامة عن بدايات تجربته؛ (إنطلاقتي الفنية كانت منذ الصغر وتحديداً في العام 1979، حين كنت أستمتع بصوت الفنانين “شفان برور”، و”جوان حاجو”، و”جميل هورو”، فأثّرت أغانيهم في تكوين وإرهاف مشاعري وأحاسيسي الطفولية، لذلك بدأت أداء بعض الأغاني بمفردي، ثم شكل أستاذي الأول الفنان “إبراهيم صالح” من عفرين فرقة فنية مؤلفة من أخي “جلال”، وأختي “نسرين”، وأختي “روشين”، وأنا، وبدأنا البروفات والغناء في عام 1982 حيث شاركنا بالعديد من الحفلات والتسجيلات وتصوير الكليبات، وخلال البروفات عشقت عزف الفنان المرحوم “إسماعيل محمد” على آلة التمبور وتأثرت به كثيراً لذا قررت أن أتعلم العزف عليها).
ويضيف الصديق أسامة؛ (في البداية قمت بصنع آلة “تمبور” من الخشب وكانت أوتارها من البلاستيك، وبعدها بسنتين أشترى لي والدي تمبوراً جيداً تركي الصنع بمبلغ 225 ليرة سورية وبدأ عزفي يتطور تدريجياً حيث كنت أعزف في تلك الفترة في مناسبات أعياد الميلاد والأعراس وغيرها، أما الغناء فبقي هوايتي المنزلية. وبعد إنهائي للمرحلة الثانوية في العام 1991 وانتسابي لجامعة حلب – كلية العلوم تصاعدت وتيرة تعلقي بالآلة متأثراً في تلك المرحلة بفرقة “برخدان” وبالفنان “عارف صاغ”، فانتسبت إلى فرقة “فرزندا”، ثم قمنا بتأسيس فرقة “نوبلدا” koma Nûpelda في العام 1994، حيث كنا مجموعة من الطلبة الجامعيين فشاركنا في الكثير من الحفلات والرحلات الجامعية وأعياد نوروز في حلب وعفرين وأعياد المرأة والصحافة وغيرها. ثم في العام 1997 بدأت دراسة الموسيقا ذاتياً قبل انتقالي للدراسة العلمية حينما دخلت معهد حلب للموسيقا الذي درست فيه آلة الكيتار حتى تخرجي في العام 2002).
وأضاف كذلك: (في عام 2001 بدأت تعليم الطلاب في البيت وحينها لم يكن للتمبور بشقيه “الساز” و”الباغلمة” أية مناهج دراسية معتمدة، لكن طريقة تعليمها كانت تعتمد على الموهبة القوية والحس السماعي، لذلك قمت بمجهود ذاتي بدراسة آلة “التمبور” أكاديمياً ووضعت منهاجاً طورته مع الزمن وقمت بتنويط الكثير من الأغاني الفلكلورية الكردية والتركية والعربية وبعض الأغاني العالمية. وأعتقد أنني أول من قام بتعليم “التمبور” بفرعيه بشكل أكاديمي وتقني وعلمي في منطقة عفرين، إذ بلغ عدد الطلاب الذين درسوا وتعلموا عندي خلال 14 سنة ما يتجاوز 5000 طالب، وساهم عملي هذا في نشر العلوم الموسيقية في منطقة عفرين فتطورت فيها الموسيقا بشكل ملحوظ).
ويقول الموسيقي الموهوب عن تجربة دار “ساز” للموسيقا والذي أسسه خلال مسيرته الفنية والأكاديمية؛ بأنها (تهدف إلى العمل على نشر الثقافة الموسيقية العلمية وتعليم الطلاب بشكل أكاديمي حيث أسست في حلب _ أي دار “ساز” للموسيقا في العام 2002_، وكنت أدرّس فيه الآلات التالية: ساز، باغلمة، كيتار، عود، كمان، والغناء .. ثم قمنا بتأسيس دار “ساز” في عفرين في العام 2009 بإشراف الآنسة “دلشان قرجول”، وعندما انتقلت إلى عفرين أعدنا بناء دار “ساز” بشكل أقوى وفتحنا فروعاً له في كل من المعبطلي بإشراف طالبي سابقاً الأستاذ المبدع “حسن حموتو”، وفي جنديرس بإشرافي وإشراف العازف “صلاح خليل”، وفي راجو بإشراف الأستاذ “آزاد أوسو” وذلك بهدف نشر المعرفة الموسيقية. وبعد فتح كل هذه الفروع والأقسام انتقلت من المحلية إلى العالمية من خلال فتح مراكز للدار في كل من عنتاب في تركيا، وفي هولير بإقليم كردستان – العراق وبإشراف الأستاذ “شكري رشيد”»).
وحول مساهماته في تدوين التراث علمياً وأرشفته قال: (التراث هو عقدة العجز الإبداعي ويجب التعامل معه بموضوعية وعقلانية، ويجب ألا نهمل التراث لأنه يشكل الأساس المتين لثقافتنا، وإن أفضل خدمة نقدمها لأجدادنا حسب رأيي هي
بتوثيق وأرشفة التراث والفلكلور حفظاً له من الضياع ومن التحريف والتشويه. لقد قمت خلال مسيرتي بتوثيق الكثير من الأغاني الفلكلورية الكردية، وفي هذا المجال أصدرت كتاباً باسم “ينابيع الحياة” Kaniyên Jiyan في العام 2008 في مدينة السليمانية قمت فيه بتنويط 80 أغنية فلكلورية منها عشرة أغانٍ من فلكلور عفرين، والآن أقوم بتنويط العديد من الأغاني لكي أقوم بإصدار منهاج “الساز” و”الباغلمة”، وإصدار كتاب عن أغاني منطقة عفرين .. وإنّ أغلب مدرّسي الموسيقا في عفرين يعلّمون طلبتهم باستعمال الأغاني التي قمت بتنويطها أنا، ولكي لا يهدر حقي لا أطلب شيئاً منهم سوى كتابة اسمي على الأغنية التي نوطتها).
_ مشاركاته الفنية: ويتحدث الصديق والفنان “أسامة دادا” عن أهم مشاركاته الفنية المحلية والخارجية فيقول: (خلال مسيرتي أقمت العديد من الأمسيات الموسيقية وشاركت في مناسبات فنية عدة منها؛ أمسيات موسيقية في المركز الثقافي بجنديرس – 2005، والقنصلية التركية بحلب – 2006، وأربع أمسيات موسيقية في السليمانية بكردستان – العراق في العام 2007، و2008 الأولى بعنوان “ليلة بيضاء”، والثانية أمسية موسيقية شعرية، والثالثة للأطفال المصابين بمرض “التلاسيميا”، وأمسية بعنوان “لقاء تعارف”، وبين عامي 2007 – 2008 شاركت مع الأوركسترا الإيرانية بالعديد من الأمسيات والأعمال الأوركسترالية التلفزيونية في تجربة مهمة جداً، ثم قمت بجمع الكليبات الفردية والأعمال الأوركسترالية في بغداد، وأصدرتها في ألبوم حظي بإعجاب الجمهور).
ويضيف أيضاً؛ (كما أقمنا في دار “ساز” أمسيتين في دار الكتب الوطنية بحلب، في عام 2010 برعاية “جمعية شمس الغد” لذوي الاحتياجات الخاصة، وفي عام 2011 بمناسبة عيد المرأة العالمي وبرعاية الحزب الشيوعي السوري. وكذلك وفي عام 2014 أقمت مع طلابي في دار ساز أمسية موسيقية ضخمة في عفرين بمشاركة 84 عازفاً وعازفة في تجربة صعبة وجميلة يهدف الارتقاء بمستوى الثقافة الفنية وإيصال صوت الطلبة للعالم، وعلى الرغم من الظروف الصعبة استطعنا وبجهود فردية إنجاز هذا العمل الكبير وكذلك قمت بتقديم أمسيتين موسيقتين؛ أمسية في “نهاوند آرت كافية” وأمسية في “بيتنا سورية” ولي الان العديد من النشاطات مع المنظمات السورية). وختاماً قال الصديق أسامة: (كرّمتني وزارة الشباب والرياضة االعراقية في عام 2008 خلال مشاركتي في المهرجان الثقافي الفني الذي أقيم في بغداد، وفي عفرين كُرمت من قبل موقع “تيريج عفرين” الثقافي المنوع وذلك في عام 2010، وقد أجريت معي لقاءات صحفية على فضائيات kurdsat وmed tv، ومجلة aso وغيرها).
ويقول الموسيقي حسن حموتو؛ مدرس في “دار ساز” بعفرين عن تجربة الفنان والموسيقي أسامة دادا ما يلي: (برأيي إن الفنان أسامة دادا أحدث ثورة فنية في عفرين بتعليم مئات الطلبة العزف بشكل أكاديمي لأول مرة في المنطقة من خلال “دار ساز” الذي أسسها، كما قام بتدوين التراث الفني الكردي وتنويطه ولم يسبقه في ذلك أحد. [1]