أخوّة الشعوب وصوت الإنسانية “ثقافة PYD في بناء مجتمع ديمقراطي حر ومتعدد”
الحكومة المؤقتة في دمشق وسقوط ورقة التوت عن مصداقيتها
محمد صالح حبو
في زمن تتنازع فيه الشعوب على النفوذ، وتتآكل فيه المجتمعات بفعل الانقسامات الطائفية والعرقية، يبرز حزب الاتحاد الديمقراطي PYD كنموذج فريد وأصيل في الشرق الأوسط، يحمل مشروعًا إنسانيًا وثقافيًا قبل أن يكون سياسيًا. مشروع يتجاوز الحدود الضيقة للهويات الضيقة، ويؤمن بأن الحل الحقيقي لأزمات المنطقة يبدأ من الاعتراف بالمكونات كافة، على أساس المساواة والعدالة وكرامة الإنسان.
ثقافة إنسانية متجذّرة في القيم
إنّ ما يميّز PYD ليس فقط تنوّع أعضائه وأنصاره من الكرد والعرب والسريان والتركمان والأرمن والعلويين والدروز، بل هو قدرته على توحيدهم في إطار رؤية واحدة، قاعدتها الأساسية الأخوّة، وروحها المقاومة، وهدفها بناء مجتمع ديمقراطي حر. هذه الثقافة التي تجمع بين الأديان والقوميات ليست مجرّد شعارات، بل ممارسة يومية، تتجسّد في حياة الناس وتنظيماتهم.
الكومينات والمجالس والإدارات الذاتية
الكومينات: حجر الأساس للديمقراطية من القاعدة
الكومينات، كنظام اجتماعي سياسي قاعدي، ليست مجرد وحدات إدارية، بل هي تجسيد عملي لفلسفة الديمقراطية التشاركية. فيها يشارك الجميع في اتخاذ القرار، وتُدار الحياة اليومية بروح المسؤولية الجماعية، دون إقصاء أو تهميش. وهذا ما يجعل النموذج الديمقراطي الذي يقدّمه PYD ليس نخبويًا، بل شعبيًا شاملًا، يخاطب وجدان الناس وعقولهم، ويعطيهم حق اختيار قيادتهم ومستقبلهم ضمن دولة سورية موحدة، ولكن لامركزية ديمقراطية.
الأخوّة الثورية روح تنبع من القلب
في ثقافة PYD، لا يُنظر إلى الآخر على أساس العرق أو الطائفة أو الدين، بل على أساس إنسانيته ومشاركته في القضية المشتركة. الصداقة الحزبية والثورية داخل صفوف الحزب ليست مجرّد علاقات تنظيمية، بل علاقات أخوية صادقة، تتشكل في ميادين النضال، وتُروى بدماء الشهداء. هذه الأخوّة هي التي تبني الثقة، وتوحّد الطوائف في خندقٍ واحد، من أجل مستقبل أكثر عدلًا وإنصافًا.
الأمة الديمقراطية رؤية استراتيجية للسلام والتحرّر
الفضل الكبير في ترسيخ هذه الثقافة يعود إلى القائد المفكر عبد الله أوجلان، الذي طرح مفهوم “الأمة الديمقراطية” كبديل حضاري عن أنظمة الدولة القومية الإقصائية. في هذا المفهوم، تتعايش الشعوب باحترام، وتتفاعل الثقافات بدون صهر أو إلغاء، وتُبنى الدولة على أسس التعدد والتنوع، لا الاحتكار والهيمنة.
الأمة الديمقراطية ليست نظرية مجردة، بل مشروع تحرري متكامل يحمل أمل السلام لشعوب الشرق الأوسط. في قلب هذا المشروع، نجد أهمية العمل الجماعي، بناء الجسور بين الأديان، زرع المحبة بدل الحقد، وترسيخ ثقافة المقاومة ضد كل أشكال الاستعباد والاستغلال.
شمال وشرق سوريا أنموذج حيّ لمستقبل مشترك
في مناطق شمال وشرق سوريا، نرى تجسيدًا حيًا لهذه الرؤية. المجالس المحلية، التحالفات المجتمعية، التمثيل المتساوي للمرأة، التعليم بلغات المكونات، والحريات الدينية – كلها شواهد على أن العيش المشترك ليس حلمًا، بل واقع يُبنى بإرادة الشعوب.
هذا النموذج الذي يتطوّر يومًا بعد يوم، يلقى احترامًا واسعًا من شعوب سوريا، خصوصًا من الفئات المعتدلة والديمقراطية التي تبحث عن أمل في وسط الخراب. كثيرون يعتبرونه النموذج الذي يجب أن يُعمّم على كل سوريا، وربما على الشرق الأوسط بأسره، لأنه النموذج الوحيد الذي لم يُبنَ على الإقصاء أو القمع، بل على الحوار والمساواة والمشاركة.
دعوة للانضمام إلى مشروع الإنسانية
إن ما يقدّمه حزب الاتحاد الديمقراطي ليس مشروعًا لحزب أو مكوّن، بل هو دعوة مفتوحة لكل من يريد بناء مجتمع سلمي، حر، عادل، ديمقراطي. دعوة لكل المكونات السورية – عربًا، كردًا، سريانًا، تركمانًا، مسلمين، مسيحيين، دروزًا، علويين – لأن يجتمعوا على قاسمهم المشترك: الكرامة الإنسانية.
نحو فجر جديد
في ظل الظلم والحروب والانقسامات، يبقى مشروع PYD المستند إلى فكر القائد عبد الله أوج آلان، منارةً للحرية والسلام والديمقراطية. هو مشروع يليق بالبشر، ويصلح للناس جميعًا، لأنه لا يقف عند حدود اللغة أو الدين أو العرق، بل ينظر إلى الإنسان ككائن حرّ يستحق أن يُصغي له العالم، ويُبنى عليه مستقبل واعد.
إنها ليست فقط ثورة سياسية، بل ثورة إنسانية شاملة – تنبع من القلب، وتُكتب بالعقل، وتُحقّق بإرادة الشعوب.
” معاً، نحو سوريا ديمقراطية، تعددية، حرة، يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات”
” معاً، لأخوّة الشعوب، ولأمة ديمقراطية تنهي الاستبداد وتفتح الأبواب للسلام الحقيقي”.
“معًا، نحو مستقبل يصنعه الشعب، لا يُفرض عليه”. [1]